10 أعوام على كارثة سقوط الموصل.. تعرف على تقديرات خسائر المدينة بالأرواح والبنية التحتية
مراحل السقوط وأسبابه
انفوبلس/..
بعد مرور عشر سنوات على ذكرى سقوط مدينة الموصل، بعد اجتياحها من قبل عصابات تنظيم داعش الإرهابي، بساحلَيها الأيسر والأيمن، لا تزال مشاهد الدماء والقتل وتدمير البنية التحتية في أذهان العراقيين، الذين استذكروا اليوم الذكرى السنوية لتلك الحادثة التي تركت أثرها في الواقع الأمني العراقي عبر سلسلة من الأحداث.
ويحمل يوم 10 حزيران 2014 بقايا مأساة الجريمة الوحشية والانتكاسة التي لن تتكرر بوجود أبناء القوات الأمنية وتأسيس الحشد الشعبي الذي انطلقت أولى تشكيلاته لإسناد القوات الأمنية وحسم حرب تحرير المدن بعد سقوط مساحات كبيرة تحت سيطرة العصابات الإرهابية وأبرزها سقوط مدينة الموصل.
ويشير مراقبون للشأن السياسي، إن "أسباب انتكاسة الموصل جاءت بسبب سوء الإدارة من جانب والفساد المستشري من جانب آخر، وتحويل هذه الانتكاسة إلى نصر تمثل بإعادة الثقة بالمؤسسة الامنية العراقية وتنظيم المتطوعين ودعمهم للمؤسسة الامنية العراقية، الى جانب ذلك فإن الشعب العراقي واجه تحديا كبيرا بتنظيمات داعش الارهابية وجميع المكونات استشعرت الخطر، لذلك فإن الجميع تكاتف من أجل مواجهة خطر داعش الارهابي مما أدى الى تحقيق تقدم كبير وبالإضافة الى معالجة أسباب هذه الانتكاسة".
ويحتل يوما 10 حزيران و13 حزيران عام 2014، أثراً كبيراً في الذاكرة العراقية، إذ شهد الأول إعلانا لسقوط الموصل بيد التنظيم الارهابي، وفي الثاني دعوة إلى استعادة هيبة الدولة وتأسيس الحشد الشعبي، عبر فتوى "الجهاد الكفائي" التي أطلقتها المرجعية الدينية في النجف الاشرف والمتمثلة بالسيد علي الحسيني السيستاني، لتدارك الأزمة التي حملت خطورة محلية وإقليمية ودولية.
مراحل السقوط ومسؤولية الجيش
في 5 حزيران 2014، قال محافظ نينوى آنذاك أثيل النجيفي، إنه "لا يوجد مسلحون لا في الموصل ولا على أطرافها"، وأكد أن السلطات الأمنية (قيادة العمليات الثلاثية) فرضت حظر التجوال فيها كـ"فعل احترازي" في هذه المدينة التي تشكل عاصمة المحافظة وتقع على بعد 400 كم شمال بغداد وتعتبر ثانية كبريات المدن العراقية.
لكن في اليوم السادس من الشهر ذاته والسنة، دخلت عناصر من تنظيم داعش مدينة الموصل وخاصة أطرافها في مناطق مشيرفة و17 تموز والهرمات وحي التنك وحي العريبي وحي الزهراء وحي التحرير. وقد استُشهد 12 شخصا وأُصيب العشرات بجروح في هجمات بسيارات مفخخة واشتباكات مسلحة داخل وحول المدينة.
واشتبك داعش مع من لم يهرب من عناصر الفوج السابع من الشرطة المحلية (بقي منهم 40-50 مقاتلا) مدة ثلاثة أيام دون أن تتلقى هذه العناصر أي مساعدة من "قيادة العمليات"، ما أدى إلى انهيارها في النهاية و فتح الباب أمام انهيارات أمنية متلاحقة.
وبعد اشتباكات مستمرة بين الجيش وداعش، حدث انهيار كبير -خلال ثلاث ساعات- في قوات "الفرقة الثانية" من الجيش العراقي بعد أن شاع بين الجنود أن القادة الكبار في "قيادة العمليات" قد هربوا وقطعوا الجسور خلفهم على الساحل الأيمن من المدينة.
هذا الأمر سهّل في 10 حزيران 2014، سيطرة داعش بالكامل على مدينة الموصل، طاردين القيادات السياسية والأمنية والقوات الرسمية التي تُقدر بثلاث فرق من الجيش والشرطة (ما بين 40-50 ألف مقاتل)، والتي أُصيبت بـ"انهيار أمني كامل" حسب تعبير وزارة الخارجية الأميركية.
وقال نائب رئيس الجمهورية، نوري المالكي (آنذاك)، "أريد أن أكون صريحا، نحن نحمل الضباط والجنود الذين انسحبوا من ساحة المعركة أنهم تخاذلوا وجبنوا، لكن حتى لا نرمي كل المسؤولية على رأس الضابط والجندي فقط (...) أريد أن أقول، السياسي الذي وقف خلف هذه المؤامرة، السياسي الذي روّج للاعتصامات، السياسي الذي أعلن الحرب على الدولة، السياسي الذي تآمر والذي أشاع أجواء الهزيمة... ماذا عن هؤلاء؟".
وتابع "تتذكرون (...) كيف اتُهم الجيش العراقي، وهو جيش العراقيين جميعا، بأنه مجوسي صفوي شيعي مالكي، حتى أسقطوا هيبة الجيش عند المواطنين، وحينما وصلنا إلى مرحلة الاصطدام، انهارت القطعات الموجودة في الموصل وفي مناطق أخرى". وأضاف، إنه كان "واضحا حينها أن الجيش العراقي ونتيجة الهجمة الطائفية (...) سيُصاب بصدمة ويتضرر كثيرا وتنحل فيه الكثير من الوحدات".
وبحسب تقرير اللجنة النيابية المكلفة بالتحقيق في سقوط الموصل العراقية بيد تنظيم داعش، فقد حمّل عدة مسؤولين ما حصل، بينهم "أثيل النجيفي-محافظ نينوى، سعدون الدليمي وزير الدفاع السابق، الفريق أول بابكر زيباري رئيس أركان الجيش، قائد العمليات المشتركة الفريق أول الركن عبود هاشم قنبر، الفريق أول الركن علي غيدان قائد القوات البرية، والفريق الركن باسم حسين الطائي قائد عمليات نينوى السابق" وأسماء أخرى ضمت بينها قادة في الجيش العراقي.
وبحسب الأرقام الرسمية التي أعلنتها لجنة الخدمات في البرلمان العراقي فقد تم تدمير قرابة 80% من المدينة، وتشير أرقام وزارة التخطيط العراقية إلى أن الموصل تحتاج لنحو مئة مليار دولار لإعادة إعمارها بشكل كامل.
خسائر السقوط والتحرير
تراوحت التقديرات لعدد الشهداء المدنيين بين 9 آلاف و 40 ألف مدني في محافظة نينوى ما بين سقوط المدينة بيد التنظيم الإرهابي وتحريرها على يد القوات الأمنية العراقية.
وأشارت تقارير دولية، إلى استشهاد أكثر من 10 آلاف مدني، بينما ذكرت مصادر عراقية أن الرقم قد يصل إلى 40 ألفا، كما عانى المدنيون من جروح ونزوح واسعَين.
وقدمت القوات العراقية تضحيات بآلاف الشهداء والجرحى أثناء عمليات التحرير، بينما شهدت المدينة دمارا هائلا، وأضرارا جسيمة لحقت بالبنية التحتية حيث دُمرت نسبة 80% من المدينة، خاصة في الجانب الغربي.
ودُمرت آلاف المنازل والشوارع والجسور والمدارس والمستشفيات. شبكات الكهرباء والمياه، وتعرضت العديد من المواقع الأثرية، بما في ذلك جامع النوري ومنارته الحدباء، لأضرار جسيمة أو دمار كامل.
وعصف بالمدينة موجات نزوح جماعي، حيث نزح أكثر من مليون شخص من الموصل خلال المعركة، ولا تزال الموصل تعاني من صعوبات كبيرة في إعادة إعمار البنية التحتية وإعادة الحياة الطبيعية إلى المدينة.