103 من الأعوام على تأسيس الجيش العراقي.. هل يتحمل مسؤولية سقوط الموصل؟ ماذا عن مشاركته في "الحرب الأهم"؟
انفوبلس/..
يحتفل العراق اليوم السبت، بالذكرى الثالثة بعد المئة لتأسيس الجيش العراقي، عام 1921، وبهذه المناسبة يحاول تقرير انفوبلس تسليط الضوء على أبرز ما مرَّ به هذا الجيش، والإجابة على تساؤلات حول ما إذا كان يتحمل من الناحية العسكرية مسؤولية سقوط الموصل، وكيفية مشاركته في حرب التحرير الأهم 2014 - 2018.
خاض الجيش العراقي عبر تاريخه العديد من الحروب، وكان أهمها بعد العام 2003 هي الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي التي حقق فيها العراق نصراً فاجأ العالم برمته، وتمكن من دحر هذا التنظيم المتطرف والذي يضم في صفوفه الآلاف من المجندين من مختلف الجنسيات العالمية.
لكن ثمة سؤال، تجب الإجابة عنه.. هل كان الجيش العراقي يتحمل مسؤولية سقوط الموصل؟
في يوم 10 يونيو/ حزيران 2014 سيطر تنظيم داعش بالكامل على مدينة الموصل (مركز محافظة نينوى شمالي العراق) ليتخذها منطلقا لضم مساحات واسعة من البلاد، فاتحاً الأبواب على اتهامات متبادلة داخل هيئات الحكم في بغداد بالمسؤولية عن هذا الحدث الجلل.
في 5 يونيو/ حزيران 2014، قال محافظ نينوى آنذاك أثيل النجيفي، إنه "لا يوجد مسلحون لا في الموصل ولا على أطرافها"، وأكد أن السلطات الأمنية (قيادة العمليات الثلاثية) فرضت حظر التجوال فيها كـ"فعل احترازي" في هذه المدينة التي تشكل عاصمة المحافظة وتقع على بعد 400 كم شمال بغداد وتعتبر ثانية كبريات المدن العراقية.
لكن في اليوم السادس من الشهر ذاته والسنة، دخلت عناصر من تنظيم داعش مدينة الموصل وخاصة أطرافها في مناطق مشيرفة و17 تموز والهرمات وحي التنك وحي العريبي وحي الزهراء وحي التحرير. وقد قُتل 12 شخصا وأُصيب العشرات بجروح في هجمات بسيارات مفخخة واشتباكات مسلحة داخل وحول المدينة.
واشتبك داعش مع من لم يهرب من عناصر الفوج السابع من الشرطة المحلية (بقي منهم 40-50 مقاتلا) مدة ثلاثة أيام دون أن تتلقى هذه العناصر أي مساعدة من "قيادة العمليات"، ما أدى إلى انهيارها في النهاية و فتح الباب أمام انهيارات أمنية متلاحقة.
وبعد اشتباكات مستمرة بين الجيش وداعش، حدث انهيار كبير -خلال ثلاث ساعات- في قوات "الفرقة الثانية" من الجيش العراقي بعد أن شاع بين الجنود أن القادة الكبار في "قيادة العمليات" قد هربوا وقطعوا الجسور خلفهم على الساحل الأيمن من المدينة.
هذا الأمر سهّل في 10 حزيران 2014، سيطرة داعش بالكامل على مدينة الموصل، طاردين القيادات السياسية والأمنية والقوات الرسمية التي تُقدر بثلاث فرق من الجيش والشرطة (ما بين 40-50 ألف مقاتل)، والتي أُصيبت بـ"انهيار أمني كامل" حسب تعبير وزارة الخارجية الأميركية.
وقال نائب رئيس الجمهورية، نوري المالكي (آنذاك)، "أريد أن أكون صريحا، نحن نحمل الضباط والجنود الذين انسحبوا من ساحة المعركة أنهم تخاذلوا وجبنوا، وإن حكمهم في القانون هو الإعدام". وأضاف "لكن حتى لا نرمي كل المسؤولية على رأس الضابط والجندي فقط (...) أريد أن أقول.. السياسي الذي وقف خلف هذه المؤامرة، السياسي الذي روّج للاعتصامات، السياسي الذي أعلن الحرب على الدولة، السياسي الذي تآمر والذي أشاع أجواء الهزيمة... ماذا عن هؤلاء؟".
وتابع "تتذكرون (...) كيف اتُهم الجيش العراقي، وهو جيش العراقيين جميعا، بأنه مجوسي صفوي شيعي مالكي، حتى أسقطوا هيبة الجيش عند المواطنين. وحينما وصلنا إلى مرحلة الاصطدام، انهارت القطعات الموجودة في الموصل وفي مناطق أخرى". وأضاف، إنه كان "واضحا حينها أن الجيش العراقي ونتيجة الهجمة الطائفية (...) سيُصاب بصدمة ويتضرر كثيرا وتنحل فيه الكثير من الوحدات".
*تقرير حول السقوط
وبحسب تقرير اللجنة النيابية المكلفة بالتحقيق في سقوط الموصل العراقية بيد تنظيم داعش، فقد حمّل عدة مسؤولين ما حصل، بينهم "أثيل النجيفي-محافظ نينوى، سعدون الدليمي وزير الدفاع السابق، الفريق أول بابكر زيباري رئيس أركان الجيش، قائد العمليات المشتركة الفريق أول الركن عبود هاشم قنبر، الفريق أول الركن علي غيدان قائد القوات البرية، والفريق الركن باسم حسين الطائي قائد عمليات نينوى السابق" وأسماء أخرى ضمت بينها قادة في الجيش العراقي.
*عمليات التحرير
في يوم 10 ديسمبر/ كانون الأول 2017 أعلنت الحكومة العراقية النصر الكامل على تنظيم داعش الإجرامية واستعادة السيطرة على كامل الأراضي التي كان التنظيم قد أحكم قبضته عليها منذ يونيو/ حزيران 2014.
لم يكن النصر آتٍ لولا التضحيات الجِسام التي قدمها الجيش العراقي وغيرها من القوات التي شاركت بعمليات التحرير والتي ضمت قوات من الحشد الشعبي وفصائل المقاومة الإسلامية.
كان للجيش العراقي دور كبير، في بسط الأمن فقد سجل أروع البطولات التاريخية وأسمى التضحيات المشرفة واستعادة الأراضي وتحريرها من دنس تلك العصابات في كانون الثاني 2017.
أطلقت الحكومة العراقية في شهر تموز من العام 2014 أول حملة عسكرية لتحرير محافظة ديالى حيث سيطر تنظيم داعش على معظم المدن والقرى السُنية المحاذية لمحافظة صلاح الدين وكركوك، وقد نفذت القوات العراقية مع الحشد الشعبي ما يقارب أكثر من 50 عملية عسكرية لتحرير كامل المحافظة وقد بلغت خسائر القوات الأمنية العراقية المشتركة حوالي 58 شهيدا و482 جريحا وبلغت خسائر داعش أكثر من ألف قتيل بينهم 300 قتيل أجنبي وعربي. وبدأت عمليات التحرير من ناحية العظيم وانتهت بتحرير مدينة جلولاء.
وفي شهر كانون الثاني 2015 تمكن الجيش العراقي والحشد الشعبي من تحرير ناحية الضلوعية بالكامل إذ مهدت هذه العملية إلى فك الحصار عن مدينتي بلد والدجيل المحاصرتين بالإضافة إلى فتح طريق بغداد - سامراء.
بعد فك الحصار عن جميع المدن العراقية المحاصرة بدأت الحكومة للتحضير في بدء هجوم معاكس على داعش لتحرير محافظة صلاح الدين، وبعد أشهر من المناورات التحضيرية وجمع المعلومات الاستخبارية، بدأت قوات الأمن العراقية ومقاتلو الحشد الشعبي هجوماً في بداية مارس 2015 لتطويق داعش وإيقاع مقاتليه في تكريت وضواحيها فرض حصار على التنظيم الذي يتحصن في مركز المحافظة. لاقت العملية نجاحاً حاسماً، حيث تم تطويق جميع مسلحي داعش وتم تحرير قضاء العلم والعوجة وقضاء الدور وفك الحصار عن سامراء والسيطرة على تلال حمرين الجنوبية.
وفي يوم 11 مارس 2015 بدأ الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي عملية عسكرية واسعة لتحرير مدينة تكريت من سيطرة تنظيم داعش، وذلك من خلال التقدم من أربعة محاور، بعد استكمال حصار المدينة التي تمكن الجيش من دخول أحيائها كافة ووصول تعزيزات عسكرية للقوات الحكومية.
فدخل المقاتلون مدينة تكريت وتقدموا من الشمال والجنوب في أكبر هجوم واستولوا على جزء من حي القادسية الشمالي في حين قوة أخرى تقدمت من الجنوب باتجاه وسط المدينة الواقعة على نهر دجلة. ثم تمكنت القوات من رفع العلم العراقي فوق المستشفى العام جنوب تكريت.
ودخلت منطقة القصور الرئاسية شرق تكريت، من محورين. وتعرضت المناطق المتبقية من تكريت إلى قصف مكثف بالمدفعية الثقيلة، ومراقبة مكثفة من الطائرات العراقية، ثم بدأت القوات هجومها على مركز مدينة تكريت عبر منطقة الديوم، وواصلت زحفها بهدف السيطرة على مركز مدينة تكريت.
وجهت حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي ـ حينها ـ طلباً إلى التحالف الدولي بقيادة واشنطن بتوجيه ضربات جوية على تكريت، لكن الحشد الشعبي توقف عن الهجوم وهدد بالانسحاب من المعركة في حال تدخل التحالف، الأمر الذي دفع رئيس الوزراء إلى منع التحالف من تقديم أي مساعدة في المعركة. وفي 31 مارس استطاعت القوات العراقية تحرير المدينة بالكامل.
وبعدها خاضت قوات الجيش سلسلة عمليات بينها فك الحصار عن مصفى بيجي وتحرير سنجار وجزيرة سامراء والرمادي وهيت والرطبة والخالدية وتلعفر وصولاً إلى تحرير الموصل وإعلان النصر الكامل على داعش.
*تصنيف الجيش العراقي عالميا
عالمياً، جاء الجيش العراقي في آخر تصنيف لمؤشر غلوبال فاير بور، بالمرتبة 145 من أصل 145 دولة بعدد نقاط تبلغ 0.736، وذلك بانخفاض 11 مرتبة عن تصنيف العراق في 2022، حيث جاء تصنيف الجيش العراقي في ذلك العام بالمرتبة 34 وبعدد نقاط 0.559.
أما في 2021 كان العراق بالمرتبة 57 وبعدد نقاط 0.933، ما يعني أن العراق قفز في 2022 بمقدار 23 مرتبة، وتراجع في 2023 بمقدار 11 مرتبة، وتجدر الإشارة الى أنه كلما انخفض عدد النقاط وصولا الى 0.000 يكون الجيش مثاليًا، بحسب تنصيف المؤشر.
*تصنيف العراق على مستوى الخليج والشرق الأوسط
على مستوى الخليج جاء جيش العراق بالمرتبة الثالثة بعد الجيش الإيراني أولا، والسعودي ثانيا، والعراق ثالثا، ومن ثم الإمارات وعمان والكويت والبحرين.
أما على مستوى الشرق الأوسط جاء العراق بالمرتبة السادسة، بعد كل من تركيا أولا، ومصر ثانيا، وإيران، والجيش الإسرائيلي، والسعودي خامسا، والعراق سادسا.
*العُدة والعدد
يبلغ التعداد الكلي للجيش العراقي 330 ألفا، من بينهم 130 ألف قوات شبه عسكرية، أما المقاتلون يبلغون 200 ألف، يتوزعون بواقع 180 ألف قوات برية، و10 آلاف قوات جوية، و3 آلاف قوات بحرية.
ويمتلك الجيش إجمالي طائرات تبلغ 361 طائرة، الجاهزات منها 199 طائرة فقط، وتتوزع بواقع:
38% منها هيليكوبتر
27% منها للتدريب
9.7% منها هلكوبتر هجومية
6% مقاتلات
5% مهمات خاصة
4% ناقلات
أما المدفعية، فيمتلك العراق ألفا و426 مدفعية، الجاهزة منها فقط 784 فقط، من بينها مدفعية ذاتية الدفع 281 الجاهزة منها 155 فقط ، المدفعية الصاروخية 424 الجاهز منها 233 فقط.
أما المركبات، فيمتلك الجيش العراقي قرابة 40 ألف مركبة، الجاهزة منها نحو 22 ألفا فقط، تتوزع بواقع 92% منها عربات مدرعة، بعدد يبلغ أكثر من 39 ألف مركبة، أما الدبابات فتمثل 2% فقط بعدد 923 دبابة فقط.
ومن نقاط الضعف، أن العراق لا يمتك حاملات طائرات ولا غواصات ولا فرقاطات ولا مدمرات.