6 أعوام على تفجير الحدباء في معارك التحرير.. هكذا استغل الطائفيون الجريمة واتهموا القوات الأمنية بها
6 أعوام على تفجير الحدباء في معارك التحرير.. هكذا استغل الطائفيون الجريمة واتهموا القوات الأمنية بها
انفوبلس/..
في 4 تموز 2014، اعتلى أبوبكر البغدادي، قائد عصابات داعش الارهابية، إلى منبر مسجد النوري، والمعروف أيضًا بالجامع الكبير، ونصّب نفسه "خليفة" للتنظيم الارهابي، ومن هنا وُلدت أهمية جديدة للجامع الكبير، كمقر لخلافة البغدادي ومكان تمركز قادة داعش بالموصل، شمالي العراق، بجانب أهميته التاريخية والثقافية.
يُنسب اسم جامع النوري إلى مشيّده الملك أبو القاسم نور الدين زنكي، وذلك في القرن السادس الهجري، 1172م ، ومن هذا التاريخ يكتسب المسجد قيمته التاريخية كثاني أقدم مسجد يُبنى في الموصل، وتميز كذلك بمنارته ومئذنته المحدّبة، وهي البناية الوحيدة من الجامع التي لم تتأثر بعوامل الزمن ولم تتهدم أو تتدمر، دُمِّرت الأبنية الأساسية للمسجد كلها إلا تلك، لم تتأثر إلا بالاستمالة ناحية الشرق قليلاً، حتى جاء يوم الأربعاء 21 حزيران 2017، حيث سقطت المئذنة ودُمّرت أخيرًا بعد أن صمدت في مكانها قرابة تسعة قرون.
ولمنارة الحدباء قيمة تراثية وتاريخية كبيرة، حيث إنها أعلى منارة طولاً في العراق، كما أنها البناية الأصلية الوحيدة التي تبقت من أبنية جامع النوري، ولها أهمية بكونها مسجدا من بيوت الله لدى المسلمين، بالإضافة إلى القيمة التاريخية والهوية الثقافية التي تحملها.
وينظر أهل الموصل إلى مئذنة الحدباء كجزء أصيل من هويتهم الثقافية وكدليل ومرشد على تاريخ المكان، فكان التدمير بمثابة الصدمة.
مَن المسؤول عن تدميرها؟
تدمير داعش لمقر خلافتهم، بمثابة إعلان رسمي لهزيمتهم في العراق
صرّح الفريق عبد الغني الأسدي، قائد قوات مكافحة الإرهاب بالعراق، أن "الجيش العراقي كان على مشارف الوصول إلى الجامع الكبير ووصل إلى بُعد أمتار قليلة قبل أن تفجر قوات داعش المسجد في عمل خسيس ينمّ عن يأسِهِم في التمسك بمقر خلافتهم، وخيبة أملهم وهزيمتهم الوشيكة، وأن الجيش العراقي مستمر في مقاومتهم وقتالهم".
كما أعلن رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، أن "تدمير داعش لمقر خلافتهم، بمثابة إعلان رسمي لهزيمتهم في العراق"، فيما ادعت عصابات داعش أنها لم تكن خلف تدميرها، وألقت بالتهمة ناحية ما يسمى "التحالف الدولي" الذي تقوده أمريكا.
بينما أكّد المتحدث باسم "التحالف الدولي" أن التحالف لم ينفذ أي ضربات في المنطقة التي يوجد بها المسجد الكبير بالموصل"، وعلّق الجنرال العسكري في التحالف أن "تدمير المسجد بمثابة جريمة ضد الشعب العراقي بأسره" وحمّل داعش مسؤولية التدمير.
قائد عمليات "قادمون يا نينوى" الفريق الركن عبد الأمير رشيد يارالله ذكر في بيان: "أقدمت عصابات داعش الإرهابية على ارتكاب جريمة تاريخية أخرى، وهي تفجير جامع النوري ومئذنة الحدباء التاريخية بالمدينة القديمة في غرب الموصل". مضيفاً، أن "عملية التفجير تمت بعد تقدم قواتنا في عمق المدينة القديمة ووصولها إلى مسافة 50 مترا من جامع النوري".
محاولة سابقة وسوابق مشابهة
عصابات "داعش" فجرت مرقدي النبي شيت وجرجيس (عليهما السلام) وسط الموصل، وفجرت مرقد النبي يونس (ع) الذي يُعد أبرز الشواخص الحضارية والدينية في مدينة الموصل
وفي بداية احتلال عصابات داعش لمدينة الموصل، ذكر رئيس مجلس إسناد مدينة الموصل زهير الجلبي في 26 حزيران 2014 عن عزم عصابات "داعش" الارهابية تفجير المنارة الحدباء والجامع الكبير وسط مدينة الموصل، مبينا أن جمعاً من الأهالي تحصنوا داخل المسجد لمنع التفجير.
وقال الجلبي في حديث صحفي، إن عناصر من داعش قاموا منذ الصباح بتطويق منارة الحدباء والجامع الكبير، مشيراً الى أنهم فخّخوا الجامع والمنارة تمهيداً لتفجيرهما.
وأضاف، إن "جمعاً من الأهالي تحصن داخل الجامع لمنع المسلحين من تفجيره". موضحا، إن ذلك أدى إلى حدوث مشادات وإطلاق نار من قبل المسلحين.
وكانت عصابات "داعش" الإرهابية، قد أقدمت في 25 حزيران 2023 على تفجير مرقدي النبي شيت وجرجيس (عليهما السلام) وسط الموصل، وتفجير مرقد النبي يونس (ع) الذي يُعد أبرز الشواخص الحضارية والدينية في مدينة الموصل، كما قاموا بتفجير مرقد الإمام أبو العلى فضلاً عن حسينية وجامع في المدينة، كما قتلوا العديد من رجال الدين في الموصل بسبب رفضهم ممارسات هذه العصابة الارهابية.
وكانت عصابات داعش، قد أبلغت سكان محليين في نينوى، أنها ستقوم بتفجير منارة الحدباء بالموصل، ويعزون سبب تفجير المنارة إلى أنها تمثل عمل مخالف لبناء المساجد ويجب هدمها لأنها تقع في جزء من الجامع الكبير بالساحل الأيمن من الموصل.
ودعت المواطنين الساكنين قرب المنارة بالابتعاد عنها، ثم حدث غليان شعبي في نينوى في حال لو أقدم التنظيم على تفجير المنارة لأنها تعتبر تاريخ المدينة.
اليونسكو اعتبرها مأساة ثقافية وإنسانية
وأعلنت إيرينا بروكوفا، الأمين العام لمنظمة اليونسكو، أن "تدمير الجامع النوري يمثل مأساة ثقافية وإنسانية، وأن حماية التراث لا يمكن فصلها عن حماية الأرواح البشرية". وأضافت، أن "منارة الحدباء ومسجد النوري كانا من أبرز المواقع في المدينة ويعتبران رمزًا للهوية والصمود والانتماء، وأن هذا التدمير يعمّق جراح المجتمع العراقي الذي يعاني من مأساة إنسانية لم يُسبق لها مثيل وأعربت عن تضامن اليونسكو مع شعب العراق، واستعداد المنظمة لدعم التراث الثقافي وإعادة تأهيله، كلما أمكن ذلك".