8 أعوام على التفجير الأكبر والأكثر دموية في ديالى.. دماء الشهداء اختلط بحطام السوق في خان بني سعد
انفوبلس/..
في يوم الجمعة، 16 تموز 2015، استيقظت محافظة ديالى، على تفجير دموي، هزَّ مدينة خان بني سعد وفي أحد أسواقها الشعبية، خلَّفَ حفرةً قطرها ستة أمتار ونصف، بواسطة سيارة مفخخة يقودها انتحاري من عصابات داعش الإرهابية، طال دماره البشر والحجر، وعشرات المحال التجارية والمنازل السكنية، روائح الدماء امتزجت مع روائح انصهار المعادن الذي خلفه الانفجار بمشهد تقشعر له الأبدان.
عدد الشهداء ارتفع إلى 121 شهيداً، وعدد المصابين تجاوز 150 جريحاً، فضلاً عن فقدان عشرين آخرين، بقيت تحت الأنقاض فترة طويلة، بعد التفجير الذي يُعد من الأكثر دموية منذ بداية الهجمة الإرهابية الذي سيطر خلالها التنظيم الإرهابي على أجزاء من البلاد في 2014.
مدير ناحية خان بني سعد، عباس هادي صالح صرّح بأن هناك ما بين 17 إلى20 مفقودا، مؤكدا أن 15 طفلا على الأقل قضوا في التفجير الذي وقع قرابة الساعة السابعة مساء الجمعة، وأضاف: "كل عام خلال شهر رمضان هناك تفجير"، مشيرا إلى أن هذا تفجير هو "الأكبر في ديالى منذ 2003".
"داعش" تبنى التفجير
وأعلنت عصابات داعش في وقت لاحق من التفجير، مسؤوليتها عن تفجير السيارة المفخخة في ناحية بني سعد بمحافظة ديالى.
وجاء في بيان لعصابات داعش على "تويتر"، إن "الهجوم على بلدة خان بني سعد كان الهدف منه استهداف الرافضة". في إشارة الى استهداف الطائفة الشيعية في المحافظة.
كما ذكرت العصابات الإرهابية، أن "السيارة الملغومة كانت تحمل نحو ثلاثة أطنان من المتفجرات".
آثار التفجير
وبدت آثار التفجير مدمرةً على السوق التي تمتد على نحو مائة متر، وتضم متاجر مختلفة، معظمها للخضار والفاكهة واللحوم والملابس، وكان دخان الحريق يتصاعد ليومين بعد التفجير، من بعض المتاجر التي غطى السواد واجهاتها، بينما تعرضت مباني أخرى لدمار شبه كامل.
وقامت جرافة تابعة لوزارة الدفاع بإزالة الركام، بينما قام عمال بتنظيف الإسفلت الذي غطته مياه آسنة وقطع من الزجاج.
وقدم سكان في المنطقة شهادات مروعة عن هول التفجير الذي قالوا إنه الأكبر يستهدف منطقتهم منذ اندلاع أعمال العنف وموجات التفجير بعد سقوط النظام السابق في عام 2003، وقال مثنى السعدون (25 سنة)، وهو موظف بلدي موكَل بتنظيف الشوارع: كنتُ أقود صهريج مياه وأستعدُّ لتنظيف الشوارع قبل العيد، عندما وقع الانفجار، بدلا من تنظيف الشوارع بِتُّ أُطفئ النار".
وأضاف: "رأيتُ أشخاصا يحترقون (...) الناس احترقوا داخل سياراتهم لأن الطريق كان مكتظاً، ولم تتمكن سيارات الإسعاف من الوصول"، مؤكدا أنه رغم استهداف المنطقة سابقا "إلا أن مثل هذا الانفجار لم يحصل من قبل".
وتقع السوق في وسط منطقة بني سعد التي يعبرها طريق عام مؤلف من جزأين. وكان الجزء الملاصق للسوق مقفلا أمام حركة السيارات. وبحسب شهود، تقدم الانتحاري بسيارته على الجانب المفتوح أمام السيارات، وفجّر نفسه عند نقطة تفتيش للشرطة وسط السوق. وتسبب التفجير بحفرة قطرها يقارب خمسة أمتار، وبعمق نحو مترين. ولم يبقَ أي أثر لنقطة التفتيش. وكانت السوق مكتظة بالمتسوقين الذين كانوا يتبضعون عشية عيد الفطر الذي احتفل الشيعة في العراق حينها بأول أيامه.
وتقع منطقة خان بني سعد في محافظة ديالى، على مسافة 20 كلم شمال شرقي بغداد، والمنطقة مختلطة طائفيا، إلا أن غالبية سكانها من المسلمين الشيعة.
وحرم التفجير أبناء المنطقة الاحتفال بالعيد، وحلّ الحزن والغضب بديلا عن الفرح، علما بأن محافظ ديالى أعلن الجمعة الحداد ثلاثة أيام على الضحايا الذين شيع عدد كبير منهم في نفس اليوم إلا أنه أمكن في اليوم الذي سبق رؤية شاحنات صغيرة تنقل عددا من النعوش إلى مراسم التشييع.
وقال حسين ياسين خضير (45 سنة) الذي يملك متجرا عند مدخل السوق، ولم يتعرض لضرر كبير "لا يوجد عيد، لم نعايد أحدا، ولا أحد عايدنا". وأوضح، أنه كان واقفا خارج متجره قبيل التفجير، قبل أن يقذفه عصف الانفجار إلى داخل المحل، من دون أن يُصاب بجروح. وأضاف بحسرة: "كل رمضان يحدث انفجار في خان بني سعد".
حقوق الإنسان تصف التفجير "جريمة إبادة جماعية"
اعتبرت وزارة حقوق الانسان بأن التفجير الإرهابي في منطقة خان بني سعد في محافظة ديالى جريمة إبادة جماعية واصفا الجريمة بأنها انتهاك صارخ لحقوق الإنسان.
وزير حقوق الإنسان الأسبق، محمد مهدي البياتي، أكد في بيان له أن "الإرهاب يستهدف الإنسان العراقي بفئاته ومكوناته وانتماءاته كافة فهو لا دين له ولا وطن ولا أرض وأنه ظاهرة عالمية تتطلب مكافحتها بتضافر الجهود الدولية لاجتثاثها من جذورها من المجتمعات.
وطالب وزير حقوق الإنسان، الجهات المعنية بـ"مضاعفة جهودها للعثور على المفقودين من ضحايا هذا التفجير الاجرامي وإنزال أقصى العقوبات بالفاعلين والمتسببين بالتفجير الجبان الذي يعكس مدى همجية وإجرام فاعليه".
محاسبة مسؤولين واعتقال متورطين
وأقالت الحكومة العراقية حينها مدير شرطة ناحية خان بني سعد في محافظة ديالى وثلاثة من الضباط على خلفية التفجير الانتحاري الذي نفذه الإرهابيون، على سوق شعبي في مدينة خان بني سعد بمحافظة ديالى.
وباشرت السلطات العراقية بالتحقيق أيضا مع اثنين من الضباط، فيما أعلن وزير الداخلية الأسبق محمد الغبان اعتقال المتورطين، وأمر بتوقيف عدد آخر من الضباط والمنتسبين على خلفية الهجوم ذاته.
وقال المتحدث باسم الوزارة اللواء سعد معن، إن السلطات بدأت التحقيق مع المشتبه فيهم، مشيرا إلى أن القضاء سينزل أقصى العقوبات بحق من يثبت تورطهم في الهجوم. ولم يُشِر المتحدث إلى عدد الذين اعتقلتهم السلطات.