8 أعوام على مجزرة "البراد" في بغداد.. 80 شهيدا سقطوا في ذلك اليوم المؤلم فهل اعتُقل المسؤولون عنه؟
انفوبلس/..
في مثل هذا اليوم قبل 8 سنوات، وصلت شاحنة كبيرة (براد) إلى سوق حي جميلة الشعبي في مدينة الصدر شرقي العاصمة بغداد، محمّلة بمتفجرات؛ سعياً لاستهداف مواطنين عُزّل، وما إن انفجرت حتى أحدثت مجزرة كبيرة إذ استُشهد 80 شخصاً وأُصيب أكثر من 212 آخرين.. فهل جرى الإيقاع بالمسؤولين عن كارثة ذلك اليوم المؤلم؟
*تفاصيل
في صباح يوم الخميس 13 أغسطس/ آب 2015، تم تفجير سوق شعبي مزدحم في منطقة علوة جميلة، شرقي العاصمة بغداد بواسطة سيارة حمل (شاحنة بضائع) محمّلة بكميات كبيرة من المتفجرات، وتسبب التفجير بمقتل نحو ثمانين شخصاً وإصابة أكثر من مائتين آخرين بجروح متعددة، كما تسبب بتدمير عدد كبير من المباني في السوق والمحلات التجارية.
وتصاعد الدخان من قطع الحطام المتفحمة وكان عمال الإنقاذ ينتشلون جثث القتلى من وسط أكشاك الباعة المدمرة.
وقال ضابط برتبة عقيد في الشرطة (آنذاك)، إن "شاحنة مفخخة انفجرت قرابة الساعة السادسة صباح يوم الخميس (13 آب 2015) في سوق شعبية للبيع بالجملة في مدينة الصدر، وأشار إلى أن التفجير أدى إلى وقوع عشرات الشهداء والجرحى بالإضافة إلى أنه دمر قرابة 40 سيارة وشاحنة، و80 متجراً في السوق المخصصة لبيع الخضار والفاكهة".
وكانت مدينة الصدر، أحد أكثر ضواحي العاصمة العراقية ازدحاماً بالسكان وذات الغالبية الشيعية، هدفاً للعديد من الانفجارات التي تقف وراءها، في الغالب، جماعة إرهابية مثل داعش والقاعدة وغيرهما.
تبنى تنظيم داعش المسؤولية عن الانفجار، وقال التنظيم في بيان على شبكة الإنترنت إنه استهدف "عناصر من الجيش وقوات الحشد الشعبي الشيعية في الحي الشيعي".
ويشهد سوق جميلة صباح كل يوم ازدحاماً شديداً حيث يقوم الفلاحون بجلب محاصيلهم الزراعية لأجل بيعها في السوق منذ الصباح الباكر.
كما أنه حصل في يوم الخميس، الذي يسبق العطلة الرسمية الأسبوعية في العراق ويُعد أحد أكثر الأيام ازدحاماً في السوق، حيث يأتي أصحاب المحلات من المحافظات الأخرى للتسوق من هذا السوق الذي يبيع البضائع بالجملة.
ويعتبر هذا التفجير من أعنف التفجيرات التي ضربت العاصمة بغداد منذ تولي حيدر العبادي رئاسة الوزراء في أغسطس 2014.
*ردود الفعل الداخلية
دعا رئيس الجمهورية (آنذاك) فؤاد معصوم إلى محاسبة المقصرين الذين لم يستطيعوا منع وقوع التفجير. وأصدر إياد علاوي نائب رئيس الجمهورية بيانًا يدين فيه التفجير مشيرًا إلى أنه "يأتي ضمن سلسلة من الأعمال الإرهابية التي تستهدف المواطنين الأبرياء" ومشيرًا أيضًا إلى "ضرورة تعزيز حماية المواطنين من العنف والإرهاب وتمتين الجبهة الداخلية على الصعد السياسية والأمنية والاجتماعية كافة".
من جهته، صرّح حاكم الزاملي رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي بأنه وجه تحذيرًا أخيرًا إلى كل من وزير الداخلية محمد الغبان ووزير الدفاع خالد العبيدي بأنه سيتم استجوابهم وإقالتهم في حال تكرار مثل هذه الانفجارات. وطالب بإقالة جميع الضباط المسؤولين في هذه المنطقة. وأمر وزير الدفاع خالد العبيدي بفتح تحقيق موسّع للوقوف على ملابسات التفجير.
كما صرّح المتحدث باسم محافظة بغداد أن المحافظة شكلت لجنة لحصر الأضرار البشرية والمادية التي خلّفها التفجير وتعويض الشهداء والجرحى وفق القانون رقم 20 لعام 2009.
*ردود دولية
أرسل الرئيس فلاديمير بوتين برقية تعزية إلى نظيره العراقي فؤاد معصوم ورئيس الوزراء حيدر العبادي جاء فيها "ندين بحزم هذه الجريمة الهمجية التي استهدفت المدنيين، ومستعدون لمواصلة تقديم الدعم للحكومة العراقية في جهودها الرامية لمكافحة الإرهاب".
فيما نددت مرضية أفخم المتحدثة باسم وزارة الخارجية الإيرانية (وقتذاك) بشدة بالتفجير وأعربت عن قلقها من تصاعد مثل هذه الجرائم الإرهابية في العراق، مشددة على "ضرورة مكافحة الإرهاب بشكل مؤثر وعاجل على الصعيد الدولي".
كما أدان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية جون كيربي التفجير قائلًا في تصريح صحفي، إن داعش تسعى إلى شق صف الشعب العراقي بهذه الحملة الإرهابية.
فيما أصدرت وزارة الخارجية التركية بيانًا جاء فيه الإدانة الشديدة للتفجير و"نسأل الله العلي القدير أن يتغمد الأشقاء العراقيين الذين فقدوا حياتهم في هذه الاعتداءات الإرهابية بواسع رحمته".
بينما أدانت وزارة الخارجية والمغتربين السورية بشدة التفجير وقالت في بيان، "إن هذا العمل الإجرامي يؤكد مرة جديدة على حتمية تضافر الجهود الصادقة لمكافحة الإرهاب".
كذلك، أصدرت وزارة الخارجية القطرية بيانًا جاء فيه، "إن دولة قطر تستنكر بشدة هذا العمل الإجرامي الذي يستهدف المدنيين الأبرياء ويتنافى مع القيم والمبادئ الإنسانية كافة".
*اعتقال المسؤول
ما إن مضى نحو شهرين على وقوع الحادثة، حتى تمكنت الأجهزة الأمنية من الإيقاع بالمسؤول عن تلك الجريمة البشعة، فيما كشف مجلس القضاء الأعلى تفاصيل وقوع العملية وكيف استدرج الناس، وقدم رشى لبعض المنتسبين الأمنيين من أجل دخول شاحنته إلى السوق الشعبي.
وأفادت محكمة تحقيق الرصافة الأولى بإلقاء القبض على المسؤول عن تفجير علوة جميلة في بغداد، مؤكدة أنه ينتمي إلى تنظيم داعش الإرهابي.
وقال نائب المدّعي العام في المحكمة القاضي فاضل أكبر توفيق في تصريح للمركز الإعلامي للسلطة القضائية-JAMC، إن "قسم الاستخبارات ومكافحة إرهاب جنوب الرصافة ألقى القبض بالتنسيق مع محكمتنا على أحد إرهابيي تنظيم داعش".
وأضاف، إن "المتهم اعترف تفصيلاً بمسؤوليته عن تفجير علوة جميلة الأخير الذي أوقع نحو 200 شهيد وجريح "، منوهاً إلى أن "أقواله صُدّقت قضائياً".
ولفت نائب الادعاء العام، إلى أن "الاعترافات تضمنت قيام المتهم بمنح رشوة إلى بعض المنتسبين الأمنيين لغرض إيقاف عجلته وأوهم المواطنين أنه يبيع الطماطم بأقل ثمنا من بقية الأسواق".
وأكد أن "عملية بيع البضاعة استمرت ليومين، لكي يكسب المتهم ثقة الناس الذين تجمعوا بكثرة حوله، وترك المكان بحجة ذهابه لتناول وجبة الفطور في أحد المطاعم".
وأشار إلى أن "العجلة كانت مفخخة وقد تم تفجيرها بواسطة هاتف نقال مثبّت فيها تم الاتصال عليه عن بُعد".