إجراءات لضبط ملف العمالة الأجنبية.. أكثر من مليون عامل أجنبي 10% منهم فقط يمتلكون الرخصة.. تهريب بالجملة وكردستان النافذة الأوسع لدخولهم
انفوبلس..
بسبب الفوضى الحاصلة بملف العمالة الأجنبية وتزايد أعداد غير المرخصين منهم في العراق، شكّلت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لجنةً لمتابعة مكاتب الشركات المرخصة، باستقدام وتشغيل العمالة الأجنبية في محاولة منها لضبط هذا الملف قبل أن يتحول إلى كارثة تؤثر بشكل كبير وملحوظ على حياة العراقيين.
وقال المتحدث باسم الوزارة، نجم العقابي، إن الوزارة شكلت لجنة لمتابعة مكاتب الشركات المرخصة، باستقدام وتشغيل العمالة الأجنبية.
وبخصوص المخالفات، بيّن العقابي، إن "قسم الأجانب وبالتنسيق مع قسم تقنية المعلومات، ومن خلال نظام الأجانب، يتم تدقيق العمالة الأجنبية المستقدمة من قبل المكاتب المرخصة".
وفي وقت سابق، أعلنت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، عن عدد العمالة الأجنبية. المرخصة، وذكر العقابي، إن "الوزارة منحت فرصة بعد استحصال موافقة وزير العمل أحمد الأسدي. للعمال الذين دخلوا الأراضي العراقية بصورة مباشرة. خاصة العمالة السورية، من خلال مراجعة الوزارة لأخذ رخصة عمل. بعد استكمال الإجراءات القانونية لهم".
وبيّن، إن "رخصة العمل لن تُمنح لأي مهنة، بل تصدر للمهن غير المتوفرة داخل البلاد. لأنه بحسب القانون يجب تشغيل نسبة 50% من اليد العاملة الوطنية، تقابلها نسبة تشغيل 50% من العمالة الأجنبية. لاسيما الشركات الاستثمارية المتعاقدة مع الدولة”. مشدداً على أن "عدد العمالة الأجنبية المرخصة لا يتجاوز 100 ألف شخص".
ولفت العقابي، إلى "وجود الكثير من العمالة الأجنبية غير المرخصة في البلاد، الذين دخلوا عبر فيزا سياحية أو زيارة دينية. ويتوجهون إلى سوق العمل، كما أن هنالك مخالفات أخرى منها انتهاء رخصة العمل التي تُمنح لمدة سنة كاملة. وعدم تجديدها"، مشيراً إلى أن "هناك لجاناً مشتركة مع وزارة الداخلية وهي المعنية بهذا الملف".
تهديد اقتصادي
وبشكل عام، تمثل العمالة الأجنبية تهديدا للاقتصاد العراقي ولسوق العمل، فهي تارة تقوض فرص العمل للشباب العاطلين والباحثين عنه في الأسواق المحلية والقطاع الخاص المتمثل بالمصانع والمشاريع الاستثمارية، الذي يُعد السبيل الوحيد بعد إيقاف التعيينات جراء الترهل الوظيفي في دوائر الدولة وقلة الإيرادات المالية التي تعيق خلق درجات وظيفية للكم الهائل من العاطلين والخريجين، وتارة تُعد العمالة الأجنبية الطريق الشرعي لتهريب العملة الصعبة (الدولار) الى خارج البلاد.
يتقاضى العامل الأجنبي راتبا شهريا يتراوح بين 400 الى 600 دولار، أو قد يزيد عن ذلك، ووفق إحصائية بعدد العمال الأجانب الذي يبلغ عددهم أكثر من 400 ألف عامل بين شرعي وغير شرعي غالبيتهم من جنسيات جنوب شرقي آسيا وأفارقة وهنود، فضلاً عن سوريين ولبنانيين، فإن 240 مليون دولار شهريا تذهب الى خارج البلاد كرواتب للعمال الأجانب.
الى ذلك يقول المتحدث باسم وزارة العمل الشؤون الاجتماعية نجم العقابي، إنه "لا يوجد أي رقم دقيق من قبل أي جهة بشأن العمالة الأجنبية الموجودة لكون أن هنالك عمالة غير شرعية، وتقدر بشكل تخميني من 250 الى 300 ألف عامل"، لافتا الى أن "العمالة الشرعية التي منحتها وزارة العمل تصريح أمني في العمل داخل العراق، فتُقدر بـ 100 ألف عامل أجنبي".
وأشار الى أن "هنالك خطة للوزارة للحد من هذا الظاهرة عن طريق تفعيل قرارات مجلس الوزراء الخاصة بأن تكون نسب العمالة 50 % عمالة محلية ومثلها أجنبية والاستعانة بالعمالة المحلية بدل الأجنبية في بناء المشاريع واستخدام قدرات الشباب وتوفير فرص عمل لهم والحصول على أيدي ماهرة قريبة من هذه المشاريع".
وتابع، إن "وزارة العمل تتعاون مع وزارة الداخلية بعملية منح الفيزا والحد من بعض أنواعها التي تسببت بدخول هذه العمالة بشكل عشوائي وبدون تنظيم".
من جانبه، كشف وزير العمل والشؤون الاجتماعية العراقي، أحمد الأسدي، عن وجود أكثر من مليون عامل أجنبي في العراق، نسبة كبيرة منهم تعمل بشكل غير قانوني.
وأوضح الأسدي، أن هذه العمالة تشكل خطراً كبيراً على سوق العمل العراقية، ما دفع وزارته إلى إعداد قانون أُقرّ في مجلس الوزراء بالتعاون مع وزارة الداخلية، من أجل ضبط العمالة غير القانونية وتحديد سقف زمني لتسجيلهم وبخلافه يُرحَّلون خارج البلاد.
وأضاف، أن وزارته أعطت الشركات سقفاً زمنياً، وعند انتهاء المهلة تُرسَل لجان تفتيشية مشتركة إلى جميع الشركات العاملة في العراق بحثاً عن العاملين بشكل غير قانوني ولاتخاذ الإجراءات اللازمة بحقهم.
دور البرلمان
ويسعى مجلس النواب من خلال لجنة الاستثمار النيابية الى تعديل بعض بنود قانون الاستثمار ليكون حلاً لمشكلة البطالة ورادعاً لتهريب العملة الصعبة الى الخارج.
بدوره يقول عضو لجنة الاستثمار النيابية محمد الزيادي، إن "لجنته تسعى خلال الدورة النيابية الحالية الى تعديل قانون الاستثمار بما ينسجم مع حماية العمالة المحلية والحد من العمالة الأجنبية غير الشرعية في البلاد"، لافتا الى أن "العمالة الأجنبية تُعد ظاهرة سيئة بحق المجتمع العراقي والشباب، بالإضافة الى أنها تمثل دماراً للاقتصاد العراقي".
وأضاف، إن "الحكومة لا تمتلك إحصائية دقيقة بعدد العمالة الأجنبية داخل البلاد لوجود قسم منها غير شرعي ودخل بصورة غير رسمية".
وأشار الى، أن "تعديل القانون سيلزم أصحاب المحال التجارية كافة بعدم تشغيل العمالة الأجنبية والالتفات الى أيادي العمالة المحلية".
رأي القانون
وتنص المادة 30 من قانون العمل الذي شُرِّع في عام 2015 "على حظر الإدارات وأصحاب العمل من تشغيل أي عامل أجنبي بأي صفة ما لم يكن حاصلاً على إجازة العمل التي تصدرها الوزارة مقابل رسم يُحدَّد بتعليمات يصدرها الوزير"، فيما تنص المادة 31 من القانون على منع وحظر التحاق العامل الأجنبي بأي عمل قبل الحصول على إجازة العمل.
من جانبه، يقول الخبير القانوني علي التميمي، إن "قانون الإقامة رقم 76 لسنة 2017 نظَّم عملية دخول الأجانب وشروط منح الفيزا وشروط الإقامة، ومدتها والكفيل، إضافة إلى أنه فصّل أنواع سمات الدخول من شهر الى 6 أشهر وموافقة الجهات ذات العلاقة".
وتابع، إن "العاملين في المحلات والصالونات والمعامل لا يمكن لهم أن يعملوا إلا بشروط قد تكون أحيانا غير متوفرة ما يعني أنهم متجاوزون على سمة الدخول"، مشيرا الى أن "صاحب العمل يكون مسؤولا أيضا أمام القانون وفقا للمواد 43، 41، 40، حال مخالفته شروط التشغيل".
وكانت وزارة الداخلية العراقية قد أعلنت في 2022 نيّة الحكومة ترحيل أعداد كبير من العمال الوافدين بطرق غير قانونية، مشيرة إلى أن قانون العمل في العراق غير مطبَّق بشكل صحيح، ولافتة إلى أن القانون مطبَّق على 4000 آلاف عامل مسجلين بقانون الضمان الاجتماعي، علماً أن مليونا ونصف المليون عامل غير مسجلين حتى اللحظة.
من جهته، يقول المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء خالد المحنا، إن "وزارة الداخلية مستمرة في حملاتها بضبط المخالفين وترحيلهم الى بلدانهم"، لافتا الى أن "الحملات تأتي ضمن السيطرة على العمالة الأجنبية غير الشرعية في البلاد".
وأشار الى، أن "5500 شخص أجنبي تم تسفيره الى بلده في 2023 لمخالفته شروط الإقامة"، مضيفا أن "سمة الدخول للعمال الأجانب هو من اختصاص وزارة العمل والشؤون الاجتماعية وليست من اختصاص وزارة الداخلية".
تهريب العمالة
نحو 95 بالمئة من هذه العمالة الأجنبية تدخل البلد بطرق غير شرعية، لتجنب السياقات القانونية في العراق وتجديد الإقامة، طبقاً لتصريح المتحدث باسم وزارة الداخلية خالد المحنا في وقت سابق.
ويدخل العمال الأجانب والغرباء إلى العراق بأشكال مختلفة وإلى قطاعات متنوعة، وقال مصدر في مديرية الإقامة في وزارة الداخلية، إن السوريين الذين فرّوا من الصراع في بلادهم يدخلون العراق بشكل قانوني وغير قانوني لاسيما عبر كردستان العراق.
أكد المصدر، إن مديريته تبحث باستمرار عن العمالة الوافدة التي يتم تهريبها إلى البلاد عبر إقليم كردستان، بالإضافة الى دخولهم عن طريق شركات ووكالات تشغيل العمال الأجانب حيث تحصل الوكالات التي تسهل دخولهم إلى العراق على 500 إلى 1000 دولار أميركي لكل عامل وبالأخص لكل عاملة وفقًا لتصريح أحد الخبراء، بالإضافة إلى عمولات من العراقيين الذين يوظفونهم.
ويوضح الباحث في الشأن الاقتصادي علي كريم ذهيّب، أن العمالة تدخل إلى العراق عن طريق التهريب، وبحسب المعلومات المتوفرة والمؤكدة فإن العمالة الأجنبية وخصوصا السورية واللبنانية وبعض الجنسيات الأخرى الآسيوية يأتون عن طريق إقليم كردستان بفيزا رخيصة ومن دون إقامة ومن بعدها تقوم شبكات المتاجرة بنقلهم من مناطق الشمال في أربيل والسليمانية إلى مناطق الوسط والجنوب للعمل وتحديدًا إلى بغداد باعتبارها مركز الثقل من الناحية السكانية للعمل فيها تحت غطاء غير قانوني أو ما يسمى بالعمل في السوق السوداء من دون أوراق إقامة.
واستغل مجرمو الهجرة والتهريب الثغرات الأمنية والتساهل العراقي تجاه العمالة الوافدة، فسعى المجرمون والمهربون إلى مخادعة وافدين محتملين جهلاء؛ لإقناعهم بالانتقال إلى العراق أو ربما إجبارهم على ذلك، ويقومون بذلك عن طريق تزويدهم بمعلومات غير دقيقة عن طبيعة فرصة العمل والمكافأة المالية المتوقعة، وعلى سبيل المثال، قد تُعطى عاملة وافدة ما الانطباع عن أنها ستعمل كسكرتيرة براتب شهري يبلغ 800 دولار، بينما عند وصولها إلى العراق، تكتشف أنها ستعمل كخادمة منزلية براتب شهري يبلغ 300 دولار.
ويحمّل المجرم المهرَّب الاستغلالي الوافد ديوناً كبيرة متعلّقة بكلف الهجرة؛ ممّا يجبر العامل على العمل في السوق السوداء في العراق أحيانا لأجل تسديد الديون، ولجمع أموال لعائلته، ويشكّل ما سبق جزءاً ممّا يسمّى ظاهرة «العمالة السائبة»، بالإضافة الى أن بعض عصابات الجريمة المنظمة قامت بالاتجار بهؤلاء من خلال بيع أعضائهم.