استشهاد الضابط عبد الله برّاك في المثنى.. معارك "طاحنة" مع تجار المخدرات: أبرزهم الزيداوي
انفوبلس/ تقرير
تنمو ظاهرة المخدرات في العراق خلال الأعوام العشر الأخيرة باتجاهين، الأول زيادة أعداد المتعاطين والمتاجرين، والآخر دخول مواد خطيرة لم يتعرف عليها المجتمع وهي "الكريستال" و"الحشيش" و"الأفيون"، وسط دعوات لوضع خطط استراتيجية لمواجهة الظاهرة التي تستهدف الشباب من طلبة الجامعات والمدارس.
*معركة أم العصافير واستشهاد الضابط عبد الله كامل برّاك
أفادت مصادر أمنية، يوم أمس الجمعة الموافق (10/2/2023)، بحصول اشتباكات في محافظة المثنى بين قوة أمنية وعصابة لتجارة المخدرات والتي أسفرت عن استشهاد الملازم أول (عبد الله كامل براك) المنسوب الى مديرية إجرام المثنى وقتل اثنين من العصابة واعتقال مثلهم.
وقالت المصادر لـ "انفوبلس"، إن "قوة من الاستخبارات استدرجت عصابة "حاتم الزيداوي" المطلوب للقضاء والصادرة بحقه أحكام بالإعدام، من جنوبي العاصمة بغداد الى وكره منطقة (أم العصافير)، وعند محاصرته دخلت القوة الامنية باشتباك مسلح معه".
وأضافت، إن "العملية أسفرت عن مقتل اثنين من أبنائه كانوا ضمن أفراد العصابة التي تم استدراجها، فيما اعتُقل اثنان آخران شاركا بالتصدي للأجهزة الامنية والتي أسفرت عن استشهاد الملازم أول (عبد الله كامل براك) المنسوب الى مديرية إجرام المثنى".
وتابعت، إن "الزيداوي تمكن من الهرب أيضا هذه المرّة، حيث تواصل الأجهزة الامنية ملاحقته لاعتقاله، إذ تشير المصادر الامنية أنه ما يزال يتحصن بإحدى القرى وأنه لم يغادر المحافظة"، مشيرة إلى أن "معلومات تشير إلى وصول قيادات أمنية رفيعة المستوى بوزارة الداخلية الاتحادية يوم إلى المحافظة لتأدية واجب العزاء، وبحث الخروقات الامنية الاخيرة بالمحافظة".
الى ذلك، نعت وزارة الداخلية، ضابط برتبة ملازم أول استُشهد أثناء مطاردة أحد المجرمين المطلوب للقضاء في محافظة المثنى، وقالت الوزارة في بيان إنه "مازالت الدماء الزاكيات لرجال وزارة الداخلية تروي تراب هذا الوطن الطاهر، وهم يطاردون عناصر الجريمة المنظّمة والعصابات الإرهابية، فببالغ الحزن والأسى تنعى وزارة الداخلية الشهيد البطل الملازم أول (عبد الله كامل براك) المنسوب إلى مديرية إجرام المثنى أثناء مطاردة أحد المجرمين المطلوب وفق قضايا جنائية مختلفة في المحافظة".
وتابعت، "إننا في الوقت الذي ننعى هذا الضابط الشجاع، نؤكد أن وزارة الداخلية ستواصل العمل من أجل دحر الإرهاب والجريمة بمختلف صورها ولن يُثنيها أي شيء عن ذلك".
في غضون ذلك، ذكر بيان لوزارة الداخلية، أن "قوة من شرطة محافظة المثنى اشتبكت مع عصابة للتسليب والمخدرات في منطقة أم العصافير شمالي المحافظة وقتلت اثنين وألقت القبض على اثنين آخرين بعد استشهاد أحد ضباط الشرطة خلال عملية المداهمة".
يُذكر أن عصابة "حاتم الزيداوي" تمكنت من الهروب الشهر الماضي وتم تتبّعها من قبل عناصر الأمن.
وأفاد مقربون من الشهيد عبد الله كامل براك، لـ "انفوبلس"، أن الأخير "أصرّ على مواجهة إرهاب المخدرات في محافظة المثنى ومواصلة ملاحقة التجار البارزين للمخدرات في المحافظة". مبينين أن "عبد الله لا يتردد في مواجهة أو ملاحقة أي من تجار المخدرات كما حصل في معركة البو زويد الأخيرة".
ولم تكن هذه المواجهات المصادمات المسلحة هي الأولى التي تحصل بين الشرطة وتجار المخدرات، حيث كانت العمليات الأمنية وخلال 5 سنوات الماضية عادة تنتهي بالقبض على المجرمين دون إطلاق رصاصة واحدة.
*"معركة البو زويد".. ماذا جرى قبل شهر من الآن؟
قبل قرابة شهر من الآن، كانت القوات الأمنية قد دخلت في مواجهة مسلحة مع أحد تجار المخدرات (حاتم الزيداوي) بمحافظة المثنى (جنوبي العراق) واستمرت لأكثر من 10 ساعات، أسفرت عن مقتل منتسبين من قوات الأمن وإصابة آخرين بينهم ضباط، فيما تمكن تاجر المخدرات من الهرب برفقة أطفاله وزوجته.
وقالت مصادر أمنية لـ "انفوبلس"، إن "قوة أمنية دخلت في مواجهة مسلحة مع أحد تجار المخدرات (حاتم الزيداوي) بمحافظة المثنى واستمرت لأكثر من 10 ساعات تقريبا ضمن منطقة البو زويد في المحافظة".
وأضافت إن "فوجاً من قوات الرد السريع تحرك من الديوانية متجهاً نحو السماوة في محاولة للسيطرة على الاوضاع الامنية هناك بعد الاشتباكات العنيفة مع الزيداوي".
وتابعت، إن "المُتهم أصاب 7 عناصر من القوات الامنية بينهم ضابط برتبة مقدّم وهو آمر الفوج الثالث/ رد سريع برصاصة بمنطقة الكتف". مبيّنة، إن "3 عجلات عسكرية تابعة للفوج التكتيكي تضرّرت نتيجة الاشتباكات وإطلاق النار من قبل المطلوب، والذي استخدم الرمّان اليدوي وسلاح ثقيل نوع بي كي س".
وأضافت، إن "قوات الرد السريع تمكنت من اقتحام المنزل والتواجد في الطابق الاول، بعد صعود المتهم مع أطفاله وزوجاته الاثنين إلى الطابق الثاني، وأن المتهم استمر بالرمي على القوات الامنية قبل أن يتمكن من الهرب".
فيما كشفت مصادر أمنية لـ "انفوبلس"، أن "منطقة البو زويد تُعد معقل تجار المخدرات في مدينة السماوة مركز محافظة المثنى".
*وصول وفد أمني
وبعد ذلك، وصل وكيل وزارة الداخلية لشؤون الشرطة الفريق عادل عباس الخالدي، الى محافظة المثنى للوقوف على تفاصيل الاشتباك الدامي.
وذكر إعلام الوكالة في بيان، أنه "حسب توجيهات وزير الداخلية، وصل كيل الوزارة لشؤون الشرطة الفريق عادل عباس الخالدي الى محافظة المثنى على رأس وفد أمني ضم مدير عمليات الوزارة ومدير مكافحة اجرام بغداد وعدد من الضباط". مضيفا، أن "الزيارة جاءت للاطلاع ميدانياً وللتحقيق بتفاصيل الحادث الذي وقع يوم أمس أثناء عملية تنفيذ واجب الاشتباك مع إحدى العصابات الإجرامية في المحافظة".
وتنتشر المخدرات وتُباع وتُوزّع في المناطق الفقيرة والمحرومة في بغداد العاصمة والمحافظات الأخرى، ولا توجد إحصائية رسمية منشورة لأعداد المتعاطين للمخدرات في البلاد، ولكن وحسب مسؤولين أمنيين فإنها تنتشر بين فئة الشباب ومن كلا الجنسين.
*أسباب تفشي المخدرات
وحسب عضو مفوضية حقوق الإنسان العراقية السابق علي البياتي، فإن الأعداد المعلنة رسميا للعام الماضي 2022 تمثلت باعتقال 14 ألف شخص بين متعاطٍ ومتاجر، بينهم 500 من النساء والأحداث، حيث تقوم عصابات الاتجار باستغلالهم لغرض الترويج والنقل.
ولفت البياتي إلى أن "المخدرات تنتشر أكثر في المناطق الفقيرة والمدن التي تعاني نسب بطالة عالية، حيث تصل نسبة التعاطي بين الشباب في المناطق الأكثر فقرا إلى 70%". وعزا تفاقم انتشار المخدرات إلى غياب الحلول التي تعالج الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وقلة الوعي، وكذلك إلى عدم وجود تقنيات حديثة للكشف عن المخدرات في المناطق الحدودية، وتورط جهات سياسية ومجاميع مسلحة، وغياب مراكز التأهيل في العراق".
وعن سبل علاج الظاهرة، يرى البياتي أن على الدولة تخفيف العقوبات عن المتعاطين في ظل تفاقم الأزمات مع عدم وجود حلول سريعة، وتوفير مراكز التأهيل والعلاج للمتعاطين، مع وضع برنامج حقيقي لمعالجة الأسباب الاقتصادية والاجتماعية وزيادة الوعي في المدراس والجامعات والمنصات الدينية والثقافية والفنية.
كما حثّ على تشديد العقوبة على المتاجرين بالمخدرات وتطوير الإمكانات للكشف المبكر وعدم السماح لهم بالإفلات من العقاب مع السعي لتعاون دولي في الملف، والسعي لكشف الشبكات الداخلية والجهات السياسية المستفيدة أو المتعاونة في الترويج للمخدرات.
*إتلاف أطنان من المخدرات
وفي نهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي، كشفت وزارة الصحة، عن إتلاف 5 آلاف طن من المخدرات والمؤثرات العقلية، و54 مليون حبة مخدرة و31 ألف أنبولة و9 آلاف قنينة من المخدرات المختلفة، وهي الكمية الأكبر من المخدرات التي ضُبطت في تاريخ العراق، كانت مخزّنة منذ سنوات في دائرة الطب العدلي.
من جهته، أوضح الخبير القانوني علي التميمي أن قانون المخدرات السابق لسنة 1965 كان متشددا، حيث يُعاقب بالسجن 15 عاما لمن يتعاطى المخدرات، على الرغم من أن المخدرات لم تكن منتشرة، أما القانون الحالي الذي شُرِّع عام 2017 فالعقوبة فيه هي الحبس من سنة إلى سنتين، وغرامة مالية تصل إلى 10 ملايين دينار (6850 دولارا) فقط، معتبرا أنها عقوبة غير رادعة.