العراق يطور قدراته الجوية.. مشروع عملاق يقلل الاعتماد على واشنطن وينوّع مصادر التسليح.. تعرف عليه
انفوبلس..
بعد اضطرار العراق خلال السنوات السابقة للتعامل مع الولايات المتحدة في أغلب مجالات التسليح، أصبح لديه فسحة من الحرية في الآونة الأخيرة حيث بدأ بخطوات جادة لتنويع مصادر التسليح بهدف الخلاص من الوصاية الأمريكية على القوات العراقية وسلاحها وعلى سماء العراق وسيادة حدوده، الأمر الذي تمخض عنه خطوات عملية لمشروع دفاع جوي عراقي مركزي عملاق.
في السابع من شهر أيار/ مايو الماضي، أعلن العراق تسلمه 4 طائرات عسكرية من أصل 12 تعاقد عليها مع باكستان بكلفة 664 مليون دولار مؤكداً العمل على تطوير القوة الجوية ورفدها بأحدث الطائرات المقاتلة.
وقال وزير الدفاع ثابت العباسي خلال الاحتفال بالذكرى 92 لتأسيس القوة الجوية العراقية، إن الطائرات الباكستانية سيكون لها دور كبير في تدريب الطلاب الطيارين، مؤكدًا أن وزارته تعمل على تطوير صنف القوة الجوية ورفده بأحدث الطائرات المقاتلة.
وأشار إلى أن القوة الجوية تعد من أهم الصنوف العسكرية الساندة للقوات البرية والذي تُحسم من خلاله العديد من المعارك.. مشيراً إلى "الصور المشرّفة التي سطّرها أبطال القوات الجوية العراقية خلال المعارك التي خاضها الجيش العراقي ولاسيما معارك التحرير ضد عصابات داعش الإرهابي، حيث كانت لهم اليد الأشجع في دحر معاقل الإرهاب ودكّ أوكاره والقضاء عليه".
وأضاف: "استلمنا اليوم الدفعة التدريبية الأولى من نوع سوبر مشار من باكستان وسيكون لها دور كبير في تدريب الطلاب الطيارين".. وقال "إننا على يقين تام بأن القوة الجوية كانت وستبقى الحارس الأمين لسماء العراق وأن أبطال هذا الصنف لن يتوانوا لتقديم الغالي والنفيس في سبيل الوطن".
4 طائرات من أصل 12
ومن جانبه أكد قائد القوة الجوية الفريق الركن شهاب جاهد أن أربع طائرات مقاتلة من أصل 12 وصلت إلى العراق بالتزامن مع الذكرى الـ92 لتأسيس القوة الجوية.
أما الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء يحيى رسول فقد أشار إلى أن "مهام القوة الجوية ليست قتالية فقط، وإنما لدينا أسراب أخرى للنقل حيث اشتركت طائرات C130 وطائرات انتينوف في نقل العوائل خلال عمليات التحرير من داعش وخاصة في حديثة والبغدادي وإرسال المؤن كما شاركت في رمي المنشورات على المناطق التي كانت تتواجد فيها العصابات الإرهابية.
وأوضح، أنه "بعد عام 2003 كان هناك دور كبير في إعادة بناء القوة الجوية، وتم إدخال طائرات f16 وT50 الكورية".. مؤكداً "وجود تحديث لاستكمال بناء قدرات القوات الجوية".
وأوضح، أن "الطيارين العراقيين وقيادة القوة الجوية اشتركوا في عمليات مساعدة الوزارات الأخرى خلال فترة جائحة كورونا حيث كان لها دور في نقل اللقاحات من الصين كما قدمت القوات الجوية الإعانات للجارتين تركيا وسوريا خلال الزلزال فضلاً عن مساهمتها في نقل الجالية العراقية في السودان".
وكان العراق قد وقّع مع باكستان عام 2021 عقدًا لشراء 12 طائرة من نوع JF-thunder بكلفة 664 مليون دولار.
وقد تمت الموافقة على هذه الصفقة الدفاعية العسكرية من قبل الحكومتين العراقية والباكستانية ليكون العراق أول دولة عربية وإسلامية تشتري هذه الطائرات المقاتلة من باكستان.
وكانت باكستان قد استضافت معرضاً دفاعياً كبيراً في بغداد في نيسان/ إبريل عام 2021 وحلّق خلالها الطيارون الباكستانيون بهذه الطائرة المقاتلة المتعددة المهام وهو ما أثار إعجاب القيادة العراقية.
و(جي اف-17) طائرة مقاتلة أسرع من الصوت ومتعددة الأدوار وقادرة على القيام بدوريات جوية قتالية وحظر جوي وخوض معركة متكاملة تتجاوز النطاق البصري وتنفيذ ضربات بحرية بعيدة المدى وتشن ضربات أرضية دقيقة.
العراق يفضّل الطائرات الباكستانية على الأميركية
أفادت تقارير بتوصل بغداد وإسلام أباد بعد سنتين من مشاورات ومحادثات دبلوماسية إلى صفقة شراء 12 طائرة باكستانية مقاتلة لضمها إلى أسطول القوة الجوية العراقية بالإضافة إلى قطع غيار وذخيرة، وذلك لتعزيز سلاح الطيران بعد تراجع طلعات طائرات (إف- 16) الأميركية التي هي بحاجة لخدمات إدامة وصيانة مكلفة.
يذكر أن الاتفاقية قد تم التوصل إليها خلال الزيارة الأخيرة لوزير خارجية باكستان، بيلاوال بوتو زارداري إلى بغداد.
يشار إلى أن طائرة (جي اف – 17) المقاتلة هي نتاج مشروع صناعي باكستاني - صيني مشترك حيث إن 42% من أجزائها تُصنع في الصين و58% من أجزائها الأخرى تُصنع في باكستان، وقد استقطب الطراز الحديث لهذه الطائرة اهتمام كثير من البلدان التي تريد تعزيز قدراتها الدفاعية منها العراق وماليزيا ونيجيريا وميانمار وكذلك الأرجنتين وذلك لكلفها القليلة نسبياً فضلا عن أدائها الفعّال. وكون الطائرة معززة بمحرك روسي التصميم طراز (أر دي – 33)، فإنه بإمكانها تحقيق سرعة قصوى تصل إلى 2000 كم بالساعة وبارتفاع يصل إلى 17 ألف متر، وهي مصممة أيضا لتكون مجهَّزة بمعدات متطورة مثل رادار (AESA) الإلكتروني الفعال ومنظومة ملاحة متطورة لتحديد الهدف والهجوم طراز (IRST) ومنظومة تزود بالوقود أثناء التحليق بالجو.
مقارنة بين F-16 و JF-17
وذكر تقرير لموقع (بلغاريان ميليتري) المعني بالشؤون العسكرية أن هذه الطائرات الجديدة من المتوقع أن تحل محل أسطول طائرات (أف- 16) المقاتلة العراقية أميركية الصنع، التي تُعد من أهم الطائرات المقاتلة المستخدمة في القوة الجوية العراقية حالياً، وذلك لعدة أسباب جعلت قسما منها تدخل مرحلة عدم التشغيل للافتقار إلى قطع غيار وحاجتها إلى خدمات صيانة مكلفة.
سبب آخر هو الافتقار إلى وجود كادر متدرب لتشغيل طائرات (إف- 16) وصيانتها. وكانت القوة الجوية العراقية قد بذلت جهودا مضنية لتدريب طيارين ماهرين والاحتفاظ بكادر فني متدرب، والذي نجمَ عن ذلك وجود شحة بكادر مؤهل لتشغيل وصيانة طائرات إف-16 المقاتلة.
بوجود هكذا تحديات لجأ العراق إلى باكستان في سعيه لدعم قوته الجوية بأسطول طائرات جي أف- 17 الباكستانية المقاتلة كبديل فعال عن طائرات إف -16 بتكلفة أقل والتي من المتوقع أن توفر للعراق قدرات دفاعية جوية فعالة على مدى أطول.
يذكر أن كُلّاً من طائرة جي إف -17 وطائرة إف- 16، هما طائرتان مقاتلتان متعددة الأدوار مصممة لتقوم بمهام قتال جو – جو، ومهام قتال جو- أرض.
وكلا الطائرتين تتميزان بحجم ووزن متماثل تقريبا، مع كون طائرة جي (إف – 17) الباكستانية أصغر وأخف وزناً بقليل عن طائرة (إف- 16 الأميركية).
وكلا الطائرتين مجهزة بمنظومات تسليح وملاحة متطورة، وتشتمل على رادار وصواريخ وقنابل.
مع ذلك هناك اختلافات مهمة بين الطائرتين حيث إن طائرة (إف – 16) الأميركية أكثر تطورا وتعقيدا وبمدى طيران أطول وطاقة تحميل أكبر للأسلحة من طائرة جي (إف-17) الباكستانية. ولكن من جانب آخر فإن طائرة جي (إف -17) الباكستانية هي أقل ثمنا وتعد خيارا أقل تكلفة للعراق عما هو الحال مع طائرة (إف – 16) الأميركية من ناحية عمليات الصيانة والتشغيل وقطع الغيار.
وتتميز طائرة (جي إف – 17) الباكستانية بأنها مجهَّزة بمعدات ملاحة حديثة والتي تشتمل على شاشة قمرة قيادة رقمية ومنظومات رادار متطورة، والتي تسمح للطيار بأن يكون لديه استيعاب أفضل للوضع وأن يقتنص أهدافه بفاعلية أكثر.
وهي طائرة قادرة على حمل مدى أوسع من الأسلحة، بضمنها صواريخ (جو – جو)، وصواريخ (جو – أرض)، فضلا عن ذخائر وقنابل أخرى موجهة ذات إصابة دقيقة، مما يجعلها طائرة متعددة الاستخدام وذات قدرة على تنفيذ مدى واسع من المهام.
ويذكر التقرير أنه في النهاية تعتبر طائرة (جي إف – 17) خيارا أفضل للعراق من ناحية التكلفة مقارنة بأسطوله القديم من طائرات (إف -16).
وهي ذات تكلفة أقل نسبيا من ناحية التصنيع والإدامة، وهذا ما يجعلها خيارا أكثر إقبالا عليه بالنسبة لبلدان بميزانية دفاع محدودة.
مشروع الدفاع الجوي المركزي العملاق
مطلع العام الحالي، كشف مسؤول عسكري عراقي رفيع في وزارة الدفاع عن وضع استراتيجية مشتركة لقيادتي القوة الجوية والدفاع الجوي، تتضمن تطويرا شاملا لسلاح الجو والقواعد العسكرية العراقية، في مختلف مدن البلاد، إلى جانب تعزيز شبكات الرصد والرقابة خلال عام 2023.
وأوضح المسؤول، أن هذه الخطة تضمن سيطرة القوات العراقية على كامل أجواء البلاد، من خلال شراء طائرات متنوعة قتالية وأخرى مسيّرة، فضلاً عن رادارات متنوعة ومنظومات اعتراض صاروخية من مصادر مختلفة.
ووفقا لجنرال عراقي بارز في وزارة الدفاع العراقية ببغداد، فإن "القيادات العسكرية في البلاد، توصلت إلى استراتيجية كاملة لتطوير سلاح الجو وقيادة الدفاع الجوي، بشكل يضمن إمكانية استغناء العراق عن أي دعم جوي أو معلوماتي، غير عراقي".
وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن الخطة العسكرية التطويرية تشمل تطوير ترسانة سلاح الجو العراقي بطائرات قتالية وأخرى مسيّرة قاصفة أو لأغراض مراقبة الأجواء، كما تشتمل على إعادة تأهيل القواعد العسكرية الجوية، وإخضاع العاملين فيها إلى دورات تأهيل متطورة".
وتابع، أن "قيادة الدفاع الجوي العراقية ستحصل بموجب الخطة على رادارات جديدة ومتطورة من دول أوروبية مختلفة، كما ستحصل على منظومات ردع صاروخية لمنع أي انتهاك للأجواء العراقية".
وكشف المسؤول عن وجود دعم سياسي واسع من مختلف القوى والكتل البرلمانية لتعزيز قدرات العراق العسكرية خلال العام الحالي 2023، وبما يمكن الجيش العراقي من القيام بمهامه دون الحاجة لمساعدة خارجية.
وقال قائد القوة الجوية العراقية الفريق شهاب جاهد، إن خطة العام الحالي 2023، هي تطوير قدرات سلاح الجو العراقي.
وذكر جاهد، إن "خطة العام الحالي ستركز على إعادة البنى التحتية الأساسية للقوة الجوية، إذ إن استقطاب وشراء الطائرات لابد أن تسبقه عملية تهيئة للقواعد الجوية، من أجل ضمان عمل الطائرات بقواعد ذات بنية تحتية واستعداد قتالي تتمكن خلالها من إتمام مهامها"، ولفت إلى أن "القوة الجوية أعطت الأهمية بالدرجة الأساس لتأهيل القواعد الجوية، في الوقت ذاته هناك خطط لشراء طائرات لتأمين مهمة حماية السماء وأرض العراق".
وتضمن برامج الحكومة العراقية برئاسة محمد شياع السوداني، الذي صوّت لصالحه البرلمان نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي، تطوير ودعم المؤسسة العسكرية في البلاد، دون أن يوضح تفاصيل ذلك، لكنه أشار في بيان له بمناسبة عيد تأسيس الجيش، بأن حكومته ستواصل "ضمن برنامجها، العمل على تعزيز دور قواتنا المسلحة بكل صنوفها، ويتقدمهم جيشنا العراقي البطل، وأن تعمل على التطوير التكنولوجي والميداني لأسلحتها القتالية، ورفع إمكانات التحرّك والانتشار ومسك الأرض وصدّ العدوان".
وقال الخبير بالشأن الأمني العراقي وعضو جمعية المحاربين في بغداد، سعد الحديثي، إن "خطة تطوير الجيش العراقي كانت من ضمن توصيات سابقة لقيادة العمليات المشتركة، خلال جولات الحوار المشترك مع واشنطن عام 2021 إبان حكومة مصطفى الكاظمي، حيث أظهر تقييم اللجنة استمرارية حاجة العراق للدعم الجوي للتحالف الدولي، خاصة فيما يتعلق بالمعلومات ورصد الأجواء بالمناطق الحدودية مع سوريا".
وأضاف الحديثي، إن "خطة التطوير السابقة كانت تركز على القوات البرية العراقية، على اعتبار أن الثقل الأكبر بالمواجهات العسكرية المباشرة ضد الإرهاب كان على القوات البرية، لكن بات تطوير الدفاع الجوي اليوم ضرورياً".
واعتبر المتحدث أن استمرار اعتماد العراق على سرب مقاتلات "إف 16" الأميركية، كعمود فقري لسلاح الجو، أمر غير صحيح، وتنبه له القادة العراقيون خلال فترة إدارة الرئيس دونالد ترامب، الذي ابتزت إدارته بغداد بذخيرة الطائرات، خاصة خلال فترة التوتر التي أعقبت اغتيال الشهيد قاسم سليماني، لذلك فإن التنويع مهم جداً، والخطوة ممتازة لحكومة السوداني".