العميد عارف نوري جمر أخفى أسرار "طائرة المخدرات" الشراعية القادمة من الكويت.. ما نتائج التحقيق؟
انفوبلس/ تقرير
منذ قرابة عام، أعلنت السلطات الأمنية العراقية، إسقاط طائرة شراعية على حدود محافظة البصرة كانت محمّلة بمليون حبّة مُخدِّرة، وأشارت وقتها إلى أن الطائرة كانت قادمة من إحدى الدول المجاورة من دون أن تسمّي تلك الدولة، لكن أظهرت وثائق صادرة عن وكالة وزارة الداخلية للاستخبارات والتحقيقات الاتحادية مؤخراً، قيام ضابط أمني رفيع المستوى بإخفاء التقرير الخاص بها.
وباتت قضية المخدرات تشكل تحدياً خطيراً في العراق؛ حيث تزايدت في السنوات الأخيرة تجارتها وتعاطيها، خصوصا في مناطق جنوب ووسط البلاد، والتي باتت طريقا أساسيا للتهريب والتجارة بها، لاسيما مادة الكريستال.
ووفقا للوثائق التي اطلعت عليها "انفوبلس"، فإن العميد (عارف نوري جمر يونس) مدير استخبارات المنطقة الرابعة قام بإخفاء جهاز (GBS)، والتقرير المستخرَج منه، وعدم تسليمه إلى الجهة المختصة بالتحقيق حول موضوع الطائرة الشراعية التي قامت بتهريب المخدرات.
وتشير التقارير الواردة إلى أن الضابط المومأ إليه متورط أيضا بمداهمة وتفتيش وسرقة دار مواطن.
وقد أظهرت المعلومات السرّية التي حملتها الوثائق اقتراح إنهاء تكليف (يونس) ومعه ضابط آخر، وضابط استخبارات المنطقة الرابعة (عبد الزهرة عاتي) جراء إخفائهم التقرير.
الوثائق أدناه:
- وكانت وكالة الاستخبارات والتحقيقات التابعة لوزارة الداخلية العراقية، قد أعلنت في منتصف العام الماضي 2022، إسقاط طائرة شراعية محلية الصنع، محمّلة بمليون حبّة مُخدِّرة في محافظة البصرة.
كانت "الطائرة الشراعية المحلية الصنع" تجول في أجواء البصرة، قرب الحدود مع الكويت.
وذكرت وكالة الاستخبارات، ببيان في حينها، بأن "معلومات استخبارية وردت بوجود طائرة شراعية محلية الصنع تجوب سماء محافظة البصرة في منطقة جريشان قرب الحدود مع الكويت، وقد تم على الفور تشكيل فريق عمل مشترك من مفارز وكالة الاستخبارات العاملة بمحافظة البصرة واللواء 14 حرس الحدود، وتمشيط المنطقة وإطلاق النار مما اضطر قائد الطائرة إلى إنزالها والهروب باتجاه الشريط الحدودي لإحدى دول الجوار، وما يزال البحث جارياً عنه".
وأضافت الوكالة، أنه "بعد إسقاط الطائرة، تم ضبط حبوب مخدِّرة تُقدَّر بحوالي مليون حبّة، كان في نيّته إدخالها إلى داخل الأراضي العراقية". مؤكدة في الوقت نفسه، "تسلّحها بالقدرات والعزيمة والإصرار للاستمرار بملاحقة المطلوبين والمتهمين وكل من يحاول العبث بمقدّرات وأرواح المواطنين".
وفي نيسان الماضي، قالت خلية الإعلام الأمني، إنّ قوة أمنية تمكنت من ضبط شحنة مخدرات ضخمة بعد اشتباك في محافظة البصرة. بيان للخلية ذكر أنّ "معلومات استخبارية دقيقة" قادت إلى ضبط 20 كيلوغرامًا من "مادة الكريستال" و10 كيلوغرامات من "الحشيشة".
ووصف البيان، العملية بـ"النوعية"، مشيرًا إلى "تجار يستقلّون عجلتين محمّلتين بالمخدرات حاولوا إدخالها وتوزيعها في المحافظة"، قبل أن تشتبك معهم "مفرزة من الجهاز معهم ودفعتهم إلى ترك المواد المخدرة والفرار نتيجة لتبادل إطلاق النيران".
ولفت البيان، إلى أنّ "القوة شرعت بعملية بحث عن التجار، وتم تسليم المضبوطات إلى الجهات المختصة لاتخاذ الإجراءات اللازمة وفق القانون".
وتجدر الإشارة إلى أنّ القوات الأمنية نفّذت في الأشهر الماضية حملات واسعة ومتلاحقة ضدّ عصابات المخدرات وتجارها في البلاد، وقد أدّت إلى اعتقال العشرات من التجار والمتعاطين، كما ساهمت بمحاصرة شبكات استيراد المخدرات بصورة كبيرة.
كما أعلنت السلطات الأمنية العراقية، اعتقال نحو 9 آلاف تاجر وناقل للمخدرات في عموم مدن البلاد، ومصادرة قرابة 10 ملايين حبة كبتاغون، إلى جانب أكثر من 400 كيلوغرام من المخدرات، منذ مطلع العام الحالي، مؤكدة أن عمليات الحرب على تجارة وترويج المخدرات متواصلة.
والشهر الماضي، أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني عن خطة لـ"عراق خالٍ من المخدرات"، معتبرا أنه "سيتم التعامل مع الملف على أنه تهديد إرهابي"، وذلك بعد اتساع كبير في تجارة وتعاطي المخدرات بالبلاد، رفعت معها معدلات الجريمة المنظمة إلى مستويات قياسية.
وذكر بيان لدائرة مكافحة المخدرات في وزارة الداخلية العراقية، أنه جرى ضبط أكثر من 400 كلغ من المواد المخدرة، واعتقال نحو 9 آلاف من المتاجرين بها ومتعاطيها منذ مطلع العام الحالي ولغاية مطلع شهر مايو/ أيار من العام الماضي.
وقال البيان، إن قوات الأمن نفذت منذ مطلع العام الحالي ولغاية مايو/ أيار الماضي عمليات أمنية نوعية في بغداد والمحافظات الأخرى بموجب قرارات قضائية، أسفرت عن إلقاء القبض على 8676 متهماً بتجارة ونقل وتعاطي المخدرات، وتم تجريم 4494 مُداناً منهم من قبل المحاكم المختصة، كما تم ضبط 406,783 كيلوغراما من المخدرات بمختلف الأنواع، إلى جانب ضبط 9 ملايين و275 ألف حبة مخدرة من حبوب الكبتاغون، مع 456 قطعة سلاح ناري، و118 قنبلة، و808 سيارات تابعة لعصابات وشبكات المخدرات"، مؤكدا وجود 4182 متهماً بجرائم المخدرات قيد التحقيق.
وحسب عضو مفوضية حقوق الإنسان العراقية السابق علي البياتي، فإن الأعداد المعلنة رسميا للعام الماضي 2022 تمثلت باعتقال 14 ألف شخص بين متعاطٍ ومتاجر، بينهم 500 من النساء والأحداث، حيث تقوم عصابات الاتجار باستغلالهم لغرض الترويج والنقل.
ووفق إحصائية رسمية لمجلس القضاء الأعلى، فإن عدد الملقى القبض عليهم خلال العام 2021 بلغ 11789 متهماً منهم 328 تحت سن 18.
القوات الأمنية تحقق نجاحاً مهماً على صعيد تفكيك شبكات وعصابات التهريب
العقيد محسن اللامي من مديرية مكافحة المخدرات في وزارة الداخلية العراقية ببغداد، قال، إن "الحكومة تتحرك باتجاه إنشاء جهاز مختص لمكافحة المخدرات، شبيه بجهاز مكافحة الإرهاب".
وأضاف اللامي، إن "القوات الأمنية تحقق نجاحاً مهماً على صعيد تفكيك شبكات وعصابات التهريب، لكن من المبكر جدا الحديث عن تراجع تجارتها بسبب حجم التحدي الكبير من جهة الحدود". ولفت إلى، أن "العراق دولة غير منتجة لأي نوع من أنواع المخدرات أو التأثيرات العقلية، وما يصل من خلال العصابات المختصة بالمخدرات يأتي عبر دول الجوار".
وتحدث عن، أن "غالبية جرائم القتل والسرقة والسطو والاعتداء بمختلف أنواعه تتم من خلال متعاطين للمخدرات، وهو ما يمكن اعتباره تهديداً أمنياً لا يقل عن التهديد الذي شكّله تنظيم داعش بالسابق".
ويُعد الفقر والبطالة عاملين رئيسيين لانتشار المواد المخدرة في العراق، إذ تشير وزارة العمل والشؤون الاجتماعية إلى أن هناك 4 ملايين عاطل عن العمل في العراق، بينما تؤكد وزارة التخطيط أن 14% من الشباب العراقي عاطلون عن العمل ولا يملكون أي مصدر للدخل.
والشهر الماضي، أكدت وزارة الداخلية، بدء فحص عناصرها للتأكد من عدم تعاطيهم المخدرات، ضمن حملة من المقرر أن تشمل وزارات أخرى، بناء على توجيهات حكومية، فيما أعلنت، التوجه نحو إنشاء مصحّات "قسرية" لمتعاطي المخدرات في البلاد، في خطوة تأتي لمعالجة المدمنين وإعادة تأهيلهم ضمن المجتمع، مبينة أن تلك المصحّات ستكون بديلا عن السجون التي يتم زجّ المتعاطين فيها.
وفي السنوات التي أعقبت الاحتلال الأميركي عام 2003، صار العراق من بين البلدان التي تنتشر فيها المخدرات بشكل واسع.
وكان القانون العراقي قبل الاحتلال الأميركي للبلاد عام 2003 يعاقب مروّجي المخدرات بالإعدام شنقاً. لكن بعد الاحتلال، أُلغيت عقوبة الإعدام وفُرِضت عقوبات تصل إلى السجن مدة 20 عاماً.