الفساد يطغي على ملف إطعام الجيش.. معضلة عصية على التحقيقات
انفوبلس/..
يتجدد ملف إطعام الجيش بعد تأكيد مصادر ونواب على وجود شبهات فساد كبيرة فيه، أدت إلى وصول طعام تالف إلى الجنود، وفيما أشاروا إلى أن الشركات المجهزة للطعام ترتبط بشخصيات متنفذة وعند الإقدام على فتح ملفاتها تغلق بشكل سريع، أكدوا استمرار سعيهم لفتح هذا الملف والتحقيق فيه وإحالته للجهات المتخصصة.
ويقول مصدر مسؤول في وزارة الدفاع العراقية، إن "الكثير من الشكاوى تصل إلى الوزارة بشأن وجبات الطعام التي تقدم للجنود في مختلف القواطع من حيث النوعية وحتى الكمية مقاربة بالمبالغ المالية التي تستقطع منهم بشكل شهري من الرواتب".
ويضيف المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن "غالبية جنود الجيش العراقي يعتمدون على الطعام من خلال شرائه من المطاعم القريبة منهم أو من خلال الطبخ في ما بينهم، فلا يوجد اعتماد حقيقي على الطعام المقدم لهم على شكل وجبات، بسبب نوعية الطعام المقدم والكمية، بل حتى هناك تأخير في تقديم الطعام لهم في بعض قواطع العمليات".
ويبين أنه "حتى الآن لا توجد أي جهات متخصصة فتحت أي تحقيق بهذا الملف على الرغم من الشبهات فيه، وهذا لأن الشركة المجهزة لطعام الجنود تابعة لجهات وشخصيات متنفذة، وأي حراك لفتح هذا الملف يتم إغلاقه بالضغوطات السياسية أو حتى المالية".
وكان عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية ياسر إسكندر، كشف عن عزم اللجنة رفع كتاب للقائد العام للقوات المسلحة يخص إلغاء عقود "التمويل الذاتي" لإطعام الجيش، مؤكدا جمع تواقيع 21 نائبا لغرض رفع الكتاب، فيما أشار إلى أن الجهات التي تقف خلف الملف 90 بالمئة منها فاسدة وخارج المؤسسة العسكرية.
وتحول ملف إطعام الجيش، من نظامه من داخل "الوحدات" إلى "المركزي" في عام 2020، ما أدى إلى وصول وجبات طعام "سيئة" إلى الجنود، وذلك بحسب شكاوى منهم.
وفي السياق ذاته، يوضح عضو لجنة النزاهة البرلمانية هادي السلامي، أن "هناك شبهات كبيرة وخطيرة في ملف إطعام أفراد الجيش العراقي، ونحن عملنا خلال الفترة الماضية على فتح هذا الملف وتم تقديم جزء منه إلى الجهات المتخصصة كهيئة النزاهة وجهات قضائية أخرى، ونحن نتابع هذا الملف معهم بين حين وآخر".
ويشير السلامي، إلى أن "هذا الملف خطير، فلا يمكن المتاجرة بطعام الجيش العراقي، خصوصا أن هذا الأمر ربما تكون له تبعات سلبية حتى على الوضع الأمني، فالجندي يجب الاهتمام به من كافة النواحي، حتى يكون قادرا على أداء مهامه بشكل جيد من دون أي تقصير".
ويتابع أنه "خلال الأشهر الماضية أجريت جولات على عدد من قواطع العمليات المختلفة وشاهدت الوجبات الغذائية التي تقدم لهم، فهي غير جيدة بصراحة من ناحية الكمية والنوعية، على الرغم من قطع أموال هذا الطعام من الجندي الذي يضطر إلى شراء الطعام من راتبه من جديد، ولهذا سنتابع الملف ونعمل على فتحه بعيدا عن أي ضغوطات ومجاملات".
والطعام الذي يصل الجنود هو عبارة عن 3 قطع من البرغر السيئ، حيث يظهر خفيفا وجافا بالإضافة إلى قطعة خبز (صمونة) واحدة فقط، بعد أن أصبح في عهدة شركة تجهز الطعام وتغلفه ويصل إلى الجنود، مع استقطاع 110 آلاف دينار شهريا من كل جندي.
وبحسب تقرير سابق، لصحيفة "العالم الجديد"، فإن الجنود كشفوا من خلال منشوراتهم عن صفقة فساد كبيرة خلال تولي جمعة عناد منصب وزير الدفاع، فقد بينوا أن "أحد شروط توليه الوزارة هو تحويل إطعام الجيش إلى نظام المذاخر، لأجل تحقيق مكاسب مالية عبر هذه الصفقة".
يشار إلى أن إطعام الجيش كان يتم عبر الاكتفاء الذاتي، ما يوفر وجبات طعام بنوعية جيدة للجندي، وبالمستوى المطلوب، على عكس ما يقدم الآن من وجبات لا تصلح للأكل.
إلى ذلك، يذكر عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية كريم عليوي، أن "اللجنة سوف تعمل على فتح ملف إطعام الجيش العراقي، وستكون خلال الأيام المقبلة استضافة للجهات المسؤولة عن هذا الملف في وزارة الدفاع للاطلاع على عقود هذه الصفقة لمتابعتها ومنع أي شبهات فيها، فهناك شكاوى كثيرة إزاء هذه العقود".
ويبين عليوي أن "إطعام الجيش العراقي يجب أن يكون بعيدا عن صفقات الفساد والمتاجرة به من خلال شركات تابعة لجهات وشخصيات سياسية، وسنعمل على مراجعة هذه العقود والعمل على وضع خطط جديدة لإطعام الجيش من خلال دعم مالي له عبر التخصيصات ضمن الموازنة المقبلة".
ويؤكد أن "لجنة الأمن والدفاع سوف تفتح هذا الملف، كما سيتم فتح ملف إطعام عناصر الشرطة في وزارة الداخلية أيضا، ففي الأيام المقبلة ستكون لدينا الكثير من الأعمال الرقابية حول بعض العقود التي عليها شبهات وشكاوى سواء في الداخلية أو الدفاع وباقي مؤسسات الدولة".
وبحسب نظام المحاصصة في الدولة، فإن وزارة الدفاع من حصة المكون السني، وتخضع دائما لتدخل قادة الكتل والأحزاب السنية، وكان وزير الدفاع الأسبق خالد العبيدي، وخلال جلسة استجوابه في مجلس النواب في عام 2016، كشف عن أكبر صفقة فساد في ملف إطعام الجيش والآليات العسكرية، واتهم فيها رئيس البرلمان آنذاك سليم الجبوري والنائب محمد الكربولي.
وقال العبيدي خلال جلسة استجوابه "خلال لقاء حضرته في منزل الجبوري وبعد حديث عن المستقبل السياسي معه، قال أحد الحضور، وهو تاجر، أعطنا عقد إطعام الجيش وأعلنه مناقصة، وبعد ذلك إفعل ما شئت في الوزارة، وصمام الأمان رئيس مجلس النواب"، وتصل قيمة عقد تجهيز طعام الجيش إلى ترليون و300 مليار دينار (أكثر من مليار دولار)، وفقا للعبيدي.