النساء في الداخلية والدفاع عنصر قوة أم ضعف؟.. انفوبلس تستعرض اختصاصاتهن وأعدادهن ومعوقات العمل
ماذا يقول المختصون؟
العنصر النسوي في وزراتي الداخلية والدفاع عنصر قوة أم ضعف؟.. انفوبلس تستعرض اختصاصاتهن وأعدادهن ومعوقات العمل
انفوبلس/ تقرير
تزايد إقبال النساء خلال السنوات الماضية، على وزراتي الداخلية والدفاع، في خطوة عدَّها المختصون والخبراء بالإيجابية وتساعد في الدفاع عن البلاد وحماية الأمن الوطني العام، ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس"، الضوء على اختصاصاتهن وأعدادهن وفق الإحصائيات الرسمية.
وتسعى المرأة العراقية لأن تأخذ دورها في مجالات الحياة المتعددة، وتنخرط في مهن صعبة يحتكرها الرجال، متحديةً بذلك نظرة المجتمع والتقاليد والأعراف العشائرية.
وبعد أن عملت في مجالات مختلفة وأثبتت جدارتها، اتجهت المرأة نحو الانتساب إلى القطاع العسكري، وعملت بجد للمشاركة في الوزارات الأمنية رغم القيود المجتمعية والنظرة الذكورية لمثل تلك الأعمال.
*رأي وزارة الداخلية
وزير الداخلية عبد الأمير الشمري قال إن الوزارة حرصت منذ أن تشكلت بالمعايير الوطنية الجديدة على بناء شخصية مختلفة للمرأة العراقية في تشكيل وزارة الداخلية ومن بين أهم هذه المعايير تحمُّل المسؤولية الوطنية والتاريخية في الدفاع عن البلاد وحماية الأمن الوطني العام جنباً إلى جنب أخيها الضابط والمنتسب في تشكيلات هذه الوزارة.
وأضاف، قبل عدة أيام التقيت ملاكات أساسية لمنتسبات بمستويات ورتب مختلفة في الوزارة وقد استمعت إلى وجهات نظر أكدت بمجملها على الدور الكبير الذي تضطلع به المرأة العراقية في وزارة الداخلية والأهم من ذلك أننا نراهن على جهدها وحضورها في الاختصاصات التي تشغلها في تشكيلات الوزارة وبالأخص عملها النوعي في جهاز الشرطة المجتمعية على ضبط الأمن والمساهمة في استقرار الحياة الاجتماعية في البلاد.
وتابع، أكدنا في المؤتمر السنوي الأول الذي أقامه قسم تمكين المرأة في وزارة الداخلية بالتعاون مع دائرة العلاقات والإعلام والدائرة القانونية بحضور قادة الوزارة وعدد من الضباط والنساء العاملات لهذه الوزارة الوطنية على أن الأمن مسؤولية مشتركة يتناصف أركانها الرجل والمرأة وقد أكدت التجربة الأمنية والسياسية في البلاد كفاءة المرأة في عملها لكننا في هذه المرحلة نعوِّل كثيراً على عملها النوعي والاستراتيجي لأخذ مديات أبعد في التطور والنمو ومواكبة حركة التقدم الأمني والخدمي في الوزارة حيث نشهد تطور اتجاهاته واختصاصاته الشرطوية المختلفة في هذه الفترة.
أكدنا في هذا المؤتمر وشددنا في ذات الوقت على أن نجاحات المرأة في وزارة الداخلية مرهونة بتنفيذ الأوامر والتوجيهات والمسؤوليات المناطة بها من أجل إحداث تغيير جذري في العمل النوعي الذي نتمنى أن يأخذ طريقه في التعزيز والتكريس لكي يتحول إلى نظام عمل ومنهاج إدارة بما يحقق الآمال والتطلعات المنوطة به وفي الوقت الذي نصر فيه على تنفيذ الأوامر الصريحة في وزارة الداخلية لتحقيق الأهداف الجوهرية في المسألة الأمنية فإننا سنعمل من جهتنا على توفير جميع المستلزمات لإنجاح عمل المرأة في الوزارة ودعمها في تحقيق أهدافها بالوصول إلى الدرجات التي نتمناها في المسؤوليات الإدارية والأمنية، بحسب الشمري.
وأوضح، إننا نتطلع في عهدنا الحالي إلى تسنم المرأة في وزارة الداخلية مسؤوليات كبيرة إدارية وأمنية وعدم الاكتفاء بالمجالات الإدارية في الوزارة فقد تلقّت المرأة في تشكيلات الداخلية تدريبات مكثّفة في مختلف الصنوف ونالت أرفع الدرجات والأوسمة حيث دلّت التجربة الماضية والحالية على قوة الشكيمة والإصرار على تنفيذ الأهداف بما يحقق التطلعات المجتمعية التي نشهدها على خلفية وجود المرأة العراقية في وزارة الداخلية لذلك أود أن أؤكد أن نساءنا العراقيات العاملات في تشكيلات الوزارة سيضطلعن بمسؤوليات تتعدى الجوانب الإدارية إلى الجوانب القيادية وهو ما نصبو إليه.
لقد أكدت تجربة الشرطة المجتمعية أن هذه المرأة قادرة على إدارة المسؤوليات الكبرى في إطار ضبط إيقاع الحياة الاجتماعية وحل المشكلات المختلفة التي تعاني منها فئات واسعة من أبناء شعبنا وستبقى هذه التجربة (الشرطة المجتمعية) علامة فارقة في تشكيلات وزارة الداخلية نفخر بها ونعمل مع بقية التشكيلات وخبراء الأمن على تطويرها وتمكينها، وفقاً للشمري.
واختتم الشمري، ولأننا نقدّر ونحترم ونثمن الدور الكبير الذي تنهض به المرأة العراقية في وزارة الداخلية فإننا لن نسمح لأي أحد بممارسة أي نوع من ابتزاز العاملات فيها لأن المرأة في الوزارة رقم أساس في المعادلة الأمنية ولأنها تستحق بمهاراتها المختلفة وما تعلمته خلال السنوات الماضية أن تقود أي دائرة أو مديرية وأخاطبها من موقعي كأخ وأب ووزير مسؤول أن تكون قوية في مواجهة التحديات وقادرة على النهوض بعملها والمهام والواجبات التي تؤديها كون المرأة لا تقل كفاءة وجدارة في تنفيذ المسؤوليات والمهام عن أخيها الرجل.
وبحسب ضباط في وزارة الداخلية تحدثوا لـ"انفوبلس"، فإن التحدي والإصرار من قبل البنات في الوزارة لم يكن عنصرا نسويا يعمل في مجال الشرطة، وإنما توسعت من خلال دوائر العلاقات والاعلام والشرطة المجتمعية والكوادر التدريبية، وحماية الاسرة والطفل ومواجهة جرائم المخدرات والاتجار بالبشر وتقديم الخدمات لعوائل الشهداء والجرحى واستقبال السيدات والانسات في مديريات الجنسية والاحوال المدنية والبطاقة الوطنية والمرور والاقامة، حتى توسع نشاطها لتكون فخر للعراق وفخرنا في وزارة الداخلية امام الشعب العراقي والعالم العربي والدولي.
*إحصائية رسمية
رئيسة لجنة المرأة ومديرة معهد التدريب النسوي الحقوقية سعاد عبد الجبار، قالت سابقاً ان ما يقارب 12 ألف من العنصر النسوي في وزارة الداخلية ضابطات ومنتسبات وموظفات بمهنة الشرطة منهن بحدود 500 ضابط بنات بين رتبة ملازم حتى مقدم.
*الجيش العراقي
يواجه التحاق المرأة العراقية بصفوف الجيش العراقي جدلا ونقاشا حادا، بين مؤيد انطلاقا من المساواة مع الرجل، ومعارض لاعتبار محدودية قدرة النساء الجسدية، خاصة فيما يتعلق بالمهام القتالية.
وتتدنى نسبة حضور المرأة في الجيش العراقي بحكم عوامل تاريخية وثقافية، وبتأثير من الأعراف والعادات، فلا يتجاوز حضورهنّ في السلك العسكري حتى الآن على 700 امرأة، بما فيها قسم الطبابة العسكرية، بينهن نحو 200 ضابطة، فيما يقدر الحضور المدني للنساء في وزارة الدفاع بنحو 1700 امرأة.
الحاجة للعمل ومصدر للرزق
ويبدو أن اقتحام المرأة الوظائف التي تتطلب قوة بدنية وشدة في التعامل، لم يكن لمجرد كسر حاجز المجتمع وإثبات الذات، بقدر حاجة المرأة للعمل من أجل توفير لقمة عيش كريمة في بلد أنهكته الحروب والأزمات الاقتصادية.
وفي هذا الجانب، تقول المراسلة الحربية العراقية حنين الحسناوي "بعد تعرّضي أنا وعائلتي لعملية سطو مسلح عام 2003، تمنيت أن يكون لي دور للمساهمة في فرض الأمن، وبعد تخرجي من الجامعة وحصولي على شهادة البكالوريوس في هندسة الحاسبات، أصبح أمام ناظري الانضمام للجيش العراقي خدمة لوطني وللحصول على راتب أعيل به عائلتي".
وتضيف الحسناوي التي تسكن في العاصمة بغداد، "كانت عائلتي داعمة لي بعد التحاقي بالجيش. قمت بخدمة الجنود الجرحى في مديرية الأمور الطبية العسكرية، ثم بعد ذلك انتقلت إلى مديرية الإعلام والتوجيه المعنوي".
وتتابع المراسلة الحربية التي تعد أول قافزة مظلية في وزارة الدفاع بعد عام 2003، "قمت بإجراء تغطيات إعلامية في المناطق الساخنة، كقضاء الطارمية (شمال) وقضاء بلد (شمال) وغيرها، والآن أقدم برنامج الحصاد الأسبوعي الذي يعرض على مواقع التواصل الاجتماعي الرسمية لوزارة الدفاع، وأسعى إلى أن أكون خير مثال للمرأة العراقية".
وعن معوقات العمل، توضّح الحسناوي قائلة "لا يخلو أي عمل من المعوقات، ولكن بالدبلوماسية واتخاذ القرار المناسب، والأهم هو استشارة المراجع العليا والأخذ بنصيحتهم يتم تجاوز تلك المعوقات".
حالة لافتة هي السيدة أنغام أحمد مفيد سعيدة التي أصبحت أول امرأة في العراق برتبة عميد ركن في الجيش العراقي منذ تأسيسه مطلع عشرينيات القرن العشرين، ذلك لأن كلية الأركان العراقية كانت حكراً على الرجال فقط، لكن كفاءة العميدة أنغام وقوتها مكنتها من نيل الشريط الأحمر بجدارة.
المجتمع العراقي في الغالب ضد انخراط المرأة في السلك العسكري، إلا أن هذه النظرة آخذة في التغير، بحسب ما يقول الفريق الركن المتقاعد حسن البيضاني.
ويوضح البيضاني أن المرأة العراقية بدأت العمل داخل السلك العسكري في الطبابة والقوة الجوية والمطابع العسكرية ومكافحة الشغب، فضلا عن القيام بمهام الدوريات مع رجال الشرطة، كما أن هناك سرية خاصة بالانضباط العسكري من النساء، وللبيشمركة (القوات التابعة لإقليم كردستان العراق) فوج متكامل من النسوة يقارب تعداده 600 امرأة، كما تعمل المرأة في بعض النقاط الأمنية التي تحتاج لتواجد النساء، بالإضافة إلى مجالات أخرى مختلفة.
وقال البيضاني إن النساء شاركن بشكل أو بآخر في مهام قتالية، كمشاركتهن في شارع حيفا (وسط بغداد) إبان مواجهة الأعمال الإرهابية، كما ساهمن في عملية فرض القانون، والحرب على داعش. لكن بشكل عام لا يعوّل على المرأة كمقاتلة، وإنما في الجوانب الأخرى".
دور المرأة
أما عن نظرة المجتمع لعمل المرأة في السلك العسكري، فتقول الباحثة الاجتماعية الدكتورة شذى قاسم إن "المجتمع العراقي همّش دور المرأة، بزعم أنها مخلوق ضعيف تقتصر مهامه على البيت، وهذا غير صحيح تماما، فالكثير من النساء تسلمن مناصبا عليا سياسية وعسكرية في مجتمعات أخرى".
وتضيف شذى "يبدو أن المجتمع العراقي أدرك مؤخرا أهمية دور النساء في جوانب الحياة المختلفة، فأصبحنا نرى نساء ينخرطن في السلك العسكري، وهذا أمر جيد وفي قمة الارتقاء بالتفكير، فخدمة الوطن لا تقتصر على الرجال فقط، وآن الأوان أن تترك المرأة العراقية بصمة يخلدها التاريخ في خدمة بلدها".
واستدركت الباحثة الاجتماعية قائلة "لكن في الوقت نفسه على المرأة أن توازن ما بين الواجبين الوظيفي والعائلي، فالتحدّي الأكبر للمرأة المتطوعة في الجيش هو في الحفاظ على الأمومة".
يشار الى انه في عام 1977، عملت طالبات الطب والعلوم والتمريض بصفة "ضابط" في القوات المسلّحة العراقية، لكن مع بداية الحرب العراقية الإيرانية عام 1980 صدر قرار بإيقاف منح الرتب العسكرية للنساء، والاكتفاء بتعيين المتعاقدات بصفة مدنية.
وفي عام 2005، دُعيت النساء للتطوع في القوات المسلحة العراقية من جديد، لكنهن لم يعطين مساحة واسعة، فغالبا ما توكل للنساء مهمات الطبابة والإدارة وغيرها من الأعمال غير القتالية فقط.