انتحاري أراد الدخول لمطعم ورفع علم على مدرسة.. ما قصة التحركات المريبة لـ"داعش" في كركوك؟
انفوبلس/ تقرير
شهدت محافظة كركوك خلال الأيام الماضية، تحركات مريبة لعصابات "داعش" الإرهابية، تتمثل بمحاولة انتحاري الدخول إلى مطعم لتفجير نفسه، وكذلك رفع علم "داعش" على مدرسة في قرية نائية بقضاء الحويجة، ما دفع قوات الشرطة الاتحادية للتدخل وإعادة رفع العلم العراقي، فما سر هذه التحركات التي جاءت بالتزامن مع ما يجري في سوريا؟
وتُعد المحافظات المحررة من قبضة التنظيم الإرهابي (كركوك وديالى وصلاح الدين والأنبار ونينوى)، من أكثر المحافظات التي تسجل تحركات لعناصر "داعش" وأعمال عنف في البلاد.
*تفاصيل الانتحاري
ويوم الجمعة الماضي 13 ديسمبر/ كانون الأول 2024، قتلت القوات الأمنية، انتحاريا من "داعش" حاول الدخول إلى مطعم لتفجير نفسه جنوبي محافظة كركوك.
وبحسب مصادر أمنية تحدثت لشبكة "انفوبلس"، وقتها، فإن قوة أمنية تلقت معلومات عن نيّة انتحاري تفجير نفسه قرب مطعم على طريق كركوك داقوق الدولي (جنوبي المحافظة)، مشيرة الى أن "القوات الأمنية متمثلة بالفوج الأول لواء 87 مغاوير من الجيش العراقي، طوقت مكان تواجد الانتحاري الذي منعت القوة فراره، بعد محاصرته وإطلاق النار عليه قبل تفجير نفسه".
وأشارت المصادر، إلى أن "قوات الأمن تطوق موقع الانفجار، وفتحت تحقيقات لمعرفة هوية الشخص الانتحاري".
وبعدها، كشف مصدر أمني رفيع، عن هوية الانتحاري الذي تمكنت قوة أمنية من قتله قبل محاولته الدخول إلى مطعم وتفجير نفسه وهو قيادي "بارز" في تنظيم "داعش" الارهابي ومسؤول ملفها الأمني في قضاء داقوق جنوبي المحافظة.
وبحسب المصدر، فإن الانتحاري الذي قُتل يدعى (ع. ح. م) من أهالي قرية الزچي (الخاشة) وهي ضمن حدود وادي الشاي بقضاء داقوق ويعد المسؤول الأمني لقاطع داقوق لعصابات داعش الإرهابي، وعمل لسنوات مع التنظيم الإرهابي حتى تدرج الى مسؤول ملفها الامني في قضاء داقوق.
وأضاف المصدر، أن "القوات الأمنية كانت تتعقب الإرهابي منذ فترة وكانت تريد الإيقاع به واعتقاله ولكن بعد محاصرة الإرهابي جرى قتله قبل محاولته تفجير نفسه في مطعم الزيتونة على طريق داقوق طوزخورماتو (45 كم جنوبي كركوك)".
من جانبه، علق المختص في الشأن الأمني اللواء الركن المتقاعد عماد علو، حول إمكانية عودة الإرهاب في العراق بعد حادثة قتل انتحاري في محافظة كركوك، الجمعة الماضي. وقال إن "الإرهاب مازال موجودا في العراق وهناك خلايا إرهابية نائمة وبعضها يتحرك لشن عمليات إرهابية مختلفة، لكن ضغط القوات الأمنية على تلك الخلايا في الملاحقة والمتابعة جعلها تخشى الظهور، خاصة في ظل الضربات النوعية على ما تبقى من تلك الخلايا خاصة في المناطق الجبلية والصحراوية".
وأضاف، إن "ما حدث في داقوق، يؤكد الجهود الاستخباراتية العالية في ملاحقة الإرهابيين، وهذا لا يعد مؤشرًا سلبيًا، بل على العكس يدل على قوة ودقة متابعة الخلايا الإرهابية، وهذا ما يؤكد صعوبة عودة الإرهاب كما كان سابقاً، ونتوقع أن تتمكن الجهود الأمنية في المرحلة المقبلة من القضاء على ما تبقى من خلايا الإرهاب".
*رفع علم "داعش" على مدرسة!
وفي نفس يوم العملية الانتحارية الفاشلة (يوم الجمعة)، رُفع علم "داعش" الإرهابي على مدرسة في قرية نائية بقضاء الحويجة جنوب غرب كركوك، ما دفع قوات الشرطة الاتحادية للتدخل وإعادة رفع العلم العراقي، فيما بدأت السلطات تحقيقاً للكشف عن ملابسات الحادث.
وقال مدير إعلام شرطة كركوك، العميد صابر محمد، بأن علم "داعش" رُفع مكان العلم العراقي على المدرسة الابتدائية في قرية عوفية بقضاء الحويجة قبل ثلاث ليالٍ، مشيرا الى أن قوات الشرطة الاتحادية وصلت إلى مكان الحادث وأزالت علم "داعش" وأعادت رفع العلم العراقي.
قضاء الحويجة يقع جنوب غرب كركوك، ويُعرف بغالبية سكانه من العرب السنة، ويتكون من نواحي الرياض، العباسي، والزاب. كما أن العميد صابر ذكر أن القرية تُعد من المناطق النائية، ولا تتوفر فيها كهرباء أو كاميرات مراقبة، وأن سكانها كانوا سابقاً ينتمون لتنظيم "داعش"، كما أكد أن تحقيقاً قد بدأ لمعرفة ملابسات الحادث.
كما وفي الثامن من الشهر الجاري، أكد شهود عيان لشبكة "انفوبلس"، إن "مجهولين رفعوا علم تنظيم داعش فوق مبنى مدرسي غير مكتمل في منطقة الشورجة شرقي مدينة كركوك". وفي الأيام القليلة الماضية، تزايدت وتيرة هجمات إرهابيي "داعش" على قوات الجيش العراقي والبيشمركة في محافظة كركوك، ما أوقع ضحايا في صفوفها.
كما أكد قائد الفرقة الثالثة في الشرطة الاتحادية، اللواء حيدر المطوري، القبض على مجموعة إرهابية قامت برفع علم يعود لتنظيم "داعش" الارهابي على سطح إحدى مدارس قضاء الحويجة. وقال إنه "خلال عمليات التفتيش، تم العثور على أعلام تعود للتنظيم مدفونة تحت الأرض، إلى جانب متفجرات وصواريخ قاذفات".
وأكد المطوري، إن "المتهمين أُودعوا في سجن استخبارات كركوك بأمر من قاضٍ متخصص، حيث ستستكمل التحقيقات معهم للكشف عن تفاصيل إضافية"، مشيرا إلى توفر معلومات عن وجود أسلحة مدفونة في الموقع ذاته، مضيفًا أن "عمليات الحفر ستستمر للكشف عنها".
ويوم أمس، تمكنت قوة خاصة من قيادة عمليات الشمال وشرق دجلة في الحشد الشعبي، بالتعاون مع الاستخبارات العسكرية في القيادة والشرطة الاتحادية، وبناءً على معلومات استخباراتية، تمكنت من إلقاء القبض على مجموعة إرهابية تابعة لتنظيم "داعش" في منطقة العوفية بقضاء الحويجة، محافظة كركوك.
وضُبط بحوزة الإرهابيين مواد متفجرة وأعلام لتنظيم "داعش"، حيث كشفت التحقيقات الأولية عن نيّتهم رفع علم التنظيم في المنطقة لخلق الفوضى وزعزعة الأمن، بحسب بيان للحشد الشعبي ورد لشبكة "انفوبلس"، وأكد أن الحشد الشعبي يؤكد يقظته الدائمة واستعداده لإفشال كافة مخططات الإرهاب والحفاظ على أمن واستقرار المناطق.
*القضاء على 10 من أبرز قادة "داعش" في كركوك
بعد هذه الاحداث، أكد مسؤول محور الشمال في منظمة بدر محمد مهدي البياتي، اليوم الاثنين، القضاء على 10 من أبرز قادة "داعش" الارهابي في محافظة كركوك. وقال البياتي إن تحديات ملف أمن كركوك تقلصت بمعدلات عالية خاصة مع الجهد الاستخباري الذي أفضى إلى سلسلة عمليات نوعية ضد داعش وخلاياه النائمة في عدة قواطع".
وأضاف، إن "10 من أبرز قادة داعش الإرهابي في كركوك تم القضاء عليهم بضربات نوعية خلال 2024 مؤكدا بأن مستوى الاستقرار الأمني مرتفع ونشاط الخلايا النائمة يتراجع بشكل كبير بسبب النشاط الاستخباري والأمني"، مشيرا الى ان "قدرة داعش في الحركة باتت شبه مشلولة حتى في المناطق النائية وذات الجغرافية المعقدة مؤكدا بأن الضربات الاخيرة لهيكلية داعش وقتل أهم قياداته أعطت نتائج إيجابية".
يذكر أن كركوك شهدت في السنوات الأخيرة خروقات متكررة تم التعامل معها من خلال جهد استخباري في الاستدلال على مواقع خلايا داعش وضربها وقتل قياداتها".
وفي السياق ذاته، أكد القيادي في تحالف الفتح محمد البياتي، أن داعش فقد ما أسماها "الهرمية" في محافظة كركوك. وقال إن "القوات الامنية نفذت 12 عملية نوعية في كركوك خلال 2024 بينها ضربات جوية في 7 مواقع، ما أدى الى قتل قرابة 15 من قيادات داعش الإرهابي".
وأضاف، إن "القيادات التي تم قتلها تمثل هرمية سوداء في داعش الارهابي، أي الخطوط القيادية التي تحرك الخلايا النائمة وتمولها، وبالتالي ما تحقق من ضربات نوعية لها تأثيرها في شل حركة الخلايا الإرهابية".
وأشار الى أن "جهوزية القوات الامنية والعمليات المتكررة في عدة قواطع أعطت زخما إيجابيا في عموم مناطق كركوك"، مؤكدا، أن "مستوى الاستقرار جيد وهناك تعاون كبير من قبل الاهالي لإيمانهم بأن الأمن مسؤولية تكاملية".
وشهدت المحافظات العراقية عموماً، خلال الأشهر الماضية، هدوءًا أمنياً نسبياً مع تراجع هجمات تنظيم "داعش"، التي كانت تستهدف القوات الأمنية والمدنيين، خصوصاً في المحافظات المحررة (ديالى، كركوك، صلاح الدين، نينوى، الأنبار) لاسيما بعدما نفذ الجيش، بما في ذلك عبر الطيران، ضربات نوعية ضد التنظيم.
إلا أن هذا الهدوء بدأ يتراجع نسبياً بعدد من مناطق البلاد، وقد اعتمدت القوات العراقية الضربات الجوية التي ينفذها الطيران العراقي، كاستراتيجية رئيسية بعمليات ملاحقة بقايا عناصر "داعش" في المحافظات العراقية المحررة، وقد حجّمت من تلك التحركات.
ووفق الخبير الأمني رائد الحامد، فإن التنظيم الإرهابي "لا يزال يحتفظ بإمكانية تهديد الأمن والاستقرار في العراق وسوريا وتنفيذ هجمات نوعية، لكنها بالتأكيد ليست على مستوى السيطرة أو إعادة السيطرة على المدن والمناطق في المناطق ذاتها التي خضعت لسيطرته بعد عام 2014".
وتواصل القوات الأمنية منذ عدة أشهر ما تصفه بعمليات استباقية ضد خلايا وجيوب من بقايا تنظيم "داعش"، تنشط في الجانب الشمالي ضمن محافظات صلاح الدين والانبار وكركوك ونينوى وأجزاء من ديالى، مستغلة المناطق الجبلية الوعرة للاحتماء والتخفي فيها.
وأعلن العراق الانتصار على "داعش" الارهابي في 2017، فيما خسر التنظيم آخر معاقله عام 2019 في سوريا، لكن عناصره لا يزالون ينشطون في مناطق ريفية ونائية ويشنون هجمات متفرقة.
يعيش العراق حالياً الأمن والاستقرار والعمران والوضع الاقتصادي المستقر، بفضل فتوى الجهاد الكفائي التي أطلقتها المرجعية الدينية العليا المتمثلة بالسيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله)، وتأسيس الحشد الشعبي الذي أعطى دماء كثيرة وعظيمة استطاع من خلالها أن يصنع النصر وأن يستمد من الفتوى كل البطولات والتضحيات وأعطى هؤلاء الشهداء من أجل هذا الوطن.