"انفوبلس" تتقصى عن حوت الدولار "عبد الحكيم الجبوري" الذي اعتقله الأمن الوطني في أربيل
انفوبلس/ تقرير
تقصَّت شبكة "انفوبلس"، عن حوت الدولار الذي أطاح به الأمن الوطني العراقي يوم أمس الأربعاء 15 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023. فمَن هو عبد الحكيم عامر كاظم الجبوري؟ وما علاقته بمصرفَي الثقة الدولي الإسلامي والمال الإسلامي للاستثمار؟.
الأمن الوطني يعلن القبض على "أخطر المضاربين" الذي يتحكم بعشرات ملايين الدولارات
قال جهاز الأمن الوطني، أمس الأربعاء 15 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، إنه ألقى القبض على ما وصفه بـ"أخطر المضاربين" والمهرّبين للدولار في العراق، فيما أشار إلى أنه كان يتحكم بعشرات ملايين الدولارات يوميًا.
ووفق بيان صادر عن الجهاز واطلع عليه "انفوبلس"، فإنه "تنفيذًا لتوجيهات رئيس مجلس الوزراء - القائد العام للقوات المسلحة بمتابعة ملف تهريب العملة والمضاربة بها واستكمالًا لسلسة العمليات النوعية والضربات الموجعة التي ينفذها جهاز الأمن الوطني ضد عصابات الجريمة المنظمة التي تسعى لتخريب الاقتصاد الوطني، والإضرار المباشر بحياة وأمن المواطنين، وبعد جهد استخباري وميداني، نُعلن عن إلقاء القبض على أحد أخطر المتورطين بملف تهريب العملة عبر إدارته لأكثر من مصرف ومؤسسة مالية"
وذكر الجهاز في بيانه، إنّ "العملية جرت وفق إجراءات قضائية أصولية بعد محاولة المتهم الهروب إلى خارج البلاد".
ويمتلك المتهم ـ وفق البيان ـ "عدة مصارف لديها تعاملات مع العديد من شركات الصيرفة، كانت تتحكم بتداول عشرات الملايين من الدولارات يوميًا خارج السياق القانوني".
جهاز الأمن الوطني دعا المواطنين كافة إلى دعم حملته في "ملاحقة المتلاعبين بالاقتصاد الوطني من خلال الإبلاغ عن أية حالة مشبوهة عبر الاتصال بالخط الساخن المجاني 131، أو عبر المنصات الرسمية للجهاز"، مؤكدًا على التعامل "مع المعلومات بسرية ومهنية عالية".
*انفوبلس تتقصى
وبعد التقصّي عن شخصية المتهم، تبين أنه عبد الحكيم عامر كاظم الجبوري والذي يمتلك حصة في مصرف الثقة الدولي الإسلامي ويملك مصرف المال الإسلامي للاستثمار، كما ظهرت وثيقة سابقاً تحصلت عليها "انفوبلس" أنه اعتُقل سابقاً بقضية تتعلق بتهمة حيازة أسلحة وأموال حاول تهريبها.
مصادر أمنية رفيعة المستوى، ذكرت لـ"انفوبلس"، أن "المتهم يدعى عبد الحكيم الجبوري ويملك مصارف عديدة ويُعد أبرز المضاربين بالدولار، كما أنه يمتلك حصة بمصرف الثقة ويملك مصرف المال"، لافتا الى أنه "متورط بإدارة شبكات تهريب ومضاربة بالدولار بقيمة عشرات ملايين الدولارات".
وبينت، أن "المتهم كان يسكن بالأعظمية في شارع الخلفاء وأُلقي القبض عليه في أربيل بعملية خاصة"، لافتة الى أنه "كان يتحكم بتداول عشرات الملايين من الدولارات يوميا خارج السياق القانوني".
*محاولة تهريب مبالغ مالية وأسلحة مع شقيقه
وفي نهاية شهر شباط/ فبراير 2023، تمكنت وكالة الاستخبارات والتحقيقات في وزارة الداخلية، من القبض على صاحب مصرف الثقة الإسلامي عبد الحكيم عامر كاظم الجبوري وشقيقه أحمد خلال محاولة تهريب مبالغ مالية وأسلحة.
وذكرت مصادر أمنية، لـ"انفوبلس" حينها، أن "مفارز وكالة الاستخبارات تمكنت من القبض على صاحب مصرف الثقة الإسلامي ونصف من أسهم بنك المال عبد الحكيم عامر كاظم برفقة قوة مسلحة تعود الى نفس البنك تحمل أسلحة متوسطة ورمانات يدوية مع مبالغ مالية دولار أمريكي كانت بصدد تهريبها الى خارج العراق".
ومورست آنذاك ضغوطاً كبيرة لغرض غلق القضية بحسب المصدر، التي أُغلقت على ما يبدو فيما بعد.
ولا تزال معركة سعر صرف الدولار بين الحكومة العراقية التي تصرّ على إكمال إصلاح النظام المالي والمصرفي من جهة، ومجموعة من المضاربين والمهرّبين من جهة أخرى، مستمرة.
وبحسب خبراء، فإن هناك مجموعة من المضاربين لديهم تنسيق وتعاون فيما بينهم وهم مَن يسيطرون بسعر صرف الدولار سواء بالصعود أو النزول.
*مَن هم المضاربون؟
تتوالد فئة جديدة في سوق التجارة العراقي، وهم كبار المهرّبين والمضاربين بسعر صرف الدولار في بغداد والمحافظات الأخرى.
وتحول موضوع سعر صرف الدولار الى معركة بين الدولة التي تُصر على إكمال إصلاح النظام المالي والمصرفي من جهة، ومجموعة من المضاربين والمهرّبين من جهة أخرى، وفقا لوصف رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني.
والمضاربون بالدولار هم الأفراد أو الكيانات الذين يشترون ويبيعون الدولار أو العملات الأجنبية بصورة سريعة ومتكررة بهدف تحقيق ربح من تقلبات أسعار الصرف.
وتشمل هذه الكيانات، البنوك، الشركات المالية، المستثمرين الفرديين، وحتى بعض المؤسسات الحكومية في بعض الأحيان. وتسعى هذه الكيانات إلى استغلال الفروق في أسعار العملات الأجنبية لتحقيق أرباح سريعة.
وهناك تأثير كبير للمضاربين بالدولار على الاقتصاد العراقي الذي يعتمد بشكل كبير على إيرادات النفط كمصدر رئيسي للعملة الصعبة، وبسبب التقلبات في أسعار النفط والظروف الاقتصادية والسياسية غير المستقرة، تأثرت قيمة الدينار العراقي بشكل كبير.
*أزمة الدولار في العراق
وكانت هناك قرارات يومية، بدأت تصدر من قبل الحكومة والبنك المركزي، بهدف السيطرة على سعر صرف الدولار في السوق المحلية، وقد أثمرت عن انخفاض "حذر" للسعر، لنحو 155 ألف دينار لكل مائة دولار.
الانخفاض الحذر، جاء بالتزامن مع حزمة جديدة من القرارات، ولعل أبرزها منح موافقة لاستيراد الدولار لثلاثة مصارف أهلية، فضلا عن توجيه رئيس الحكومة المصارف العراقية بتطوير النظام المصرفي ومنحهم مهلة للتقييم، إلى جانب تعزيز الأرصدة بعملات أخرى.
وأمس الأربعاء، كشف مصدر حكومي، أن البنك المركزي أصدر خلال اليومين الماضيين، موافقات رسمية لثلاثة مصارف أهلية عراقية لاستيراد الدولار الأمريكي لتلبية حاجة زبائنهم من هذه العملة وبمبالغ تصل الى 100 مليون دولار، وأن شحنة أحد المصارف قد وصلت فعلياً للعراق.
كما بين أن المصرف العراقي للتجارة (TBI) يجري مناقشات مهمة حالياً مع عدة شركات دولية لنقل مبالغ تصل الى 120 مليون دولار، وهي في طريقها للإنجاز خلال الأيام القليلة المقبلة.
لماذا انخفض سعر صرف الدولار؟
عزا الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، انخفاض سعر الدولار الأمريكي أمام الدينار العراقي إلى ما أسماه بـ"معنويات السوق الجيدة والتوقعات المتفائلة".
وقال المرسومي في تدوينة تابعتها "انفوبلس"، إن "معنويات السوق الجيدة والتوقعات المتفائلة المرتبطة بالاتفاق بين البنك الفيدرالي الأمريكي والبنك المركزي العراقي على توليفة من السياسات والإجراءات، هي التي كانت وراء ارتفاع سعر صرف الدينار مقابل الدولار مؤخراً حتى وصل الدولار إلى 1560 ديناراً".
وأضاف، "مع أن هذه الإجراءات لم يجرِ اختبارها على أرض الواقع لمعرفة مدى قدرتها في تضييق الفجوة بين السعرين الرسمي والموازي ولذلك سيستمر سعر الدولار بالانخفاض لبعض الوقت ثم يستقر بعد ذلك ربما قريباً من 1500 دينار".
إلا أن المرسومي توقع أن "يعاود سعر الدولار الارتفاع لأن المعالجات والإجراءات الأخيرة لم تعالج جوهر المشكلة وهي التجارة مع إيران وسوريا، ومشكلة المسافرين العراقيين إلى إيران وسوريا المحرومين من الحصول على الدولار بالسعر الرسمي".
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أسباب أخرى وراء الارتفاع أسماها بـ"الثنائية القاتلة في العراق المتمثلة بوجود نظامين للضرائب والتعرفة الكمركية، ووجود المنافذ غير الشرعية، وضعف السيطرة على المنافذ الحدودية الرسمية، ووجود سلع لا يجري تمويلها عبر المنصة الإلكترونية وإنما من خلال السوق الموازي مثل المشروبات الروحية والسكائر والمخدرات".
ومنذ قرابة سنة، وتحديدا منذ بدء عمل البنك المركزي بالمنصة الإلكترونية ونظام التحويل المالي الدولي "سويفت" (SWIFT)، لم تشهد أسعار صرف الدولار في العراق استقرارا رغم محاولات الحكومة والبنك المركزي السيطرة على سعر الصرف في الأسواق الموازية (السوداء).
يذكر أن البنك المركزي العراقي قد أعلن في 19 ديسمبر (كانون الأول) 2020 رسمياً عن تعديل سعر صرف العملة الأجنبية (الدولار الأميركي) لتكون 145 ألف دينار مقابل كل 100 دولار، وفقاً للموازنة العامة للدولة لعام 2021 التي أقرّها مجلس النواب.