انقسام حول ارتباطها بالقوات الأمريكية.. ماذا تعرف عن تواجد بعثة الناتو في العراق؟
انفوبلس/ تقرير
البعض يرى أنها جاءت بناءً على طلب العراق، ووجودها مهم جدا لدعم القوات العراقية بعيدا عن التواجد الأمريكي، وآخرون يؤكدون أن قرار الحكومة العراقية هو إخراج كافة القوات الأجنبية بناءً على المطالب الشعبية والبرلمانية، وهذا يشمل أيضا قوات الناتو لأنها جزء من القوات الأجنبية، فماذا نعرف عن قصة تواجد بعثة حلف الناتو في العراق؟
يقول ضابط كبير في وزارة الداخلية، رفض الكشف عن هويته، إن "قوات الناتو على الرغم من تركيزها على العمل مع وزارة الدفاع إلا أنها تقوم بعمل جيد، لكن هناك جوانب لا يشارك فيها الناتو، مثل الاستخبارات والشرطة والأمن الحضري، والتي يُحتمل أن تكون أكثر حاجة الآن من الدعم العسكري".
ويعتقد الضابط، أن "من المفيد للعراق أن يكون لديه وجود للناتو، ولكن يركز فقط على جانب التدريب والدعم، وليس كجزء من أي تحالف سياسي أو أمني واسع"، مشددا على وجوب أن "تكون هناك برامج موسعة بحيث تشمل المزيد من عناصر القوات الأمنية، وخاصة وزارة الداخلية، كما أعتقد أن المهمة الفعلية تحتاج إلى شرح أفضل، للسياسيين وعامة الناس، حتى يعرفوا ما هي، وما هي الحدود، وما الذي اتفقت عليه الحكومة معهم".
وعن حلول الناتو كبديل عن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، يجد الضابط، أن "مهمة الناتو مقبولة لدى الجميع في العراق ولا تواجه نفس الانتقادات التي تطال التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة".
وبشأن إمكانية أن يكون لبعثة الناتو دور بعد انسحاب القوات الأمريكية، يشير الضابط إلى أنه "لو انسحبت الولايات المتحدة كجزء من اتفاقية مع العراق، فإنه يمكن لحلف الناتو والأمم المتحدة وغيرهما الاستمرار في العمل دون مشاكل، لقد فعلوا ذلك بعد عام 2011، ولم يتحدث أحد حتى الآن عن إنهاء حلف الناتو مهمته، على الرغم من كل الحديث عن انسحاب الولايات المتحدة، لذلك يبدو أن دول الناتو ليست لديها مشكلة للعمل في العراق مع أو دون وجود القوات الأمريكية هنا".
وكان رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، استقبل الخميس، قائد بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في العراق الجنرال لوكاس شرورز، الذي تسلّم مهامّه مؤخراً، وناقش معه الأوضاع الأمنية في المنطقة، واستعراض جهود البعثة وتعاونها مع المؤسسات الأمنية العراقية في مجال المشورة والتدريب، وفي مجال التنسيق الاستخباري، كما أكد السوداني على أهمية تطوير التعاون الثنائي مع البعثة في مجالات التدريب والتنسيق المعلوماتي، مع القوات المسلحة العراقية بعد انتهاء مهمة التحالف الدولي في العراق.
من جانبه، يتحدث ضابط متوسط المستوى في حرس الحدود، عن أن "تركيز حلف الناتو في الماضي كان على بغداد فقط، لكن في الآونة الأخيرة قاموا بتدريب خارج بغداد لكننا لم نعمل معهم بعد".
ويعتقد أن "مهمة حلف الناتو صغيرة، لا تقارن بتواجد التحالف الأمريكي، أعرف بعض الضباط في الجيش ممن كان لهم اتصال بهم، قالوا إن برامج التدريب الخاصة بهم مفيدة وتركز على أشياء مثل الدعم الطبي وتدريب المدربين، لكنني لا أعتقد أنها امتدت إلى معظم القوات الأمنية العراقية".
وأكد الضابط في حرس الحدود على الحاجة إلى "المزيد من المشاركة والتدريب، خاصة خارج الجيش، لأن الدول الثلاثين الأعضاء في الناتو تمتلك الكثير من التكنولوجيا التي يمكن أن تساعدنا بها، وتتطلب وظيفتنا في حرس الحدود الاعتماد على التكنولوجيا أكثر من القوات البرية، لذلك سيكون من الأفضل أن يساعد الناتو كل جزء من القوات الأمنية العراقية بما يحتاجه بدلاً من مجرد التدريب للجميع".
وكان رئيس أركان الجيش العراقي الفريق الأول الركن عبد الأمير رشيد يار الله، وقّع قبل عامين، مع بعثة الناتو في العراق مذكرة رعاية لإدراج العراق في نظام تدوين الناتو، الذي يسمح برفع قدرات قواته في مجال التدريب.
من جهته، يجد مسؤول رفيع المستوى في جهاز الأمن الوطني، أن "وجود الناتو حتى الآن لم يكن مثيرا للجدل، ويبدو أنه مهمة احترافية تركز على الجيش وهذا محل ترحيب واسع، وأي عروض تقدم لجهاز الأمن الوطني ستلقى ترحيبا حسنا".
وحول لعب الناتو دورا بعد انسحاب القوات الأمريكية، يتابع المسؤول الأمني: "من وجهة نظر عراقية، لا مشكلة في عمل بعثة الناتو بعد انسحاب القوات الأمريكية، وهذا قد يتسبب بتعديل عملياتهم وخططهم في العراق".
بدوره، يذكر مسؤول كبير من وزارة الدفاع التي عملت معها قوات الناتو، أن "هذه القوات قامت بعمل جيد، وكان لدينا العديد من الضباط برتب وسطى يشاركون في برامج التدريب الخاصة بهم منذ عام 2019، وكانت جميع التجارب إيجابية".
وعما يمكن تحسينه في مهمة الناتو بالعراق، يشير إلى "شيئين على وجه الخصوص: الأول هو الوصول إلى الأسلحة والتكنولوجيا، والثاني هو العمل معنا لتطوير مظلة أمنية مناسبة لحماية مجالنا الجوي وحدودنا والممرات المائية وتزويدنا بالإنذار المبكر لأي هجوم، وهذا سيجعل العراق أكثر أمناً ويعطي وزارة الدفاع الدور الذي تستحقه".
وبشأن التعاون الأمني العراقي مع دول أو بعثات دولية أخرى، يؤكد أن أي "اتفاقيات ثنائية جديدة ستكون موضع ترحيب إذا جلبت للعراق مزايا أخرى، لكن لا أعتقد أن الحكومة ستنظر في اتفاقية تعاون أمني جديد من شأنها تعريض العلاقات مع دول الناتو للخطر".
يشار إلى أن حلف شمال الأطلسي، قد أعلن سابقا، عن زيادة تعداد أفراد بعثته في العراق بثمانية أضعاف، إذ قال أمينه العام ينس ستولتنبرغ، في مؤتمر صحفي، إن "القرار يقضي بزيادة عدد أفراد بعثة حلف شمال الأطلسي في العراق من 500 حتى 4 آلاف شخص"، لكن هذا الإعلان نفاه العراق في حينها بشكل رسمي.
من جانبه، يرى مسؤول في جهاز المخابرات، أن الناتو "لا يجذب الاهتمام السلبي نفسه الذي يلاقيه التحالف الأمريكي، وهذا يعني أن نموذج الناتو لتدريب القوات العسكرية هو النموذج الصحيح، وينبغي أن يكون النهج المتبع في البعثات الأخرى، لكنه قد لا يغطي جميع احتياجات القوات الأمنية العراقية، خاصة فيما يتعلق بالجوانب المدنية مثل الاستخبارات، ولكن تعزيز قدرات جيشنا لا يزال أمرا حيويا".
وحول احتمالية حلول الناتو كبديل عن القوات الأمريكية، يرى أن "مهمة الناتو هي في الأساس أوروبية، نعم إنهم يعتمدون على الولايات المتحدة لتواجدهم في العراق، ولكن يمكنهم مواصلة العمل حتى لو أنهت الولايات المتحدة التحالف".
أما عن فرضية أن يغير العراق تعاونه الأمني مع دول أخرى، يجد مسؤول المخابرات، أن "البدائل ممكنة لكنها تتطلب إعادة تنظيم سياسي، والعراق لا يحتاج في الوقت الحالي، إلى هذا الصداع الإضافي، كما أن بعض الدول مثل روسيا مشغولة بالحرب، والصين ليس لديها رغبة في أن تصبح أكثر جدلا في العراق".
وتجري بغداد وواشنطن جولات من المحادثات المشتركة لإخراج قوات التحالف الدولي من العراق، إذ عقدت الجولة الأولى، في 27 كانون الثاني يناير الماضي، فيما أفضت الجولة الأولى إلى اتفاق على تشكيل لجنة عسكرية مشتركة لمراجعة مهمة التحالف وإنهائها، إلى جانب الانتقال إلى علاقات أمنية ثنائية وقد بدأت اللجنة أعمالها في 11 شباط فبراير الماضي.
إلى ذلك، يشير من جهته، عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية علاوي نعمة، إلى أن "مهام بعثة الناتو في العراق، لن تتأثر بقضية إنهاء مهام التحالف الدولي في العراق وإخراج كامل القوات الأجنبية، فهذه البعثة جاءت لتتواجد وفق اتفاق أمني محدد وبطلب وموافقة حكومية رسمية".
ويبين نعمة، أن "مهام بعثة الناتو في العراق تقتصر على مجال التدريب وتطوير قدرات القوات العراقية، وهي ليس قوات عسكرية، وإذا كانت هي قوات عسكرية فهي أيضا تشمل بإنهاء وجودها كحال القوات الأمريكية وقوات التحالف الدولي بصورة عامة".
ويلفت إلى أن "العراق مازال بحاجة إلى الخبرات الأمنية والعسكرية في مجال التدريب والتسليح، ولذا فإن التعاون مع بعثة الناتو سوف يستمر حتى بعد إنهاء مهام التحالف الدولي في العراق، وهذا الأمر لن يؤثر على علاقات العراق مع الناتو إطلاقا".
يشار إلى ان فصائل المقاومة العراقية ومنذ منتصف تشرين الأول أكتوبر 2023، بدأت باستهداف القواعد الأمريكية في العراق، وذلك بالتزامن مع حرب غزة، حيث أعلنت الفصائل أن استهدافها للقوات الأمريكية، ردا على الدعم الأمريكي لإسرائيل.
المحلل السياسي، علي فضل الله، يؤكد من جهته، أن "قرار الحكومة العراقية هو إخراج كافة القوات الأجنبية بناء على المطالب الشعبية والبرلمانية، وهذا يشمل أيضا قوات حلف الناتو لأنها جزء من القوات الأجنبية". ويرى فضل الله، أن "هذه القوات تعمل على تنفيذ مخططات الجانب الأمريكي، لذلك فإن العراق طالب بإخراج كل القوات من أراضيه من دون استثناء ضمنها قوات الناتو".
أما الخبير الأمني علاء النشوع، فيذكر من جانبه، أن "قوات الناتو جاءت بناء على طلب العراق في عام 2014 بعد احتلال داعش لثلث العراق، وشكل التحالف في بدايته أكثر من 80 دولة ثم تضاءل إلى 32 دولة، وبعدها أبقى على دول حلف الناتو التي تقودها الولايات المتحدة في العراق".
وبالحديث عن تواجد الناتو داخل الأراضي العراقية يتهم الخبير الأمني والعسكري عقيل الطائي، قوات حلف (الناتو) بعدم تطبيق أي بنود من الاتفاقية الاستراتيجية مع العراق، متسائلاً: أين قوات الناتو من القصف التركي المستمر على الأراضي العراقية؟.
وبحسب العديد من أعضاء مجلس النواب، فإن سبب تواجد قوات حلف الناتو داخل العراق يعود الى تنفيذ مصالح خاصة بالولايات المتحدة الامريكية، مشيرين الى ان "هنالك ضرورة ملحّة لأنهاء التجاوزات التي ترتكبها قوات الناتو المسلحة في خرق سيادة العراق".
وكان القيادي في ائتلاف دولة القانون ابراهيم السكيني، قد تحدث في وقت سابق عن إن "استمرار الناتو في العراق ليس سوى ذريعة لفرض وجودها داخل الأراضي العراقية، فيما أشار الى ان هذه الدورات التدريبية المزعومة هي استنزاف لأموال العراق".
المحلل السياسي صباح العكيلي، يؤكد أن "التواجد الأمريكي والدول الاخرى في العراق يحدث بذريعة قوات الناتو".
يذكر أن هنالك العديد من الصفقات أُجريت مع حلف الناتو شابها العديد من صفقات الفساد والمبالغ العالية التي يتم التعاقد فيها، وبحسب مختصين فان الحكومة السابقة انتشر فيها العديد من صفقات الفساد على جميع المستويات وليس التعاقدات مع الناتو فقط.
إلى جانب ذلك، فإن ملف ضحايا القصف الذي نفذته قوات التحالف وتسبب بسقوط مدنيين في العراق وسوريا، ما زال عالقاً. أكد مسؤول عراقي "بارز" في وزارة الداخلية وجود "آلاف القتلى المدنيين العراقيين"، سقطوا خلال غارات التحالف في الفلوجة والموصل والرمادي والقائم وبيجي وتكريت والحويجة ومناطق أخرى شمال وغربي البلاد.
وأضاف المسؤول، طالباً عدم الكشف عن هويته، أن "قوات التحالف اعترفت بأقل من ألفين من الضحايا المدنيين سقطوا بالغارات الجوية، لكن بالنسبة لنا فإن العدد يصل لأكثر من 10 آلاف مدني، قضوا بغارات أميركية وبريطانية وفرنسية وهولندية، وهناك تحقيقات في بعض هذه الدول مثل بريطانيا وهولندا".
كما كشف العضو السابق في مفوضية حقوق الإنسان العراقية، علي البياتي، أن 926 شكوى من ذوي الضحايا مسجلة لدى الحكومة العراقية ضد التحالف الدولي، من محافظات: نينوى، كركوك، الأنبار، شمال، وغربي البلاد، مبينا أن نصف العدد المذكور هم شهداء، والآخر إصابات مختلفة.