بين النفي والتأكيد والمشاهدة.. ما حكاية القاعدة الأمريكية الجديدة في شمال سوريا؟ وما الغاية منها؟
انفوبلس/ تقرير
وردت تأكيدات بأن الولايات المتحدة بدأت مؤخراً في إنشاء قاعدة عسكرية جديدة بمدينة كوباني شمال سوريا، في ظل تصاعد الاشتباكات بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وتركيا والفصائل المسلحة المتحالفة معها، لكن وزارة الدفاع الأمريكية زعمت أنها لا تخطط لذلك، فأين الحقيقة وما قصة الأرتال العسكرية التي شوهدت على طريق الحسكة - الرقة، متجهةً نحو كوباني؟
وتتمركز القوات الأميركية في سوريا في 17 قاعدة و13 نقطة عسكرية، وفق دراسة صادرة عن مركز جسور للدراسات، نُشرت في يوليو/تموز 2024، سُجلت فيها نقاط الوجود العسكري الأجنبي في سوريا، وتم الاقتصار على إحصاء القواعد والنقاط الثابتة، التي تمارس فيها تلك القوات قيادة وصلاحيات كاملة، دون حواجز التفتيش والنقاط المتحركة والمؤقتة.
وتنتشر معظم تلك القواعد والنقاط، بحسب الدراسة، في المنطقة الشمالية الشرقية من سوريا، وتعتبر تلك المواقع قواعد ارتكازية، مهمتها دعم قوات سوريا الديمقراطية في عملياتها العسكرية ضد تنظيم "داعش". ويقع 17 موقعا منها في محافظة الحسكة، و9 في محافظة دير الزور، و3 في محافظة الرقة وتضم كل من محافظات حمص وحلب وريف دمشق واحدة لكل منها.
*تأكيدات القاعدة الأمريكية الجديدة
كشف مصدر سوري مطلع، أن الجيش الأمريكي بدأ بتجهيز معسكر جديد على أراضي فندق وعدد من المباني المجاورة في مدينة كوباني (عين العرب) في محافظة حلب شمال سوريا.
وقال المصدر لوكالة "نوفوستي" الروسية: "بدأت القوات الأمريكية بناء قاعدة عسكرية صغيرة في بلدة عين العرب على الحدود السورية التركية في مبنى كان في السابق فندقا والعديد من المباني المحيطة به". وبحسب المصدر، يجري العمل حاليا على إنشاء تحصينات خرسانية حول هذه المباني تحسبا لبدء نقل الأصول التقنية والعسكرية.
كما تعمل القوات الأمريكية -بحسب المصدر- على تعزيز تواجدها وتعزيز قواعدها في محافظتي دير الزور والحسكة، وزيادة كبيرة في عدد إمدادات الأسلحة والمعدات العسكرية التقنية التي تصل إلى هذه القواعد، سواء برا من العراق أو جوا من دول أخرى.
كشف مصدر في التحالف الدولي، عن تحرك العشرات من القوات الأمريكية المتواجدة في القواعد العسكرية العراقية باتجاه سوريا. وذكر المصدر، إن "القيادة الأمريكية قررت نقل العشرات من جنودها المتواجدين في القواعد العسكرية بالعراق إلى سوريا".
هذا وأفادت مصادر في قوات "سوريا الديمقراطية" (قسد) يوم الجمعة، بأن الولايات المتحدة والتحالف الدولي يقومون بإنشاء قاعدة عسكرية جديدة في سوريا، بالقرب من مدينة عين العرب (كوباني).
وبحسب ما نقلته قناة "الحدث" الفضائية عن المصادر، فقد توجهت منذ نهاية ديسمبر 2024، نحو 300 شاحنة محملة بالكتل الإسمنتية والمولدات الكهربائية وخزانات الوقود والذخيرة إلى هذه المنطقة عبر نقطة تفتيش الوليد على الحدود السورية العراقية، ووصلت إلى هناك يوم الأربعاء قافلة مكونة من 50 شاحنة تحمل معدات عسكرية ومباني جاهزة وجرافات.
وفي 19 ديسمبر الماضي، اقترح قائد "قوات سوريا الديمقراطية" مظلوم عبدي إنشاء منطقة منزوعة السلاح في عين العرب (كوباني) لمنع القوات التركية من غزو المنطقة، وأشار في الوقت نفسه إلى أن هذه المنطقة المتاخمة لتركيا ستكون تحت سيطرة الجيش الأمريكي.
وشنت تشكيلات "الجيش السوري الحر" المدعومة من تركيا في 9 ديسمبر، هجوما على مواقع قوات "سوريا الديمقراطية" في منبج وعين العرب، وصدت الجماعات الكردية الهجمات وأعلنت في 25 ديسمبر عن هجوم مضاد في منطقة جسر قره كوزاك وسد تشرين على نهر الفرات.
ويوم الخميس الماضي، قتل الأكراد 15 من مقاتلي "الجيش السوري الحر"، وتطرح أنقرة كشرط مسبق مطلب حل "قوات سوريا الديمقراطية" ونزع سلاحها.
يذكر أن الأكراد يسيطرون على 25% من أراضي الجمهورية العربية السورية، بما في ذلك معظم محافظتي الرقة والحسكة، بالإضافة إلى شمال شرق دير الزور حيث توجد حقول النفط.
كما ووفقاً لوسائل إعلام قريبة من القوات الكردية، فقد قامت القوات الأمريكية بإرسال قافلة جديدة إلى المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال وشرق سوريا، تضمنت نحو 50 شاحنة محملة بكتل خرسانية.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن القافلة شوهدت على طريق الحسكة-الرقة، متجهة نحو كوباني، وترافقها مركبة عسكرية من قوات قسد، مؤكدا، أن هذه التحركات تأتي في إطار تعزيز القواعد الأمريكية في المنطقة، في وقت يشهد تصاعداً في التوترات العسكرية والأمنية.
وتضمنت الإمدادات الجديدة 14 طائرة شحن محملة بالمعدات العسكرية والجنود، بالإضافة إلى 233 مركبة عسكرية تشمل شاحنات ومدرعات وناقلات جنود.
وتداول ناشطون مشاهد تُظهر شاحنات محملة بكتل إسمنتية عملاقة تدخل كوباني، فيما أكدت مصادر كردية أن التحالف الدولي بقيادة واشنطن بدأ فعليًا بإنشاء قاعدة عسكرية دائمة داخل المدينة. تعدّ هذه القاعدة الأولى من نوعها للقوات الأمريكية داخل سوريا، في خطوة تعكس توجهًا نحو تعزيز النفوذ الأميركي بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024.
يشار الى ان منذ عام 2015، تم إنشاء ما لا يقل عن تسع قواعد عسكرية أمريكية في المناطق التي تسيطر عليها "قوات سوريا الديمقراطية".
*نفي أمريكي
زعمت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون"، على عدم وجود أي خطط أو نويا لإقامة قاعدة أمريكية في منطقة عين العرب التابعة لمحافظة حلب شمالي سوريا. وجاء ذلك على لسان نائبة المتحدث باسم الوزارة سابرينا سينغ، خلال أول مؤتمر صحفي لهذا العام.
وتعليقا على أنباء متداولة عن إقامة قاعدة عسكرية أمريكية في عين العرب، قالت سينغ: "اطلعت على بعض تلك الأخبار، لا توجد خطة لبناء قاعدة عسكرية في كوباني (عين العرب)"، مبينا أن الجنود الأمريكيين متواجدون في سوريا لهزيمة تنظيم داعش الإرهابي بشكل دائم.
كما زعمت سينغ، أن عين العرب لا يوجد فيها جنود أمريكيون. وقالت: "لا توجد حاليا خطة أو نية لإنشاء أي قاعدة في كوباني، لست متأكدة من مصدر هذه الأنباء". وادعت سينغ، أن الولايات المتحدة تدعم سلامة الأراضي السورية وعملية الاستقرار السياسي، "لكن هذا لن يكون ممكنا إلا من خلال القضاء على داعش والجماعات الإرهابية الأخرى".
*تكذيب اقوال البنتاغون
لكن المتحدث باسم وحدات حماية الشعب الكردية سيامندعلي كذب أقوال البنتاغون بالقول، أن "الهدف من وجود القوات الأمريكية في كوباني، هو ممارسة الضغط على انقرة حتى لا تلجأ إلى التصعيد في كوباني"، الواقعة في أقصى شمال منطقة عين العرب على حدودها المتصلة بولاية الرها التركية.
وبحسب خبراء أمنيين تحدثوا لشبكة "انفوبلس"، فإنه رغم الأرتال والقوافل العسكرية والتحضيرات ألا أن واشنطن تصرّ على نفي الموضوع بطريقة مشابهة لنفي تواجد عسكريين في العراق. فيما ان مراقبين يرون أن هذه القاعدة تأتي ضمن ترتيبات أوسع، تشمل إعادة رسم المشهد الأمني والسياسي في سوريا، لا سيما مع بروز مفاوضات بين واشنطن وأحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) قائد هيئة تحرير الشام.
ويرى محللون أن إنشاء القاعدة العسكرية الجديدة في سوريا يعكس استراتيجية أمريكية طويلة الأمد لحماية مصالحها في المنطقة، مع دعم قوات سوريا الديمقراطية كحليف رئيسي في مواجهة التحديات الأمنية.