بين صدام وداعش.. أكثر من مئتي مقبرة جماعية وآلاف الضحايا
إنفو بلس/..
سنوات مضت على انتهاء حقبة النظام البائد برئاسة صدام حسين وكذلك على دحر تنظيم داعش الإرهابي في العراق، لكن تبعات هاتين الحقبتين لا تزال تؤرّق العراقيين، فبين الفينة والأخرى يتم العثور على مقابر جماعية تضم رفات العشرات ممن قضوا على يد زُمرة صدام وداعش.
تراب البلاد من شمالها إلى جنوبها مليء بعدد كبير من المقابر الجماعية التي حُفرت بسبب قمع نظام صدام حسين، وصولاً إلى فترة سيطرة تنظيم داعش على مساحات شاسعة من أراضي البلاد.
*الاكتشاف
يشكّل اكتشاف المقبرة الجماعية خطوة أولى في عملية قد تطول أشهراً وسنوات.
ثم يبدأ الفحص بنقطة دم صغيرة تؤخذ من ذوي الضحايا وتوضَع على قماشة بيضاء ملصقة على ورقة خُطّ عليها اسم المفقود واسم قريبه، من أجل مطابقتها مع عيّنة من الجثث التي يقوم باستخراجها فريق آخر من الطب العدلي.
تملأ العائلات ورقة ببيانات متعلّقة بالمفقود، مثل: عمره، شكله، تاريخ الاختفاء، مكان الاختفاء، تاريخ آخر مشاهدة، ظروف الاختفاء.
لكن المركزية الكبيرة في فحص الحمض النووي المهمة تعرقل المهمة، ففي حين لا تقتصر المقابر الجماعية على منطقة واحدة في البلد الشاسع، يتم فحص عينات عظام الضحايا ودمّ ذويهم في بغداد فقط.
*بين داعش وصدام
إجمالي المقابر التي تم فتحها في العراق بلغت 105 مقابر
في نهاية شباط 2021، صرّح رئيس مؤسسة الشهداء في العراق (آنذاك)، كاظم عويد، أن إجمالي عدد مواقع المقابر الجماعية التي تم فتحها في العراق حتى الآن بلغت 105 مقابر من أصل 210 تعود لحقبة صدام حسين وصفحة الإرهاب وجرائم تنظيم داعش.
وقال عويد لصحيفة "الصباح" الحكومية، إن "هناك ثلاثة أنواع من المقابر الجماعية التي تعمل عليها دائرة شؤون وحماية المقابر الجماعية، وهي المقابر التي خلّفها النظام السابق، والأخرى التي خلّفها الإرهاب بعد العام 2003، والمقابر التي خلّفها تنظيم داعش بعد العام 2014".
*مَن تفوّق على مَن؟
وأوضح عويد، إن "المواقع التي خلّفها النظام السابق وشخصتها الفرق التابعة لدائرة شؤون وحماية المقابر الجماعية بلغ عددها 98 مقبرة تم فتح 76منها فقط، بينما بلغ عدد المواقع التي خلّفتها عصابات داعش الإرهابية وشخصتها فرقنا 112 مقبرة فُتح منها 29".
وذكر، إن "مجمل عدد الرفات المرفوعة من هذه المقابر بلغ 6 آلاف و393 وهناك عدد من المقابر لم تدخل حتى الآن بخطة مؤسسة الشهداء إلى جانب وجود الكثير من المواقع غير المكتشفة وفرق المقابر الجماعية تعمل بالتنسيق مع دائرة الطب العدلي بوزارة الصحة واللجنة الدولية لشؤون المفقودين للتنقيب بالمواقع المكتشفة للكشف عن مصير المفقودين نتيجة الحروب والإرهاب التي خاضتها البلاد".
ولفت، إلى أن "هناك صعوبات تواجه ملف المقابر الجماعية منها قلّة التخصيصات المالية لتنفيذ خططها".
لكن بحسب تقارير للأمم المتحدة، فقد تم تحديد أكثر من 200 مقبرة جماعية مرتبطة بداعش في العراق حتى هذا الوقت، والتي ربما تضم رفات نحو 12 ألف شخص.
ووفقاً للجنة الدولية للصليب الاحمر، فإنه يوجد في العراق أكبر عدد من الاشخاص المفقودين في العالم، حيث يتراوح عددهم ما بين ربع مليون ومليون شخص.
وتُعد أكبر المقابر الجماعية هي مقبرة "الخسفة" في محافظة نينوى، والتي تعتقد الأمم المتحدة أنها تحتوي على آلاف الجثث، مستندة بذلك على روايات الشهود وذوي الضحايا المفقودين، ممن كانوا تحت حكم تنظيم داعش في نينوى، وتحديداً في مدينة الموصل، والتي تعد من أكبر ثلاث مدن في العراق مع بغداد والبصرة.
*لا مخازن كافية
أعلنت مؤسسة الشهداء أن خططها لفتح جميع المقابر الجماعية تصطدم بالطاقة الاستيعابية لدائرة الطب العدلي وعدم وجود مخازن كافية.
وقال مدير دائرة شؤون وحماية المقابر الجماعية في المؤسسة ضياء كريم في 1 آذار الحالي: إن الدائرة باشرت خطتها السنوية لهذا العام، وتضمنت فتح مقابر جماعية في سنجار للضحايا الإيزيديين الذين قضوا على يد عصابات "داعش" الإرهابية، إضافة إلى حملة لجمع عيّنات دم ومعلومات من عوائل ضحايا مقبرة بئر علو عنتر في قضاء تلعفر، وقد قامت الدائرة بهذه المهمة بمشاركة ومساندة ملاكات دائرة الطب العدلي والمنظمات الدولية ومنها اللجنة الدولية لشؤون المفقودين ICMP وفريق التحقيق الدوليUNTAD .
وأضاف، إن الدائرة تجمع عيّنات الدم والمعلومات من عوائل الضحايا لتكوين قاعدة بيانات بغية مطابقتها مع نماذج الرفات، منوّهاً بوجود خطط مستقبلية تتمثل بجمع عينات دم من عوائل الضحايا في الدول الأوروبية ممن غادروا العراق.
وبيّن كريم، إن رئيس المؤسسة وجه بأن يكون إحياء اليوم الوطني للمقابر الجماعية في السادس عشر من أيار المقبل، وتابع، إن عمليات الكشف والتحرّي ما زالت مستمرة لبعض الإحداثيات والإخبارات التي تلقتها ملاكات الدائرة بغية إجراء تقييم فني ورفع التوصية المناسبة باعتبارها مواقع لمقابر جماعية من عدمها.
وأوضح مدير الدائرة، إن هناك خططا لفتح الكثير من المقابر الجماعية، إلا أنها تصطدم بالطاقة الاستيعابية لدائرة الطب العدلي وعدم وجود مخازن كافية، فلو كانت عمليات المطابقة مستمرة لكانت هناك انسيابية بمسألة رفع الرفات وتسليمها إلى الطب العدلي، ثم تحديد هوياتها وإعادتها إلى ذويها، لكن هناك حلقة مفقودة تتمثل بقلة المانحين وعدم إتمام قاعدة البيانات وعينات الدم المرجعية.
وأكد كريم، إن جميع الإحداثيات الخاصة بمقابر شهداء سبايكر تم التعامل معها وفتحها ورفع الرفات الموجودة فيها، مع الاستمرار بعمليات تحري المعلومات والتنسيق مع الجهات التحقيقية القضائية للمشاركة في عمليات كشف الدلالة إذا كانت هناك أقوال للمتهمين، للوصول إلى مواقع جديدة بغية التعامل معها وفتحها.