تحقيق في شهادة سعدون صبري حول إعدام السيد محمد باقر الصدر

هذا ما نقله حميد عبد الله
تحقيق في شهادة سعدون صبري حول إعدام السيد محمد باقر الصدر
انفوبلس/..
ينقل الصحفي حميد عبد الله عن سعدون صبري، المتهم بالمشاركة في تصفية السيد محمد باقر الصدر، تفاصيل عن الأيام الأخيرة للصدر قبل إعدامه، والإجراءات التي اتُخذت بحقه من قبل جهاز الأمن في عهد النظام البائد.
*ظروف الاعتقال والتحقيق
يقول سعدون صبري، إنه لم يكن مسؤولاً عن التحقيق مع السيد الصدر. موضحاً، إن الأخير كان محتجزًا في “الشعبة الثانية”، التي تحتوي على مواقف احتجاز وتوقيف، بينما كان هو في “الشعبة الخامسة”، التي لا تتضمن مواقف اعتقال. وأكد، إن الصدر لم يتعرض لتحقيق قاسٍ أو تعذيب خلال فترة احتجازه، كما أنه قابل عائلته أثناء اعتقاله.
وعند سؤاله عن مدة بقاء السيد الصدر في مقر الأمن، أشار إلى أن احتجازه استمر ليوم أو يوم ونصف قبل تنفيذ حكم الإعدام به، بناءً على أوامر مباشرة من رئيس جهاز الأمن فاضل البراك، الذي تسلم الصدر من النجف بناءً على تعليمات من صدام حسين.
*إعدام بلا محاكمة
وفقًا لرواية صبري، فإن السيد محمد باقر الصدر لم يمثَّل أمام محكمة ولم يُدَن بأي تُهم تستوجب عقوبة الإعدام، بل تمت تصفيته مباشرةً بأمر من البراك وصدام حسين، وهو ما يؤكد أن ما جرى لم يكن تنفيذًا لحكم قضائي، بل عملية تصفية سياسية.
ويشير إلى أن اثنين من الضباط، رمزهما (ن.ع.ف) و(ف.م)، جمعا معلومات عن السيد الصدر بعد إعدامه وأعدّا ملفًا لتقديمه للمحكمة كإجراء شكلي بعد تنفيذ العملية.
*تفاصيل تنفيذ الإعدام
يقول صبري، إنه تلقى أوامر بإعدام السيد الصدر بالقرب من “جسر ديالى”، وهي منطقة أصبحت تُستخدم كموقع لتنفيذ الإعدامات، وكان أول من أُعدم فيها 25 عنصرًا من حزب الدعوة.
ويروي أن عملية الإعدام تمت بحضور عدة ضباط، حيث قام هو شخصيًا بإطلاق النار على السيد محمد باقر الصدر، بينما تولى أحد الضباط تنفيذ الإعدام بحق شقيقته بنت الهدى، مشيرًا إلى أنه لم يكن هناك تكبيل للأيدي أو تعصيب للأعين قبل التنفيذ.
وقبل إطلاق النار، اقترب السيد الصدر من شقيقته وقال لها: “موعدنا الجنة”، ثم أُطلق عليه الرصاص بواسطة “غدارة”، وبعد تنفيذ الإعدام، تم دفن الجثتين في قبر قريب من الموقع.
*نقل الجثمان ودفنه في النجف
بعد يومين أو ثلاثة، تلقى سعدون صبري أوامر جديدة من فاضل البراك، بناءً على توجيهات صدام حسين، بإخراج جثمان السيد الصدر فقط، بينما تُركت جثة شقيقته بنت الهدى في مكانها.
ويضيف، أنه تم نقل جثة السيد الصدر إلى الأمن العام في موقع يُعرف بـ”المعمل”، حيث تم تنظيفها من التراب قبل نقلها إلى النجف، حيث تسلمها جد السيد مقتدى الصدر، وتم دفنها هناك تحت إشراف الأمن، بينما بقيت جثة بنت الهدى في الموقع، وفقًا لما وصفه صبري بـ”التوجيهات العليا”.
*إعلان الاعتقال
ويوم أمس الجمعة، أعلن القائد العام للقوات المسلحة، رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، عن إلقاء القبض على قتلة المرجع الديني محمد باقر الصدر الذي تم إعدامه مع شقيقته "بنت الهدى" في العام 1980 من قبل النظام السابق.
وقال السوداني في منشور على حسابه بمنصة "أكس"، "يثبت رجال الأمن الوطني، ومعهم الجهد الأمني للدولة، أن تفانيهم يجري بالاتجاه الصحيح، نحو ترسيخ القانون، وتأكيد عدم الإفلات من العقاب".
وأضاف، "ومع تحقيق العدالة بالقبض على رموز الآلة القمعية المجرمة للنظام الصدامي البعثي، قتلة الشهيد آية الله العظمى محمد باقر الصدر رضوان الله عليه، وشقيقته، وكوكبة الشهداء من آل الحكيم، ومعهم آلاف العراقيين الذين كُتمت أنفاسهم الشريفة في غياهب السجون، نؤكد منهج ملاحقة المجرمين وإن طال بهم الزمن في هروبهم".
وأكد السوداني "ستبقى الجهود المخلصة تعمل بذات الزخم، في ملاحقة كل من أجرم بحق الدم العراقي، في كل زمان ومكان، هذا عهدنا لأبناء شعبنا، ولكل مظلوم أو شهيد".
*أسماء المتهمين
أعلن جهاز الأمن الوطني عن أسماء وتفاصيل المتهمين بإعدام المرجع الديني محمد باقر الصدر وشقيقته، مبيناً أن العملية تمت وفقًا لأحكام قانون حظر حزب البعث المنحل وبتنسيق عالي المستوى مع جميع الجهات ذات العلاقة.
وقال المتحدث باسم جهاز الأمن الوطني أرشد الحاكم، في كلمة له حول تفاصيل عملية القبض على "زمرة إجرامية من أزلام النظام البائد" امس الجمعة: "ألقينا القبض على 5 من أعتى المجرمين من أتباع النظام البائد وقتلة الشهيد الصدر وشقيقته وآلاف العراقيين"، لافتا إلى أن "عملية إلقاء القبض تمت وفقًا لأحكام قانون حظر حزب البعث المنحل وبتنسيق عالي المستوى مع جميع الجهات ذات العلاقة والمؤسسة القضائية".
وأضاف، "المتهم الأول سعدون صبري جميل القيسي رتبته لواء وقد اعترف صراحة بتنفيذ الإعدام بسلاحه الشخصي بحق السيد الشهيد محمد باقر الصدر وشقيقته وتنفيذ الإعدامات الجماعية للمعارضين بتهمة الانتماء إلى حزب الدعوة الإسلامية وأيضاً إعدام 8 مواطنين ودفنهم في مقابر جماعية في الفلوجة وجسر ديالى وإعدام 2 من شباب السادة آل الحكيم وقتل معارض من أهوار الناصرية".
الحاكم أشار إلى، أن "المتهم الثاني هو هيثم عبد العزيز فائق رتبته عميد ومن جرائمه الإشراف على عملية إعدام السيد الشهيد محمد باقر الصدر وشقيقته وتنفيذ الإعدام بحق مجموعة من أعضاء حزب الدعوة الإسلامية".
ولفت إلى أن "المتهم الثالث هو خير الله حمادي رتبته لواء ومن أبرز جرائمه قيادة حملات اعتقال وتعذيب بحق أبناء قضاء بلد بذريعة الانتماء السياسي والمشاركة في عمليات إعدامهم ودفنهم والإشراف على قمع المواطنين الكورد الفيليين في بغداد وإصدار وتنفيذ قرارات بالتهجير القسري لعوائل المعارضين في بلد إلى "نقرة السلمان" التورط في جرائم قطع الأيدي في كركوك وتنفيذ العديد من الاعتقالات والإعدامات بحق المعارضين في بغداد".
ونوّه إلى أن "المتهم الرابع هو شاكر طه يحيى رتبته لواء ومن أبرز جرائمه المشاركة في إعدامات معتقلين كورد عام 1984 في بغداد ومنع إقامة مجالس العزاء على خلفية اغتيال السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر والمشاركة في قتل المواطن المعارض سليمان برينجي".
وبين أن "المتهم الخامس هو نعمة محمد سهيل صالح رتبته لواء ومن أبرز الجرائم قيادة حملات اعتقال وتعذيب استهدفت أكثر من 40 طالبًا جامعيًا من جامعة سليمانية وجامعات أخرى والملاحقة المستمرة لأعضاء الأحزاب الإسلامية".
*ردود الفعل
أشاد نواب وقانونيون وخبراء سياسيون بجهود الحكومة والأجهزة الأمنية التي أطاحت بالمتورطين بقتل المرجع الشهيد آية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر وآل الحكيم والآلاف من أبناء الشعب العراقي.
ويقول الباحث القانوني على التميمي، إن "عقوبة هذه الجريمة البشعة هي الإعدام وفق المادة 406/ 1 / أ من قانون العقوبات العراقي بتهمة القتل مع سبق الإصرار والترصد، وبدلالة مواد الاشتراك 47 و48 و49 من قانون العقوبات العراقي وعقوبة الشريك هي نفسها عقوبة الفاعل الأصلي".
وأضاف، "كما أن التحقيق الجنائي يوجب أن تفتح كل جريمة من هذه الجرائم بقضية مستقلة عن الأخرى وفقا لتتابع العقوبة في قانون العقوبات، تحقيقا ومحاكمة، وهذه الجرائم لا تسقط بالتقادم أو مضي المدة وفقا للمواد من 150-154 من قانون العقوبات العراقي لتعلقها بالحقوق الشخصية".
وتابع، "ولا بد من الإشادة بدور رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في هذه القضية والمساهمة الفاعلة في إلقاء القبض على هؤلاء المجرمين، وألف تحية لقواتنا الأمنية البطلة".
بدوره، أكد المحامي عمر الساطوري، أن "محاكمة مرتكبي جريمة اغتيال الشهيد محمد باقر الصدر وشهداء آل الحكيم لا تحتاج لتشريع قانوني جديد، بل تطبق عليها مواد قانون العقوبات العراقي".
ويؤكد رئيس لجنة حقوق الإنسان النيابية أرشد الصالحي، أن "جرائم البعث استهدفت آل الصدر وآل الحكيم ومكونات الشعب العراقي كافة بينها التركمان، وعائلتي شخصياً عانت من جرائم هذا الحزب المجرم عبر إعدام شقيقي وتهجرت العائلة وكذلك تعرض التركمان في أيام الانتفاضة الشعبانية في تازة وطوزخورماتو لجرائم شبيهة بالتي حدثت بحق أبناء المحافظة الوسطى والجنوبية من إعدامات جماعية".
وأضاف، أن "النظام الدكتاتوري ارتكب جرائم يندى لها جبين الإنسانية وانتهك حقوق الإنسان بشتى الطرق وأبشع الوسائل، ونعتقد بضرورة أن يتواصل فضح جرائم البعث وإيصالها للمجتمع الدولي ونعتقد بوجوب محاسبة جميع من تورطوا بها وليس فقط إزلام النظام ونشيد بأي جهد حكومي لملاحقتهم وتقديمهم للعدالة".
بدورها، أكدت عضو لجنة الشهداء والضحايا والسجناء السياسيين النيابية رقية النوري "نحن في البرلمان العراقي سبق وأن أكدنا على ضرورة تفعيل قانون حظر حزب البعث والأفكار المرتبطة به وهو من القوانين التي عالجت جرائم حزب البعث إضافة إلى أن حقوق الضحايا أطرت بأطار رسمي كما تعلمون في مؤسسات العدالة الانتقالية الشهداء والسجناء السياسيين".
وأضافت، "وأيضا بحكم عضويتنا في لجنة الشهداء والضحايا والسجناء السياسيين فنحن نتابع جديا وميدانيا وبمخاطبات رسمية مع أجهزة الأمن وغيرها من أجهزة الدولة والوزارات المعنية تطبيق قانون حظر حزب البعث المنحل لملاحقة أزلام النظام البائد ممن تورطوا بقتل العراقيين".
ويقول المحلل السياسي حيدر البرزنجي: إن "حزب البعث المنحل مارس أبشع أنواع الإبادة الجماعية بحق الشعب العراقي بجميع مكوناته من الشيعة والكرد والسنة من قتل وإعدامات جماعية وتهجير".
وأضاف، أن "جرائم قتل المرجع الشهيد محمد باقر الصدر رضوان الله تعالى عليه وشهداء آل الحكيم تمت أما عبر الاغتيال المباشر أو اقتيادهم لسجون سرية وتصفيتهم جسدياً، وهذه الجرائم ستبقى شاهدًا على جرائم البعث المجرم وحقيقة دامغة تدين زبانيته أمام الشعب العراقي والمجتمع الدولي".
وتابع، أن "المجتمع الدولي جرم الكثير من جرائم البعث منها قصف مدينة حلبجة بالكيمياوي والأنفال والمقابر الجماعية، هذه الجرائم وجرائم اغتيال شهداء آل الصدر وآل الحكيم ستبقى عارًا في جبين حقبة البعث المجرم".
وأكد، أنه "في موضوع ملف جرائم حزب البعث الدموي، قامت جهات رسمية بإعداد ملفات اتهام إلى مؤسسة الشهداء والسجناء وغيرها وهي معنية بذلك، وقد أقامت عدة ندوات وفعاليات حضرتها شخصيات عالمية وعربية تعرفت على تلك الجرائم كما أن هنالك مؤسسات مجتمع مدني وضحت وما زالت تعمل على كشف جرائم البعث الدموي".
وأشار إلى، أننا "ورغم كل ذلك، فإننا نطالب بالمزيد من العمل لإظهار هذه الجرائم دوليا وعبر تحرك السفارات والقنصليات العراقية وبالتعاون مع لجان البرلمان الخاصة ومنها العلاقات الخارجية والأمن والدفاع وغيرها".
وأشاد حزب الدعوة الإسلامية وتيار الحكمة الوطني، الجمعة، بالجهود الحكومية والأمنية التي مهدت للإطاحة بالمتورطين في قتل الشهيد آية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر وآل الحكيم والآلاف من أبناء الشعب العراقي.