ترسلها من لبنان إلى العراق وتركيا.. تفكيك شبكة لبنانية لتزوير العملة العراقية والعملات الأجنبية
انفوبلس..
فككت السلطات اللبنانية عصابة تعمل على تزوير العملات العربية والأجنبية وتصدّرها إلى وجهات مختلفة في العالم أبرزها العراق، حيث تعمل تلك العصابة في ورشة وتقوم بتزوير العملة العراقية وترسلها إلى العراق وتركيا.
السلطات اللبنانية كشفت عن إحباطها محاولة تهريب عملات مزوَّرة إلى العراق وتركيا، وفكّكت مصنعاً لطباعة أوراق نقدية مزوَّرة في البقاع، حيث تم إيقاف أربعة متورطين، وذلك في أحدث حملة لملاحقة مرتكبي المخالفات والجرائم وتوقيف المطلوبين.
وفي محلات مفتوحة على الطريق الدولي "رياق - بعلبك"، عند مدخل بلدة بريتال، أحكمت قوة كبيرة من الجيش اللبناني بمؤازرة قوة من مخابرات البقاع، الطوق على عصابة لتزوير العملات، يوم السبت.
ووصفت مصادر أمنية العصابة بأنها "الأكبر لتزوير العملة".
وأضافت، أن "المجموعة المتورطة في تزوير العملات تعمل ليل نهار على طبع عملات عربية، وعملات أميركية من فئة الخمسين والمائة دولار، أما وجهة شحنها الأساسية فهي العراق، مع شحن كميات قليلة باتجاه تركيا ودول عربية أخرى".
وعمل الجيش على فتح ثغرة في جدران المحلات التجارية على الطريق الدولي كي يتمكن من سحب ومصادرة ماكينات الطباعة التي بدت ضخمة، مستخدماً رافعة لسحبها من مكانها، وقد نُقلت الماكينات المصادرة إلى أحد المراكز الأمنية وأوقف الجيش أربعة مطلوبين لبنانيين من المتورطين العاملين على طباعة العملة المزوَّرة.
واكتفت قيادة الجيش بالتأكيد في بيان، "أن وحدات الجيش ضبطت في بريتال مصنعاً يحوي آلات ومعدات لتزوير العملة، و3 أسلحة حربية وبنادق صيد وكمية من المخدرات والذخيرة والعملة المزوَّرة".
وقالت المصادر الأمنية: "إن الماكينات المصادَرة معدَّة لطباعة عملات أجنبية مثل الدولار الأميركي واليورو والدينار العراقي".
ولفتت المصادر إلى، أنَّ "ضبط عملات ورقية كانت معدَّة للتهريب".
وتُقدّر الكمية المصادَرة بملايين الأوراق النقدية من عملات مختلفة موضّبة على طبليات خشبية ورُزم مجهّزة للتهريب إلى بعض الدول العربية وتركيا.
وأشارت المصادر الأمنية إلى أنَّ الكمية الكبرى من العملات المزوَّرة كانت معدَّة للتهريب باتجاه العراق.
وتقوم السلطات الرسمية بحملات أمنية واسعة في شرق لبنان، لملاحقة تجار المخدرات ونشاط التهريب والسرقة، وتوقيف المطلوبين والمتهمين بجرائم وبإطلاق النار، وتشاركهم بها جميع الأجهزة الأمنية من مديرية مخابرات الجيش، وقوى الأمن الداخلي، والأمن العام وأمن الدولة.
اتساع ظاهرة التزوير
وفي الآونة الأخيرة، تناقل رواد مواقع التواصل الاجتماعي في العراق مقطع فيديو يظهر أوراقا نقدية مزيّفة من فئة 25 ألف دينار في الأسواق، وهو ما أثار قلقا عارما في الشارع العراقي.
وتحدث صاحب مكتب صرافة ظهر في مقطع مصور عن "وجود عملة مزيفة بتقنية عالية من فئة 25 ألف دينار"، وقال إنه "من الصعب اكتشافها، إلا عن طريق اللجوء لأجهزة كشف العملات المزورة".
كما "حذر من كمية الأموال المزورة التي ضُخَّت في السوق العراقي، وناشد السلطات المعنية بالتدخل".
وفور انتشار الفيديو، وفي ظل انخفاض قيمة الدينار العراقي مقابل الدولار الأمريكي، أبدى رواد مواقع التواصل الاجتماعي في البلاد قلقهم من انهيار العملة المحلية من جراء ضخ أموال مزورة في الأسواق.
وغرّدت الخبيرة الاقتصادية سلام سميسم، "من أشد وسائل التدمير الاقتصادي وحروب البقاء تزوير النقود وإغراق البلد بها، حروب تزوير العملة تدمير لقيمة كل شيء، إنها حرب الوجود أن يكون هناك عراق أو لا يكون".
ومع تراجع قيمة الدينار العراقي لأرقام قياسية، اخترقت مافيا العملة المزوَّرة الأسواق المحلية، مما سبّب حالة من الإرباك لدى المواطنين والتجار، فضلاً عن تزايد المخاوف من انهيار العملة الوطنية، مما يشكل حالة من التضخم المتفاقم الذي ينتج عنه مزيد من التهاوي للدينار أمام الدولار وانفجار موجات غلاء جديدة تُرهق المواطنين.
وتشير أصابع الاتهام إلى عصابات منظمة في ضخ هذه الأموال للسوق العراقية من خلال تبادل السلع وشراء العملة الصعبة، ضمن ما يُعرف بـ(الحشر) وهو وضع أوراق محدودة من العملة المزيفة داخل رزم كبيرة من الأموال الصحيحة.
وكان المكتب الحكومي العراقي في العاصمة بغداد، أعلن يوم 23 يناير/ كانون الثاني الماضي، إعفاء محافظ البنك المركزي العراقي مصطفى غالب مخيف بناءً على طلبه وفق بيان رسمي، وتعيين علي محسن العلاق بالوكالة بديلا عنه والذي اتخذ العديد من الإجراءات للحد من نزيف العملة.
الباحث بالشأن الاقتصادي العراقي، عمر الحلبوسي، أشار إلى أن عمليات تزوير العملة منظمة وتستهدف الدفع بكميات كبيرة منها إلى السوق لإضعاف الثقة بالعملة الوطنية ورفع قيمة الدولار، بشكل رئيسي.
وأضاف الحلبوسي، أن عمليات التزوير على الأرجح تتم خارج العراق بسبب التقنية العالية التي تجري بها، وهناك ضحايا كُثُر وقعوا بالفترة الأخيرة ضحيّةً للتزوير.
وبيّن الحلبوسي، أن الفئات المزورة التي تم تداولها هي فئة 25 ألفا و50 ألف دينار، إلا أن الفئة الأكثر انتشارا هي فئة 25 ألف دينار عراقي، التي انتشرت بشكل واسع في الأسواق العراقية، مشدداً على أن العملة المزورة شهدت تطورا كبيرا في عملية التزوير، إذ لا يمكن كشفها إلا من خلال أجهزة الحساب الإلكترونية.
وعن تأثير تداول هذه العملة في السوق، أكد الحلبوسي، أن تأثيرها مباشر على الاقتصاد العراقي من خلال الخسائر الكبيرة التي سوف تلحق بالتجار، فضلا عن اختلال ثقة الناس والمستثمرين بالعملة العراقية، مما ينعكس سلبا على الدينار العراقي وهو ما سيؤدي إلى تراجع قيمته، مما ينذر بحدوث حالة من الكساد الاقتصادي.
من جانبه، أوضح الخبير الاقتصادي، نبيل المرسومي، أن تزوير العملة العراقية ليس حالة جديدة ولكنها ازدادت مؤخرا، ودائما ما تلقي السلطات الأمنية القبض على بعض العصابات على الحدود العراقية بتهمة إدخال العملات المزورة.
وأضاف المرسومي، أن هناك أطرافا مستفيدة تعمل على ضخ العملات المزورة إلى السوق من أجل الضغط على الدينار العراقي، ورفع مستويات الأسعار، مما يفقد ثقة المواطن بالعملة الوطنية.
وطالب المرسومي السلطات الأمنية بأخذ دورها للحد من هذه الظاهرة لما لها من تداعيات خطيرة على حجم التداول النقدي العراقي، لأن المواطن سيضطر إلى التخلي عن العملة الوطنية والتوجه نحو ادّخار وتداول الدولار الأميركي، مشدداً على أن المتضرر الوحيد هو المواطن العراقي.
من جهته، علّق البنك المركزي العراقي على انتشار أخبار تزوير العملة، موضحاً آلية التعرّف على العملات المحلية الأصلية والمزورة.
وقال مستشار البنك المركزي، إحسان الياسري، إن الأوراق النقدية العراقية فئات (10 آلاف دينار و25 ألف دينار و50 ألف دينار) تتضمن نافذة شفافة والتي أصبحت من أقوى العملات الورقية التي أصدرها البنك المركزي، وهي ورقة محكمة فيها نافذة شفافة ومن خصائصها ظهور صورة "المئذنة الملوية" إذا كانت خلفيتها بيضاء، كما أنها تظهر رقم الفئة إذا كانت خلفيتها سوداء".
وأشار الياسري في تصريح صحافي، إلى أن تزييف العملة ضعيف ورديء، وغالباً ما يكتشفه الجمهور والقطاع المصرفي والبنك المركزي الذي نشر في وقتٍ سابق، صورة وضّح من خلالها العلامات الأمنية الموجودة في العملة العراقية لمختلف الفئات، وذلك بالتزامن مع انتشار المعلومات عن وجود موجة من فئة 25 ألف دينار المزورة غزت السوق المحلية العراقية.
ولفت البنك المركزي، من خلال صورة نشرها عن وجود علامات أمنية في العملات النقدية العراقية يمكن من خلالها معرفة العملات المزورة والحقيقية، داعياً المواطنين إلى الانتباه وملاحظة العلامات عند التعامل بها.