تسليح العراق بين الفساد والفيتو الأميركي.. ما القدرات العسكرية للجيش العراقي؟
انفوبلس/ تقارير
عقبات عديدة يواجهها العراق في مسألة تطوير قدرات دفاعاته الجوية، تكمن أبرزها في الفيتو الأميركي التي تحاول واشنطن من خلاله منع امتلاك بغداد للسيادة العسكرية، وعدم تنويع مصادر التسليح وربطه بها فقط. فما الذي كشف عنه السوداني بهذا الصدد؟ وماذا كانت مخرجات اجتماعه مع ممثلي شركة (كاي) الكورية للصناعات الجوية والفضائية؟
القدرات العسكرية للجيش العراقي
بالحديث عن القدرات العسكرية الحالية للجيش العراقي، يحتل الجيش المرتبة رقم 45 عالميا في 2023، ويقدر إنفاقه الدفاعي بنحو 5.7 مليار دولار. ويمتلك الجيش قوة بشرية تضم: 200 ألف جندي عامل و130 ألف فرد يمثلون قوات شبه عسكرية. ويمتلك الجيش العراقي أنواعا مختلفة من العتاد العسكري البري تشمل: 923 دبابة، نحو 39 ألف مدرعة، 281 مدفعا ذاتيا، ألف و426 مدفعا مقطورا، و424 راجمة صواريخ.
أما القوات الجوية العراقية فتصنف في المرتبة رقم 29 عالميا بـ 361 طائرة حربية تضم: 26 مقاتلة، 33 طائرة هجومية، 16 طائرة نقل عسكري، 112 طائرة تدريب، 21 طائرة مهام خاصة، و164 مروحية بينها 40 مروحية هجومية.
السوداني: العراق بحاجة لتنويع مصادر التسليح
قبل ثلاثة أيام، أكد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، حاجة العراق إلى تنويع مصاد التسليح.
جاء ذلك، خلال استقباله ممثلي شركة (كاي) الكورية للصناعات الجوية والفضائية، في مكتبه بالعاصمة بغداد.
وأكد رئيس الوزراء، حرص الحكومة على التعاون مع الشركة، والاستفادة من خبراتها وإمكانياتها لتطوير وتعزيز قدرات الدفاع الجوي، التي تأتي ضمن مستهدفات البرنامج الحكومي في تحقيق الإصلاح الأمني وتطوير الأجهزة الأمنية.
وأشار السوداني، إلى حاجة العراق لتنويع مصادر التسليح، وهو ما عملت عليه الحكومة ضمن خطة شاملة لرفع كفاءة وجهوزية القوات الأمنية، وتعزيز قدرة البلد أمام مختلف التحديات الداخلية والخارجية.
فيتو أميركي
عدم تمكن العراق من الحصول على أسلحة متطورة يُفسَّر ضمن إطار الفيتو الأميركي المفروض على الحكومات المتعاقبة، الذي يمنعها من عقد صفقات تسليح مع دول أخرى.
ويعود هذا المنع إلى اعتبارات تتعلق بالمصالح الأميركية، وكذلك رغبتها في إبقاء العراق في حالة اعتماد دائم على الوجود العسكري الأميركي بذريعة الدفاع عنه. ورغم هذه الحجج، فإن الواقع يشير إلى غياب نتائج ملموسة، والشواهد على ذلك عديدة.
وبهذا الصدد، أكد عضو ائتلاف دولة القانون، عمران كركوش أن تطوير القدرات الدفاعية للعراق أصبحت ضرورة استراتيجية لمواجهة التهديدات المتزايدة في المنطقة.
وقال كركوش في حديث له تابعته شبكة انفوبلس، إن "تصاعد استغلال الكيان الصهيوني لحالة انهيار الدولة السورية من خلال التوغل في الأراضي السورية وتدمير البنية الدفاعية العسكرية، يستدعي الحاجة الملحة لتطوير المنظومة الأمنية بصورة عاجلة".
وأضاف، أن "تطوير القدرات الدفاعية العراقية أصبح ضرورة استراتيجية لمواجهة التهديدات المتزايدة في المنطقة"، موضحا ان "تعزيز قدرات العراق الدفاعية لم يعد خيارًا بل أصبح واجبًا لضمان حماية السيادة الوطنية ومنع أي اعتداءات محتملة في ظل التوترات الإقليمية والصراعات المفتوحة".
قرار أمريكي – صهيوني لإضعاف سلاح الجو العراقي
إلى ذلك، حذر عضو تحالف الفتح علي عزيز، من استمرار سيطرة القوات الامريكية على الاجواء العراقية، لافتا الى اهمية توجه الحكومة نحو تقوية منظومة الدفاع الجوي والسيطرة على الاجواء لضمان عدم حدوث اي خرق معادي.
وقال عزيز في تصريح صحفي تابعته شبكة انفوبلس، إن "هناك قرار امريكي صهيوني لابقاء سلاح الجو العراقي ضعيفا غير قادر على مواجهة التحديات الخارجية او السيطرة والحفاظ على الاجواء من اي طيران او عبور لصواريخ معادية".
وأضاف، إن "ضعف سلاح الجو سيجعل الاجواء مفتوحة أمام العدو، وهو أمر سعت لتحقيقه الادارة الامريكية من خلال تواجد قواتها داخل العراق وفرض الفيتو على الجانب التسليحي".
وأشار إلى، إن "هناك حاجة ماسة لتقوية القرار العراقي والذهاب باتجاه الحفاظ على السيادة عبر تقوية الدفاعات الجوية بعيدا عن اي تدخلات امريكية، وذلك من اجل الحفاظ على الاجواء".
فساد في عقود التسليح
لم يقتصر ضعف سلاح الجو العراقي ومنظومته الأمنية على الفيتو الأميركي فحسب، إذ وصف الخبير الأمني أحمد الشريفي عقود وصفقات التسليح في العراق بأنها بعيدة عن استراتيجيات “توازن الردع” المطلوب؛ والذي يُحدد نوع وقدرات الأسلحة التي يحتاجها العراق بناءً على الوضع الإقليمي وقوى البلدان المحيطة.
وقال الشريفي في تصريحات صحافية، إن: “صفقات التسليح يجب أن تخضع إلى استراتيجية تقوم على أساسها نظرية تسليح الدولة العراقية؛ لا سيّما القوى الجوية”، مبينًا أن: “الاستراتيجية يجب أن تُبنى على أسس ومرتكزات تتعلق باستعارة تجارب الدول الأخرى".
وأوضح، إن “العراق يحتاج إلى استراتيجية واضحة في آليات التسليح؛ لا سيّما إننا نمتلك جيشًا يُعد جيشًا ناشئًا يحتاج قدرات تسليحية ضمن تراتبية في الجهوزية وتقنية الطائرات”، معتبرًا أن: “غياب الاستراتيجية أمر واضح في قضايا التسليح؛ وهناك تخبط وتسييس لملف تسليح الجيش العراقي".
وشدّد على، أن “سبب غياب الاستراتيجية هو أن وزارة الدفاع واحدة من الوزارات التي خضعت للمحاصصة، والمحاصصة تسيّس المؤسسة وتجعلها خاضعة لبرنامج الحزب المتحكم بهذه المؤسسة، خصوصًا وأن سياسة الحزب تختلف عن سياسة الدولة".
وأكد، أن “غياب الاستراتيجية؛ فضلاً عن ملفات الفساد التي شابت ملفات التسليح، أنتجت انتقاء نوع وقدرات الأسلحة بشكلٍ عشوائي أو نزولاً عند آراء ورغبات سياسية وليس ضمن استحقاق إدارة معادلات التوازن ضمن محيط العراق الإقليمي".
واعتبر الخبير الأمني، إن “معظم الطائرات التي يتم شراؤها من قبل العراق ممكن الحصول على أقيامها بسهولة عبر المواقع الإلكترونية وسنجد هناك فوارق كبيرة في الأسعار يتم تبريرها أحيانًا بأسعار قطع الغيار والصيانة والتدريب".
وبشأن سبب سكوت البرلمان عن الفساد في عقود التسليح؛ خصوصًا وأنه يتعلق بـ”أمن العراق القومي والخارجي”، اعتبر أن: “الفساد يأتي ضمن أطر المحاصصة؛ لذلك يسكت البرلمان عنه، حيث تكون هناك صفقات متبادلة داخل البرلمان، حيث يصمت حزب معين عن فساد تلك الوزارة، وبالمقابل يصمت حزب هذه الوزارة عن فساد الحزب الآخر، وهكذا”.
ما هي أبرز الصفقات التسليحية المتوقعة في المستقبل؟
رغم المعوقات، والفيتو الأمريكي، يسعى العراق لتنويع مصادر التسليح وتطوير القواعد العسكرية وسلاح الجو، إلى جانب تعزيز شبكات الرصد والرقابة.
وتشير تقارير إلى أن السلطات العراقية تجري اتصالات لشراء أنظمة دفاعية متطورة من دول مختلفة، ومن بين الصفقات المتوقعة، هناك ضغوط سياسية تقوم بها بعض الكتل لإحياء ملف شراء منظومة الصواريخ الروسية "إس-400"، للتعبير عن رفضهم التعامل مع أميركا وبقاءها في البلد.
ومن الجدير بالذكر أن الحكومة العراقية خصصت ميزانية قدرها 21.6 مليار دولار لوزارة الدفاع في عام 2024. وسيتم توجيه جزء كبير من الأموال إلى شراء الأسلحة وتحديث ترسانة الجيش والقوات المسلحة.
وتأكيدا على الحاجة الملحّة لأنظمة الدفاع الصاروخي المتقدمة في الشرق الأوسط، سعى العراق بشكل عاجل للحصول على ثماني بطاريات من نظام الدفاع الجوي والصاروخي الباليستي M-SAM-II من كوريا الجنوبية.
وطلب العراق من كوريا الجنوبية على وجه السرعة 8 بطاريات من نظام الدفاع الجوي والصاروخي الباليستي M-SAM-II. ويقدر هذا العقد بـ 2.56 مليار دولار.
وهذا يشير إلى أن نظام M-SAM-II هو أحد أنظمة أرض-جو الأكثر شهرة في العالم والمنتج الفردي الأكثر نجاحًا في الأسلحة الكورية بجانب مدفع K9.
ويبلغ مدى نظام Cheongung-II (M-SAM2) كالتالي:
• بلوك 1: يصل مداه إلى 40 كيلومترا (25 ميلا) ويمكنه اعتراض الأهداف حتى ارتفاع 15 كيلومترا.
• بلوك 2: تم تحسينه ليصل مداه إلى 50 كيلومترا (31 ميلا) ويمكنه اعتراض الأهداف حتى ارتفاع 20 كيلومترا.
كما أن هناك أنباء حول إبرام القوات الجوية العراقية مع باكستان اتفاقية تاريخية لتوفير 12 طائرة مقاتلة من طراز JF-17 Thunder Block III.
وتأتي هذه الصفقة في أعقاب الاتفاقية التاريخية للتعاون الدفاعي بين باكستان والعراق. تم التوقيع على الاتفاقية خلال محادثات بين قائد القوات الجوية الباكستانية المارشال ظاهر أحمد بابار ونظيره في وزارة الدفاع العراقية.
كما ذكرت تقارير أن العراق دخل مؤخرًا في مفاوضات مع شركة داسو للطيران لشراء 14 طائرة “رافال”. وتم تخصيص ميبغ 3.2 مليار دولار لهذا العقد بهدف استبدال طائرات F-16IQ المتقادمة في البلاد ، والتي أثبتت صعوبة صيانتها.
والجدير بالذكر أن الحكومة العراقية اقترحت دفع ثمن الطائرات الجديدة من خلال إمدادات النفط بدلاً من النقد ، مما يسلط الضوء على النهج الفريد للبلاد في تمويل عمليات الاستحواذ الدفاعية.