تغيرات مفاجئة بشأن انسحاب القوات الأجنبية من العراق.. هل تنوي بغداد تقديم طلب لتمديد تواجدها؟
انفوبلس/ تقرير
في ظل التصعيد الخطير الذي تشهده المنطقة وخصوصاً ما يجري في سوريا، وبعد أشهر من المحادثات بين واشنطن وبغداد بشأن مستقبل ما يسمى بالتحالف الدولي، تكشفت اليوم معلومات "مدوية" عن أن حكومة بغداد أعادت النظر في مسألة إنهاء وجود هذه القوات وترغب في تقديم طلب تمديد لتواجدها، ويسلط تقرير "انفوبلس" الضوء على ردود الفعل السياسية حول ذلك.
ويوجد نحو 2500 عسكري أميركي في العراق، ضمن ما يسمى بالتحالف الدولي الذي تقوده واشنطن منذ سبتمبر/أيلول عام 2014، ويتوزع الجنود على ثلاثة مواقع رئيسية في العراق، هي قاعدة عين الأسد في الأنبار، وقاعدة حرير في أربيل، ومعسكر فيكتوريا الملاصق لمطار بغداد الدولي، وتضاف للقوات الأميركية، قوات فرنسية، وأسترالية، وبريطانية، تعمل ضمن قوات التحالف، وأخرى ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (ناتو) في العراق.
مفاجأة "مدوية"
كشفت صحيفة الأخبار اللبنانية، اليوم الأربعاء، أن حكومة بغداد أعادت النظر في مسألة إنهاء وجود قوات "التحالف الدولي"، والتي تقودها الولايات المتحدة، في البلاد، وذلك على خلفية الأحداث الإقليمية الأخيرة، وخاصة في سوريا.
وذكرت الصحفية نقلاً عن مسؤول أمني عراقي، بأن حكومة بغداد أعادت النظر في مسألة إنهاء وجود قوات "التحالف الدولي"، والتي تقودها الولايات المتحدة، في البلاد، وذلك على خلفية الأحداث الإقليمية الأخيرة، وخاصة في سوريا، مشيراً، إلى أن "العراق ينوي تقديم طلب تمديد لقوات التحالف نتيجة التحولات التي تشهدها المنطقة".
وأضاف المسؤول، أن رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، والقادة الأمنيّين الكبار، تحدثوا خلال اجتماعات في ما بينهم "عن أهمية وجود قوات التحالف الدولي كقوات مساندة ومساعدة للأجهزة الأمنية العراقية في تنفيذ عملياتها العسكرية جواً وبراً، وملاحقة بقايا تنظيم داعش في أماكن وجوده"، بحسب ما زعمت.
وأوضح، أن "طيران التحالف يستطيع تركيز عملياته على استهداف مجاميع داعش في الجبال أو في المناطق الوعرة، فضلاً عن الإمساك بالشريط الحدودي بين العراق وسوريا، وأن طلب البقاء من أجل المشورة وتقديم المساعدة والقضاء على الإرهاب هو من مصلحة العراق وقواتنا الأمنية التي لديها إمكانات كافية لمواجهة أي عدوّ"، وفق قولها.
وكانت حكومة بغداد قد أجرت، في العامين الماضيين، مفاوضات مع واشنطن بشأن سحب الأخيرة قواتها من العراق، وذلك تحت ضغط الفصائل المسلّحة التي تطالب برحيل تلك القوات. وتوصّلت اللجان العسكرية المؤلفة من قادة ومسؤولين عسكريين من البلدين، إلى وضع توقيتات زمنية لخروج قوات "التحالف" قبل نهاية 2026.
لكن مراقبين يعتقدون بأن ضغوطاً دولية مورِست على السوداني للإقرار بحاجة بلاده إلى تلك القوات الأجنبية في سبيل مكافحة الإرهاب، ولا سيما بعد التطورات الأخيرة في سوريا، بحسب الصحيفة.
وكان السوداني قد أكد، أمس، حاجة العراق إلى "تنويع مصادر التسليح ورفع كفاءة وجهوزية القوات الأمنية، وتعزيز قدرة البلد أمام مختلف التحديات الخارجية والداخلية".
وقال بيان حكومي، إن السوداني أبدى، خلال لقاء مع ممثلي شركة "كاي" الكورية الجنوبية للصناعات الجوية والفضائية، في بغداد، حرص العراق على "تطوير وتعزيز قدرات الدفاع الجوي، والتي تأتي ضمن مستهدفات البرنامج الحكومي في تحقيق الإصلاح الأمني وتطوير الأجهزة الأمنية".
ويسود اعتقاد في بغداد بأن الأحداث الأخيرة في قطاع غزة ولبنان دفعت السوداني إلى تنويع مصادر تسليح القوات الأمنية، والتعاقد مع شركات أجنبية لتطوير المنظومة العسكرية، وذلك في إطار الاستعداد للتحديات التي قد تعصف بالبلاد مستقبلاً.
*ردود الفعل السياسية
ويعتقد النائب عن كتلة "الصادقون"، محمد البلداوي، في هذا السياق، أن "الاضطرابات الأخيرة التي شهدتها المنطقة تقف وراءها بالمجمل أميركا والكيان الصهيوني من أجل توسيع نفوذ إسرائيل داخل سوريا، وتحقيق طموحاتها المزعومة بالتمدّد من النيل إلى الفرات".
ويؤكد، أن "الأجهزة الأمنية بتشكيلاتها كافةً، بمن فيها الحشد الشعبي، قادرة على مواجهة خلايا داعش التي أصبحت كالذئاب المنفردة ولم تعد تنظيماً لديه القوة للسيطرة"، لافتاً إلى أن "دول التحالف عادت تروّج لخطورة الإرهاب لغرض عدم الخروج من العراق".
ويرى أن "التعاون الأمني والاتفاقات بهدف التسليح والتدريب يحتاج إليها العراق كما تحتاج إليها أيّ دولة أخرى، لكن البلاد أصبحت لديها تجربة مع داعش في عام 2014، وتعرف كيف تواجهه من دون الحاجة إلى قوات أجنبية".
في موازاة ذلك، تصاعدت منذ أشهر مطالبات أطراف سياسية وفصائل مقاومة عراقية بإنهاء وجود القوات الامريكية والتحالف الدولي في البلاد، وذلك بسبب ارتكابه المزيد من الجرائم داخل العراق تارة في استهداف مقرات الحشد الشعبي وأخرى بدعم الكيان الصهيوني بالسلاح المحرم دولياً لقتل أطفال غزة.
من جهته، قال مقرر لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، ياسر وتوت، إن "اللجان البرلمانية المختصة لا تعرف أي شيء عما يجري في مفاوضات إخراج القوات الأميركية، وهي تتابع الملف عبر التصريحات والبيانات الإعلامية".
وأوضح، أن "الحكومة لم تطلعنا حتى الآن على ما وصلت إليه بشأن المفاوضات". وأقرّ وتوت بأن عمل اللجان المشتركة التفاوضية "متوقفة منذ فترة من دون أن يكون هناك إعلان رسمي عن أي حوارات بين الجانبين ولا نعرف ما أسباب ذلك، خصوصاً أن كل التصريحات الأميركية تؤكد على عدم الانسحاب، وإنما تغيير عنوان بقاء القوات الأجنبية فقط".
وحذّر من أن "استمرار التسويف في قضية إخراج القوات الأميركية، قد يدفع الفصائل العراقية المسلحة إلى العودة لاستهداف المصالح والأهداف الأميركية في العراق والمنطقة"، موضحاً أن "العمليات أُوقفت بسبب تلك المفاوضات ولعدم التأثير عليها، فيما الإخفاق فيها بشكل معلن أو غير معلن ربما سيعيد تلك العمليات".
أما كاظم الفرطوسي، المتحدث باسم "كتائب سيد الشهداء"، فقد شدّد مؤخراً على أنهم "ينتظرون تعليقاً من الحكومة العراقية بشأن استفسارات قُدمت لهم عن آخر ما توصلت إليه مفاوضات بغداد وواشنطن"، لافتا الى أن "موقف تنسيقية المقاومة الإسلامية العراقية واضح ومعلن. الإخفاق في إخراج القوات الأميركية عبر التفاوض يعني أننا سنتحرك". وقال: "نحن منحنا الفرصة للحكومة العراقية، لكن في حال عدم حسم الملف سريعاً ووضع جدول زمني معلن للانسحاب، فإن الفصائل ستفرض طريقتها الخاصة لإخراج العسكريين الأميركيين".
كما قال النائب عن كتلة الصادقون النيابية حسن سالم، إن "الاحتلال الأمريكي يرتكب المزيد من الجرائم داخل العراق تارة في استهداف مقرات الحشد الشعبي وأخرى بدعم الكيان الصهيوني بالسلاح المحرم دولياً لقتل أطفال غزة"، مشيرا الى أن "الشعب العراقي لن يرضى ببقاء الاحتلال الأمريكي جاثماً على تراب الوطن".
وتتعالى مطالبات بسرعة إخراج القوات الامريكية، خلال مدة قصيرة، لأن تمديد فترة الانسحاب يهدد البلاد وقد تخلق واشنطن مشكلات عدة بينها إنشاء جماعات إرهابية جديدة مثلاً داعش والقاعدة، أو إعادة إحياء داعش في مناطق البلاد القريبة من سوريا، وبالتالي إدامة تواجدها بزعم محاربة الإرهاب.
*أكثر من 900 شكوى ضد "التحالف الدولي"
كما كشف العضو السابق في مفوضية حقوق الإنسان العراقية مؤخراً، علي البياتي، أن 926 شكوى من ذوي الضحايا مسجلة لدى الحكومة العراقية ضد التحالف الدولي، من محافظات: نينوى، وكركوك، والأنبار، شمال، وغربي البلاد، مبينا أن نصف العدد المذكور هم شهداء، والآخر إصابات مختلفة.
البياتي طالب الحكومة العراقية، أن تعمل على إقامة دعاوى ضد التحالف الدولي، عن الشكاوى التي وصلت إليها من ذوي الضحايا، لأن التحالف غير مخوّل من قبل مجلس الأمن. وأضاف، على الحكومة العراقية، أن تعمل على محاسبة التحالف الدولي، وتعوض الضحايا، لأن القصف الذي طالهم من التحالف، هو انتهاك للقانون الدولي الإنساني، واتفاقيات جنيف الأربع التي تحتّم على الجهات المتحاربة تجنب استهداف المدنيين، وضرورة حمايتهم.
ونوه البياتي، إلى اعتراف التحالف الدولي، أنه خلال سنوات الحرب ضد "داعش" سقط ما يقارب 1370 مدنياً في العراق وسوريا، في حين تقارير دولية محايدة تؤكد سقوط 11800 شهيد فقط في العراق وسوريا وأكثر من 8000 جريح.
وعن موقف الحكومة حيال الشكاوى المقدَّمة إليها من قبل ذوي الضحايا، أكد البياتي، أنها اكتفت بذكر عدد الشكاوى، ولم تتخذ حتى الآن أي موقف أو تحرك يحاسب "التحالف الدولي" عن سقوط الضحايا المدنيين.