تفجيرا ساحة الطيران وخسّة التنفيذ.. الأول ادعى المرض ففجر نفسه والثاني انتظر المسعفين فكرر الجريمة.. مروءة فطرية قادت إلى مجزرة!
انفوبلس/ تقارير
تمر اليوم الذكرى السنوية الأليمة الثالثة لواحد من أشد التفجيرات في بغداد وأكثرها مأساة، ألا وهو التفجير المزدوج في ساحة الطيران وسط العاصمة والذي نُفذ بواسطة انتحاريين ادَّعى الأول المرض فتجمهر الناس حوله ليفجّر نفسه، لينتظر الثاني المُسعفين ويُقدم هو الآخر على نسف نفسه بهم ليجسّد بذلك خسّة الظلاميين ووحشيتهم. انفوبلس سلّطت الضوء على هذه الذكرى وستذكر أبرز محطاتها وكيف جسّدت مروءة غالبية العراقيين وكشفت خسّة الظلاميين، مع التطرق لهوية المنفذين وأبرز ما لحق الجريمة الدامية.
*تفجير مزدوج
تفجيرا ساحة الطيران 2021، هما تفجيران انتحاريان وقعا في ساحة الطيران والباب الشرقي بالقرب من (سوق البالة) في جانب الرصافة من بغداد صباح يوم 21 كانون الثاني 2021، وقد أودى الحادث بحياة 38 شخصاً على الأقل وإصابة أكثر من 110 بجروح، لم تُعلن الحكومة العراقية مباشرة عمَّن يعتقدون أنه الفاعل، ولكنها قالت إنها حادثة إرهابية، وغالباً ما يُقال هذا الوصف لأعمال "داعش الإرهابي". ثم في وقت متأخر من اليوم نفسه، أعلنت "وكالة أعماق الإخبارية" التابعة لتنظيم داعش عن مسؤوليته عن الانفجارَين.
*الأول ادّعى المرض والثاني انتظر المسعفين
وعن تفاصيل التفجيرَين، فقد نُفِذا بواسطة انتحاريَّين اثنين يرتدي كل منهما حزاما ناسفا، حيث جاء في بيان صادر عن وزارة الداخلية العراقية آنذاك أن "انتحاريًّا أول فجر نفسه في سوق البالة بساحة الطيران وسط العاصمة بغداد بعد ادعائه أنه مريض فتجمع الناس حوله، ثُمّ ما لبث أن فجر انتحاريّ آخر نفسه بعد تجمع الناس لنقل الضحايا الذين أُصيبوا في التفجير الأول".
*ماذا حدث بعد التفجيرَين؟
أغلقت القوات الأمنية منطقة ساحة الطيران بشكل كامل بعد التفجيرَين الداميين، كما منعت الحركة فيها تحسُّباً من وقوع هجمات أخرى، وعزَّزت الإجراءات الأمنية في مختلف مناطق العاصمة بغداد، وأكد متحدث وزارة الصحة آنذاك سيف البدر استنفار مؤسسات الوزارة الصحية كافة وسيارات الإسعاف وردهات الطوارئ، لاستقبال جرحى ضحايا الانفجار. كما أعلنت السلطات عن إقالة رئيس استخبارات الداخلية من منصبه.
*عراقيان من الموصل
توالت التحقيقات بعد الحادثة، وبعد أيام قليلة من البحث والتقصّي عن هوية المنفذين واحتمالية دخولهم من خارج البلاد، أكد رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية آنذاك محمد رضا آل حيدر، أن من فجّرا نفسيهما في ساحة الطيران هما عراقيان من الموصل.
وقال آل حيدر، "لدينا معلومات جُمعت عن بعض القيادات العسكرية وسيتم استجوابهم". ثم أردف "العمل الروتيني والاسترخاء عند الأجهزة الأمنية أدَّيا إلى تفجيرات ساحة الطيران".
*مشرفو التفجيرَين بقبضة الحشد الشعبي
وبعد قرابة العام من الهجوم، أعلنت هيئة الحشد الشعبي عن إحالة إرهابيين اثنين أشرفا على عملية تفجير ساحة الطيران في العاصمة بغداد إلى الإعدام، وذلك بعد القبض عليهما بعملية أمنية محكمة.
من جانبها، أصدرت المحكمة الجنائية المركزية في رئاسة استئناف بغداد الرصافة الاتحادية حكماً بالإعدام على "والي الجنوب" في عصابات داعش والذي يُعد المسؤول الأول عن تفجير سوق البالات في منطقة الباب الشرقي.
وأضافت المحكمة، أنه بعد التحقيقات أقرَّ هذا الشخص بانتمائه لداعش منذ عام 2012، واعترف أيضا "بالتخطيط للقيام بخرق أمني في العاصمة بغداد مجهزاً انتحاريَّين اثنين في عملية تفجير منطقة الباب الشرقي (سوق البالات)". وبناءً عليه، حُكم بالإعدام وفقا لقانون مكافحة الإرهاب رقم 13 لسنة 2005.
*مروءة فطرية
وكان السوق الذي تعرض للهجوم هدفاً مناسبا، إذ تمثل الغرض الأساسي لمخططيه في إظهار أنهم لا يزالون قوة يُعتد بها بعد خسارتهم عام 2019 للأراضي التي كانوا يسيطرون عليها.
واستغل المهاجم المروءة الفطرية لدى العراقيين، إذ هبّوا لمساعدة رجل قال إنه يشعر بالإعياء، وانتظر حتى تجمع عدد كافٍ من الناس ثم فجّر قنبلته.
وبعدها أسفر انفجار ثانٍ عن قتل آخرين كانوا لا يزالون في موقع الحادث، وهو تكتيك مشابه لذلك الذي استخدمه الجيش الجمهوري الأيرلندي لقتل 18 عسكرياً بريطانياً في بلدة وارين بوينت بأيرلندا الشمالية عام 1979.
ويقول بيتر نويمان أستاذ دراسات الأمن في كلية كينجز كوليدج بلندن، إن تفجير بغداد كان "استعراضا للقوة أمام المؤيدين والخصوم، لإظهار أن تنظيم داعش لا يزال موجوداً وقادراً على شن هجمات كبيرة".
*ثأر الشهداء
بعد يوم واحد من الجريمة الأليمة، أطلق جهاز مكافحة الإرهاب عملية "ثأر الشُهداء" ردّا على تفجيري ساحة الطيران، مؤكدا الإطاحة بعدد من المطلوبين في بعض المحافظات العراقية ومنها العاصمة.
وقالت قيادة الجهاز في بيان لها، إنه "بتوجيه من القائد العام للقوات المُسلحة انطلقت عملية ثأر الشُهداء، التي تستهدف بقايا داعش"، مبينة أن "وحدات الجهاز باشرت بواجبات نوعية بوتيرة مُتسارعة ومعلوماتٍ دقيقة ووفق أوامر قضائية، وتمت الإطاحة بعدد من الإرهابيين في كُل من مُحافظة بغداد، منطقة باب المُعظم، ومُحافظة الأنبار، منطقة عامرية الفلوجة، ومُحافظة كركوك، منطقة دور الفيلق".
وأوضح البيان، إن "هؤلاء لهم صلة بشبكات داعـش، ويمتلكون معلومات جيدة عن قادة هذه الشبكات الإرهابية"، متوعدا بـ"مزيد من العمليات النوعية خلال الساعات القادمة والأيام القليلة المُقبلة".
من جهته، أعلن جهاز الأمن الوطني اعتقال قيادي "بارز" بتنظيم "داعش" الإرهابي، وثلاثة من مساعديه.
وقال الجهاز في بيان له، إن "قواته في محافظة ديالى وبالتنسيق مع مديرية أمن صلاح الدين تمكنت من إلقاء القبض على إداري عام قاطع بغداد وثلاثة من مساعديه، بعد دخولهم من إحدى دول الجوار واستقرارهم في المحافظة"، مبينا أن "المعتقلين اعترفوا بمهمة تكليفهم بإعادة هيكلة عمل المفارز الإرهابية والخلايا النائمة، واستقطاب عناصر جديدة لشن الهجمات واستهداف التجمعات في العاصمة بغداد لزعزعة الاستقرار الأمني".