توترات ديالى تتضاعف.. صراع داخل قبيلة بني تميم بين "الثأر" والقانون
انفوبلس..
أحدثت جريمة اغتيال عائلة الشيخ مصطاف التميمي في محافظة ديالى الأسبوع الماضي وما تبعها من أحداث، أحدثت صراعاً كبيراً بين أبناء القبيلة، خصوصاً بعد اعتقال القوات الأمنية لشخصية مهمة في قبيلة بني تميم وأخ لنائب في مجلس النواب العراقي.
حيث أُعلن يوم أمس في ديالى عن اعتقال شقيق النائب عن محافظة ديالى صلاح زيني، من قبل قوات "نخبة" مرسلة من بغداد إلى المحافظة، واعتقلت قوات النخبة التي دخلت ديالى اليوم (صباح زيني) شقيق النائب صلاح زيني.
ورداً على ذلك نظمت قبيلة بني تميم وعدة عشائر أخرى تجمعا عشائريا في قضاء المقدادية شمال شرق بعقوبة مطالبين بإطلاق سراح شقيق النائب فوراً.
وخلال التجمع العشائري قال نجاح زيني وهو شقيق المعتقل صباح زيني، إن التجمع أُقيم للمطالبة بإطلاق سراح شقيقه صباح زيني وإمهال الجهات المعنية حتى الساعات القادمة لإطلاق سراح شقيقه وجميع المعتقلين من ذوي ضحايا المجازر الإرهابية التي وقعت في المقدادية مؤخرا.
إلى ذلك وخلال حضوره مجلس عزاء ضحايا مجزرة بني تميم في المقدادية زار النائب الأول لرئيس مجلس النواب محسن المندلاوي تجمع العشائر وتسلّم مطالبهم للتواصل مع السلطات المعنية وإيجاد حلول لتلبية مطالب المجتمعين.
وصباح أمس الجمعة، أفاد مصدر أمني في ديالى، باعتقال قوات خاصة من بغداد، عددا من "المطلوبين الخطرين" بعد مداهمة أوكارهم ومقارّهم في مناطق عدة.
وقال المصدر، إن "القوات الخاصة التي دخلت ديالى ليلة أمس بأمر من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، شنّت عمليات مداهمة وملاحقة لمطلوبين خطيرين في بعقوبة وقضاء المقدادية شمال شرق بعقوبة، مطارَدين منذ سنوات بينهم قيادات وزعماء مجاميع مرتبطين بجهات متنفّذة دون الكشف عن هوياتهم حتى الآن".
وبوقت سابق من فجر الجمعة، دخلت قوات خاصة من بغداد إلى محافظة ديالى، لفرض الأمن والقانون واعتقال المطلوبين بتُهم مختلفة، استناداً لأوامر القائد العام للقوات المسلحة العراقية، محمد شياع السوداني.
رسالة زيني إلى السوداني..
جاء ذلك بعد انتقادات واسعة وجهها النائب صلاح زيني، لمحافظ ديالى مثنى التميمي، معتبراً أن موقف المحافظ كان خجولاً ولا يرقى لحجم جريمة المقدادية، خصوصاً وأن الضحايا من أبناء عشيرة المحافظ، فضلاً عن انتقادات وجهها لرئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، عادّاً زيارته إلى المحافظة غير موفقة.
وتساءل النائب صلاح زيني التميمي، في مطلع رسالة بعث بها إلى رئيس الوزراء، قائلا "هل تعلم أن زيارتك اليوم لا فائدة منها ولأسباب.. أولها: هل تعلم أن مَن التقيتَ بهم من الشيوخ كانوا مدّاحين ولم يخبروك حقيقة ما يجري، ومَن حدّثوك اتباع وتم تجنيدهم مسبقاً للحديث معك؟".
وأضاف عن ثاني تلك الأسباب، "هل تعلم تم تضليلك من قبل القيادات الأمنية في ديالى، ولم ينقلوا لك شيئا من الحقيقة، وتم إخفاء أدلة بالحادث الأخير ومنها (مسطرة تفجير العبوة الناسفة) التي تم ضبطها من قبل قسم المتفجرات ولم يتم ذكرها بالتقرير؟". متسائلا أيضاً، "فكيف لنا أن نؤمن بهكذا قيادات؟".
وتابع قائلاً، "ثالثاً.. كان الأجدر أن تزور ذلك الشيخ الذي لديه 60 شهيدا ولم يقبل بحدوث فتنة بعد الحادث الأخير وعمل على ضبط النفس وهم كانوا بانتظارك".
وعن رابع الأسباب تساءل التميمي أيضاً بالقول، "رابعا.. لماذا لم تلتقِ بنواب ديالى وهم من طلبوا منك المجيء إلى هنا للوقوف على الحقائق؟".
وفي السبب الخامس، اتهم النائب التميمي محافظ ديالى الحالي بالتورط بالتهريب حيث قال، "هل تعلم أن محافظ ديالى مسؤول عن التهريب حسب تقرير الاستخبارات ذي العدد 22 -753 بتاريخ 10 -1-2022 معنون إلى وكالة استخبارات ولديه معبر غير أصولي في ناحية قزانية يعمل على إدخال أكثر من 20 شاحنة غير رسمية يوميا وتم مقتل 3 أشخاص بسبب هذا المعبر".
وعن سادس الأسباب التي اعتبر النائب التميمي بموجبها زيارة السوداني لديالى غير موفقة، قال "سادسا.. هل تعلم أن هناك أكثر من 200 قضية فساد وهدر مال عام على محافظة ديالى لم تفعّل إلى الآن".
وختم النائب التميمي رسالته معربا عن الأسف بالقول، "يؤسفني أن أقول زيارة غير موفقة، وطالما انتظروها منك أهلنا، ويؤلمنا ما حصل، ولدينا الكثير من الوثائق (يا ابن الشهداء) وأملنا كبير بأن تدقق لمعرفة الحقائق يا أبا مصطفى".
زيارة السوداني والتعزيزات العسكرية..
دفع توتر الأحداث في "محافظة البرتقال"، القائد العام للقوات المسلحة (رئيس مجلس الوزراء) محمد شياع السوداني، للتوجه إلى ديالى، على رأس وفد عسكري وخدمي حكومي، وذلك يوم الثامن من آذار.
وفور وصوله المحافظة، ترأس رئيس مجلس الوزراء، اجتماعاً أمنياً للقيادات الأمنية في ديالى، واستمع إلى إيجاز عن أحوال المحافظة وجهود القوات الأمنية لبسط الأمن والاستقرار في عموم أقضيتها ونواحيها، بالإضافة إلى مناقشة الخروقات الأمنية المتكررة التي تشهدها عدد من مناطق المحافظة، وآليات معالجتها.
ووجه السوداني، وفق بيان لمكتبه، بإرسال تعزيزات عسكرية وأمنية إلى محافظة ديالى، كما أمهل القادة الأمنيين أسبوعين لبسط القانون في جميع مناطق المحافظة. مؤكداً، أن الملف الأمني في عموم العراق يحظى باهتمام بالغ من قبل الحكومة، باعتباره أساساً للاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، مشدداً على رفضه النهايات السائبة في الملف الأمني، وأن تأخذ السياقات القانونية مجراها مع المتورطين بتعكير صفو الأمن ومرتكبي الجرائم في ديالى.
وبيّن، أن البعض لا يروق له توجه الحكومة نحو تفعيل النشاط الاقتصادي، ويحاول إشغالها في تفاصيل أخرى بعيدة عن ذلك، مشدداً على مضيّ الحكومة لتنفيذ برنامجها في الاقتصاد والتنمية، ولا توجد لديها خطوط حمراء إزاء تعزيز الأمن وإنفاذ القانون.
دور العشائر وإنهاء الخروقات..
أعقب ذلك، لقاء رئيس مجلس الوزراء، جمعاً من شيوخ العشائر والوجهاء والشخصيات في ديالى، إذ أكد السوداني أهمية الدور الذي تضطلع به الشخصيات الاجتماعية والعشائرية وفق المكانة التي تحوزها، في ترسيخ السِّلم المجتمعي وإسناد القوات الأمنية في إنفاذ القانون وبسط الأمن وتهيئة المناخ لمواصلة العمل في تنفيذ البرنامج الحكومي وأولوياته.
وخلال يوم الخميس الماضي، شدد وزير الداخلية عبد الأمير الشمري، على تكثيف الجهود الأمنية لإنهاء الخروقات في محافظة ديالى.
وذكر بيان لقيادة شرطة المحافظة، أن وزير الداخلية زار قيادة الشرطة خلال جولته الميدانية، مبينا أن الوزير عقد اجتماعًا أمنيًا بحضور قائد العمليات اللواء الركن علي فاضل عمران وقائد شرطة ديالى اللواء علاء غريب الزبيـدي، ومدير مرور ديالى وعددًا من ضباط الشرطة.
ووفقا للبيان، شدد الشمري على تكثيف الجهود الأمنية والاستخبارية من أجل إنهاء الخروقات الأمنية وإلقاء القبض على المطلوبين ومحاربة عمليات التهريب والجريمة المنظمة، مؤكدا ضرورة حماية أمن وممتلكات المواطنين وتقديم أفضل الخدمات لهم، وإظهار الصورة الحقيقية لوزارة الداخلية من خلال التعامل الحسن مع المواطنين.
علاقة غضب بني تميم من الحكومة بعمليات الاغتيال..
بعد جريمة المقدادية رفض ذوو الضحايا إقامة مجالس العزاء إلا بعد "أخذ الثأر" من القتلة، الأمر الذي زاد أوضاع المحافظة لهيباً وانفلاتاً أمنياً هو آخر ما تحتاجه خلال هذه الفترة، وهو ما أدى إلا حدوث صراعات وانشقاقات في التوجهات ووجهات النظر بين أبناء القبيلة الواحدة.
مراقبون ومصادر محلية في المحافظة، كشفوا عن وجود صراع داخلي بين بعض شيوخ بني تميم في ديالى مع المحافظ مثنى التميمي، وهذا ما أدى إلى حدوث الانشقاق، فبعض أبناء القبيلة ساروا خلف المُنادين بـ"الثأر"، وبعضهم الآخر سار مع الإجراءات الحكومة الرامية لتحقيق الأمن في المحافظة وفق القانون وبعيداً عن التوجهات الانتقامية التي يمكن أن تزيد أوضاع المحافظة سوءًا وتضاعف أعداد الضحايا.
ووفقاً للمراقبين فإنه على الرغم من توجه جميع أصابع الاتهام إلى العصابات الإرهابية بتنفيذ جريمة المقدادية والجرائم التي سبقتها، إلا أن بعض أبناء القبيلة وشيوخها يعتقدون غير ذلك، دون أن يخرجوا بموقف صريح يعلنون فيه عن الجهات التي يظنون أنها الفاعلة، الأمر الذي انتقل بتوترات المحافظة إلى مستويات أخرى لا تُحمد عقباها.