توترات ساحة التحرير.. ساعتان من الانتشار المسلح تنتهي بالخيبة.. الدولة تنتصر دون استخدام رصاصة واحدة.. تعرف على التفاصيل
انفوبلس..
بتصعيد غير مفهوم وليس له تبرير، تطورت تظاهرات منددة بجريمة إحراق القرآن الكريم في بغداد إلى تحركات مسلحة بواسطة سيارات انطلقت من مدينة الصدر باتجاه ساحة التحرير، حاول عناصرها السيطرة على المطعم التركي وعبور جسر الجمهورية تجاه المنطقة الخضراء لولا وجود قوات أمنية كافية حالت دون تطور الأمور إلى أكثر من ذلك.
في بادئ الأمر، وفي تمام الساعة الثانية عشرة بعد منتصف الليل، أجرى وزير الداخلية عبد الأمير الشمري، جولة مسائية في ساحة التحرير والتقى خلالها العديد من المواطنين المتواجدين في الساحة، وبعدها بأقل من ساعة بدأت تحركات عسكرية لقوات سرايا السلام التابعة للتيار الصدري بقيادة زعيمه السيد مقتدى الصدر، حيث طوّقت ساحة التحرير بالكامل.
جاء ذلك بالتزامن مع انتشار كثيف للقوات الأمنية بمختلف صنوفها في الساحة ومحيطها لضبط الأمن وضمان عدم حدوث فوضى قد تتطور إلى ما لا يُحمد عقباه.
توترات أمنية بدأت بالظهور بعد محاولة عناصر التيار الصدري السيطرة على بناية المطعم التركي "الاستراتيجية" بسبب موقعها المطل على ساحة التحرير من جهة، والمنطقة الخضراء ومداخلها من جهة أخرى.
المنصات الإعلامية التابعة للتيار الصدري على مواقع التواصل الاجتماعي غطّت الأحداث وبينت العديد من التفاصيل، أبرزها أن سريّة مقاومة الدروع في سرايا السلام بدأت بالتوجه لساحة التحرير في الساعة الواحدة من فجر اليوم الإثنين، مؤكدة تحشيد المزيد من القوات في مدينة الصدر للتوجه إلى الساحة والسيطرة على المطعم التركي.
انتشار قوات الشرطة الاتحادية في محيط المطعم التركي حال دون سيطرة العناصر المسلحة عليه، وبحسب مراقبين فإن الجدية وضبط النفس الذي تمتعت به القوات الأمنية تمكن من تحجيم دور العناصر المسلحة ومنعها من تحقيق أي غاية خرجوا من أجلها.
و"للسيطرة على المنبع" بحسب تعبير أحد المراقبين، وبعد انتشار مسلحين آخرين في مدينة الصدر بانتظار أوامر التوجه لساحة التحرير، انتشرت القوات الأمنية في المدينة وأغلقت جسر البنوك وتقاطع شارع وهران وطريق الطالبية باتجاه الموال، كذلك انتشرت القوات الأمنية بشكل مكثف في مدينة الشعلة غربي بغداد، الأمر الذي أوقف الإمدادات المسلحة وأنهى محاولات سيطرة عناصر سرايا السلام على قلب العاصمة بغداد.
محللون أمنيون أكدوا أن "القوات الأمنية أعادت بسط هيبة الدولة في ساحة التحرير وتمكنت من تطهير المطعم التركي من المجاميع المشبوهة المتمركزة فيه".
وأضافوا، أن "سرايا السلام طيلة الفترة الماضية كانت تفرض سيطرتها على بناية المطعم التركي لدعم أي تظاهرة تيارية قد تنطلق في يوم ما".
وبعد تلك الأحداث بساعتين تقريباً عاد الهدوء التام لساحة التحرير ومحيطها بعد اضطرار العناصر المسلحة إلى الانسحاب لإدراكهم استحالة القدرة على مواجهة القوات الأمنية والتي تعاملت بمهنية وحزم عاليين مع مراعاة تفويت الفرصة الى أي طرف انتظر بفارغ الصبر حدوث أي احتكاك أمني لتهويله واستخدامه لتحقيق أهداف سياسية بأذرع مسلحة.
تجدر الإشارة إلى أن تلك التحركات المسلحة منذ لحظة انطلاقها وحتى الآن كانت عبارة عن تحركات لعناصر تدعمهم قنوات "تليغرام" فقط، دون وجود موقف أو بيان رسمي لا من زعيم التيار ولا من قياداته ولا من القيادات العسكرية لسرايا السلام، فضلا عن عدم وجود أي بيان رسمي لوزارات الدفاع الداخلية والقيادة العامة للقوات المسلحة والقيادات الأمنية لشرح ما جرى ليلة أمس بشكل تفصيلي.
لكن تلك التحركات جرت بعد عدة ساعات من قيام زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر بنشر تغريدة على صفحته في "تويتر" هاجم فيها الولايات المتحدة الأمريكية وسفيرتها في العراق، جاء فيها: "إن أمريكا ـ وإن زعمت أنها دولة ديمقراطية، والديمقراطية تعني : (رأي الشعب) أو الرجوع الى رأي الأغلبية من الشعب ـ إلا أن (جو بايدن) لم يعطِ للشعب ورأيه أي أهمية حينما قال: إن أمريكا أمة مثلية. متناسياً أن الأعم الأغلب من الشعب الأمريكي لن يرضى بذلك. كما فعل أسلافه.. حينما احتلوا العراق.. وكان أغلب الشعب في أمريكا رافضاً لاحتلال العراق بل مطلق الاحتلال.
إذن، فأمريكا عدوّة الديمقراطية كما أنها عدوّة السلام لأنها محتلّة، وعدوة السماء لأنها تدعم الفاحشة.
وعلى الرغم من كل ذلك نرى أن السفيهة: (سفيرة أمريكا في العراق) ترتع وتلعب كما تشاء ولا تكترث لأحد.
بل إنها تدّعي الدولة العظمى والأقوى في العالم، وتدّعي أنها الحامي للأقليات والمستضعفين وفي نفس الوقت فإنها داعمة لحرق الكتب السماوية والتعدي على مشاعر المسلمين في كل بقاع العالم. فهل وصل بنا الأمر أن نرضى بأعداء الديمقراطية والسلام والسماء يتحكمون بنا!؟؟
فوالله.. إنها ودولتها تريد بنا وبديننا السوء.. وما أفعالها إلا بداية للتمهيد لنشر الفاحشة ليكون العراق تبعاً لأمريكا فيكون: (أمة المثليين).
كلا وألف كلا.. لن يكون شعب العراق إلا (أمّة العدل) و(أمة الحق) والطهارة والفضائل. بل وإني أعلن إن العراق (أمّة القرآن) وأمّة الأنبياء والرسل والأولياء".
وعلى الرغم من عدم وجود أي توجيه في التغريدة لعناصر تياره بالهجوم على ساحة التحرير مدججين بالأسلحة، إلا أن مراقبين اعتبروا أن "هذه التغريدة هي رسالة للأتباع بإعلان العداء للدولة بسبب وجود السفيرة الأمريكية في العراق".
وأضافوا، أن "فشل عناصر التيار الصدري بالسيطرة على المنطقة الخضراء في المرة الماضية -في أواخر أيام حكومة الكاظمي المتحالفة مع التيار- بعد هجوم مسلح كبير حينها، وتطور الأمر إلى الفشل السياسي والانسحاب من البرلمان والعملية السياسية برمتها، أدى كل ذلك إلى نفاد جميع السبل المنطقية التي يمكن أن يستثمرها التيار ليعود إلى الواجهة".
ولفتوا إلى أنه "لذلك بين الحين والآخر نرى محاولات صدرية بالظهور الشعبي بأي شكل من الأشكال، تارة في تظاهرات المحاضرين، وتارة أخرى في تظاهرات سُلّم الرواتب، وثالثة في تظاهرات التنديد بإحراق القرآن الكريم في السويد، وآخرها بنشر عناصر مسلحة في وسط العاصمة".
مؤكدين، أن "كل تلك التحركات هي عبارة عن جسّ نبض للحكومة، فإن خضعت، سيستفحل عناصر التيار الصدري بشكل أكبر، وإن تمت مواجهتها بحزم سيعود أولئك العناصر أدراجهم مرة أخرى كما حدث فجر اليوم".