حسن نصير ضحية سوء استعمال السلطة والعنف.. "عشريني" يموت معذبا في مركز شرطة بالنجف
البرلمان مهتم بالتحقيق
حسن نصير ضحية سوء استعمال السلطة والعنف.. "عشريني" يموت معذبا في مركز شرطة بالنجف
انفوبلس/..
في محافظة النجف، تصاعدت أجواء التوتر والغموض بعد إعلان شرطة المحافظة وفاة أحد السجناء بسبب فشل كلوي، في وقت أكدت عائلته أن الوفاة نجمت عن التعذيب الممنهج داخل السجن. وبينما تُصر الجهات الرسمية على روايتها، عرض ذوو السجين مشاهد قالوا إنها توثق آثار التعذيب الجسدي.
هذا التباين في الروايات يثير تساؤلات حول ما يجري خلف القضبان، ويطرح قضية شائكة تتعلق بحقوق الإنسان وآليات التحقيق داخل السجون العراقية.
*التفاصيل
يبدو أن “الفشل الكلوي” ما زال يلاحق المعتقلين لدى مراكز مكافحة إجرام النجف، التي أكدت في بيان أن وفاة الموقوف “حسن نصير عبد الحسن”، كانت أيضاً بسبب “الفشل الكلوي”.. بينما تجمّع عدد كبير من أبناء عشيرة السيلاوي أمام دائرة الطب العدلي في النجف للمطالبة بالكشف عن الأسباب الحقيقة لوفاة “حسن”، ويقولون إنهم تعرضوا لعملية ابتزاز مالي ويتحدثون بلسان قاطع عن تعرض ابنهم للتعذيب الشديد طيلة أسابيع.
وعرض المتجمّعون، مشاهد لجثة الشاب الراحل، وعليها آثار ما يعتقدون أنه تعذيب بالكهرباء، ويظهر فيديو آخر الراحل في لحظاته الأخيرة وهو يحاول نطق بعض الأسماء التي يقول ذووه إنهم أشرفوا على تعذيبه.
وناشد والد الراحل، القائد العام للقوات المسلحة ووزير الداخلية بالتحقيق مع مَن وصفهم بـ”العصابة”، في مركز شرطة الوفاء.
وبحسب معلومات، فإن “حسن” وهو أحد كسبة المدينة وفقرائها، كان معتقلاً لمدة شهر بتهمة سرقة سيارة، وتبين لاحقاً وجود “تشابه أسماء” وفقاً لذوي الشاب الذي انتهى به الحال في مقبرة وادي السلام، تاركاً زوجة و5 أطفال يعيشون في بيت مؤجر.
*شرطة النجف تنفي
أوضحت قيادة شرطة محافظة النجف، تفاصيل وفاة أحد الموقوفين، نافية أن يكون السبب جراء التعذيب، مؤكدة نقل الموقوف إلى المستشفى لتلقي العلاج، على مدار اليومين الماضيين، إلا أنه توفي جراء فشل كلوي، فيما أوضحت أنه اعتُقل مطلع الشهر الماضي بتهمة السرقة.
وذكر بيان للقيادة، أنه "بناءً على ما تم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي بشأن وفاة موقوف جراء التعذيب، نود توضيح الحقائق الآتية: بتاريخ 30/11/2024، وفي منتصف الليل، تدهورت الحالة الصحية لأحد الموقوفين لدينا، وعلى الفور تم نقله إلى مستشفى الألماني لتلقي العلاج اللازم. بقي تحت إشراف طبيب الطوارئ في المستشفى حتى الساعة السادسة صباحًا من اليوم التالي، 1/12/2024، حيث خرج بعد استقرار حالته".
وأضاف، أنه "في تمام الساعة الثامنة صباحًا من ذات اليوم، أُعيد إدخاله إلى استشارية المستشفى النجف الأشرف التعليمي (الألماني)، ليتم فحصه من قبل طبيب مختص. وقد تم تشخيص حالته الأولية من قبل الطبيب المعالج على أنها فشل كلوي. ورغم تلقيه العناية الطبية اللازمة، إلا أنه توفي في الساعة الخامسة عصرًا في المستشفى".
وأكد، أنه "تم إبلاغ ذوي الموقوف بكافة التفاصيل والإجراءات التي اتُّخذت منذ بداية تدهور حالته الصحية وحتى وفاته. كما نوضح أن الموقوف كان محتجزًا منذ تاريخ 6/11/2024 بموجب المادة 444 (سرقة) من قانون العقوبات، كما تم فتح تحقيقه رسمي للوقوف على الحقائق".
وشددت القيادة، على "التزامنا بتطبيق القانون وحفظ حقوق الإنسان، وندعو الجميع إلى توخي الدقة وعدم الانجرار وراء الأخبار غير الموثوقة التي تهدف إلى إثارة البلبلة".
*رواية
حسين كريم – المحتجز مع المتوفي، يقول "جاءت الشرطة وأخذتنا أنا والمرحوم إلى المركز، ولم نعرف لماذا دخلنا السجن، ثم قالوا لنا إننا متهمون بسرقة 70 مليون دينار وكيلوغرامين من الذهب، وقد عذبونا بالكهرباء على خواصرنا ورفعونا فلقة وأجبرونا على شرب الزاهي".
وأضاف، "في آخر ليلة من احتجازنا، أخذوا حسن للتعذيب ثم أعادوه فاقداً للوعي، وعندما أفاق قال لي أريد الذهاب إلى المشفى. عرفت بنبأ وفاة حسن من التلفاز، حسن لم يكن مريضاً دخلنا للسجن وهو طبيعي، لكنه توفي خلال التعذيب".
أما علي السيلاوي – شيخ عشيرة السيلاوي، يقول: "نحن ننفي الشائعات التي تتحدث عن موافقتنا على حل موضوع الشاب حسن عشائرياً، ننفي هذا الخبر ونحن اخترنا القانون وتجب محاسبة الجناة ولا نقبل أي تدخل عشائري".
وتابع: "المتوفي حسن لايزال في الطب العدلي وننتظر نتائج الفحوصات، وإذا شعرنا بوجود أي تلاعب في التقارير سننقل الجثة إلى بغداد من أجل إعادة الفحوصات".
وأكمل: "اليوم وقفتنا الاحتجاجية هذه من أجل انتظار التقرير الطبي وعدم التلاعب به، وإذا اكتشفنا وجود تلاعب سنتحرك نحن كعشيرة السيلاوي ونأخذ ثأرنا بالعشائر للمطالبة بدم ابننا حسن".
نصير السيلاوي – والد المتوفي، قال "تصلنا معلومات عن وجود ضغوطات على لجنة الطب العدلي من أجل تغيير نتيجة التحاليل الخاصة بابني حسن، ومساومات من قبل الجهات المتورطة، لذا أناشد وزير الصحة واللجنة المختصة بمنع أي تلاعب في نتائج التحليل، وفي حال حدوث ذلك سنقوم بما لم يكن في الحسبان".
وأضاف: "أبلغني ابني حسن قبل وفاته بأسماء عدد من الأشخاص المتورطين بتعذيبه، وقال لي إنهم متهمون بموته في حال حدث له شيء".
وأردف: المتسببون بالقتل إلى الآن يساومون لجنة الصحة من أجل تغيير التحاليل والتقرير الطبي، وقد صلت المساومات إلى نصف مليون دولار، وابني لم يكن مريضاً، دخل إلى السجن بصحة جيدة جداً".
أما جواد الغزالي – نائب عن النجف، فقد أكد "تم تشكيل لجنة من مجلس النواب بناءً على المعلومات التي وردت إلى رئيس المجلس، وسنبدأ بالتحقيق، ونحن متابعون لتفاصيل القضية مع وزير الداخلية ووزير الصحة وقائد شرطة النجف".
وأشار إلى، أنه "هنالك إجراءات ستُعلن يوم الأحد المقبل، وإن كان هنالك شك بسيط سننقل الجثة إلى بغداد من أجل إعادة التشريح".
وأكد، أن "القوات الأمنية تلقي القبض على المتهمين ولا تصدر حكماً ولا تجامل من أجل العلاقات الشخصية على حساب حياة المواطن، معتبراً أن أي إجراء على حساب المواطن وحياته مرفوض رفضاً قاطعاً، وإذا ثبت أن هنالك تقصير من جهات الأمنية فستكون لنا إجراءات قاسية بحقهم".
وأتم: "إن أساليب التعذيب داخل السجون منافية للقانون والشرع والعرف، لأن المتهم سيعترف حتى ولو لم يرتكب الجريمة، فهنالك أشخاص تم الحكم عليهم بالإعدام وهم لم يرتكبوا جريمة بل اعترفوا بالإكراه والقوة".
*تحقيق
وفي خضم هذه الأحداث، وجه وزير الداخلية عبد الأمير الشمري، أمس الأحد، بالتحقيق في وفاة موقوف لدى قيادة شرطة محافظة النجف، وإعلان النتائج للرأي العام، وذلك بعد أن اتهم ذوو الموقوف مركز شرطة الوفاء بالابتزاز وتعذيب ابنهم حتى الموت، الأمر الذي نفته شرطة المحافظة، وقالت إن الموقوف كان يعاني من مرض “فشل كلوي”.
وذكر الناطق باسم وزارة الداخلية وخلية الإعلام الأمني العميد مقداد ميري، في بيان، "وزير الداخلية عبد الأمير الشمري يوجه بفتح تحقيق لمعرفة ملابسات وفاة موقوف وفق أحكام المادة 444 عن (سرقه دار)، وذلك أثناء فترة موقوفيته على ذمة التحقيق لدى قيادة شرطة محافظة النجف الأشرف. الوزارة تؤكد أن الفيصل في هذا الموضوع هو التقرير الذي سيصدر من دائرة الطب العدلي، للتأكيد من الأسباب الحقيقية التي أدت إلى الوفاة لبيان الحق وإعلان نتائج التحقيق أمام الرأي العام".
وأضاف، "كما أن الدوائر التخصصية في وزارة الداخلية حريصة على تطبيق مبادئ حقوق الإنسان وإنفاذ القانون، ومحاسبة المقصرين في حال ثبت أي أمر ينافي التعليمات الصادرة عن قيادة وزارة الداخلية خاصة ما يتعلق بأرواح المواطنين".
الأمن النيابية على الخط
عدَّت لجنة الأمن والدفاع النيابية، مقتل شاب إثر التعذيب في قسم مكافحة الوفاء بمحافظة النجف، انتهاكاً لحقوق الإنسان، وفيما ندَّدت اللجنة باستخدام أساليب قسرية لانتزاع الاعترافات من المتهمين، أكدت أنه السبب الذي أدى إلى وفاة الشاب (حسن نصير) ذي الواحد والعشرين ربيعاً.
وذكر بيان للجنة، أن "لجنة الأمن والدفاع النيابية ممثلة برئيسها وأعضائها تتابع قضية مقتل شاب إثر التعذيب في قسم مكافحة الوفاء بمحافظة النجف الأشرف، وتعتبر أن ما حدث هو انتهاك لحقوق الإنسان واستخدام أساليب قسرية لانتزاع الاعترافات من المتهمين، السبب الذي أدى إلى وفاة الشاب (حسن نصير) ذي الواحد والعشرين ربيعاً".
وطالبت اللجنة، الحكومة الاتحادية "بتسليط الضوء على السلطات التحقيقية مثل مكافحة الإجرام واللجان التحقيقية الخاصة، مشددة على مغادرة تلك الأساليب القمعية التي تعود بنا إلى الحقبة المظلمة في زمن النظام السابق، مؤكداً أن العراق الآن هو دولة ديمقراطية حديثة ترى حقوق الإنسان في جميع المجالات سواء كانت اجتماعية أو أمنية".
وأكدت اللجنة، "رفضها القاطع للأساليب القمعية، مشددة على عدم استخدامها من قبل الأجهزة الأمنية والتحقيقية كونها تشكل إساءة واضحة للدولة العراقية وتعطي فرصة للمغرضين وضعاف النفوس فالظلم عدو الأمن والعدل أساس الأمن"، مطالبة "أن تكون آلية التحقيق والأساليب المستخدمة خاضعة للمعايير الدولية والقيم الإنسانية النبيلة".
وأكدت، "تشكيل فريق من قبل لجنة الأمن والدفاع النيابية لمتابعة الحادثة والخروج بتوصيات بحق المقصرين واتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم".