دمشق تفاوض بغداد والعراق لن يقبل بهم لاجئين.. ما هو مصير الجنود السوريين في الأنبار؟
انفوبلس/ تقرير
يواصل العراق تعزيز حدوده مع سوريا بمزيد من القوات الأمنية والحشد الشعبي، بينما أغلق معبر القائم الحدودي في محافظة الانبار بعد دخول جنود سوريين سلّموا أسلحتهم وخضعوا للتدقيق الأمني بعد سقوط نظام بشار الاسد، لكن لا يزال السؤال المطروح هو، ما مصير هؤلاء الجنود وذلك بعد الأنباء التي تحدثت عن أن هناك مفاوضات تجري بين السلطات السورية الجديدة والحكومة العراقية لاستعادتهم؟
وقبل أسبوع فرَّ هؤلاء الجنود باتجاه العراق حيث تم إيواؤهم في خيام أنشأتها الحكومة العراقية خصيصا لهم، وقالت مصادر أمنية عراقية حينئذ إن القوات السورية وأفرعها الأمنية في البوكمال انسحبت مع معداتها وسلّمت نفسها للجيش العراقي.
وحسب مسؤولين محليين ومصادر أمنية، سمحت السلطات العراقية بدخول مئات الجنود السوريين الفارين من الجبهة إلى العراق عن طريق معبر القائم الحدودي، وقال مسؤول أمني إن عدد الجنود السوريين الذين دخلوا العراق "بلغ ألفي عنصر بين ضابط وجندي"، لافتا إلى أن "دخولهم جاء بموافقة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني".
* إنشاء مخيم في صحراء الأنبار
أنشأ العراق مخيماً للمئات من العسكريين السوريين الذين دخلوا العراق، وهو الإجراء الذي عدّه مسؤولون عراقيون "مؤقتاً" لحين التواصل مع المسؤولين في الحكومة السورية الجديدة.
ويقع المخيم في صحراء مدينة القائم الحدودية مع سوريا وعلى مقربة من قاعدة عسكرية للجيش العراقي، (نحو 70 كيلومتراً عن مركز مدينة القائم) ويضم أكثر من 2100 عسكري بين ضابط وجندي، وجميعهم سوريون.
ووفقاً لمسؤول أمني عراقي، فإن أفراد الجيش السوري الذين دخلوا العراق، لن يُسمح لهم الخروج من المخيم الذي فُرضَت حراسة عليه، كذلك فإن أغلبهم كانوا بحاجة إلى العلاج من إصابات، وإلى ملابس غير تلك العسكرية التي كانوا يرتدونها.
ووُضع 3 عسكريين في كل خيمة، وهو إجراء يقول عنه المسؤول الذي يعمل ضمن قيادة عمليات غربي الأنبار المسؤولة عن الملف الحدودي مع سوريا، إنه "وقتي، لحين التنسيق مع الحكومة السورية الجديدة في طريقة إعادتهم إلى سوريا".
وأضاف، (طالباً عدم الكشف عن هويته)، إن قسماً منهم لا يرغب في العودة إلى سوريا خوفاً من المحاسبة، فيما يؤكد آخرون أنهم مجرد جنود مكلفين ويرغبون في العودة، لكن التواصل مع أهلهم صعب، لكونهم بلا هواتف أو شبكة اتصال بالوقت الحالي".
وكشف، إن جهات أممية ستتولى التنسيق بين العراق وسوريا في هذا السياق، وأن وضع العسكريين حالياً يبقى تحت وصاية عراقية أمنية داخل المخيم الذي يمتد على عدة كيلومترات مربعة. مؤكداً، إن العراق لا ينوي منح أي منهم اللجوء الإنساني، لكن إن حصل أحد منهم على لجوء إلى دولة ثالثة، فلن يكون عائقاً.
بينما الناشط حسن المحلاوي في مدينة الرمادي، قال إن العسكريين زُوِّدوا بملابس وأغطية ووسائل تدفئة مختلفة، وعولج الجرحى منهم، مضيفا أن رُتباً متقدمة في جيش النظام موجودة بين من يعيش داخل المخيم، وهناك 70% أو أكثر يرغب في العودة فوراً، ويقول إنه يثق بوعود المعارضة في العفو، لكن النسبة الأخرى، أغلبهم ضباط، يخشون العودة ويطلبون تدخلاً أممياً إن لم يقبل العراق لجوءهم إنسانياً".
وكان قائم مقام مدينة القائم، التي يوجد فيها الجنود غربيّ محافظة الأنبار، تركي محمد، قد أكد استقبال المئات من عناصر الجيش السوري من جنود وضباط. وأضاف محمد، أن "هؤلاء الجنود أصبحوا من مسؤولية الجهات العسكرية المختصة، وهي عملت على نقلهم إلى إحدى القواعد العسكرية في قضاء الرطبة مع توفير كل الاحتياجات، مؤكداً أنه "لا يوجد أي توجه لقبول هؤلاء الجنود بصفة لاجئين في العراق".
*عودة الجنود السوريين
ربط عضو لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب العراقي محمد الشمري، عودة الجنود السوريين الـ2000 الذين دخلوا إلى الأراضي العراقية مؤخراً إلى بلادهم بتشكيل حكومة سورية جديدة، والتوافق معها.
وقال الشمري، إن الجنود السوريين الذين دخلوا إلى العراق مع أسلحتهم وآلياتهم على خلفية سقوط النظام السوري، يمكن أن يعودوا لبلادهم في حال تشكلت حكومة سورية وتم التوافق معها، لافتا الى أن "الوضع في سوريا مقلق وغير مطمئن، خاصة أن هناك عدة فصائل أو عدة جهات فاعلة تنقسم إلى خمس أوست جهات وتوجد بينها صراعات".
وأردف: "نحن متخوفون من موضوع تجزئة سوريا، وما نرغب فيه ونريده هو الحفاظ على وحدة التراب السوري، فكل شيء ممكن في الداخل السوري طالما هناك قوى متعددة وتوجهات متعددة"، معتبرا أن "أخطر نقطة محتملة هي قضية الحرب الأهلية أو النزاعات الداخلية".
وأوضح، "أن الجنود السوريين الذي دخلوا إلى العراق جاؤوا بعد أن نزحت "قسد" إلى جنوب نهر الفرات، وكانوا هم الجهة الماسكة للأرض بعد أن توغلت "قسد"، ولجأ هؤلاء الضباط بآلياتهم وأسلحتهم إلى العراق، ونحن استقبلناهم على أنهم ضيوف هم وأسلحتهم وآلياتهم وأن تبقى أمانة عند العراق وحينما يعودون تعود معهم".
وختم الشمري، بقوله "ننتظر ما سيؤول إليه الوضع السوري، وإذا تم تشكيل حكومة والتوافق معها والاتفاق سيكون بإمكان الجنود السوريين العودة إلى بلادهم على شرط أن تكون حكومة سورية".
ومن جانبه، قال المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي في وقت سبق، إن 2000 جندي من الجيش السوري دخلوا إلى الأراضي العراقية بموافقة الحكومة، لكن يوم أمس كشفت وسائل أعلام دولية عن مفاوضات تجري بين السلطات السورية الجديدة والحكومة العراقية لاستعادة أكثر من ألفي جندي سوري في العراق حاليا، حيث أصدرت القيادة الجديدة عفوا عاما عن المجندين في صفوف قوات النظام بشار الأسد.
ويوم الثلاثاء الماضي، أكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الهجرة والمهجرين العراقية، علي عباس، أن الجنود السوريين الفارين من جيش بشار الأسد موجودون في ضيافة الجيش العراقي مؤقتًا حتى استقرار الأوضاع في سوريا.
وبسقوط نظام بشار الأسد، تُثار العديد من التساؤلات حول مستقبل سوريا وتأثير هذه التطورات على دول الجوار، ولا سيما العراق، الذي يعاني من آثار حروب طويلة وتحديات أمنية وتجارب سابقة مع الجماعات الإرهابية المسلحة، حيث يجد نفسه أمام تحديات جديدة في ظل هذه المتغيرات الإقليمية.
دعوة للحذر
واعتبر عضو لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان، النائب مختار الموسوي، أن سقوط النظام السوري ترك فراغًا استراتيجيًا في المنطقة، "خاصة وأن سوريا كانت تعتبر جسرا رئيسيًا بين العراق والدول الأعداء أو الأصدقاء" حسب قوله.
وأشار الموسوي، إلى ضرورة التعامل بحذر مع الجماعات التي أسقطت النظام، مشددا على أهمية التنسيق مع الحلفاء الإقليميين والدوليين لتقييم الموقف واتخاذ القرارات المناسبة. كما حذر من أن هذه الجماعات "لا تمثل المعارضة السورية الحقيقية، وأكثرهم لا يتكلمون اللغة العربية، بل هي أدوات بيد قوى خارجية تسعى إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة" على حد تقديره.
وبشأن وجود الجنود السوريين في العراق، أكد النائب أنهم ضيوف مؤقتون إلى حين استقرار الأوضاع في بلادهم، مشيرًا إلى أن التعامل معهم يتم وفقًا للقوانين الدولية والإنسانية.
في السياق، أكد وزير الداخلية عبد الأمير الشمري، أن الشريط الحدودي بين العراق وسوريا مؤمَّن بشكل كامل من قبل القوات الأمنية بمختلف صنوفها. وقال الشمري، في مؤتمر صحافي عقده في مبنى محافظة الأنبار، غرب العراق، إن "الشريط الحدودي بين العراق وسوريا مؤمَّن بشكل كامل من قبل قيادة قوات حرس الحدود بمنظومة موانع، إضافة إلى (المسك الميداني)".
وتشترك في هذه التعزيزات، إلى جانب قوات الحدود، وحدات من مشاة ومدرعات الجيش العراقي، وقوات من الحشد الشعبي، وفقاً لوزير الداخلية.