ضبط 40 كيلوغرام من الهيروين بالانبار.. سعر الكيلو في أفغانستان 40 ألف دولار فمَن يملك كل هذا المال للمتاجرة والتعاطي؟
انفوبلس/..
بشكل شبه يومي، تعلن السلطات العراقية عن ضبطها أنواعاً مختلفة من المواد المخدِّرة، وآخر ما تم الكشف عنه هو ضبط 40 كيلوغراما من الهيروين في محافظة الانبار غربي العراق، لكن ما أثار الاستغراب هو أن سعر هذا النوع من المخدرات مرتفع جداً.. فمَن يملك كل هذا المال للمتاجرة والتعاطي؟
*عملية استباقية
يوم الثلاثاء الماضي، أعلنت مديرية الاستخبارات العسكرية في وزارة الدفاع، ضبط نحو 40 كغم من مادة "الهيروين" المخدِّرة في محافظة الأنبار.
وذكرت المديرية، في بيان، أن "عملية استباقية وجهدا استخباريا مميزا ووفقاً لمعلومات استخبارية دقيقة لقسم قيادة عمليات الجزيرة التابع إلى مديرية الاستخبارات العسكرية وبالتنسيق مع قوة من سريّة استطلاع القيادة، تم ضبط كمية كبيرة من المخدرات في صحراء الشامية بمنطقة الجمسة التابعة إلى محافظة الأنبار".
وأضاف البيان، أن "المادة قُدِّرت بنحو 40 كيلوغراما من مادة الهيروين المخدِّرة". مؤكدا، "التعامل مع المضبوطات حسب السياقات المعمول بها".
*حادثة مشابهة
وقبل نحو شهر، وتحديداً في 29 تموز الماضي، جرى الإعلان عن ضبط 2.500 كيلو غرام من مادة الهيروين المخدرة في محافظة الانبار.
وذكرت المديرية العامة لشؤون المخدرات في بيان، أن "قوة من مكافحة المخدرات في الانبار بالتنسيق والاشتراك مع جهاز المخابرات الوطني العراقي والقوات الماسكة للأرض نفذت عملية نوعية أمنية استباقية أسفرت عن ضبط 2.500 كيلو غرام من مادة الهيروين المخدرة في الانبار".
وأضاف البيان، أنه "تم اتخاذ الإجراءات القانونية بموجب قرارات قضائية لاستكمال عملية تفكيك شبكة المخدرات في الانبار".
*الهيروين.. ما هو؟
صُنع الهيروين لأول مرة من مادة المورفين عام 1874 م من قبل كيميائي إنجليزي، ولكن لم يعرف مفعوله، وصُنع من جديد عام 1898 م من قبل هنريك دريسار، كيميائي ألماني.
ويُستخدم الهروين في المملكة المتحدة كمسكِّن قوي للألم. استخدامه يشمل علاج الآلام الحادة، مثل الإصابات الجسدية، واحتشاء عضلة القلب، وآلام ما بعد الجراحة، والآلام المزمنة، بما في ذلك المراحل الأخيرة للسرطان وأمراض أخرى.
وتجدر الإشارة إلى أن الهيروين ليس له استخدام طبي في الوقت الحالي. وأصبحت تجارة الهيروين الآن أشهر تجارة في العالم باعتباره نوعا من أنواع المخدرات، ويتم توزيعه على نطاق واسع في أمريكا اللاتينية وفي العديد من دول العالم. حيث نجد أن هناك مافيا متخصصة في تجارة الهيروين على نطاق واسع.
*أسعار باهظة
وينحدر "الهيروين" ضمن فئات أغلى المواد في العالم، إذ يبلغ سعر الغرام الواحد نحو 130 دولاراً. ولا شك أن الهيروين المضروب قد أصبح أحد الصيحات الجديدة في عالم المخدرات فتكون أسعاره أقل من الهيروين النقي.
وبحسب وسائل إعلام، فإن كيلو الهيروين في أفغانستان ثمنه حوالي 40 ألف دولار، أي ما يقارب 60 مليون دينار عراقي للكيلو الواحد فقط.
وبالعودة إلى الكمية التي ضُبطت في الانبار قبل 4 أيام، والمقدَّرة بـ40 كيلوغرام، فإن سعر الكيلوغرام الواحد مقارنة مع الأسعار العالمية يقدر بـ180 مليون دينار عراقي، ومجموع الـ40 كيلو يبلغ نحو 7 مليارات و 200 مليون دينار عراقي. وهذا الأمر أثار جملة استفهامات، فمَن يملك كل هذا المال للمتاجرة والتعاطي للمواد المخدرة؟
*رؤية
وكتب المدون مؤتمن ناصر، ما نصه: "هناك خبر مرَّ وسيمر مرور الكرام: الاستخبارات العسكرية تطيح بعصابة بحوزتها 40 كغم من مادة الهيروين.. هذه مادة مخدِّرة سعر الغرام الواحد 130 دولار أمريكي عالمياً.. في العراق سعره 150 دولاراً أي ما يقارب 200 ألف دينار لكل غرام"، معتبراً أن "وجود الكثير من المواد المخدرة بالعراق كالكريستال والكبتاجون وغيرها.. لكن الهيروين شيء عجيب 40 كغم يعني سعر الكيلو أكثر من 200 مليون دينار.. في باقي الدول لا يتعاطاه إلا التجار وأصحاب الدخل العالي والإدمان عليه يجعل الشخص مفلساً مهما كانت حالته المادية عالية بسبب كلفته الباهظة جداً كما أنه فيه أضرار كبيرة (يحول الإنسان إلى زومبي)".
وتابع: "جهود الاستخبارات العسكرية مباركة لكن طريقة الإعلان سطحية ولا تعالج المشكلة.. 40 كيلو تغزو السوق وتخلف آلاف الضحايا من هذا السم.. والإدمان عليه أمر كارثي يُكثر من الاغتصاب والسرقة وبيع الأعراض والاتجار بالبشر وزنا المحارم وغيرها من الأمور السلبية الكارثية".
ورأى ناصر، أنه "كان من المفترض على الاستخبارات أن لا يتم الإعلان حتى القبض على المورِّد والمستلِم والتاجر والمروّج والموزّع والمتعاطي حتى يتعالج الموضوع من الأساس".
ونوه إلى أن "الكريستال خلّف آلاف الضحايا وعشرات الآلاف من المجرمين وعشرات الآلاف من المعتقلين حتى صار سعر الكيلوغرام من 150 مليوناً إلى 25 مليونا (لأنه غزا السوق) وصارت مطابخ الكريستال في المحافظات.. إذا تكررت قضية الهيروين في العراق فنحن مقبلون على تفكك مجتمعي في غضون ثلاث سنوات وبالنتيجة ضرب المجتمع ضربة قاضية".
وأردف: "إذا انتشر بالعراق وعلى أوساط الشباب ذوي الدخل المحدود والمناطق الشعبية في ظل عدم احتواء الشباب سيخلف كوارث قد تجعل الشاب يبيع أغلى ما عنده وفعل أكبر جريمة أو جناية من أجل استنشاق أو حقن ربع غرام هيروين".
ودعا ناصر، الجهات المختصة إلى "معالجة هذا الأمر وتكليف أكفاء لهذا الملف والوقوف عند هذا الأمر ومعالجته والتوقف عنده قدر المستطاع عن ضرب وتفلش هذا المجتمع المتهالك".
*اتهامات
وفي وقت سابق، طالت اتهامات رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، والذي يُهمين على محافظة الانبار، بدعم زراعة المخدرات في المحافظة.
وفجّر رئيس تحالف الانبار الموحد جمال الكربولي، قنبلة من العيار الثقيل، عندما ألمحَ إلى وقوف حزب تقدم برئاسة الحلبوسي وراء انتشار تجارة وتعاطي المخدرات في الانبار، محذراً من وجود خشية حقيقية من زراعة نباتات مخدرة.
*انتشار فظيع
ويشهد العراق انتشارا واسعا للمخدرات؛ بسبب الأوضاع المأساوية التي تعاني منها البلاد، والمتمثلة بالفقر والبطالة، وحسب عضو مفوضية حقوق الإنسان العراقية السابق علي البياتي، فإن "الأعداد المُعلنة رسميا للعام الماضي 2022 تمثلت باعتقال 14 ألف شخص بين متعاطٍ ومتاجر، بينهم 500 من النساء والأحداث".
وارتفعت أعداد المُدمنين بشكل كبير منذ 2017 بسبب انخفاض أسعار المخدرات ووفرتها، مما أدى إلى زيادة بنسبة 40 % في أعداد المُدمنين منذ عام 2017، وزيادة بنسبة 30 % في أعداد تجّار المخدرات.