ظهور علني لمفارز "داعش" بوادي حوران في الانبار.. ماذا تعرف عن خطر البؤرة "الغامضة"؟
انفوبلس/ تقرير
رغم الضربات الأمنية المكثفة التي نفذتها القوات العراقية، يظل "وادي حوران" في محافظة الانبار ملاذاً لخلايا تنظيم "داعش" الإرهابي، وهذا ما أكده مسؤولون محليون بعد ظهور للمفارز الإرهابية في الوادي الممتد من الحدود السعودية حتى مناطق غرب الفرات بشكل علني، فماذا تعرف عن خطر البؤرة "الغامضة"؟
يقع وادي حوران في محافظة الأنبار غرب العراق، وهو أكبر وادٍ في العراق يمتد على مساحات وعرة وغير مأهولة بالسكان، يتميز بتضاريسه الصعبة التي توفر غطاءً طبيعياً لتحركات التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم "داعش".
* رصد مفارز "داعش"
كشف قائممقام قضاء القائم، تركي المحلاوي، عن ظهور مفارز تنظيم "داعش" الارهابي بشكل علني في "وادي حوران" الممتد من الحدود السعودية حتى مناطق غرب الفرات.
ويشغل، المحلاوي، الإدارة المحلية لمدينة القائم الحدودية مع سوريا، التي يقابلها منفذ البوكمال الحدودي الذي باتت تسيطر عليه قوات إدارة العمليات. وقال المحلاوي، إن "الأجهزة الأمنية بدأت ترصد مفارز لعناصر "داعش" تتنقل في وادي حوران على شكل مجاميع صغيرة باستخدام دراجات نارية، وهي تتخفى داخل الكهوف المنتشرة على التلال التي تحيط بالوادي".
وأضاف، أن "الوضع الأمني في عموم محافظة الأنبار (121 كم غرب بغداد) مستقر وليس هناك أي حوادث إرهابية تذكر، خصوصًا على الحدود العراقية - السورية ومنها مدينة القائم، حيث تنتشر القوات الأمنية في المناطق الحضرية والمناطق الرخوة أمنيًّا".
وأشار إلى أن "وادي حوران يعد إحدى البيئات الصعبة جغرافيًّا، نظرًا لإحاطته بالتلال والهضاب، فضلًا عن الصحراء الواسعة التي يشقها الوادي، ولهذا يعد بيئة خصبة للتنظيمات الإرهابية امتدادًا من "القاعدة" ما بعد عام 2004 وصولًا إلى "داعش".
وبحسب مراجعة لفريق شبكة "انفوبلس"، فإنه رغم الضربات الأمنية المكثفة التي نفذتها القوات العراقية يظل وادي حوران ملاذاً لبعض خلايا "داعش" ويعود ذلك إلى: اولاً: صعوبة السيطرة الجغرافية: تضاريس الوادي تجعل من الصعب فرض رقابة دائمة. وثانيا: قربه من الحدود السورية: يشكل نقطة اتصال بين العراق والمناطق السورية التي تخضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، حيث تتواجد سجون تضم الآلاف من مقاتلي "داعش". وثالثا: توفير الدعم اللوجستي: يعتمد التنظيمالارهابي على شبكات تمويل معقدة تشمل تهريب النفط، وابتزاز السكان المحليين، والدعم من جهات خفية لا تزال غير معروفة تماماً.
السجون تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية
تدير قوات سوريا الديمقراطية أكثر من 10 سجون رئيسية تحتوي على حوالي 10,000 ارهابي من "داعش"، بما في ذلك قادة بارزون وأخطر هذه السجون هي تلك الواقعة في الحسكة والشدادي.
وبحسب خبراء أمنيين، فإن الخطر الكامن هو أولاً:محاولات الهروب: شهدت هذه السجون محاولات متكررة لتحرير معتقلي "داعش"، بمساعدة خلايا التنظيم النشطة. وثانياً: تجمع للقيادات: تضم السجون قيادات مهمة قد تسهم في إعادة بناء التنظيم إذا أُطلق سراحها. وثالثا: غياب الحلول الدولية: لا يزال المجتمع الدولي عاجزاً عن التعامل مع هذه القنبلة الموقوتة.
تعتبر السجون تحت سيطرة قسد والممرات المفتوحة في وادي حوران وجهين لعملة واحدة بالنسبة لـداعش"، وذلك بسبب – وفق الخبراء - ان هناك مخاوف عراقية ودولية من أن قوات قسد، تحت الضغط الأمريكي، قد تستخدم هذه السجون كورقة ضغط، إما عبر إطلاق سراح السجناء أو التغاضي عن هروبهم، وبالإضافة الى ان تقارير تشير إلى أن خلايا "داعش" تستفيد من الثغرات الأمنية في المناطق الحدودية لتأمين دعم للمحتجزين أو تنسيق عمليات هروبهم.
والعراق متخوف من هذه السجون بسبب كونها تهديد مباشر للأمن، حيث ان العراق يخشى أن يتحول أي اختراق في هذه السجون إلى هجوم واسع النطاق على حدوده، وكذلك إعادة إحياء التنظيم الإرهابي بسبب ان تكدس قيادات "داعش" في السجون يمنح التنظيم فرصة لإعادة تشكيل نفسه، بالإضافة الى ان إطلاق سراح هذه الأعداد الكبيرة يمكن أن يؤدي إلى انتشار الإرهاب في العراق والمنطقة.
كما ان منذ تصاعد الدعوات الشعبية والسياسية لطرد القوات الأمريكية من العراق، تشير بعض التحليلات إلى أن الولايات المتحدة قد تستخدم سجون "داعش" كورقة مساومة. أي فوضى أمنية ناتجة عن انهيار السيطرة على هذه السجون قد تخلق أزمة جديدة تدفع العراق إلى طلب دعم أمريكي مجدداً.
وتُعد المحافظات المحررة من قبضة التنظيم الإرهابي (كركوك وديالى وصلاح الدين والأنبار ونينوى)، من أكثر المحافظات التي تسجل تحركات لعناصر "داعش" وأعمال عنف في البلاد.
ووادي حوران، بارتباطه اللوجستي والأمني بالسجون التي تديرها قوات سوريا الديمقراطية، يمثل تهديداً حقيقياً للأمن العراقي والإقليمي.
إذا لم يتم التعامل مع هذه الملفات بحكمة وتعاون دولي، فإن المنطقة قد تواجه موجة جديدة من الفوضى والإرهاب، بحسب الخبراء.
ومنذ عام 2003 ووادي حوران يعتبر من أخطر مناطق العراق أمنيًّا؛ حيث وفّر مأوى للجماعات الارهابية بسبب وعورة تضاريسه وعزلته في عمق الصحراء وبُعده عن المراكز الحضرية والطرق الممهدة. كما شهد الوادي العديد من المعارك بين القوات الأمنية والارهابيين، وكان التنظيم شنّ هجماته التي سيطر فيها على مدن الرطبة والرمادي والفلوجة عام 2014 انطلاقًا من وادي حوران.
وفي ذات السياق، حذر وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، خلال مشاركته في الاجتماع الوزاري الموسع بشأن سوريا بالعاصمة السعودية الرياض، من استمرار خطر تنظيم داعش الإرهابي الذي لا يزال يمثل تهديداً في المنطقة.
وقال حسين، إن "العراق يراقب بدقة الوضع الأمني لـ(26) سجناً تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية"، لافتاً إلى أن "وادي حوران الممتد بين الأنبار ودرعا أصبح ممراً لتحركات عناصر تنظيم داعش الإرهابي". وتابع: "يتواجد في السجون التي تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية أكثر من عشرة آلاف سجين من عناصر وقادة تنظيم داعش الإرهابي".
ورفع العراق حالة التأهب الأمني، استعداداً لمواجهة أي تهديدات محتملة في حال انفلات أوضاع في سوريا، محذراً من عواقب خطيرة قد تمس استقرار البلاد وأمن الاقليات في المنطقة.
ويخشى العراق من عودة سيناريو أواسط العام 2014 عندما تمكن تنظيم "داعش" الارهابي من السيطرة على مناطق تُقدر بثلث البلاد على خلفية امتداد الصراع في سوريا بين النظام والفصائل المعارضة في السنوات الماضية.
وقامت القوات العراقية بتعزيز قواتها في الشريط الحدودي مع سوريا بعد أن تراجع الجيش السوري بقيادة نظام الأسد أمام المجاميع المسلحة لغاية ان تمكنت من إسقاط النظام في غضون أيام معدودة.
ووفق الخبير الأمني رائد الحامد، فإن التنظيم الإرهابي "لا يزال يحتفظ بإمكانية تهديد الأمن والاستقرار في العراق وسوريا وتنفيذ هجمات نوعية، لكنها بالتأكيد ليست على مستوى السيطرة أو إعادة السيطرة على المدن والمناطق في المناطق ذاتها التي خضعت لسيطرته بعد عام 2014".
وتواصل القوات الأمنية منذ عدة أشهر ما تصفه بعمليات استباقية ضد خلايا وجيوب من بقايا تنظيم "داعش"، تنشط في الجانب الشمالي ضمن محافظات صلاح الدين والانبار وكركوك ونينوى وأجزاء من ديالى، مستغلة المناطق الجبلية الوعرة للاحتماء والتخفي فيها.
وأعلن العراق الانتصار على "داعش" الارهابي في 2017، فيما خسر التنظيم الارهابي آخر معاقله عام 2019 في سوريا، لكن عناصره لا يزالون ينشطون في مناطق ريفية ونائية ويشنون هجمات متفرقة.
ويعيش العراق حالياً الأمن والاستقرار والعمران والوضع الاقتصادي المستقر، بفضل فتوى الجهاد الكفائي التي أطلقتها المرجعية الدينية العليا المتمثلة بالسيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله)، وتأسيس الحشد الشعبي الذي أعطى دماء كثيرة وعظيمة استطاع من خلالها أن يصنع النصر وأن يستمد من الفتوى كل البطولات والتضحيات وأعطى هؤلاء الشهداء من أجل هذا الوطن.