"عُلب الليل" تحت أنظار القانون.. حملات مستمرة لوزارة الداخلية لمكافحة بؤر الدعارة والمخدرات والاتجار بالبشر العاملة بحجة "السياحة".. تعرّف على تفاصيل الملف
انفوبلس..
منذ نحو 4 أعوام بدأت وزارة الداخلية بحملة ممنهجة وضمن أُطر قانونية دقيقة تستهدف (علب الليل) والمتمثلة بالنوادي الليلية ومراكز المساج وما شابه في العاصمة بغداد، خصوصاً وأن عددا كبيرا منها غير مرخصة وتحول بعضها من "مرافق سياحية" إلى بؤر للدعارة والمخدرات والقمار، فضلاً عن وجودها بداخل أماكن سكنية للعوائل البغدادية كما يحدث في منطقة الكرادة، كما أصبحت في بعض الأحيان أماكن تستغلها جهات فاسدة للحصول على معلومات أمنية وعسكرية عبر استدراج ضباط ومنتسبين في المؤسسة الأمنية والعسكرية العراقية.
مساء أمس السبت، جدد اصحاب النوادي الليلية تظاهراتهم في ساحة الفردوس وسط بغداد مطالبين وزارة الداخلية بعدم تنفيذ قرارات إغلاق النوادي الليلية معتبرين إنها قرارات "تضرب النسيج الاجتماعي في البلاد، وتدمر السياحة وتزيد من نسب البطالة".
هذه التظاهرة والمطالبات ليست الأولى، حيث تظاهر العشرات من العاملين في النوادي الليلية ''الملاهي'' بساحة الفردوس في أواخر شباط الماضي.
وبحسب مصدر محلي، فإن المتظاهرين رفعوا صورا لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني ووزير الداخلية عبد الامير الشمري، مطالبين إياهم بإعادة فتح النوادي الليلية كونها ''مرافق سياحية''.
ونقل المصدر عن المتظاهرين قولهم "نحن لسنا تجار مخدرات، نحن فنانون، ونعمل من أجل معيشتنا".
وطلب المتظاهرون، من السوداني التدخل وافتتاح القاعات التي أغلقت، مشيرين إلى أنها قاعات يعمل فيها "ناس بسطاء".
وبحسب العاملين المتظاهرين، فإن قوات امنية هاجمت القاعات بطريقة استفزازية لغرض غلقها دون سابق إنذار.
المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية العراقية، مقداد ميري، قال "عملت الوزارة بقرار غلق الملاهي الليلية في العاصمة بغداد التي يبلغ عددها أكثر 78 المجازة وغير المجازة، ويأتي هذا القرار بتوجيهات حكومية بعد مطالبات وشكاوى من قِبل المواطنين الذين يسكنون بالقرب منها، حيث طالبوا بإبعادها عن الأحياء السكنية، وتخصيص أماكن لها خارج العاصمة بغداد".
وأضاف: "منذ العام 2020، تنفذ وزارة الداخلية العراقية حملة لإغلاق الملاهي الليلية، ومحال بيع المشروبات الكحولية غير المجازة في العاصمة، حتى وصل الأمر الى إغلاقها بشكل كامل".
ورصد مجلس القضاء العراقي، في الآونة الأخيرة، انتشار ظاهرة نثر الأموال على المغنيات خلال الحفلات الصاخبة، وكذلك اصطحاب الأحداث (دون سن 18 عامًا) إلى تلك الأماكن، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق أصحاب تلك الأماكن.
وأردف ميري: "هذه التصرفات غير الحضارية مخالفة للقانون والتعليمات النافذة، لذا اقتضى التعميم على محاكم التحقيق لتشكيل فرق رصد بالتعاون مع مراكز الشرطة المختصة أو مفارز الأمن الوطني، كلا بحسب اختصاصه المكاني، لاتخاذ الإجراءات القانونية بحق أصحاب تلك الملاهي، وكذلك من يرتادها، ويرتكب المخالفات المذكورة.
ومن الجدير بالذكر، إن وزير الداخلية، عبد الأمير الشمري، ناقش في 9 نيسان الجاري، مع نقيب الفنانين العراقيين، جبار جودي، موضوع القاعات والنوادي الليلية.
وذكر بيان للنقابة، ان "الشمري وجودي عقدا لقاءً مثمراً واتفقا على تعاون فني مستقبلي خلال الأيام المقبلة".
كما تطرقا، بحسب البيان، الى "موضوع القاعات والنوادي الليلية".
وفي الأول من شهر آذار الماضي، أفادت مصادر أمنية عراقية بأنّ أكثر من 20 ملهى ليلياً وُصفت بأنّها "مشبوهة" أُغلقت في العاصمة بغداد، وسط دعوات إلى التخلص من أماكن مماثلة في العراق ككلّ تُعَدّ "ذات تأثير خطر" على المجتمع.
وتنفّذ القوات الأمنية في فترات متفاوتة حملات لإغلاق ملاهٍ ليلية وقاعات أعراس ومراكز تجميل ومساج غير مرخّصة بالإضافة إلى قاعات القمار والروليت في بغداد والمحافظات، بعد بلاغات تتلقّاها بشأن ممارسات "غير أخلاقية فيها"، إلا أنّها تواجه أحياناً صعوبات في الملف بسبب الحماية التي توفّرها شخصيات فاسدة لتلك الأماكن.
وفي حينها كشفت مصادر مطلعة، بأنّ "قوات أمنية دهمت، ليل الخميس-الجمعة (1 آذار) ملاهٍ ليلية وأغلقت أكثر من 20 منها، فضلاً عن قاعات مخصّصة لمناسبات الأعراس والحفلات، في مناطق الكرادة والمسبح وسط بغداد". وبيّنت أنّ القوات الأمنية "اعتقلت 12 شخصاً من أصحاب تلك الملاهي المخالفين للشروط".
وقالت وزارة الداخلية في بيان إن "عملية إغلاق بعض النوادي الليلية والأماكن الترفيهية ومحال بيع الخمور في العاصمة بغداد جاءت من أجل تطبيق القانون لكون هذه الأماكن خالفت القوانين العراقية النافذة بعدم الحصول على الموفقات الاصولية لممارسة المهنة".
وأضاف البيان، إن "الوزارة ليس لها أي عداء شخصي مع أصحاب هذه الأماكن وكل ما تريده هو تطبيق القانون والتعليمات الخاصة بعملها على الجميع دون أي تمايز"، متعهدة بـ"محاسبة أيٍّ من منتسبيها بشدة يعمل على استغلال السلطة او يحاول استفزاز المواطنين".
وفي هذا الإطار، قال ضابط في الشرطة المجتمعية إنّ الجهات المسؤولة تتلقّى مئات الشكاوى بشأن ممارسات مشبوهة، "غير أخلاقية، في عدد من الملاهي الليلية والقاعات ومراكز التجميل وغيرها.
وأكد الضابط، أنّ "البلاغات تشير إلى ممارسات غير أخلاقية وإلى أنّ تلك الأماكن أوكار لبيع المخدرات وتعاطيها. وقد ضُبطت بالفعل كميات من المخدرات في حملات دهم سابقة".
وأوضح الضابط أنّ "تلك الملاهي، حتى المرخّصة من بينها، غير منضبطة ولا تلتزم بشروط المهنة، وقد تحوّلت الى أماكن غير أخلاقية"، مبيّناً أنّ "عدداً كبيراً منها أُنشئ في مناطق سكنية وله تأثيرات خطرة على الشباب"، وهو أمر "يثير حفيظة الأهالي".
ولفت الضابط نفسه إلى أنّ "العقبة الوحيدة التي تعترض هذا الملف هي ارتباط عدد من تلك الملاهي والقاعات بشخصيات متنفّذة توفّر لها حماية ودعماً وتضغط للحؤول دون إغلاقها".
ويحمّل مختصون في الشأن الاجتماعي وزارة السياحة والجهات الأمنية مسؤولية تنظيم الملف وفقاً للضوابط. وقال الأكاديمي غسان العوادي إنّ "فوضى تلك الملاهي الليلية والقاعات والمراكز تشكّل مخاطر اجتماعية على الشبّان والشابات، فهي تنشر المخدرات بالإضافة إلى أنّها أماكن لممارسة الرذيلة"، مشيراً إلى أنّها "بيئة خصبة لنشر الجريمة المنظمة". وشدّد على "وجوب التعامل مع هذا الملف بحسب الضوابط، ومحاسبة المخالفين قانونياً من دون مجاملات".
وفي سياقٍ متصل، أعلنت خلية الإعلام الأمني، مطلع العام الجاري، نشرها مفارز مدنية في النوادي الليلية لمراقبة الضباط والعاملين بالسلك الأمني والعسكري.
وذكر رئيس الخلية اللواء تحسين الخفاجي إن القانون يمنع على الضابط ارتياد النوادي الليلية، وتم محاسبة العديد منهم بعد إحالتهم إلى المحكمة العسكرية.
وأضاف إن المشكلة الأخرى هو تسريب أسرار الأسلحة والمؤسسة العسكرية في اللقاءات الشخصية، من قبل الضباط.
وتابع الخفاجي إنه توجد مفارز مدنية من جهاز المخابرات والأمن الوطني والاستخبارات مهمتها متابعة الضباط في هذه الأماكن، لافتا إلى إن ثرثرة “الضباط” في الأماكن العامة قد تتسبب بمشاكل كبيرة وقد تستغل من قبل الآخرين.
وبيّن إن وزارة الدفاع أنشأت مؤخراً مديرية الأمن السيبراني، وهذه المديرية ستحد من تسريب المعلومات والوثائق التي تمس أمن الوطن.
منوهاً إلى تسريب الكتب انخفض العام الماضي بشكل كبير مقارنة بالعام الذي قبله، وإن أي ضابط يحال لمجلس تحقيقي تتوقف ترقيته على أقل تقدير عاماً كاملاً.
إلى ذلك، اكد الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء قوات خاصة، يحيى رسول، ان الضابط الذي "يسهر في النوادي الليلية" يعاقب ويشكل بحقه مجلساً تحقيقياً.
وقال رسول في حديث متلفز، ان "القانون العسكري يمنع الضباط والمنتسبين من دخول النوادي الليلية بغير واجب عسكري"، مضيفاً ان "الضابط ممنوع عليه الدخول في هذه الاماكن حتى بزيه المدني".