عملية اعتقال "هوليودية".. كيف تم القبض على مدير أمن مطار النجف متلبساً بالرشوة؟
انفوبلس/ تقرير
شهدت محافظة النجف، أمس الاثنين 30 ديسمبر/ كانون الأول 2024، حادثة اعتقال "هوليودية" لمدير أمن المطار بعد مطاردته بين الأزقة والشوارع ومحاصرته وتضرُّر عجلته، فما قصة الرشوة التي استلمها وما مصير المرأة التي دُهست؟
وشهد مطار النجف مع توسيعه تصاعدًا في وارداته خلال الأعوام القليلة الماضية، حيث تعتبر النجف وجهة لآلاف الزائرين الأجانب من إيران ولبنان وباكستان للسياحة الدينية وزيارة المراقد المقدسة في المحافظة، إلا أنه ليس هناك جهة رسمية تعلن عن واردات المطار على غرار الشفافية في الواردات المالية لمطارات بغداد والبصرة وغيرها.
تفاصيل اعتقاله
أخبرت مصادر أمنية رفيعة المستوى، شبكة "انفوبلس"، مساء امس الاثنين، باعتقال مدير أمن مطار النجف الدولي حسنين الخفاجي، متلبساً بالرشوة.
وذكرت المصادر، إن "اعتقال المدير متلبساً بأخذ الرشوة من الشركات السياحية لتسهيل دخولهم إلى مكتب الفيزا في المطار، لافتة إلى أن المدير المعتقل لا ينتسب الى وزارة الداخلية إنما هو موظف مدني ضمن ملاك مطار النجف".
وأضافت، أن "القوة المنفذة كانت من النزاهة والأمن الوطني"، مبينة أن "عملية القبض تمت بعد مطاردته بالازقة ومحاصرته واعتقاله وتضرر عجلته أيضاً في الكوفة قرب فلكة حبيب الرعاش".
وبحسب المصادر التي تحدثت لشبكة "انفوبلس"، فإن حسنين الخفاجي استلم مبلغاً قدره 700 دولار أمريكي رشوة، كما انه قام بدهس امرأة من محافظة النجف أثناء المطاردة بين الأزقة والشوارع ما أدى إلى مصرعها على الفور.
كما أن مصدرا مطلعا من محافظة النجف، وهو من داخل صالة المطار، أوضح أن "فريقاً مكوناً من عدد من منتسبي هيئة النزاهة أطاح بالمتهم الذي يعمل مديراً لأمن مطار النجف الدولي، أثناء قيامه بتسلم مبلغ الرشوة".
وأشار المصدر الى، ان "مدير أمن طيران المطار لا ينتسب الى وزارة الداخلية إنما هو موظف مدني ضمن ملاك مطار النجف الأشرف".
ومدينة النجف واحدة من أبرز المدن العراقية وتشكل مقصدًا دينيا مهما للمسلمين، حيث يوجد بها الكثير من الأضرحة والمساجد بالإضافة إلى مرقد الامام علي بن أبي طالب (ع).
وكانت صحف محلية قد نقلت في نوفمبر الماضي، تصاعد أزمة بين موظفي المطار ومدير مطار النجف عقب صدور منشور من الإدارة طالب فيها الموظفين بالتوقف عن كتابة المنشورات التي تنتقد إدارة المطار على وسائل التواصل الاجتماعي.
وقالت الصحف المحلية، إن مدير المطار هدد بفصل العاملين المؤقتين في المطار في حال كتابتهم أي منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي تحمل انتقادا للأوضاع داخل المطار.
قضايا أخرى في مطار النجف
في الوقت الذي يواصل فيه خريجو الجامعات والمعاهد في محافظة النجف احتجاجاتهم للمطالبة بتوفير درجات وظيفية أو عقود توظيف، فوجئوا بالكشف عن وجود أكثر من 800 موظف في مطار النجف الدولي، يشغلون وظائف مزدوجة حيث يعملون في المطار إلى جانب وظائفهم في دوائر حكومية أخرى، مما أثار هذا الوضع استياء الخريجين العاطلين عن العمل الذين اعتبروا ذلك تعدياً على حقوقهم.
ملف الازدواج الوظيفي في مطار النجف أحدث صدى واسعا على المستويَين الشعبي والرسمي مما دفع مجلس المحافظة إلى اتخاذ إجراءات تشريعية بتشكيل لجنة تحقيقية طالبت تزويدها بجميع المعلومات المتعلقة بالتضارب الوظيفي للعاملين في المطار، إلى جانب التحقيق في الشؤون الإدارية والمالية للمطار.
وبحسب مراقبين، فإن العديد من دوائر الدولة تضم موظفين بعقود ويشغلون وظائف مزدوجة، بينما ينتظر مئات الخريجين والعاطلين عن العمل فرصة واحدة للتوظيف، ويرى هؤلاء أن هذا الملف يتطلب متابعة دقيقة وإجراءات صارمة للقضاء على ظاهرة الازدواج الوظيفي.
وجرى إنشاء المطار الذي يقع شرق مدينة النجف على قاعدة جوية عسكرية سابقة وافتُتح في عام 2008 ويضم مبنى الركاب في المطار بوابتين للمسافرين ومكاتب لشركات الطيران والخدمات ومواقف للسيارات وبرج مراقبة وصالة للشحن الجوي وصالة لكبار.
ومذاك، أصبح مسرحاً للتجاذبات والصراعات السياسية بين الإدارة المحلية للمحافظة والحكومات الاتحادية المتعاقبة، لكونه أحد مصادر الإيرادات المالية المهمة في النجف.
ما يزيد من فوضى المطار، هو تداخل الصلاحيات بين مجلس محافظة النجف والحكومة الاتحادية، وسلطة الطيران المدني ووزارة النقل، إذ تعتقد كل جهة بأنها الأحق في اتخاذ القرارات الخاصة بالمطار.
50 ملف فساد
عضو هيئة النزاهة في مجلس النواب هادي السلامي، يقول إن هناك نحو 50 ملف فساد متعلقاً بمطار النجف الدولي موجودة لدى هيئة النزاهة أو ينظرها القضاء، يبلغ مجموع قيمتها 100 مليون دولار.
ويذكر أمثلة على تلك الملفات: "شراء 40 حاوية نفايات لصالة المسافرين بالمطار بمبلغ 38 ألف دولار أميركي، وخلال زيارة الأربعين في العام 2021 خصصت إدارة المطار مبلغ 390 ألف دولار لشراء 3000 وجبة غداء وعشاء لموظفي المطار لمدة 20 يوماً، إذ بلغت تكلفة كل وجبة قرابة 7 دولارات".
ويضيف:"في عام 2019، قررت إدارة المطار إنشاء حمامات صحية مقابل صالة الوصول، بمبلغ 105 آلاف دولار، وبعد توقف المطار عن العمل وعدم استخدام تلك الصحيات، قررت الإدارة مجدداً إجراء إعادة تأهيل للحمامات بمبلغ 70 ألف دولار".
كما يؤكد أن المطار تسيطر عليه "عصابات الجريمة المنظمة التابعة للأحزاب السياسية، ويعد بوابة لتهريب المخدرات والدولار في السنوات السابقة، والمحافظة أنفقت على بنائه 117 مليار دينار عراقي".
ويضيف: "أموال المطار التي كانت مودعة لدى المصرف العراقي للتجارة TBl سُحبت وأُودعت في مصارف أهلية، منها مصرف الموصل للاستثمار والتنمية، والمصرف الإسلامي، ولا نعلم ما الغرض من هذه الخطوة؟".
ويعاني العراق من أزمة انتشار الفساد بالدوائر بالبلاد منذ سنوات، فيما تعمل الحكومة العراقية على مواجهة هذه الظاهرة.
وخلال السنوات الماضية، أُثيرت في العراق قضية الفساد من خلال ما يُعرف بقضية "سرقة القرن" والمتهم فيها عدد من الشخصيات العراقية حيث أصدر القضاء العراقي في نوفمبر الماضي حكما بالسجن لمدة 10 سنوات على المتهم الرئيسي نور زهير.
القضية كان متورط فيها عدد من العاملين في مكتب رئيس مجلس الوزراء العراقي السابق مصطفى الكاظمي.