فاجعة الطارمية.. انفجار كدس عتاد يقتل 4 ضباط و3 منتسبين ويثير تساؤلات: أين حدث الخطأ الفني؟

مصادر تكشف الكواليس

فاجعة الطارمية.. انفجار كدس عتاد يقتل 4 ضباط و3 منتسبين ويثير تساؤلات: أين حدث الخطأ الفني؟

انفوبلس/..

شهد قضاء الطارمية شمالي العاصمة بغداد، اليوم الثلاثاء، حادثاً مأساوياً راح ضحيته 10 منتسبين بينهم ضباط كبار، إثر انفجار كدس عتاد خلال عملية أمنية مشتركة بين الجيش العراقي وجهاز الأمن الوطني، وأثار الحادث جدلاً واسعاً حول طبيعة الخطأ الفني الذي أدى إلى هذه الخسائر البشرية الفادحة، وسط مطالبات بتحقيق شفاف يكشف ملابساته ويحدد المسؤوليات.

*معلومات استخبارية تقود إلى كارثة

وفقاً لمصدر أمني، فإن العملية بدأت بعد ورود معلومات استخبارية من جهاز الأمن الوطني تفيد بوجود كدس عتاد في منطقة الشط التابعة لقضاء الطارمية، وهي منطقة وعرة لطالما كانت مأوى لعناصر إرهابية سابقة.

وقال المصدر لشبكة إنفوبلس، "بناءً على المعلومة الاستخبارية، كان يفترض أن يقوم الجهد الهندسي أولًا بتفتيش الموقع وتأكيد خلوه من أي تهديد قبل دخول القوات، لكن ما حدث أن القوة المكلفة بالمهمة، وهي من الجيش وجهاز الأمن الوطني، تقدمت نحو الموقع دون تطهير مسبق، مما أدى إلى وقوع الانفجار فور وصولهم".

وأضاف، إن الانفجار أسفر عن استشهاد، كل من:

 • العقيد مهدي علي مخيبر – آمر الفوج الثالث

 • الرائد هشام حسن عبيد الحسناوي – ضابط استخبارات الفوج الثالث

 • الرائد عبد الله بشير – مدير الأمن الوطني مكتب الطارمية

 • النقيب يونارد نصير فاضل – ضابط 

 • رائد آمين الدليمي – ضابط الأمن الوطني

 • رسول كاظم التميمي – منتسب في القوة المهاجمة

كما أُصيب ستة منتسبين آخرين بجروح متفاوتة، بعضهم في حالة خطيرة، ما يرفع إجمالي الضحايا إلى 12 عنصراً أمنياً بين شهيد وجريح.

*مفاجأة في خلفيات الحادث

كشفت مصادر أمنية لـ إنفوبلس، أن معلومات وجود كدس العتاد جاءت من اعترافات تاجر مخدرات اعتُقل في وقت سابق، وهو ما يثير تساؤلات حول مدى مصداقية المعلومة.

وأوضحت المصادر، أن القوة المشتركة توجهت إلى الموقع بناءً على هذا الاعتراف، لكنها لم تتخذ إجراءات الأمان اللازمة، وهو ما أدى إلى الكارثة.

*رواية العمليات المشتركة.. اعتراف بالخطأ وتشكيل تحقيق

في بيان رسمي، أعلنت قيادة العمليات المشتركة تشكيل مجلس تحقيقي لمعرفة ملابسات الحادث، مشيرة إلى أن القوة كانت تعمل بالتنسيق مع لواء المشاة 23 التابع للجيش العراقي.

وجاء في البيان: "بعد ورود معلومات استخبارية دقيقة لجهاز الأمن الوطني بشأن وجود كدس عتاد قديم في منطقة البوغنطوس بقضاء الطارمية، شرعت مفارز الجهاز بالتعاون مع القوة الماسكة في لواء المشاة 23 بالتوجه إلى المكان، وأثناء عملية التأكد من وجود الكدس، حدث خطأ فني خارج السياقات المعتمدة، مما أدى إلى انفجاره واستشهاد ثلاثة ضباط وإصابة أربعة من المراتب".

وأكدت العمليات المشتركة، "تشكيل مجلس تحقيقي لمعرفة ملابساته والعمل خارج السياقات المعروفة، إذ إن المعني بهكذا واجبات بعد العثور على أكداس عتاد أو مخلفات حربية هم صنف الهندسة العسكرية"، وهو ما يطرح تساؤلات حول سبب عدم إشراك فرق الهندسة العسكرية في العملية قبل دخول القوة إلى الموقع.

كما نفت القيادة في بيانها أن يكون الانفجار ناجمًا عن هجوم إرهابي أو اشتباك مسلح، داعية وسائل الإعلام إلى توخي الدقة وعدم نشر أخبار غير مؤكدة.

*هل كان الخطأ البشري هو السبب؟

يرى خبراء أمنيون، أن الإخفاق في تطبيق الإجراءات القياسية للسلامة العسكرية كان سببا رئيسيا في وقوع هذا الحادث الأليم.

ويقول أحد الضباط المتقاعدين في حديث لـ إنفوبلس: "في مثل هذه العمليات، من الضروري أن يكون الجهد الهندسي هو أول من يدخل إلى الموقع. ما حدث في الطارمية هو خطأ تكتيكي قاتل، حيث تقدمت القوة دون تطهير المنطقة، مما عرضها لخطر مؤكد".

وأشار إلى، أن الحادث يعكس ضعف التنسيق بين القوات المختلفة، إذ لم يتم الالتزام بالبروتوكولات الأمنية التي تحكم التعامل مع الأكداس الحربية.

من جانبه، قال الخبير الأمني عدنان الكناني، إنه "يجب إجراء مسح لأماكن تواجد داعش الإرهابي في قضاء الطارمية".

وأضاف، "كان الأجدر بالقوات الأمنية إجراء سلسلة مهام قبل التعامل مع المعلومة، كما أنه كان من المفترض التأكد من المعلومة التي تلقتها القوة الأمنية قبل التحرك صوب الهدف".

وشدد على أن "إجراءات الإحصاء والتدقيق واجبة قبل اتخاذ أي قرار ضد هدف معين"، منوهاً إلى أنه "لدينا دوائر معنية بالقنابل غير المنفلقة وكان يجب الاستعانة بها".

وأتم الكناني، بالقول: "الواجب الأمني في الطارمية كان على الهندسة العسكرية التعامل معه".

*كشف النتائج

في السياق، دعا النائب مضر الكروي، اليوم الثلاثاء (21 كانون الثاني 2025)، إلى كشف نتائج التحقيق في انفجار كدس العتاد الذي وقع في بساتين الطارمية شمال بغداد، مطالبًا باتخاذ إجراءات صارمة لتجنب تكرار مثل تلك الحوادث.

وقال الكروي في حديث صحافي، إن "انفجار كدس العتاد في بساتين شرق الطارمية، شمال بغداد، تسبب بسقوط خمسة شهداء، بينهم ثلاثة ضباط، وإصابة ثمانية من القوات الأمنية المشتركة، أغلبهم من الجيش"، واصفًا ما حدث بأنه "فاجعة تسببت بنزيف دماء طاهرة نتيجة انفجار ألغام أو مخلفات حربية في البساتين".

وأضاف، إن "هناك ضرورة ملحّة لكشف نتائج التحقيق وحيثيات الحادث أمام الرأي العام وبيان تفاصيله بشكل دقيق، خاصة أن مثل هذه الحوادث تؤدي إلى خسائر بشرية كبيرة".

وأشار إلى "أهمية إعادة النظر في طريقة التعامل مع أكوام العتاد ومخلفات عصابات داعش الإرهابية، عبر اتّباع مسارات آمنة تمنع تكرار هذه المآسي، للحفاظ على أرواح منتسبي القوات الأمنية".

*النتيجة.. تحقيقات ومطالبات بالمحاسبة

مع تشكيل مجلس تحقيقي حول حادث الطارمية، يبقى السؤال الأكبر هو هل ستتم محاسبة المسؤولين عن هذا الخطأ الفادح، أم سيتم تبرير الحادث وإغلاق الملف كحادث عرضي؟

ويؤكد حادث الطارمية مجددا أن الملف الأمني في هذا القضاء تحديداً ما زال بحاجة إلى مراجعة شاملة، سواء فيما يخص آليات تنفيذ العمليات، أو طريقة التعامل مع المعلومات الاستخبارية، أو تطبيق بروتوكولات الأمان في المهمات الحساسة.