قرابة 7 آلاف عنصر وعشرات القواعد العسكرية.. "أنفوبلس" تفتح ملف التواجد التركي في شمال العراق
تقرير: أنفوبلس
بعد سنوات طويلة لايزال التواجد التركي في شمال العراق محط جدل وسجال في الأوساط والمحافل السياسية العراقية والخارجية المعنية بالشأن العراق، بالإضافة الى مبرراته وحجمه وأهدافه، وما يمكن أن يترتب عليه من آثار وتبعات على المديين المتوسط والبعيد في وقت تطالب فيه الأوساط العراقية الحكومة والسياسية بضرورة الحد من هذا التوغل وهو ما دفع أعضاء البرلمان بالتحرك داخل قبة البرلمان.
*اهداف التوغل التركي
ولا شكَّ في أن العراق يعدّ في مقدمة الدول التي تضع تركيا نصب عينيها هدف التمدد فيها، إذ إنها تجد أن الكثير من العوامل والظروف والدوافع التاريخية والجغرافية والسياسية والاجتماعية تساعد وتساهم في ذلك، وربما مع مرور الوقت، تتعدد وتتنوع أساليب ووسائل التدخل والوجود التركي في العراق في ظل صمت حكومتي بغداد والاقليم عن ذلك.
من الطبيعي أنّ كلَّ ذلك الثقل العسكري والاستخباراتي والاقتصادي التركي يمكن أن يمتد إلى المشهد السياسي، بصورة مباشرة وغير مباشرة، ومن ثم يوفر لأنقرة هامشاً كبيراً للتأثير في صياغة المعادلات السياسية العراقية، وعلى نطاق أوسع المعادلات الإقليمية. وقد لاحت معالم ذلك التأثير وملامحه بدرجة أكبر خلال الشهور القلائل الماضية، وخصوصاً ما يتعلق بحراك الانتخابات البرلمانية وتشكيل الحكومة العراقية الجديدة.
*موقف العراق
وطالب الاتحاد الوطني الكردستاني في وقت سابق بإلغاء الاتفاقية الموقعة مع تركيا في زمن نظام الصاغية صدام حسين"، والتي تسمح للجيش التركي بالتقدم بعمق 10 كيلو متر داخل الأراضي العراقية.
ونفت وزارة الخارجية العراقية، وجود أي اتفاق مع تركيا أو أساس قانوني يتيح له التوغل في العراق.
أعلن النائب عن تحالف الفتح فراس المسلماوي، عن تحرك نيابي لإتخاذ موقف برلماني للحد من التوغل التركي وتشريع قرارات جديدة في التعامل مع كل من يتجاوز على سيادة البلاد.
*حجم التواجد التركي
وتتحدث تقارير موثقة من مصادر استخباراتية عن أن تركيا تمتلك 11 قاعدة عسكرية رئيسية في إقليم كردستان العراق، إلى جانب 19 معسكراً أساسياً تابعاً لها. وتتوزع تلك القواعد والمعسكرات على مناطق بامرني وشيلادزي وباتوفان وكاني ماسي وكيريبز وسنكي وسيري وكوبكي وكومري وكوخي سبي وسري زير ووادي زاخو والعمادية.
في العام 2015، أي بعد حوالي عام على اجتياح عصابات "داعش" الإرهابية بعض مدن العراق، استحدثت تركيا، معسكرات إضافية جديدة في مدن بعشيقة وصوران وقلعة جولان وزمار، وحوّلت معسكرها في منطقة حرير جنوب أربيل إلى قاعدة عسكرية، وقامت ببناء قاعدة سيدكان، وفتحت بضعة مقرات في مدينتي ديانا وجومان القريبتين من جبال قنديل، من أجل إحكام السيطرة على مناطق خنير وخاوكورك وكيلاشين، وبالتالي الاقتراب من مواقع تمركز تشكيلات حزب العمال الكردستاني.
ويُقدّر عدد العسكريين الأتراك (ضباط وجنود)، الموجودين في تلك القواعد والمعسكرات، بأكثر من 7 آلاف عنصر يتحركون بمساحات جغرافية واسعة تصل إلى حوالى 100 كلم في عمق الأراضي العراقية. وإضافةً إلى القواعد والمقرات العسكرية، ينشط جهاز الاستخبارات التركي (MIT) على نطاق واسع في إقليم كردستان. وبحسب التقارير، هناك 4 مقرات رئيسية له في كلٍّ من العمادية وماتيفا وزاخو وكاراباسي في مركز مدينة دهوك.
وتتنوّع مهامّ تلك المقرات الاستخباراتية، بحيث لا تقتصر على دعم الأعمال العسكرية ضد حزب العمال الكردستاني وتعزيزها، إنما تمتدّ إلى العمل على ملفات سياسية وغير سياسية أخرى، مستفيدة من علاقاتها الإيجابية مع بعض القوى والأحزاب والشخصيات العراقية، الكردية والتركمانية والعربية.
*موقف حكومة الاقليم
وما زالت حكومة إقليم كردستان تغض النظر عن انتهاكات هذه القوات التي تطال أراضي الإقليم ومواطنيها وممتلكاتهم بسبب العلاقات الاقتصادية والمصالح المشتركة بينها وبين الأتراك، بحسب تصريحات أعضاء في برلمان كردستان
*اهداف التوغل التركي الاقتصادية
وبما أنَّ أنقرة ترى أنَّ الاقتصاد يمثّل أحد أهم وأبرز مرتكزات وأسس التوسع والتمدّد، فإنها لم تكتفِ بتكريس وجودها العسكري والاستخباراتي في العراق وترسيخه، إنَّما راحت تعززه بحضور اقتصادي في مجال الاستثمارات النفطية، إذ يعمل عدد من شركات النفط التركية في 8 حقول في إقليم كردستان.
ووفقاً لمصادر إعلام كردية، تملك شركة "كنل إنيرجي" حصصاً، وبنسب مختلفة، في البلوكات النفطية في الإقليم، فهي تملك 25% في بلوك طاوكي، و40% في بلوك بيربهر، و40% في بلوك دهوك، و44% بلوك بناوي، و44% في بلوك طقطق، و75% في بلوك ميران، و60% في بلوك جيا سورخ.
وتملك شركة "بيت أويل" أيضاً حصصاً في حقول جيا سورخ وبلكانة بنسبة 20%، فضلاً عن أنَّ الجزء الأكبر من أنبوب نفط الإقليم الذي يمتدّ إلى ميناء جيهان التركي يقع داخل الأراضي التركية، إذ يبلغ طوله 896 كلم، ويبدأ من حقل خورملة جنوب أربيل، ويمتدّ داخل أراضي إقليم كردستان إلى مسافة 221 كلم، حتى منطقة فيشخابور قرب الحدود مع تركيا، ويقع 675 كلم منه داخل الأراضي التركية، ويخضع لإشراف شركة "بوتاش" التركية التي تجني عوائد مالية كبيرة منه.
لا تعمل شركات النفط التركية وحدها في إقليم كردستان، فهناك عشرات الشركات المتخصصة في قطاعات البناء والإعمار والصناعات الغذائية والدوائية والكهربائية والألبسة والتقنيات الإلكترونية، والتي تشغل حيزاً في مجمل النشاط التجاري والاقتصادي في الإقليم وعموم العراق، فضلاً عن المصارف التركية وشركات تحويل الأموال.
*أثار التوغل التركي
واكد تقرير لصحيفة مورننغ ستار البريطانية، ان القوات التركية تستخدم الاسلحة الكيمياوية أكثر من 70 مرة خلال أسبوع واحد في مواقع مختلفة مع اشتداد عملياتها في مناطق كردستان شمال العراق، فيما أكد عضو الاتحاد الوطني الكردستاني غياث السورجي، هجرة أكثر من 600 قرية في أطراف محافظة دهوك منذ بدء القصف التركي، فضلا عن استمرار الهجرة من المناطق التي تقصف بشكل يومي، وكذلك قيامه بقتل العديد من المواطنين الأبرياء بين الحين والأخر بالإضافة قيامه بقطع المياه عن العراق، مما تسبب بتجفيف الأنهار ومنابع المياه في الأراضي الزراعية العراقية الشاسعة وقيامه بقطع الأشجار.