كنوز داعش.. ما هي؟ وكيف يجري البحث عنها اليوم؟
انفو بلس/..
ملايين الدولارات وأطنان من الذهب وآثار وأسلحة وأعتدة، هذه الكنوز نهبها تنظيم داعش الإرهابي إبّان فترة سيطرته على أراضٍ شاسعة في العراق، وما تزال تبحث السلطات العراقية عن هذه المفقودات.
في تقرير مطوّل أعدّته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، في ديسمبر/ كانون الأول 2018، كشفت فيه عن أن مسلحي داعش الذين انسحبوا من معاقلهم في العراق وسوريا، كانوا يحملون مبالغ طائلة بالعملات الغربية والعراقية، فضلاً عن سبائك ذهبية يقدّرها خبراء مستقلون بحوالي 400 مليون دولار أمريكي، نُهبت من البنوك، أو تم الحصول عليها من خلال "شركات إجرامية".
وبحسب التقرير، ظهر جزء من الممتلكات التي نهبها مسلحو التنظيم خلال حملات دهم وتفتيش شنتها إدارة مكافحة الإرهاب على معاقل سابقة للتنظيم في أربيل بإقليم كردستان العراق، إذ جاءت حملة المداهمات بعد تتبع محققين تدفق ملايين الدولارات من عائدات داعش عبر شبكات مصرفية لها روابط مع تركيا والعراق وسوريا.
وقال مسؤولون أكراد إن تتبع مسار أموال داعش قاد إلى مجموعة كبيرة من المؤسسات التجارية التي تعمل على تبييض أموال التنظيم، بما في ذلك شركات عقارية وفنادق ووكالات سيارات.
ووقعت كل هذه الثروة في يد تنظيم داعش بعدما استولى على مدن سورية وعراقية قبل 9 سنوات. ففي يونيو/ حزيران 2014، استولى التنظيم على الموصل، ثاني أكبر مدينة بالعراق، وأفرغ خزائن البنك هناك من ثروة تُقدر بنحو 500 مليون دولار من العملة والذهب، كما سيطر على حقول النفط والمناجم والمصانع والمزارع في مناطق بالعراق وسوريا، وسرعان ما أنشأ شبكة لبيع البترول والمعادن والتحف الأثرية في السوق السوداء.
وبحلول 2015، بلغ مجموع الموجودات لدى تنظيم داعش في العراق وسوريا ما قيمته 6 مليارات دولار، وفق تقديرات بعض المحللين المستقلين.
*مصير مجهول
لا يزال مصير أطنان الذهب والثروة المالية التي كانت بحوزة داعش مجهولاً. بالمقابل، منذ سقوط هذا التنظيم الإرهابي المتطرف بدأ عشرات العراقيين وحتى السوريين البحث عن هذه "الكنوز" التي نهبها الإرهابيون وأخفوها تحت الأرض في المدن التي خضعت لسيطرتهم، وفق تقرير لصحيفة "الغارديان".
فمن جزر الفرات وتحت الآبار في الأنبار والمصارف الصحية بالمدينة القديمة في الموصل وفي بيوت غير معلنة بمحافظة نينوى، بدأت تظهر الكنوز التي خبّأها التنظيم في خزنة مؤقتة وتحتوي على سبائك الذهب والمجوهرات والدولارات، ولا يعرف أحد ما تم دفنه في أثناء هروب تنظيم الدولة، إلا إن المبالغ التي تم الكشف عنها مغرية بدرجة كافية لمن يريدون العثور عليها من المسؤولين والباحثين عن الكنوز.
مع ذلك، تقول الصحيفة، إن "الموصل تضم أكبر قدر من مواقع الكنوز المحتملة في العراق". وحتى بعد إعادة المدينة وإعمار المسجد النوري الذي أعلن منه أبو بكر البغدادي عن "خلافته" كشفت الأنقاض عن مفاجآت، مشيرة إلى أن أحد الضباط في الشرطة العراقية استعاد حقيبة تحتوي على 1.5 مليون دولار من منزل مدمّر، وقرر تسليمها إلى الدولة العراقية.
*نائب البغدادي يكشف
سامي الجبوري هو نائب زعيم تنظيم "داعش" الأسبق "أبو بكر البغدادي" أدلى باعترافات مذهلة كشفت مزيداً من الخبايا عن هيكل التنظيم إبّان سيطرته على مناطق واسعة في العراق وسوريا بين عامي 2014- 2018.
ويُعرف الجبوري المعروف باسم حجي حامد أو "أبو آسيا" داخل صفوف "داعش" وكان عضواً بارزاً في عدد من التنظيمات الإرهابية التي كانت تنشط في العراق من قبل، مثل "حركة التوحيد والجهاد" و"تنظيم القاعدة"، إلى أن وصل إلى تنظيم "داعش"، وأصبح الرجل الثاني بعد البغدادي.
واعترف "حجي حامد" بأنه كان من المُقربين من البغدادي في صيف العام 2014، حينما بدأ التنظيم بشن هجماته الاستراتيجية على المحافظات العراقية الوسطى والغربية، وقال إن البغدادي وجّه قادة المحاور في الهجمات للاستيلاء على مؤسسات الدولة ومنازل الميسورين ومخازن الأسلحة وعتاد الجيش وأثاث الشركات.
ويُعتبر منصب "والي الركاز" من أهم المناصب التي تسلمها الجبوري خلال فترة عمله في تنظيم داعش، وهو منصب بمثابة وزير النفط. ويقول الجبوري في اعترافاته "عُيّنت مسؤول الركاز في التنظيم، ومن هذا الديوان بدأت باستغلال احتياطيات الوقود الأحفوري في العراق وسوريا لضمان استمرار التنظيم وتطويره، حيث كان يعمل في تلك المؤسسة أكثر من 2500 عامل موزعين حسب الحقول والمحطات النفطية، إذ يتم استخراج النفط وباقي المشتقات من حقلي (القيارة وعلاس) بالقسم العراقي وحقول (التنك وعمر والشولة وصعيوة وكوناكو) في الجانب السوري".
وقال: "كان النفط يُهرب الى خارج الولاية وجزء يُباع في السوق السوداء ضمن الأراضي المسيطر عليها في سوريا بـ(180 دولاراً) للطن الواحد، حيث أوصلت واردات التنظيم خلال سنتي عمل في الركاز لما يزيد عن مليار وربع المليار دولار سنويا تُسلم إلى ديوان بيت المال للتصرف بها"..
وحسب اعترافاته فإن الميزانية العامة للتنظيم في لحظة استلامه للمنصب كانت على النحو التالي: "خزينة التنظيم كان فيها 250 مليون دولار و3 أطنان من الذهب، مخزّنة وموزّعة في منازل وأنفاق تحت إمرة عدد من منتسبي بيت المال، أغلبها عن صادرات النفط، والجزء الآخر عن الغنائم المحصّلة من السرقات خارج حدود التنظيم والاتاوات وخطف بعض التجار ومساومتهم بالفدية".
وفي مرحلة لاحقة أصبح الجبوري مخولاً لصك الأموال الخاصة بتنظيم "داعش"، ويقول: "قمنا بإصدار دينار إسلامي صنعناه من الذهب الخالص ليُستخدم في التداول وعمليات البيع والشراء داخل أراضي التنظيم".
*عقبة
تمثل عملية البحث عن كنوز داعش المفقودة أكبر عقبة تعرقل إعادة إعمار مدينة الموصل التي تم تحريرها منذ عام 2017 بعد حصار استمر لمدة تسعة أشهر، وفق تقرير لموقع كاونتر بنج الأمريكي.
وذكر التقرير، أنه منتصف 2021، "تم العثور على 1.6 مليون دولار إلى جانب عملات ذهبية وفضية وسبائك، بواسطة عمال بناء كانوا يحفرون منزلًا تعرض للقصف، كما تم العثور على نقود وعملات ذهبية مخبأة في براميل وأكياس بلاستيكية مدفونة على عمق ثلاثة أمتار تحت الأرض".
وأشار إلى أن "الخوف من أن يكون أنصار داعش السابقين في الموصل قد يكتشفون أشياء ثمينة مخفية هو أحد أعراض الشكوك العميقة التي تقسم السكان في الموصل والحكومة في بغداد، حيث الثقة بين الاثنين غير موجودة وقد يكون غيابها كافياً لمنع إعادة بناء الموصل".
*منجم في الباغوز
في قرية باغوز الواقعة على الضفة الشرقية لنهر الفرات على الحدود السورية مع العراق، كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان وجود نحو 40 طناً من الذهب، وعشرات ملايين الدولارات.
ونقل المرصد السوري عن مصادر وصفها بـ"الموثوقة"، قائلاً: إن الذهب الموجود في المعقل الأخير لداعش جرى جمعه من المناطق كافة التي سيطر عليها التنظيم سابقاً.
وتقول المصادر، إن كميات ضخمة من الذهب نقلها وسطاء أتراك وقادة في التنظيم، على صلات وثيقة مع السلطات التركية ومخابراتها من تركيا إلى مناطق سيطرة داعش.