ليلة صعبة على ديالى.. إرهاب وجريمة منظمة ونزاع مسلح وانتحار في يوم واحد.. هل تؤثر أوضاعها السياسة على أمنها؟
انفوبلس..
بمعزل عن المحافظات الأخرى، تمتلك محافظة ديالى وضعاً أمنياً استثنائياً لم يهدأ أو يستقر بشكل تام منذ عقدين إلا في فترات قليلة، حيث تختلط فيها المفاهيم بين الإرهاب والجريمة المنظمة والصراعات الفئوية، فتحوي المحافظة صراعاً عربياً كردياً من جهة، وصراعاً سنياً شيعياً من جهة أخرى، فضلاً عن وجود صراعات تمتد لعقود ماضية بين عشائر المحافظة فيما بينها، ما يجعلها تتصدر بقية المحافظات بالأحداث الأمنية خلال العقدين الأخيرين.
يوم أمس، عاشت ديالى ليلة صعبة، حيث كشف مصدر أمني أن "عبوتين ناسفتين انفجرتا على قوة مشتركة من الصحوة والجيش قرب قرية داوود السالم (14كم جنوب غرب بعقوبة) ضمن حدود ناحية الإمام محمد السكران، ما أسفر عن استشهاد منتسبين اثنين من الصحوات وإصابة 6 من بينهم 3 منتسبين بالجيش".
وأضاف، أن "القوات الأمنية فرضت إجراءات مشددة لتفتيش المنطقة تحسباً من وجود عبوة أخرى".
إلى ذلك، كشفت خلية الإعلام الأمني أنه "بالساعة 9:40 مساءً من يوم السبت انفجرت عبوة ناسفة قرب إحدى النقاط التابعة لمتطوعي الحشد العشائري في قرية داوود السالم ضمن مدنية خان بني سعد بمحافظة ديالى".
وبينت، أن "قوة أمنية خرجت بهدف البحث والتفتيش بالقرب من النقطة ذاتها حيث انفجرت عبوة ناسفة أخرى مما أدى إلى استشهاد أحد عناصر الحشد العشائري متأثراً بجراحه بعد نقله إلى المستشفى فيما أُصيب 4 آخرين بجروح طفيفة بسبب هذا الحادث".
وفي صباح اليوم، كشف مدير ناحية الإمام محمد السكران، هادي المعموري، عن انطلاق عملية أمنية في محيط قرى داوود السالم جنوب غرب محافظة ديالى.
وقال المعموري، إن "عملية أمنية من عدة محاور انطلقت في محيط قرى داوود السالم شرقي الناحية بعد استهداف نقطة مرابطة أمنية للصحوات في ساعة متأخرة من مساء يوم أمس بعبوتين ناسفتين أسفرتا عن استشهاد عنصر من الصحوات وإصابة 7 بينهم مدني و3 جنود أحدهم بحالة حرجة".
وأضاف، إن "هجوم الأمس يدلل على نشاط لخلايا داعشية في قاطع مترامي يمتاز بغزارة الإنتاج الزراعي وهو الثاني من نوعه خلال 2024 بعد استهداف دورية قبل أشهر بعبوتين ناسفتين ضمن منطقة الرواجح". لافتا الى، أن "ما حصل يستدعي جهودا أمنية مضاعفة لكشف هوية مَن قام بهذا الفعل الإرهابي".
وأشار المعموري، إلى أن "عملية القوات الامنية تحمل 3 أهداف رئيسية، هي تأمين المناطق وإعادة الانتشار وإدامة زخم جهود طمأنة الأهالي في أرياف هي الأقدم على مستوى ديالى".
وفي تصريح آخر للمعموري ظهر اليوم، أكد ارتفاع حصيلة الانفجار، وقال إن "الحصيلة ارتفعت الى شهيدين من الصحوات وإصابة 6 منتسبين آخرين ثلاثة منهم من الجيش".
وأكد، إن "القوات الأمنية فتحت تحقيقا بالحادث".
وفي سياق ليس ببعيد، أفاد مصدر أمني في محافظة ديالى، أمس السبت، بسماع دوي انفجار في قضاء المقدادية شمال شرقي المحافظة.
وأبلغ المصدر، أن "قضاء المقدادية شهد دوي انفجار تبعه إطلاق نار"، مبيناً أن "ما حصل هو ملاحقة عناصر لعصابات الأتاوات والتهريب لشاحنة لإيقافهم وإطلاقهم النار على الشاحنة وانفجار إطارها وإصابة سائقها بجروح، وصوت الدوي الذي هز القضاء ناجم عن انفجار إطار الشاحنة".
وفي وقت لاحق، أبلغ مصدر أمني بإلقاء القبض على أحد المتهمين الذين قاموا بإطلاق النار على صاحب الشاحنة في المقدادية.
وفي إطار الصراعات المسلحة، أعلنت قيادة شرطة ديالى، أمس السبت، السيطرة على نزاع عائلي مسلح بقضاء الخالص شمالي ديالى.
وقال الناطق باسم شرطة ديالى العقيد هيثم الشمري، إن "نزاعاً مسلحا اندلع بين أقارب في قرية سعدية الشط قرب قضاء الخالص (20كم شمال بعقوبة) بسبب خلافات تطورت فيما بينهم الى إطلاق نار متبادل".
وأضاف، إن "شرطة ديالى نجحت في السيطرة على النزاع واعتقال 7 أشخاص على خلفيته"، مبيناً إنه "تم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المعتقلين".
وأشار إلى، أن "شرطة ديالى جادة في منع كل ما يعكر صفو الأمن والاستقرار الداخلي واتخاذ الإجراءات القانونية بحقه".
وفي نفس اليوم، أفاد مصدر في شرطة محافظة ديالى، بانتحار رجل عن طريق إطلاق النار على نفسه من بندقية أصابته في بطنه، بسبب مرض نفسي، في ناحية هبهب غربي المحافظة.
كما عثرت القوات الأمنية على جثة امرأة في إحدى قرى ناحية العظيم في المحافظة.
يأتي ذلك في فترة سياسية سيئة تمر بها ديالى حيث لم يستطع مجلسها من انتخاب محافظ لها حتى اليوم، الأمر الذي من شأنه أن يزعزع أمن واستقرار المحافظة بشكل كبير.
وأكد مراقبون، أن تأخر حسم منصب محافظ ديالى بتوافق جميع الأطراف المتنازعة في المحافظة يفسح المجال أمام العصابات الإرهابية لاستغلال التوتر السياسي وتنفيذ أجندتها الخاصة، كما يسمح لبعض القوى السياسية من استغلال تدهور الوضع الأمني للضغط على القوى الأخرى بهدف تمرير مرشحها للمنصب.
وأضافوا، أن تأخر حسم المنصب يزيد كذلك من مستوى الصراعات والنزاعات العشائرية بين كبرى عشائر المحافظة الطامحة باستحواذ أحد أبنائها على المنصب، الأمر الذي يخلق نوعاً آخر من التدهور الأمني.
ومع ذلك، أكد النائب محمد البياتي، أنه لا توجد ملامح قريبة لانتهاء عقدة محافظة ديالى السياسية، مشيرا الى أن بقاء الأوضاع على حالها لا يخدم أي طرف.
وقال البياتي: "يجب أن نصارح الرأي العام في ديالى حول مفاوضات تشكيل الحكومة المحلية، بأنه لا توجد ملامح قريبة لانتهاء عقدتها السياسية في ظل عدم تسجيل أي تقدم في هذا الاتجاه رغم المحاولات".
وأضاف، إن "القوى السنية الثلاث في مجلس ديالى والتي لديها 7 مقاعد، لا تزال ثابتة في دعم النائب رعد الدهلكي لمنصب المحافظ"، مبينا أن "الحديث عن تأثير تبعات اختيار رئيس مجلس النواب على ملف تشكيل الحكومة المحلية غير دقيق، لأن الانتخابات أفرزت نتائج معقدة وصعبة".
وأشار الى، أن "الخدمات هي أكثر القطاعات تضرراً من عقدة تشكيل حكومة ديالى"، لافتا الى أن "بقاء الأوضاع على حالها لا يخدم أي طرف، ونحن نسعى الى بلورة توافقات مبدئية تدفع الى إنهاء عقدة ديالى بشكل عام، ولكن الأمر معقد وصعب".
وعقد مجلس محافظة ديالى أول جلسة له في الخامس من شباط الماضي، وقرر بقاء الجلسة مفتوحة لعدم تمكنه من تحقيق الأغلبية المطلقة في التصويت على رئيس المجلس، والذهاب إلى جولة ثانية من ثم رفع الجلسة وإبقائها مفتوحة أيضاً بعد اختلال نصابها على خلفية انسحاب عدد من الأعضاء دون إكمال التصويت لاختيار رئيس للمجلس.