مخيم الهول نحو جيل عالمي من قوى الظلام.. تحذيرات من فتح أبوابه صوب العراق
انفوبلس/ تقارير
تزامنا مع أحداث سوريا، ثمة مشكلة أزلية للعراق لا تتمثل بالحدود كما السائد، بل بخطر "مخيم الهول" الذي يُعد، كما وصفه الكثيرون، مدرسةً لجيل جديد من التكفيريين، ورغم هذا، ما زالت نوايا إعادة قاطنيه إلى العراق قائمة رغم أنهم رضعوا الإجرام مع أمهاتهم وآبائهم المنتمين لقوى الظلام. فما الذي تدرسه الحكومة العراقية بهذا الشأن؟ وهل عمليات الهروب من هذا المخيم باتت أقرب من أي وقت مضى؟
ما هو "الهول"؟
الهول هو مخيم يقع في محافظة الحسكة، شمال سوريا، ويعرف بأنه أحد أكبر المخيمات، إذ يحتضن حوالي 48 ألف نازح من 42 جنسية مختلفة، من بينهم أفراد عائلات مسلّحي تنظيم “داعش” الإرهابي العراقيين والسوريين والأجانب.
وكان الآلاف من عناصر داعش نُقلوا إلى مخيم الهول، بعد أن هُزم في سوريا في آذار مارس 2019، وإنهاء سيطرته على مساحات كبيرة من الأراضي العراقية والسورية.
ويعود تاريخ إنشاء مخيم الهول، إلى تسعينيات القرن الماضي، حيث أُسس من قبل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، على مشارف بلدة الهول بالتنسيق مع الحكومة السورية، ونزح إليه ما يزيد عن 15 ألف لاجئ عراقي وفلسطيني، هاجر الكثيرون منهم إلى مختلف أرجاء العالم بمساعدة الأمم المتحدة، خاصة بعد أحداث عام 1991 عندما استباح الطاغية صدام الكويت، وقادت ضده الولايات المتحدة حربا عبر تحالف دولي.
تحذير من عمليات تهريب
يضم مخيم الهول الذي يخضع لحراسة مشددة وتشرف عليه قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، حوالي 48 ألف شخص بعد أن كانوا 73 ألف شخص، حيث إن غالبية نزلاء المخيم من نساء وأطفال داعش، مما يعزز المخاوف من ولادة جيل إرهابي جديد.
وبهذا الصددد، حذر عضو تحالف الفتح محمود الحياني، من خطورة حدوث عمليات تهريب من مخيم الهول، واصفاً إياها بالقنبلة الموقوتة التي تهدد أمن البلاد.
وقال الحياني في تصريح تابعته “انفوبلس”، إن “أكثر من ثلاثين ألف عائلة من أصول عراقية، أغلبهم نساء وشباب وأطفال من الموصل والأنبار وصلاح الدين والمناطق التابعة لها، يعيشون في مخيم الهول”، منوها ان “نقلهم إلى الداخل العراقي، وتحديداً إلى مخيم الجدعة جنوب نينوى، قد يزيد من التهديدات الأمنية ويشكل تحدياً كبيراً للأمن والاستقرار”.
وأشار إلى “احتمالية حدوث عمليات تهريب من المخيم بدلاً من الهروب، مما يزيد القلق بشأن تسهيل هذه العمليات من الداخل، وهو ما يشكل خطراً كبيراً على العراق والمنطقة”، لافتا الى ان ” العراق يعي خطورة هذا المخيم ويعمل على إحباط أي محاولات للتسلل أو اختراق الحدود”.
من جانبه، أكد عضو ائتلاف دولة القانون ابراهيم السكيني، في 27 آب أغسطس الماضي، ان مخيم الهول يمثل خطرا داهما على العراق، مبينا أن “هناك تقصير من قبل الحكومة فيما يخص حسم ملف هذا المخيم الذي يضم ارهابيين ولن نقبل بفرض آراء أو ضغوط على العراق بشأن عودة هذه الاسر للعراق، حيث أن هذا المخيم قنبلة موقوتة وبقائه سيفجر الوضع.
ماذا تدرس الحكومة العراقية؟
بالمقابل، كشفت مصادر، أن الحكومة العراقية تدرس عدة خيارات بشأن آلية التعاطي مع ملف نحو 1800 إرهابي "داعشي" عراقي معتقل في مخيم الهول، في مدينة الحسكة الخاضعة لسيطرة قوات سورية الديمقراطية "قسد"، والمدعومة من الولايات المتحدة الأميركية.
وأفادت المصادر أن مبعوث الأمم المتحدة في العراق محمد الحسان "نصح" الحكومة بتسلم الإرهابيين بأسرع وقت وإيداعهم السجون العراقية، بينما أرسلت الإدارة الأميركية "تطمينات" (كعادتها) إلى الحكومة العراقية، ونصحتها بعدم القلق من هروبهم؛ لأن قوات التحالف "لن تسمح بذلك" على حد قولها.
وبينما طالبت قوى ونخب سياسية مختلفة الحكومة العراقية بعدم الركون والاعتماد على التطمينات الأميركية، يتمثل تخوف بغداد، بالدرجة الأساس، من تمدد الجماعات الإرهابية التي سيطرت على الحكم في دمشق، إلى مناطق نفوذ "قسد"، وبالتالي تمكين هؤلاء الإرهابيين من الهروب.
وأثارت عودة هذه العوائل حفيظة الكثير من الجهات، حيث اعتبرتهم منتمين لتنظيم داعش الإرهابي، وأن إعادتهم تشكل خطرا كبيرا على العراق.
وبهذا الشأن، قال النائب محمد كريم، إن “هذه القرارات التي تتخذ هي بتأثيرات خارجية لإعادة تدوير هذه القنابل القاتلة إلى داخل البلد، وهم يعلمون أن هؤلاء رضعوا الإجرام مع أمهاتهم وآبائهم الدواعش”.
أجندة لخلق جيل رابع للإرهاب العالمي
تتخوف الأوساط السياسية والأمنية في العراق، من استخدام الإرهابيين بمخيم الهول كورقة لخلخلة الوضع الأمني من جديد، إذ يسعى العراق منذ سنوات، لإغلاق المخيم الذي يؤوي عشرات الآلاف من زوجات وأبناء مسلحي تنظيم داعش، ويضم أيضا مناصرين للتنظيم الإرهابي، وذلك بهدف الحد من مخاطر التهديدات المسلحة عبر الحدود مع سوريا.
وفي مطلع كانون الأول ديسمبر الجاري، أكد النائب مختار الموسوي، أن مخيم الهول هو أجندة لخلق جيل رابع للإرهاب العالمي، مبينا أن انفجاره بات وشيكا من خلال رفع القيود وإطلاق عتاة الإرهاب، سواء بداخله أو السجون التي تضم قياداته وعناصره.
مدرسة لجيل جديد من "الدواعش"
وكان مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي قد أكد في وقت سابق:" "أن مخيم الهول يشكّل خطرًا على أمن المنطقة واستقرارها"، وبرأيه: "أن استمرار بقائه سيجعل منه مدرسة لجيل جديد من "الدواعش"".
وكشف مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الاعرجي في بيان نشر في أكتوبر تشرين الأول الماضي، أن “الحكومة تعمل على أكبر عملية إدماج مجتمعي لمن قدموا من مخيم الهول، حيث تم إخضاعهم للتأهيل النفسي في مخيم الجدعة بإشراف وزارة الهجرة والمهجرين وكل الأجهزة الأخرى.”
ووفق البيان، بلغت اعداد العائلات العائدة حتى الآن من الهول إلى العراق أكثر من 2600 عائلة، أعيدت أكثر من 2000 عائلة إلى مناطقها الأصلية حتى الآن، فيما تبقت 600 عائلة وهي الآن تخضع للتأهيل، تمهيدا لإعادتها وإعطائها فرصة للحياة من جديد".