"معركة الفضيلية".. انفوبلس تكشف ما جرى في ضواحي بغداد وكيف رد الأمن
انفوبلس/..
أسلحة خفيفة ومتوسطة وثقيلة، وسيلان دم، وصرخات وعويل، ليست مشاهد من ساحة حرب بين دولتين، أو صراع على جبهتين، بل نزاع عشائري حدث في بغداد وتحديداً في منطقة الفضيلية الواقعة في الجزء الجنوبي من العاصمة العراقية.
ويلجأ معظم الاشخاص في العراق وخاصة بمحافظات الوسط والجنوب وحتى في الأجزاء الغربية من البلاد الى العشيرة لحل النزاعات التي تحدث بينهم من خلال تسويتها أو تعويض المعتدَى عليه بمبالغ مالية لما لحقه من أضرار مادية أو معنوية.
لكن، قد لا تُفضي التسوية العشائرية للتوصل إلى حل، خاصة في حوادث القتل، مما يدفع المتخاصمين للجوء إلى حمل السلاح والاشتباك فيما بينهم، وقد تستمر العداوة والمطالبة بأخذ الثأر لسنوات ترافقها تجدد الاشتباكات بين الحين والآخر.
*ماذا حدث في ضواحي بغداد؟
في فجر السبت 28 كانون الثاني الجاري، فاق، أو بمعنىً عراقيٍّ أدق "فز" أهالي منطقة الفضيلية على أصوات رصاص وصواريخ، بدأ الناس يتساءلون عن الأسباب ليعلموا أنه نزاع عشائري بين عشيرتي "كعب"، و"العكيل".
وفيما لم تُكشَف أسباب النزاع حتى اللحظة، بيّنت مصادر أمنية، أن الاشتباكات التي بدأت بعد منتصف الليل واستمرت أكثر من ساعتين، شهدت استخدام الجانبين مختلف أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وحتى الثقيلة، مثل الكاتيوشا، والقاذفات، والدوشكا والبي كي سي. وأسفرت عن مقتل امرأة من طرفي النزاع، وإصابة منتسب في الشرطة الاتحادية أثناء دخول القوة لبسط سيطرتها على الأوضاع.
*توثيق
ووثّق مواطنون من سكنة المنطقة، مقاطع فيديو، صُوِّرت عبر أجهزة الهاتف النقال تُظهر كثافة تبادل إطلاق النار الذي سمع به القاطنون في المناطق المحيطة بمنطقة النزاع، مما أحدث ذعراً بينهم.
*الأمن يتدخل
وإثر هذه الاشتباكات التي أُطلِقت خلالها أربعة صواريخ وأثارت الهلع بين المواطنين، دخلت ناقلات مدرعة تابعة لعمليات بغداد إلى مكان النزاع وباشرت المداهمة والتفتيش.
ثم، وجّه وزير الداخلية عبد الأمير الشمري بتفتيش منطقة الفضيلية، من جديد وأمر باعتقال كل المتسببين بالمشاجرة العشائرية.
بعد ذلك، أعلنت خلية الإعلام الأمني، اعتقال 28 متهماً بالاشتباك المسلح في منطقة الفضيلية.
وذكر إعلام الخلية في بيان أن “الأجهزة الأمنية أكدت وفي العديد من المناسبات على أهمية الابتعاد عن كل ما يسيء للسِّلم الأهلي او إرعاب المواطنين، وحذرت كل من تسوّل له نفسه العبث بالأمن من إجراءاتها القانونية اللازمة التي ستتخذها بهذا الصدد، حيث تمكنت القوات الأمنية في قيادة عمليات بغداد بالاشتراك مع قوة من الشرطة الاتحادية من القاء القبض على 28 متهماً من طرفي نزاع حصل ليلة أمس في منطقة الفضيلة".
وأضاف أنه "تم ضبط مجموعة من الأسلحة والاعتدة التي كانت بحوزتهم"، مؤكدا أنه "تم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق الملقى القبض عليهم".
وشدد البيان على أن “القوات الأمنية لن تسمح ووفق القانون بالإخلال بالأمن او التعدي على الآخرين والممتلكات العامة والخاصة، وسيتم محاسبة المخالفين وفق للقوانين والتعليمات النافذة".
*ليس الأول
لم يكن هذا النزاع الأول من نوعه في هذه المنطقة، إذ سبقه ربما أكثر من 10 حوادث مماثلة، استُخدمت خلالها أيضاً أسلحة خفيفة ومتوسطة وثقيلة وأوقعت ضحايا.
في كانون الأول/ديسمبر 2015 اندلعت اشتباكات عنيفة استُخدمت فيها أسلحة خفيفة ومتوسطة بين عشيرتين في ساعات متأخرة من الليل بمنطقة الفضيلية، استمرت حتى صباح اليوم التالي.
كما أشارت مصادر صحفية في آب/أغسطس 2016، إلى أن نزاعاً عشائرياً اندلع في منطقة الفضيلية بين عشيرتي "السواعد" و "ألبو دراج" أدى إلى مقتل 4 أشخاص وإصابة 11 آخرين، كما أصيبت عناصر من دوريات الشرطة بإطلاق نار تعرضت له أثناء تدخلها لفض النزاع.
واندلع في شباط/فبراير 2018، نزاع عشائري كبير بين عشيرتي (العتاب) و (العكيل) في ذات المنطقة، اضطر قيادة عمليات بغداد وقوات مكافحة الإرهاب للتدخل بعد أن تطور النزاع إلى اشتباكات بالأسلحة الثقيلة استُخدمت فيه الهاونات و(قذائف آر بي جي 7) و (بي كي سي).
في 1 شباط/فبراير 2019، قال إعلام نجدة بغداد في بيان إن "نزاعاً اندلع بين عشيرتين في منطقة الفضيلية أسفر عن إصابة 3 أشخاص بإطلاقات نارية"، مبيناً أن "دوريات النجدة وبالتعاون مع الشرطة الاتحادية اعتقلت 16 شخصاً من الطرفين".
وشهد 3 تموز/يوليو 2019، نزاعاً في ذات المنطقة، أدى إلى سقوط أربعة قتلى وخمسة جرحى بحسب ما تداولته وسائل إعلام ومدونين على مواقع التواصل الاجتماعي.
مصادر أشارت إلى أن النزاع المسلح في منطقة الفضيلية، أدى إلى مقتل نجل مدير الدفاع المدني اللواء كاظم بوهان، وإصابة ابن شقيقه بجروح خطيرة، فضلاً عن قيام العشيرة بإحراق منزل اللواء بوهان مع عدد من المنازل الأخرى المجاورة له.
في 24 تشرين الأول 2020، قال مصدر أمني إن "قوة من الفوج الثالث اللواء الأول التابع للفرقة الأولى في الشرطة الاتحادية، دخلت الى منطقة الفضيلية التي شهدت نزاعاً عشائرياً عنيفاً وتمكنت من إخماده واعتقال مثيريه".
كذلك، أفاد مصدر أمني، في تشرين الأول 2021، باندلاع نزاع عشائري جديد في منطقة الفضيلية، شهد استخدام الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، قبل أن تتدخل قوة امنية إلى المنطقة وتسيطر عليه وتعتقل مثيريه.