ميار ذات الـ9 أعوام.. ربطها والدها تحت لهيب أشعة الشمس وعذبها حتى الموت بسبب خلاف مع طليقته
انفوبلس..
حالة جديدة من حالات العنف الأسري ضد الأطفال راحت ضحيتها، أمس الجمعة، طفلة من سكنة العاصمة بعد قيام والدها بتعذيبها وربطها في سطح المنزل تحت أشعة الشمس اللاهبة حتى الموت، وذلك بسبب خلافات بينه وبين والدتها المنفصلة منه في وقت سابق، الأمر الذي يُعيد إلى الأذهان عشرات حالات تعنيف الأطفال في البلاد ويثير التساؤلات عن سبب وجود قوانين رادعة وصارمة من شأنها أن تمنع مثل تلك الحالات.
أحدث الحالات
مصدر في مركز شرطة حي الجهاد ببغداد، تحدث عن تفاصيل الحادثة وقال: "ورد بلاغ إلى القوات الأمنية بوجود طفلة متوفية داخل مستشفى الفرات العام وعلى الفور تم الانتقال مع ضابط التحقيق وتبين قيام والدها بنقلها إلى المستشفى ومن خلال إجراء الكشف الظاهري على جثة المجنى عليها تبين بأنها تعرضت لعدة إصابات في أنحاء الجسم وبعد التحقيق مع والدها اعترف بقيامه بالاعتداء عليها بالضرب المبرح بواسطة (عصا ماسحة) وبالأيدي وربطها في سطح المنزل تحت لهيب أشعة الشمس وتعليقها وتعذيبها مما أدى إلى وفاتها داخل الدار ونقلها إلى مستشفى الفرات العام لإخفاء معالم الجريمة مخبراً عن وفاة طبيعية".
وأوضح، أن "المتهم قام بتعذيب وقتل ابنته لكون والدتها (زوجته الاولى) منفصلة منه بسبب خلافات ومشاكل عائلية سابقة بينهما"، مشيراً إلى أنه "تم توقيف والدها المخبر على ذمة التحقيق".
وأضاف المصدر، إن "الطفلة المتوفية تدعى ميار مروان على رشيد الاعرجي، طالبة مدرسة من مواليد عام 2015، واسم والدتها هو نور مظلوم حسن".
وتابع، إن الجاني يدعى مروان علي رشيد حبيب الاعرجي، تولد 1985، شغله كاسب، يسكن في حي الجهاد محلة 881، زقاق 20، دار 2، قرب شارع حودة مول".
تفاقم الظاهرة
ولا تزال الأرقام المتعلقة بظاهرة العنف الأسري في العراق في تصاعد على الرغم من الإجراءات الحكومية الرامية للحد من تنامي هذه المشكلة خطيرة.
وكشف تقرير رسمي صادر عن وزارة الداخلية الشهر الماضي أن "إحصائية دعاوى العنف الأسري المسجلة من كانون الثاني إلى أيار 2024 بلغت 13.857 دعوى، غالبيتها عنف بدني".
وقال المتحدث باسم الوزارة، العميد مقداد ميري، إن ثلاثة أرباع المتعرضين للعنف الأسري كن من الإناث.
وبين ميري، إن "مديرية حماية الأسرة والطفل لديها دراسة أجرتها لمدة 5 أعوام عن العنف الأسري بدأت منذ عام 2019 ولغاية 2023".
وقال ميري، إن الدراسة "أشارت إلى وجود ارتفاع بظاهرة العنف في المجتمع، وهو ناتج عن تغيرات اقتصادية وثقافية واجتماعية وفهم خاطئ للدين وتفشي البطالة وانفتاح غير متقن على مواقع التواصل الاجتماعي الذي شجع على ازدياد العلاقات غير الشرعية خارج منظومة الزواج، مما أدى إلى زيادة حالات الخيانة الزوجية، فضلا عن زيادة حالات تعاطي الكحول والمخدرات بشكل كبير".
ويُعد العنف الأسري ظاهرة عالمية لكنه لا يزال يسبب مشاكل كبيرة في العراق.
في عام 2012 توصلت دراسة لوزارة التخطيط أن 36 بالمئة على الأقل من النساء المتزوجات أبلغن بالتعرض لشكل من أشكال الأذى النفسي من الأزواج، وأبلغت 23 بالمئة بالتعرض لإساءات لفظية، وأبلغت 6 بالمئة بالتعرض للعنف البدني، و9 بالمئة للعنف الجنسي.
وفي حين لا تتوفر دراسات وطنية أحدث، تستمر منظمات حقوق المرأة والطفل في الكشف عن معدلات عالية للعنف الأسري.
تم طرح مشروع قانون بشأن العنف الأسري، ومناقشته في مجلس النواب في عامي 2019 و2020، لكنه توقف منذ ذلك الحين.
وقبل ذلك جرت مناقشة داخل مجلس النواب في عام 2015 لمسودة قانون يتعلق بالعنف الأسري، لكن مصيره كان مشابها.
تصف عضو لجنة المرأة والأسرة والطفولة البرلمانية فيان صبري ظاهرة العنف الأسري بـ"المقلقة" وتعرب عن أسفها لفشل الدورات البرلمانية المتعاقبة على سن القوانين الرادعة.
وتقول صبري: "إننا ومنذ عدة دورات نحاول كنواب تشريع القانون، لكننا لم نتوفق لعرضه على المجلس بسبب وجود خلافات بشأنه".
وتضيف أن "هناك تصورا لدى المعترضين من أن قانون العنف الأسري يحمي المرأة فقط، لكنه في الحقيقة يتحدث عن الأسرة، بما في ذلك الأب والأم والأطفال".
وتلفت صبري إلى أن "المعترضين يعتقدون كذلك أن القانون يمهد لمنح المرأة الحرية المطلقة ومساواتها مع الرجل والخروج عن الأعراف والتقاليد، وهذا غير صحيح".
خطة حماية
إلى ذلك، تؤكد مديرة هيئة رعاية الطفولة في العراق غادة الرفيعي وجود خطة لحماية الأطفال وتمتد لأربع سنوات، موضحة أن "الهيئة معنية برسم السياسات ووضع مشاريع القوانين والتنسيق بين الوزارات، إلا أنها ليست جهة تنفيذية، وتكمل بحديثها، إن "الهيئة اتخذت الإجراء اللازم في كثير من القضايا الخاصة بالطفل من ضمنها القضية الأخيرة التي أشغلت مواقع التواصل الاجتماعي للطفل المرحوم موسى، كما أبلغت الجهات ذات العلاقة بإشعار الهيئة بأي حالات تعنيف ضد الأطفال ترصدها لاتباع الإجراءات القانونية بحق المعنِّف من خلال الممثل القانوني في الهيئة لرفع دعوى قضائية ضده ووفق ما لدينا من أرقام فإن العاصمة بغداد هي الأعلى في نسبة تعنيف الأطفال".
وأشارت العبيدي إلى أن العنف ضد الأطفال "في تنامٍ مستمر" ما لم تكن هناك "حماية قانونية"، مؤكدة أن "مجلس الوزراء صوت على مسودة قانون حماية الطفل، وأرسلها إلى مجلس النواب وشبكة من منظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية وعلى رأسها “اليونسيف” تعمل على توعية المجتمع بضرورة الاهتمام بالطفولة”.
وتابعت: "كل هذه الجهود تصب في صالح الطفل، لاسيما قانون حماية الطفل الموجود في أروقة البرلمان، والذي قُرئ للمرة الأولى وحضرت الهيئة جلستين نقاشيتين بشأنه، كما أن هناك إرادة حقيقية للحكومة من أجل تشريع هذا القانون، بعد إحالة ملاحظات الهيئة، فضلاً عن وجود تواصل مستمر مع رئيسة لجنة المرأة والأسرة والطفولة النيابية للإسراع بإقرار القانون".
قوانين حماية الطفل
وتؤكد المحامية سناء أحمد إن "ما من شيء يبرر العف ضد الأطفال، والدولة تضع على نفسها مسؤولية تأهيل الطفل الذي يقع ضحية لأي شكل من أشكال العنف أو الاستغلال أو الإساءة وإعادة دمج الطفل اجتماعيا".
وأضافت: "وفقًا للتشريعات العراقية، تكفل القانون برعاية الأطفال والأحداث بمجموعة من القوانين ومنها قانون رقم 76 لسنة 1983 والذي وضع في المادتين 56،58 منه ثماني محظورات أهمها ما يتعلق باستغلال الطفل أو الإساءة إليه كارتكاب جريمة الخطف مثلاً أو جرائم الاغتصاب واستغلاله في الدعارة أو التهريب، ويعتبرها جناية لا تقل عقوبتها عن السجن 5 سنوات، أما آليات الحماية وهي الجانب العملي في تقرير الحماية للطفل فنص المشرع على تشكيل لجان تسمى «لجان حماية الطفل»، وتكون لأعضائها صفة الضبطية القضائية في سبيل تطبيق أحكام هذا القانون.
وتابعت: "وفقاً للمادة (61) تختص اللجنة بتلقي الشكاوى عن أي انتهاكات لحقوق الطفل أو تعرضه للعنف أو الاستغلال أو الإساءة كما يكون من حق الأشخاص الإبلاغ عن أي واقعة في هذا الشأن خصوصاً الأطباء والمعلمين الذين قد تصل إليهم هذه الوقائع بحكم مهنهم، أما الأطفال الذين يقعون ضحية عنف أو إساءة أو استغلال فيتم إيداعهم بدار الرعاية المؤقتة بقرار من الادعاء العام بناء على توصية مندوب حماية الطفل ويعاد كذلك إلى ولي أمره بذات الطريقة بعد زوال أسباب الإيداع وآثاره وبعد تعهد ولي الأمر كتابة برعايته".
حقوق العائلة
مدير عام حماية الأسرة والطفل في العراق اللواء عدنان حمود يُصر على ضرورة معرفة العائلة العراقية بحقوقها والدوائر الخدمية التي تهتم بقضايا الأسرة ومشكلاتها.
وأكد امتلاك مديرية حماية الأسرة والطفل أكثر من 16 قسماً موزعاً في مختلف المحافظات، حيث يقدم الموظفون خدماتهم عبر الخط الساخن 139 لاستقبال الشكاوى وعلى مدار الساعة.
ويضيف: "لدينا فرق جاهزة للتدخل في أي حالة عنف أسري تجاه الكبار والصغار على حد سواء، وفي ما يتعلق بالشكاوى المتعلقة بالعنف الأسري، نقوم بتلقي البلاغات واتخاذ الإجراءات الفورية والتنسيق مع السلطات القضائية لاتخاذ الإجراءات اللازمة، ونقوم أيضاً بتوثيق أقوال النساء والأطفال المتضررين ونرافقهم للمستشفيات ونتيح لهم الرعاية الطبية اللازمة".
ويواصل اللواء عدنان في حديثه، أن "القضايا التي تتضمن عنفاً غير بدني، مثل العنف اللفظي، فتسعى خلاله كوادر المديرية لتسوية النزاعات من خلال شعبة الصلح والتراضي، حيث نسعى للتوصل إلى اتفاقيات وتعهدات تحمي الضحايا ونحن نولي اهتماماً خاصاً لحماية حقوق الأطفال في هذه العمليات.
ويضيف: "تواجهنا بعض الحالات غير الاعتيادية التي تشمل العنف الأسري الذي لا يترتب عليه إعاقة جسدية، ولذلك نعمل على متابعة هذه الحالات بعناية من خلال الإجراءات القانونية والصلحية، كما نشهد أيضاً حالات غريبة ومحزنة نتيجة تداول المخدرات وتورطها في تصاعد حالات العنف، مما يدفعنا لإجراء دراسات لفهم زيادة هذه الظاهرة خلال الست سنوات الماضية. ومن خلال تطبيق إجراءاتنا، نهدف إلى الحد من حالات العنف الأسري وتوفير بيئة آمنة للأسر في العراق".