واحدة من جرائم العراق "العجيبة".. أم طلبت من ابنتها إطلاق النار عليها بالموصل لهذه الأسباب
انفوبلس/ تقرير
شهد حيّ القدس شرقي مدينة الموصل، جريمة "غريبة ومروّعة"، حيث طلبت الأم من ابنتها البالغة من العمر 15 عاماً إطلاق النار عليها من مسدس لإنهاء حياتها التي تشوبها مشاكل زوجية عديدة، وذلك حسبما أعلنت مديرية شرطة الكرامة بمحافظة نينوى.
وقد حذّر مسؤولون ومختصون عراقيون من تزايد ارتكاب الجرائم الجنائية التي تُسجّل بشكل شبه يومي في عموم محافظات العراق، وسط تأكيد لأهمية البحث عن الأسباب والدوافع، وفرض سلطة الدولة والقانون.
*تفاصيل الجريمة
أفادت مصادر أمنية، في الـ 4 من مايو/ أيار 2023، بوقوع جريمة قتل لامرأة في حي القدس شرقي الموصل. وقالت المصادر لـ"انفوبلس"، إن "شابة تبلغ من العمر 15 عاماً أقدمت على قتل أمها بإطلاق عيارات نارية عليها في حي القدس شرقي مدنية الموصل".
*الأم طلبت ذلك!ّ
إلى ذلك، كشفت مديرية شرطة الكرامة بمحافظة نينوى، عن تفاصيل جريمة ارتكبتها فتاة بحق والدتها. وقالت، إن "الشرطة ألقت القبض على فتاة من مواليد 2009 قتلت والدتها بمسدس والدها بطلب من الضحية بسبب الظروف العائلية الصعبة والمشاكل التي تمرّ بها العائلة".
وأضافت، إن "الأم وضعت المسدس على بطنها وطلبت من ابنتها الضغط على الزناد لإنهاء حياتها التي تشوبها مشاكل زوجية بسبب الظروف التي تعيشها العائلة". كما بيّنت، إن "القضاء قرّر توقيف الفتاة لإكمال التحقيق".
وفي نهاية شهر نيسان الماضي، كشفت مديرية شرطة الكرامة في نينوى جريمة قتل بعد 72 ساعة على وقوعها بعد أن قُيِّدت على أنها انتحار لشاب في بئر بمنطقة كوكجلي شرقي الموصل، إلا أن تحقيقات الشرطة أثبتت أنها جريمة قتل واعتقلت متهماً متورطاً بالحادث قام بإلقاء الضحية في البئر.
كما قالت المديرية في بيان آخر، إن "متهمين اثنين نفذا جريمة قتل بحق أحد المواطنين بواسطة مسدس في الشارع العام بالقرب من قرية الزنازل غربي مدينة الموصل بسبب خلافات وثأر عشائري".
ويتصاعد العنف المنزلي في العراق، على نحو متسارع، إذ أصبحت جرائم القتل العائلية تتكرّر أسبوعياً، حتى باتت مثار قلق حقيقي في المجتمع العراقي. وبينما يؤكّد مختصّون أنّ دوافع اقتصادية ونفسية تقف وراء تلك الجرائم، فإنهم حمّلوا الحكومة والجهات المختصّة مسؤولية إيجاد الحلول لتلك الأزمات، والبرلمان لتشريع قانون العنف الأُسري المعلّق منذ سنوات.
وجاء العراق في المرتبة 20 عربيًا من أصل 22 دولة، أي قبل الأخير بمرتبتين وفي المرتبة 166 عالمياً في مؤشر "المرأة والسلام والأمن" العالمي.
من جهته يرى الخبير القانوني علي التميمي، أن مثل هذه الجرائم طارئة على العراق تحتاج إلى وقفة طويلة وحلول سريعة. مبيّناً، أن جرائم الحرق واغتصاب الصغار وتقطيع الجثث واستخدام أساليب وحشية في ارتكاب الجريمة ووجود نزعة الجريمة الكبيرة والعالية لدى الجُناة، وهنا يطغى الجانب النفسي في هذه الجرائم".
وأضاف التميمي، أن هذه الجرائم تتسم بالحقد على المجتمع وانفصام الشخصية والخوف من المجتمع وغيرها من الأسباب كما يقول علم النفس الجنائي، مشيرا إلى، أن هذا يحتاج لدراسات لهذه الظواهر من المختصين ومن ثم نشر الوعي عن طريق الإعلام ورجال الدِّين والمدارس.
الخبير القانوني بيّن، أن أهداف العقوبة الجنائية هي الردع، ولذلك تشدّدَ قانون العقوبات العراقي في مثل هذه الجرائم مثل القتل التي تصل عقوبتها إلى الإعدام، وفق المادة 406/1/أ".
كما قال الباحث الاجتماعي محمد المجمعي، إن "تزايد الجرائم الجنائية في المجتمع يؤكد أن هناك أزمات مجتمعية عامة، وليست دوافع فردية فحسب"، مبيناً، إن "الملف يحتاج إلى مراجعات من قبل مختصين، بالتوازي مع الخطط الأمنية والعمل القضائي، أي إن هناك ضرورة لتقصّي الأسباب المجتمعية التي تدفع إلى اللجوء للعنف، حتى في المشاكل الشخصية، وعدم اللجوء إلى سلطة الدولة".
وشدّد الباحث المجمعي على "ضرورة أن يكون هناك وعي مجتمعي يحول دون اللجوء للقوة والعشيرة بفضّ الخلافات، وهنا نحتاج أيضاً إلى دعم سلطة الدولة والقانون".
*أعلى نسبة في تاريخ الوطن العربي وإيران وتركيا
وفي سابقة تاريخية، سجّل العراق أعلى معدل ارتفاع لجرائم القتل خلال عام 2022، بنسبة سنوية تصل إلى أكثر من 11.5 لكل 100 ألف نسمة، وهي الأكبر على مستوى الوطن العربي وإيران وتركيا، كما يؤكّد مختصون.
الإحصائية تستند إلى بيانات جمعتها وزارة الداخلية، بتسجيل أكثر من 5300 جريمة قتل في 2022، وفق المفتش العام السابق للوزارة والخبير القانوني جمال الأسدي.
وقال الأسدي في منشور تابعته "انفوبلس"، إنه "قبل نهاية عام 2022 تم إحصاء أكثر من 5300 جريمة قتل جنائية وبنسبة سنوية تصل إلى أكثر من 11,5 لكل مائة ألف نسمة وهي أعلى نسبة لجرائم القتل في العراق تاريخياً والوطن العربي وإيران وتركيا".
وأوضح، "فمثلاً القتل الجنائي في العراق في تزايد مستمر وبدون معالجات ويُقدّر بـ 4300 حالة قتل في 2015 و4400 حالة قتل في 2016، وبحدود 4600 في 2017 و2018، وبحدود 4180 حالة قتل 2019، وعام 2020 فقد وصلت حالات القتل إلى أكثر من 4700، وعام 2021 وصلت جرائم القتل إلى أكثر من 5000 جريمة قتل".
وأضاف، إن "العراق بحاجة إلى إدارة الملف الأمني بعقلية علم الجريمة قبل إجراءات العقاب، ويحتاج إلى تحديد الأسباب الجُرمية قبل البحث عن آليات التحقيق التعسفي، وبحاجة إلى تحديث العقلية التحقيقية والاستخبارية قبل البحث عن الطرق العُنفية، ونحتاج إلى إعداد خريطة الجرائم الجنائية وغيرها قبل أن نبحث عن زيادة الأفراد غير المُجدية".
وتسجّل المحافظات العراقية بشكل عام، جرائم شبه يومية، داخل العائلة الواحدة، إذ يمكن أن تتطوّر الخلافات البسيطة حول قضايا الإرث أو فسخ خطوبة أو انفصال بين زوج وزوجته مثلاً، إلى استعمال السلاح الناري أو غيره.
يُشار إلى أن العراق احتلّ المرتبة الـ 72 عالمياً والعاشرة عربياً على مؤشر الدول الآمنة لعام 2023 (معدّل الجريمة) وفقا لقاعدة البيانات "نامبيو (Numbeo)".
وتهتم "نامبيو" بتقييم درجة الأمان في دول العالم، وتُصدِر تقاريرها سنوياً منذ عام 2009، اعتمادا على رصد معدلات الجريمة وفقاً لقوانين كل دولة.