واشنطن تحشّد والخنجر يدعم والبزاز يسوّق.. تشريع لمواجهة الإخفاء القسري يثير الحيرة في العراق
تُطبّل له قنوات دعمت التنظيم سابقا
واشنطن تحشّد والخنجر يدعم والبزاز يسوّق.. تشريع لمواجهة الإخفاء القسري يثير الحيرة في العراق
انفوبلس/..
بشكل مباشر وعلني، تدعو الولايات المتحدة، الجهة التشريعية في العراق إلى التحرك نحو إجراء تعديلات بشأن ضحايا الاختفاء القسري، في حين يعلن رئيس حزب السيادة خميس الخنجر تبنياً واضحاً للموضوع تزامناً مع دعم وتسويق من رئيس قناة الشرقية سعد البزاز.
*واشنطن والأمم المتحدة
وكتبت السفيرة الامريكية لدى بغداد، إلينا رومانوسكي على صفحتها عبر منصة "إكس"، يوم أمس الجمعة، بمناسبة اليوم العالمي لضحايا الاختفاء القسري، فإن "السفارة الامريكية في بغداد تُكرِّم المتضررين من هذه الجرائم البشعة".
ودعت إلينا رومانوسكي إلى "إجراء تعديلات تشريعية حتى يشعر الناس بالأمان والكرامة في مجتمعاتهم دون خوف من الاختطاف"، على حد تعبيرها.
وتتعرض السفيرة إلينا رومانوسكي لانتقادات حادة من مختلف القوى السياسية والطبقة الشعبية بدعوى "التدخل في الشأن العراقي"، لا سيما بعد تصريحاتها الأخيرة، حين عارضت تشريع تعديلات على قانون الأحوال الشخصية.
من جهته، حث كلاوديو كوردوني، نائب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق للشؤون السياسية والمساعدة الانتخابية الجهات العراقية على التنسيق بين لمعالجة قضية الاختفاء القسري في البلاد.
وقال كوردوني في بيان، إن معالجة قضية الاختفاء القسري في العراق تتطلب استجابة منسقة من جانب جميع الجهات المعنية.
وأضاف "أتطلع إلى زيادة العمل، بما في ذلك اعتماد التشريعات ذات الصلة، لضمان الإنصاف والعدالة للضحايا والأسر. وهذا من شأنه أيضًا أن يساهم في الوحدة الوطنية".
*دعم الخنجر
يوم أمس، جدد رئيس حزب السيادة خميس الخنجر الدعوة إلى معرفة مصير آلاف المخفيين قسراً من أبناء الأنبار وصلاح الدين ونينوى وكركوك وديالى وشمال بابل وحزام بغداد.
وقال الخنجر في منشور على موقع "أكس"، "إن مصادقة الحكومة على مشروع قانون مكافحة الاختفاء القسري تضع البرلمان أمام مسؤولية تشريع قانون تجريم الإخفاء القسري".
وأضاف "معرفة مصير ضحايا الاختفاء القسري وتعويض المتضررين ومحاسبة مرتكبيها، مسؤولية وطنية إنسانية أخلاقية تتطلب وقفة جادة من مؤسسات الدولة كافة".
*القانون العراقي
وحاول البرلمان إقرار قانون تحت مسمى "حماية الأشخاص من الاختفاء القسري" منتصف عام 2019، وبعد القراءة الأولى توقفت إجراءات المضي بإقراره بسبب ممانعة أطراف سياسية.
وفي يوليو (تموز) 2023، أحالت الحكومة مشروع قانون "مكافحة التغييب القسري" إلى البرلمان لأجل إقراره، لكن هذا لم يحدث حتى اليوم.
وتقول اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إن "العراق يضم أحد أكبر أعداد الأشخاص المفقودين في العالم"، إذ تقدّر "اللجنة الدولية للمفقودين أن عدد المفقودين العراقيين قد يتراوح بين 250 ألفاً ومليون شخص".
*تعليق قانوني
ويقول الخبير القانوني علي التميمي، إن "العراق لم يشرع حتى الآن قانونا منع الاختفاء القسري، لكن في قانون العقوبات العراقي النافذ هناك مواد تعاقب على الجريمة بوصفها جريمة خطف تصل عقوبتها إلى الإعدام".
وأوضح التميمي، إن "الأمر اختلف بعد عام 2004، إذ أصبح الاختفاء يمكن أن يكون من قِبل مسلحين أو جهات غير حكومية تقوم بإخفاء الأشخاص ومساومتهم وأخذ أموال، وبالتالي أصبحت منظمة بشكل كبير".
وتقول لجنة الأمم المتحدة المعنية بحالات الاختفاء القسري، إن حالات "التغيب والاختطاف تحدث على نطاق واسع في العراق، وقد تكون إلى حد بعيد جزءاً من عمل منهجي متواصل، منذ سنوات".
وكانت كارمن روزا فيلا كوينتانا، وهي رئيسة اللجنة، قد صرحت بأن "عدم وجود تعريف صريح للاختفاء القسري في التشريع القانوني العراقي بوصفه جريمة مستقلة أمر مقلق للغاية".
بينما، تقول مفوضية حقوق الإنسان، إن قانون المحكمة الجنائية العراقية العليا رقم (10) يُجرّم الاختفاء القسري باعتباره جريمة ضد الإنسانية، وبما يتعلق بالجرائم المرتكبة بين عامي 1968 و2003 فقط.
وفي الرابع من أبريل/نيسان 2023، أصدرت المفوضية تقريرا عقب أشهر من زيارة تضمنت لقاء مئات العائلات العراقية، من الأنبار وبغداد وأربيل والموصل وسنجار، وعقد 24 اجتماعا مع أكثر من 60 جهة، و7 لقاءات مع 171 ضحية ومنظمة مجتمع مدني، خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2022.
وأكدت فيه، أن "ممارسة الاختفاء القسري منتشرة على نطاق واسع في معظم أنحاء العراق، وأن الإفلات من العقاب ومعاودة الإيذاء كانت سائدة لسنوات خلت".
وقالت المفوضية، إن العراق يفتقر إلى فرقة عمل مستقلة للتحقق بشكل منهجي من سجلات جميع أماكن الحرمان من الحرية مع أسماء جميع المحتجزين، ولإستراتيجية شاملة للبحث والتحقيق في جميع حالات الاختفاء، وتعزيز وتوسيع قدرة الطب الشرعي الوطنية لضمان الوصول إلى جميع الضحايا بعمليات استخراج الجثث وفحصها.
*أحدث تحرك
وفي السابع من أغسطس/آب 2023، كشف رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أن حكومته أقرت مشروع قانون مكافحة الاختفاء القسري وأحالته إلى البرلمان للتصويت عليه. لكنه تعرض لانتقادات كثيرة، لافتقاره الآليات والإجراءات التي تحصي المفقودين وتفاصيل اختفائهم واختطافهم.
من جهته، قال المتحدث باسم وزارة العدل أحمد لعيبي، إن العراق يمتلك خطة إستراتيجية لملف الاختفاء القسري منذ انضمامه للاتفاقية الدولية عام 2009 وهو عضو مؤسس لها، بالإضافة إلى توقيعه على 8 اتفاقيات دولية مشابهة، وهو ملتزم بتبعاتها.
وأشار إلى أن الوزارة تبنت ملف الأشخاص المفقودين منذ عام 1968 إلى الآن، أي الذين اختفوا على يد النظام السابق قبل 2003، وعلى يد تنظيم داعش والقاعدة، وأن العراق سيقدم تقريرا دوريا أمام الأمم المتحدة، يوضح كل الالتزامات بشأن المفقودين والتحري عنهم، وأكد وجود سجل موحد لكل الأشخاص المفقودين وتفاصيل اختفائهم وأسبابها.
ولفت إلى أن العراق يعتمد على المعلومات المسجلة لدى اللجنة الدولية للاختفاء القسري في جنيف دون غيرها، وإلى تشكيل اللجنة الوطنية للمفقودين بأمر وزاري عام 2023، ووجود استمارة إلكترونية يمكن لذوي المفقودين تعبئتها وإرسالها للبحث والتحري.