واشنطن تفضح "حرامي البيت" في جريمة اغتيال "قادة النصر"
أنفوبلس/..
لا تتورّع الولايات المتحدة عن ارتكاب الجرائم في شتّى بقاع الأرض، بل حتى فضح العملاء المحليين الذين يشاركون في تلك الجرائم على حساب أبناء جلدتهم، بحسب تعبير محللين للشأن السياسي.
ولم يكن العراق بمعزل عن الانتهاكات الأمريكية، بل كانت له “حصة الأسد” من الجرائم التي ارتكبتها الإدارات المتعاقبة للبيت الأبيض، ولعلَّ آخر أشنع جريمة شهدها العراقيون هي عملية اغتيال قادة النصر، قرب مطار بغداد الدولي.
وأثارت جريمة اغتيال قادة النصر التي نُفذت بأمر مباشر من الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ردود أفعال غاضبة نظراً للمكانة الخاصة التي كان القادة يحظون بها بين العراقيين، لاسيما أنهم قادوا معركة وجودية كادت أن تُسقط بلاد الرافدين بيد جماعة إرهابية بربرية، عملت على سفك دماء أبنائها على مرأى ومسمع المجتمع الدولي الذي بقي متفرجاً مدة طويلة.
بيد أن الموقف الرسمي في العراق ما يزال “خجولًا” ولا يتناسب مع حجم الجريمة، وفقًا لمراقبين حذّروا من مساعي “التغاضي الحكومي” عن المتورطين محليًا.
وفي هذا السياق، كشف وزير الخارجية الأمريكي السابق مايك بومبيو، عن معلومات جديدة وخطيرة تتعلّق بالجريمة التي هزّت الشرق الأوسط.
وشرح بومبيو في مقابلة متلفزة، أن 3 فرق من القوات الأمريكية التي كانت موجودة في العراق حينها، راقبت المكان من مواقع مخفية في مطار بغداد الدولي بانتظار قدوم قادة النصر، موضحًا أن عناصر من تلك الفرق كانت متنكرة بزي عمال صيانة، في حين اختبأ آخرون في مبانٍ قديمة أو مركبات على جانب الطريق، في حين تمركزت فرق القناصة الثلاث على بعد 600 إلى 900 ياردة من منطقة الاستهداف على طريق الوصول إلى المطار، وكان لأحد القناصين منظار رصد مزوّد بكاميرا تم بثها مباشرة إلى السفارة الأمريكية في بغداد، حيث كان يتمركز قائد قوة “دلتا” الأرضية مع طاقم دعم، وأثناء تحرّك الطائرة بعيدًا عن المدرج باتجاه الجزء المغلق من المطار، قام أحد العناصر الأكراد المتنكرين بزي طاقم أرضي بتوجيه الطائرة إلى التوقف على المدرج، وعندما نزل الهدف من الطائرة، كان الأكراد الذين تظاهروا بأنهم مسؤولو الأمتعة حاضرين للتعرّف عليه فوراً، وانسحبت السيارتان، إحداهما تقل القادة الشهداء إلى الشارع لمغادرة المطار، وبينما حلّقت الطائرات المسيرة الثلاث، اثنتان منها مسلحتان بصواريخ هيلفاير، وكانت أسلحة القناصة جاهزة مصوّبة باتجاه الهدف، حسبما قال بومبيو.
وفي الثالث من كانون الثاني عام 2019، أقدمت أمريكا على ارتكاب الجريمة الشنيعة باغتيال قادة النصر، وقد عدَّ المقرر الأممي الخاص “أغنس كالامارد” هذه العملية الارهابية بانها غير قانونية ورفض الذرائع الأمريكية في تبريرها.
وتفيد التقارير الواردة، بان بومبيو هو أحد الأشخاص الرئيسين الضالعين في اتخاذ ادارة ترامب لقرار اغتيال القادة الشهداء، وقد أوردت صحيفة غارديان البريطانية في تقرير لها في آب 2021 ان مواقف بومبيو تُعد خطيرة وهو الذي قام بإقناع ترامب بإصدار قرار الاغتيال.
ويعود سبب حقد وضغينة بومبيو للشهيد الفريق سليماني الى سنوات مضت عندما استطاع الفريق سليماني القضاء على الارهابيين المدعومين من أمريكا والذين كانوا قد سيطروا على مناطق شاسعة من العراق وسوريا عبر الاستفادة من قدرات فصائل المقاومة الإسلامية في العراق، وكذلك قوات الدفاع الوطني في سوريا وتولى قيادة دعم هذه القوات الشعبية وقدم الاستشارة لقادتها طوال 6 سنوات ما أسفر عن ازالة دولة خلافة داعش المزعومة والجماعات الارهابية.
وقد استطاع الفريق الشهيد سليماني الذي ذهب الى العراق وسوريا بدعوة رسمية من السلطات العراقية والسورية بنسج شبكة من القوات الوطنية والمحلية بإبداع منقطع النظير وقضى على المخططات الأمريكية والصهيونية في سوريا.
وتفيد تقارير وسائل الإعلام الامريكية، بان الخوف من الثأر لم يفارق بومبيو لحظة واحدة، وفي العام الماضي طالب بحماية شخصية له ولدونالد ترامب بعد ساعات من انتهاء مراسم الذكرى السنوية لاستشهاد القادة قائلا، انه قد رأى الرئيس الايراني يتكلّم عن ضرورة محاكمته ومحاكمة ترامب، “وإذا لم ينجحوا سيقتلوننا وهذا أمر غير مسبوق حقيقة وان مسؤولية حمايته وحماية ترامب تقع على عاتق ادارة بايدن”.
وقد أعلن موقع “واشنطن أغزماينر” ان الحكومة الفيدرالية في امريكا تخصص شهريا مليونين و175 ألف دولار لحماية بومبيو وبقية المسؤولين الضالعين في اغتيال القادة الشهداء.
وعن ذلك، يقول المحلل السياسي مؤيد العلي إن “عملية الاغتيال الغادرة التي نفذتها قوى الاستكبار الأمريكية، واستشهد على إثرها قادة النصر، تمثّل وصمة عار في جبين الإنسانية”، داعيًا إلى العمل بشكل حثيث للقصاص من المتورطين سواء على الصعيدين المحلي أو الدولي.
ويضيف العلي، أن السلطات العراقية كانت مطالبة بالعمل على الثأر بشكل قانوني وفي المحافل الدولية، من منفذي جريمة الاغتيال، لافتًا إلى أن تصريحات بومبيو كشفت لنا متواطئين ينبغي التقصي عنهم، ومحاسبتهم بشكل صارم وفقًا للقوانين النافذة.
جدير بالذكر، أن مجلس النواب صوّت خلال جلسة استثنائية عقدها في الخامس من كانون الثاني 2020، على قرار يُلزم الحكومة بالعمل على جدولة إخراج القوات الأجنبية من العراق، وهو ما لم تترجمه حكومة مصطفى الكاظمي حرفيًا على أرض الواقع.