العقوبات الأمريكية لن تؤثر.. العراق يبدد شائعات تجميد الكرة ويؤكد استقرار مشاركات المنتخبات واستقلال الاتحاد عن الجدل الأولمبي

انفوبلس/..

لم تهدأ عاصفة الجدل التي ضربت الأوساط الرياضية العراقية خلال الأيام الماضية بعد تداول أنباء تحدثت عن احتمال تجميد الكرة العراقية ابتداءً من مطلع عام 2026، وهي رواية انتشرت بسرعة بين المتابعين والجماهير وأثارت مخاوف واسعة بشأن مصير المنتخبات والفرق الوطنية ومشاركاتها الخارجية. غير أن الساعات التالية حملت سلسلة من التصريحات القانونية والرسمية التي بدت حاسمة في نفي تلك المزاعم وتأكيد أن المشهد مختلف تماما عمّا رُوِّج له، وأن كرة القدم العراقية بعيدة عن أي تهديد يمس حضورها في المحافل الدولية أو القارية.

قانوني يفصّل المسألة

النقطة المفصلية في تهدئة المخاوف جاءت من الخبير القانوني الرياضي نزار أحمد، الذي وضع الأساس القانوني والفني للمسألة، مؤكدًا بشكل قاطع أن ما يشاع حول تجميد الكرة العراقية لا سند له ولا وجود لأي ارتباط قانوني بين وضع اللجنة الأولمبية الوطنية وبين عضوية أو نشاطات الاتحاد العراقي لكرة القدم أمام الاتحاد الدولي (فيفا). هذه الإشارة بدت مهمة لأنها فصلت بين مؤسستين يجري الخلط بينهما عادة في الوعي الرياضي العام، رغم أن كل منهما تتحرك بمنظومة قانونية مختلفة تماما.

أحمد أوضح أنه حتى في حال حدوث التجميد – نظريا – لعضوية اللجنة الأولمبية العراقية في اللجنة الأولمبية الدولية، فإن ذلك لا ينتج عنه أي أثر مباشر أو غير مباشر على الاتحاد العراقي لكرة القدم. فالفيفا لا يشترط أن يكون اتحاد كرة القدم عضوا في اللجنة الأولمبية الوطنية، ولا يبني أي التزامات أو حقوق على هذا الارتباط. هذه المعادلة القانونية تعد محورا أساسياً في فهم الصورة، لأنها تنهي الجدل من جذوره وتؤكد أن النشاط الكروي في العراق مستقل في مساره الدولي عن الإطار الأولمبي.

وتابع أحمد شارحا الحدود الدقيقة للعلاقة بين الفيفا واللجنة الأولمبية الدولية، مبينا أنها محصورة فقط في تنظيم مسابقة كرة القدم ضمن دورة الألعاب الأولمبية، دون أن تمتد لتشمل باقي نشاطات الاتحاد الدولي أو الاتحادات الوطنية. وبناء على ذلك، فإن أي تأثير – إن حصل – سيكون مرتبطا فقط بمشاركة المنتخب الأولمبي في تصفيات ونهائيات أولمبياد 2028، دون أن يلامس المنتخب الوطني الأول أو باقي المنتخبات أو الأندية أو المشاركات الآسيوية والعربية والدولية.

اللجنة الأولمبية تؤكد الرسالة ذاتها

وبينما كانت هذه التوضيحات القانونية تتداول في الأوساط الإعلامية، جاءت اللجنة الأولمبية الوطنية العراقية لتعزز الرسالة ذاتها ولكن بصيغة سياسية وإدارية تركز على سلامة موقفها القانوني وغياب أي تهديد حقيقي يطال المؤسسة الرياضية. 

الأمين العام للجنة، هيثم عبد الحميد، أكد أن ما يجري تداوله مجرد ادعاءات غير دقيقة، مشيرًا إلى وجود مراسلات ووثائق رسمية من اللجنة الأولمبية الدولية تشيد بالموقف التنظيمي للأولمبية العراقية وتؤكد التزامها بالمعايير المعتمدة.

ما لفت الانتباه في حديث الأمين العام هو التأكيد على أن رئيس اللجنة الأولمبية عقيل مفتن اتخذ موقفًا مسؤولًا أبعد من خلاله المؤسسة الرياضية عن مسألة "القائمة السوداء" التي يجري تداولها، دون أن يكون لذلك انعكاس على واقع الرياضة العراقية أو علاقاتها الدولية. كما أشار إلى أن مفتن سيعود إلى منصبه بعد استكمال إجراءات رفع اسمه رسميًا عبر شركة مختصة، في الوقت الذي تواصل فيه اللجنة القانونية العمل على تطوير النظام الداخلي للأولمبية بما ينسجم مع المتطلبات التنظيمية.

مقاربة عملية

وتجاوزًا للتفاصيل التي حاول البعض تضخيمها، كان لافتًا أن المؤسسات العراقية المعنية اتخذت مقاربة عملية تهدف إلى حماية الاستقرار الرياضي وعدم السماح بخلق فراغ إداري أو ذريعة لتأويلات مبالغ بها. فالتخويل المؤقت للنائب الأول عبد السلام خلف بإدارة شؤون العمل الأولمبي جاء – وفق بيان رسمي – التزاماً بالميثاق الأولمبي ومتطلبات العمل وبمبادرة من رئيس اللجنة نفسه وبصورة قانونية نافذة، مع إشعار اللجنة الأولمبية الدولية بالقرار رسميا. هذا الإجراء يعكس محاولة واضحة لعزل القضايا الجانبية عن مسار العمل الرياضي الرسمي وحماية صورة العراق في المحافل العالمية.

الجدل الذي رافق انتشار الشائعات كشف حقيقة أخرى لا تقل أهمية وهو مدى حساسية الجمهور العراقي تجاه ملف كرة القدم، باعتبارها الرياضة الأكثر تأثيرا في المزاج العام، وقدرتها على خلق موجات قلق واسعة حتى في غياب المعطيات الدقيقة. فمجرد تداول عبارة مثل "تجميد الكرة العراقية" كان كفيلًا بإثارة المخاوف من سيناريوهات غياب المنتخبات عن كأس آسيا أو تصفيات كأس العالم أو تعليق مشاركات الأندية في البطولات القارية، وهو ما جعل التوضيحات القانونية ضرورة ملحّة.

ورغم أن بعض التحليلات حاولت الربط بين التوترات السياسية الإقليمية وبين مستقبل الرياضة في العراق، فإن السياق الواقعي – وفق ما صدر عن الجهات الرسمية والخبراء – يشير إلى أن الاستقرار الرياضي غير مهدد، وأن العراق لا يواجه أي مسارات تجميد أو إقصاء أو تعليق من الهيئات الرياضية الدولية. فالفيفا لم يصدر أي تحذير أو ملاحظة، واللجنة الأولمبية الدولية تتواصل رسميًا مع العراق وتتعامل مع الإجراءات الانتقالية داخل اللجنة بصورة طبيعية.