المشجعون العراقيون.. انشغال بالمباريات على حساب السياسة: "متنفس مهم"
انفوبلس/..
يتابع العراقيون بشغف كبير منافسات مونديال قطر 2022 الحالي، وتشهد مواعيد المباريات المنقولة عبر أجهزة التلفزيون هدوءاً كاملاً في الشوارع والأماكن العامة، في وقت تشهد المقاهي الشعبية والساحات التي تحتوي على شاشات ضخمة، في بغداد وبقية مدن البلاد، زحاماً بشرياً كبيراً يستمر حتى ساعات متأخرة من الليل.
ويعكس الشغف غير العادي أيضاً استعجال موظفي الدوائر الحكومية، على غرار العاملين في القطاع الخاص، في العودة إلى منازلهم مبكراً، من أجل الحصول على وقت كافٍ لمشاهدة المباريات ومتابعة تفاصيلها، وكذلك انتعاش مهن مرتبطة بالاستحقاق، ومنها بيع أعلام الدول المشاركة في المونديال ومستلزمات التشجيع المختلفة في المقاهي خصوصاً.
وحالياً، تحتل متابعة العراقيين مباريات مونديال قطر 2022 أولوية لديهم على حساب متابعة تطورات الأحداث السياسية المضطربة في بلدهم. وهم يتباهون بكون قطر أول دولة عربية ومسلمة تستضيف الاستحقاق العالمي، وهو ما يعتبرونه إنجازاً كبيراً يزيد قيمته التنظيم الباهر الواضح للجميع في العالم.
حب التجمعات
يقول المشجع الكروي ليث الكنعان (33 عاماً)، وهو من سكان العاصمة بغداد: "يتابع العراقيون بتركيز عالٍ مباريات مونديال قطر، ويشجعون كل المنتخبات المشاركة فيه. ومنذ انطلاق المنافسات في 20 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، باتت المقاهي الشعبية تشهد زحاماً غير عادي، في حين حصل بعض الموظفين على إجازات من دوائرهم والمؤسسات التي يعملون فيها للبقاء على تماس مع منافسات المونديال، ومتابعة المباريات ونتائجها".
ويضيف: "لا يفضل العراقيون متابعة مباريات كرة القدم في المنازل، ويستمتعون بمشاهدتها في المقاهي وبين تجمعات الناس، علماً أن مطاعم كثيرة تخصص برامج خاصة لمشاهدة المباريات".
وحرص العراقيون خصوصاً على متابعة المباريات التي شاركت فيها منتخبات عربية، فارتدوا قمصانها. وبسبب هذه الثقافة الجديدة، ظهر الباعة الجوالون الذين يعرضون أعلام الدول العربية المشاركة، وقمصان منتخباتها.
بدوره، يخبر المشجع الكروي بشار أبو شكيب (45 عاماً)، وهو موظف في دائرة حكومية، أنه "أخذ خلال أيام المونديال إجازة من الدائرة التي يعمل فيها لمشاهدة المباريات مباشرة في مواعيدها المحددة، والتي يتطلب بعضها البقاء إلى ساعات متأخرة في الليل". ويؤكد أنّ "جميع العراقيين يريدون أن تكرر نسخة بطولة كأس الخليج، التي تستضيفها مدينة البصرة العام المقبل، النجاح القطري في تنظيم مونديال 2022، رغم أن الحدث والإمكانات تختلف بالطبع".
ويتابع: "يخصص أولادي جزءاً من أوقاتهم لمتابعة مباريات المونديال الذي لم يشارك فيه العراق واقعياً، لكنّ البلدان العربية المشاركة (قطر، السعودية، المغرب، تونس) تمثله في الاستحقاق. وأنا أرافق أولادي إلى المقاهي والمطاعم لمتابعة المباريات". ويشير إلى أنّ "العراقيين متعلقون بكرة القدم، سواء عبر ممارستها بنسخة فرقها الخماسية الصغيرة، أو متابعة المباريات المحلية والعالمية المهمة، كذلك يتابع الموظفون والعاملون في القطاع الخاص، الذين لا يملكون اللياقة أو الوقت للعب، المنافسات الكروية بشغف".
متنفس مهم
من جانبه، يشير عضو رابطة مشجعي العراق لكرة القدم مؤيد المنشد، إلى أن "العراق بين الدول العربية الرائدة في مجال الرياضة، وتحديداً كرة القدم، ويملك منتخبه تاريخاً عريقاً في بطولات عربية وعالمية، حقق فيها نتائج جيدة وإنجازات، وبينها المونديال نفسه الذي شارك في نسخته التي استضافتها المكسيك عام 1986، لذا يميل الشعب العراقي إلى كرة القدم بشكل كبير، ويتابع أحداثها على غرار الرياضات كلها". ويعتبر أن "بطولة كأس العالم تأخذ نصيباً كبيراً من وقت العراقيين المتلهفين إلى كل ما يخرجهم من المحن السياسية والاضطرابات الأمنية والاقتصادية التي يعانون منها، ما يجعلها متنفساً مهماً بالنسبة إليهم".
ولا يتردد المنشد في القول إن "العراق شارك مباشرة في مونديال قطر من خلال جاليته في قطر، وجهود المهندسة المعمارية العراقية الراحلة زها حديد التي وضعت تصميم استاد الجنوب في مدينة الوكرة القطرية، والذي يستضيف مباريات في المونديال الحالي. وهكذا يعني وجود العراقيين وتأثيرهم في منشآت قطر مشاركة العراق في الاستحقاق. وبالنسبة إلى المنتخب العراقي، فهو يعاني من مشاكل إدارية وتدريبية ومالية تنعكس على وجوده في المحافل الكروية المهمة".
ويوضح أنّ "العراقيين يحاولون منذ سنوات تجنب الأحاديث السياسية. والملاحظ حالياً أن الأحاديث الرياضية باتت في المرتبة الأولى، وتشمل أهمية حدث المونديال كاستحقاق رياضي، ونجاح الجهود القطرية في التنظيم".
نجاحات قطر... للعراقيين أيضاً
وفي سياق اللمسات العراقية المميزة التي واكبت استحقاق استضافة قطر مونديال 2022، إلى جانب وضع المهندسة المعمارية العالمية الراحلة زها حديد تصميم استاد الجنوب، نفذ النحات العراقي أحمد البحراني أعمالاً مختلفة. ويقول الحكم السابق فؤاد الدراجي، إنّ "شغف العراقيين بمتابعة مونديال قطر لم يكن ليحصل في هذه المرحلة تحديداً لو أجريت منافساته في بلد غير قطر، لكن الروح الوطنية والعربية لدى العراقيين دفعت حتى غير المهتمين بكرة القدم إلى متابعة الحدث المهم في قطر، التي استطاعت تقديم مستويات فنية احترافية في التنظيم، وحققت إنجازات غير مسبوقة. والدعم العربي لقطر، ولا سيما العراقي، شكل دافعاً مهماً للقطريين، بخاصة بعد الهجوم الإعلامي الذي تعرضوا له من جهات أجنبية للنيل من دولة عربية مسلمة نجحت في تحقيق إنجاز رياضي وكروي كبير".
يتابع: "يعتبر العراقيون أن النجاحات القطرية هي نجاحات لهم، وينتظرون أن تتحسن الأوضاع في بلدهم كي يكون مجدداً محطة عالمية أو خليجية على أقل تقدير في استضافة البطولات الدولية. وخلال المونديال الحالي، يتحدث العراقيون عن ميزانيات مليارات الدولارات التي سُرقت من العراق من دون تحقيق أي تقدم في القطاع الرياضي والكروي، وكيف غادرت الكثير من النخب الرياضية العراق إلى بلدان الخليج، وقدمت مستويات عالية على صعيد الأداء والتدريب والخبرات، من دون أن يستفيد منهم بلدهم. من هنا لا تخلو أحاديث العراقيين من السياسة، وهم يأملون أن يستفيد بلدهم مما فعلته قطر خلال استضافته بطولة خليجي 25 في البصرة العام المقبل".