اتحاد الكرة يمهل الأندية "الفرصة الأخيرة".. ما مصير دوري المحترفين في العراق؟
أنفوبلس/..
مع انتهاء الدوري العراقي الممتاز وتحديد الفريق البطل والفريقين الهابطين إلى دوري المظاليم، يعاد الجدل مرة أُخرى حول قرار الاتحاد العراقي لكرة القدم تطبيق نظام دوري المحترفين بدءًا من الموسم المقبل وفقًا لمعايير تراخيص الاتحاد الآسيوي لكرة القدم.
وفي وقت سابق، أشعر الاتحاد العراقي بضرورة تطبيق نظام الاحتراف لتجنب استبعاد الأندية العراقية من المسابقات القارية في المواسم المقبلة.
انطلقت مسابقة الدوري للمرة الأولى في العراق عام 1948، لكن النظام تغير في أكثر من مناسبة
وكان الاتحاد العراقي قد أعلن في نيسان/أبريل الماضي عن تطبيق نظام دوري المحترفين والاستعانة بخبراء من الاتحاد الإماراتي لنقل تجربة دوري المحترفين الإماراتي إلى العراق بعد توفير الحد الأدنى من المعايير كخطوة أولى باتجاه تطبيق النظام الجديد وفقًا للمعاير الدولية.
تغيير نظام الدوري تاريخيًا
في حال نجح الاتحاد العراقي في إجبار الأندية المشاركة في الدوري العراقي على توفير معايير التراخيص الآسيوية، ونجاحه في تطبيق نظام دوري المحترفين، لن تكون هي المرة الأولى التي يتغير فيها نظام الدوري العراقي، حيث تم تغيير نظام المسابقة في مناسبات عديدة سابقة وعلى فترات متفاوتة.
وانطلقت المسابقة للمرة الأولى في العراق في العام 1948، وهو ذات العام الذي تأسس فيه الاتحاد العراقي لكرة القدم، حيث لُعبت المسابقة حينها على شكل دوريات منفصلة في المحافظات، حيث كان هناك دوري مؤسسات بغداد ودوري مؤسسات البصرة، ومثلهما في كركوك والموصل، لتشهد هذه الفترة بروز أندية "الحرس الملكي" و"آليات الشرطة" و"مصلحة نقل الركاب" و"القوة الجوية" من بغداد، أما في البصرة فسطع نجم "الميناء" و "شركة نفط البصرة"، ونادي "الذهب الأسود" في كركوك.
واستمرت المسابقة بهذا النظام طوال 26 موسمًا، ليتغير نظامها في موسم 1973 ـ 1974 إلى نظام دوري مؤسسات العراق ليشمل كل أندية المؤسسات في العراق، حيث شارك في منافسات الدرجة الأولى 15 ناديًا ليتوج "القوة الجوية" باللقب في موسم المسابقة الأول.
يتعرض الاتحاد العراقي لضغوط من الاتحاد الآسيوي الذي يطالب بتطبيق معايير لوائح تراخيصه القارية
ولكن دوري المؤسسات العام لم يستمر إلا موسمًا واحدًا فقط، ليقرر الاتحاد العراقي حينها إلغاء المسابقة وإطلاق مسابقة الدوري العام تحت مسمى "دوري أندية القطر" في موسم 1974 ـ 1975 والذي تم إلغاؤه مرة أُخرى بعد احتلال العراق عام 2003 نظرًا للظروف الاستثنائية التي عصفت بالبلاد أبان فترة الاحتلال.
وفي العام التالي للغزو الأمريكي، أعاد الاتحاد العراقي إطلاق الدوري الممتاز بنظام "دوري المجاميع"، وتوزعت الأندية على ثلاث مجاميع هي "الجنوبية" و"الوسط" و"الشمالية" حيث تُلعب المرحلة الأولى منه كدوريات مصغرة داخل كل مجموعة ليتأهل بعدها أوائل المجاميع الثلاث للعب "دوري النخبة" والذي تحدد منافساته بطل المسابقة التي استمرت حتى موسم 2016 ـ 2017، لتعود مرة أخرى إلى نظام الدوري العام تحت مسمى "دوري أندية الدرجة الممتازة".
معوقات تطبيق نظام المسابقة الجديد
كثيرة ومتشعبة هي المعوقات التي تواجه التغيير الجذري الذي يريد الاتحاد العراقي إحداثه على نظام الدوري الموسم المقبل استجابة لضغوطات الاتحاد الآسيوي الذي طالب بتطبيق معايير لوائح تراخيصه القارية والتي تتوزع على خمس أبواب: معايير رياضية، إدارية، قانونية، مالية، ومعايير فنية متعلقة بالبنية التحتية للأندية.
ولكن، وعلى الرغم من أن اغلب الأندية المشاركة في دوري الدرجة الممتازة هي من الأندية العريقة، فالمعرقل الأساس الذي يقف أمام تطبيق نظام دوري المحترفين يتعلق بـ"عدم جاهزية أندية الدوري لتوفير معايير الجانبين القانوني والمالي، إذ أن الأندية العراقية لا تتمتع باستقلالية بالنسبة لمواردها المالية وتعتمد بشكل أساس على موازنات تخصصها مؤسسات الدولة الراعية لها، إضافة إلى أن معظم منشآتها وبناها التحتية مملوكة من الناحية القانونية لذات المؤسسات، وهذا مخالف للوائح الاتحاد الآسيوي"، بحسب فالح موسى أمين سر نادي الصناعة.
وكان الاتحاد العراقي لكرة القدم قد أشعر أندية الدوري الممتاز أوائل شهر شباط/فبراير الماضي بضرورة تطبيق معايير اللوائح الأسيوية على أن تنتهي من عملية التكيف مع هذه المعايير خلال مدة أقصاها الخامس عشر من آب/أغسطس المقبل، مع إمكانية التمديد لمدة إسبوعين فقط، بحسب وثيقة اطلع عليها "ألترا عراق"، وأكدها الناطق باسم الاتحاد في تصريح خاص للموقع.
يقول رياضيون إن تأخير الاتحاد بإشعار الأندية بضرورة تطبيق المعايير الآسيوية سببه مجاملة واسترضاء الإدارات خلال فترة الانتخابات
ولكن إشعار الاتحاد الذي جاء خلال القسم الثاني من الدوري الممتاز أثار ردود فعل رافضة من قبل الأندية، وذكر فالح موسى في لقاء تلفزيوني أن "معظم الأندية غير قادرة على التكيف مع الواقع الجديد للمسابقة خلال الفترة المحددة من قبل الاتحاد، نظرًا لطبيعة الهياكل القانونية والمالية لهذه الأندية والتي تحتاج إلى وقت طويل للتعديل لتنسجم مع لوائح دوري المحترفين".
أمين سر نادي الصناعة، أكد أن "13 نادي من أندية الدوري الممتاز رافضة لقرار الاتحاد بتطبيق معايير دوري المحترفين" موضحًا أن "الإعلان المتأخر للقرار وتضارب تصريحات مسؤولية حول مدى جدية التطبيق خلق إرباكًا لدى إدارات الأندية خصوصًا وأن الفترة المحددة غير كافية لتعديل الوضع القانوني لمنشآت الأندية وإعادة هيكلة الأنظمة المالية لها".
أما عن سبب تأخير إشعار الأندية بضرورة تطبيق المعايير الآسيوية حتى الجولة 21 من الدوري الممتاز، رغم أن الاتحاد المُنتخَب حديثًا قد باشر أعماله قبيل انطلاق منافسات الموسم الحالي، فيرجح معنيون بالشأن الرياضي أن التأخير قد يكون ناجمًا عن رغبة الاتحاد بمجاملة واسترضاء إدارات الأندية خلال فترة الانتخابات السابقة.
وكانت انتخابات الاتحاد العراقي لكرة القدم قد تزامنت مع انطلاقة الدوري الممتاز أواسط أيلول/سبتمبر من العام الماضي، والتي أفرزت فوز عدنان درجال برئاسة الاتحاد ووصول علي جبار ويونس محمود إلى موقعي النائب الأول والثاني للرئيس.
الاتحاد: أمهلنا الأندية كثيرًا.. هذه الفرصة الأخيرة
على الجانب الأخر من أزمة عدم التوافق بين الاتحاد وأندية الدوري الممتاز حول السقوف الزمنية لتطبيق اللوائح، يدعي الاتحاد أن الإشعار الأخير للأندية بضرورة تطبيق اللوائح الآسيوية لم يكن الأول بل هو الأخير، وقد شهدت بداية كل موسم من المواسم السابقة إشعارًا من الاتحاد بضرورة التطبيق تجنبًا للعقوبات الآسيوية، بحسب الناطق باسم الاتحاد أحمد الموسوي.
الموسوي أوضح في حديث صحفي أن "على مدى المواسم السابقة كنّا نرسل اللوائح الأسيوية إلى الأندية ونضطر لدفع غرامات إلى الاتحاد القاري نتيجة تجاهل أنديتنا لإشعارات الاتحاد"، مؤكدًا أن "الاتحاد لن يتحمل دفع غرامات إلى الاتحاد القاري مرة أخرى نتيجة إهمال الأندية، فنحن ماضون بقرار تطبيق نظام دوري المحترفين بغض النظر عن مدى جاهزية الأندية وعددها".
عدد الأندية التي ستشارك في دوري المحترفين الموسم المقبل قد يكون 18 ناديًا أو أقل، وفق ترجيحات الاتحاد العراقي لكرة القدم
وسبق للاتحاد الأسيوي أن طالب الاتحاد العراقي بتطبيق معايير اللوائح الأسيوية منذ العام 2011، ما أدى إلى تحمل العراق بعض العقوبات بسبب عدم التطبيق، كتقليص مقاعد الأندية العراقية ضمن دوري أبطال آسيا إلى مقعد واحد، بحسب الناطق باسم الاتحاد، و الذي ذكر أن "المعايير الآسيوية ستطبق على الأندية العشرين إضافة إلى الناديين الصاعدين حديثًا إلى الدرجة الممتازة، ومن يستوفي المعايير سيشارك في الدوري وفق نظامه الجديد، أما من لم يستوف المعايير فسيكون خارج المسابقة وهذه هي الفرصة الأخيرة".
أما عن مصير الأندية غير المستوفية للمعايير، يوضح أحمد الموسوي أن "الاتحاد يملك صلاحية إنشاء مسابقة جديدة تتنافس ضمنها الأندية التي لا تطبق معايير اللوائح الأندية" مبينًا أن "الاتحاد لن يتغاضى عن أي نادٍ يرفض تطبيق المعايير هذه المرة ولا عذر للأندية لأننا أنذرناهم طوال السنين السابقة ولن نتحمل مغبة إهمال إدارات الأندية".
ويرجح الناطق باسم الاتحاد العراقي، أن "عدد الأندية التي ستشارك في دوري المحترفين الموسم المقبل سيكون 18 ناديًا أو أقل، لأن فرضية استيفاء كل الأندية (22 ناديًا) للمعايير الآسيوية فرضية شبه مستحيلة".