الموت يغيّب بطل العراق والعالم السابق ببناء الأجسام "علي الكيار".. انفوبلس تستعرض سيرته الذاتية
انفوبلس/ تقرير
غيّبَ الموت، أمس الجمعة 5 تموز/ يوليو 2024، بطلاً من أبطال العالم ببناء الأجسام، وقامة رياضية كبيرة وهو "علي الكيار الموسوي" صاحب الإنجازات العالمية التي ما زالت صداها لحد الآن، غير أنه تحول من بطل عالمي إلى بائع للملابس المستعملة في أحد شوارع العاصمة بغداد، ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس"، الضوء على سيرته الذاتية.
تعرض البطل علي الگيار لجلطة دماغية العام الماضي 2023، حيث يتلقى الرعاية الطبية في مستشفى العلوم العصبية ببغداد وتمت متابعة الحالة الصحية للرياضي وزيارته من قبل فريق وزاري للاطمئنان على صحته.
*تفاصيل الوفاة
توفي بطل العراق والعالم السابق ببناء الاجسام علي الكيار، بعد صراع "مرير" مع المرض عن عمر ناهز 86 عاما، بحسب ما أعلن رئيس اتحاد بناء الاجسام العراقي فائز عبد الحسن، أمس الجمعة 5 تموز/ يوليو 2024.
كما عزّى رئيس اللجنة الأولمبية الوطنية العراقية عقيل مفتن، الأوساط الرياضية برحيل البطل العالمي علي الكيار، إذ ذكر مكتبه الإعلامي في بيان ورد لـ"أنفوبلس"، أن الأخير قدّم، تعازيه الحارة ومواساته الصادقة للأوساط الرياضية، ولأسرة البطل العالمي "علي الكيار" الذي وافته المنية مساء الجمعة بعد صراع طويل مع المرض.
ويُعد الراحلُ من الأسماء الرياضية البارزة التي سيخلدها التاريخ لما حققه من إنجازات كبيرة في رياضة بناء الأجسام ليسجل التاريخ اسمه بين نجوم العالم، بحسب البيان، الذي أشار الى أن مفتن تمنى من البارئ -جلّ وعلا- أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته، وينزله جنانه الباقيات، وأن يلهم أهله وذويه نعمة الصبر وجميل السلوان، وإنّا لله وإنّا إليه راجعون.
الى ذلك، قال النائبُ الأول لرئيس اللجنة الأولمبية الوطنية العراقية "خالد گبيان"، في بيان، نتقدم ببالغ الحزن والأسى لرحيل بطل من أبطال العالم ببناء الأجسام، وقامة رياضية كبيرة، وهو "علي الكيار الموسوي" صاحب الإنجازات العالمية التي ما زالت صداها لحد الآن، وفي الوقت الذي نعزي فيه الأوساط الرياضية وأسرة الراحل، نبتهل الى البارئ - جل علاه- أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته، ويلهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
من هو "علي الكيار"؟
علي الگيار الموسوي، وُلد في محافظة ميسان، جنوبي العراق عام 1937، ويعتبر رمزاً من رموز الرياضة العراقية ويحظى بشهرة واسعة جداً في العراق وخارجه. كما يعتبر أحد أهم لاعبي كمال الأجسام في تاريخ العراق.
"الگيّار" نشأ في مدينة الصدر ببغداد، وفي عام 1953 توجه لبناء الاجسام، حيث كان ملاكما في نادي الملك فيصل، فشاهده الدكتور مطاع الدليمي مدرب بناء الاجسام ونصحه بالتوجه صوب رياضة بناء الاجسام، حيث قال للكيار آنذاك: "جسمك خُلق لبناء الاجسام وليس للملاكمة وأتوقع ان تصبح بطلا من أبطال العالم".
وأحرز بطولة العراق المفتوحة للناشئين عام 1964، كما أحرز بطولة العراق المفتوحة للمتقدمين عامي 1965 و1966، لكن في عام 1966 بدأت مسيرة علي الكيار الدولية، عندما أحزر المركز الثالث في بطولة العالم التي أُقيمت في ألمانيا الشرقية وكان الأول الأميركي بوب جايدا والثاني المصري عبد الحميد الجندي والخامس النجم الأمريكي بطل بناء الأجسام والممثل أرنولد.
وأحرز أيضاً المركز الرابع في بطولة العالم عامي 1970 وثامنا عام 1971 في يوغسلافيا وسابعا في فرنسا.
وعام 1972 أُقيمت بطولة العالم في بغداد وأحرز علي الكيار المركز الثالث في فئة طويل القامة وكان الأول من أمريكا والثاني من إسبانيا، كما شارك كل من البطل العالمي عباس الهنداوي بفئة متوسط القامة والبطل العالمي طالب شهاب وحل العراق ثالثا في الترتيب حيث أُقيمت البطولة في صالة سينما النصر ببغداد تزامنا مع بطولة آسيا.
إضافة إلى إحرازه بطولة آسيا عام 1970 في باكستان والمركز الثاني عام 1974 في الفلبين، وبطل العرب والشرق الأوسط اعوام 1970 ــ 1971 ــ 1972، علماً انه بطل العراق منذ عام 1965 لغاية اعتزاله عام 1975.
*"قاهر آرنولد"
واشتهر الكيار بأنه تغلب على النجم الأمريكي بطل بناء الأجسام والممثل أرنولد، حيث حصل الكيار على المركز الثالث على مستوى العالم، بينما حل أرنولد خامساً، بحسب تأكيدات أرشيف الاتحاد العالمي واللجنة الأولمبية الدولية والبلد المضيف للبطولة (المانيا الشرقية آنذاك) عام 1966.
وفي العام الماضي 2023، تصدّر علي الكيار أحد أهم لاعبي كمال الأجسام في العراق، حديث العراقيين عبر منصات التواصل الاجتماعي، بعد أن تدهور وضعه المادي وتحول من العالمية إلى بائع للملابس المستعملة في أحد شوارع بغداد.
وأثارت حالة علي الكيار استياء النشطاء وغضبهم لعدم اهتمام الدولة ببطلها الحائز على الميدالية البرونزية في بطولة العالم لبناء الأجسام في ألمانيا عام 1966، وتنكّرها له بعد أن قدّم لها كثيراً في المحافل الرياضية الدولية، مطالبين وقتها السلطات في العراق بالتدخل بشكل عاجل لفائدته ومساعدته على تجاوز أزمته الصحية وردّ الاعتبار له بعد سنوات من الجحود.
من بطل عالمي لبائع للملابس المستعملة
وظهر بطل العراق العالمي، على الكيار، في تقرير تلفزيوني العام الماضي (في شهر آذار/ مارس)، يتحدث فيه عن بطولاته وكيف تحولت حياته من العالمية إلى بائع للملابس المستعملة، وهو جالس على حافة طاولة فوقها أكداس من الملابس القديمة.
وبعد أن اقترن اسمه بالقوة والعالمية والمحافل الرياضية بات مرتبطاً بالملابس المستعملة وأسعارها، ومن بطل موسم بالمسابقات العالمية إلى بائع يجلس على حافة طاولة مليئة بملابس مستخدمة ينتظر بيع كثير منها حتى يتمكن من إعالة عائلته ولو بالقليل.
وقال علي الكيار، في التقرير التلفزيوني، إنه رفض كلّ العروض التي قُدمت له سابقاً حباً في العراق الذي يبدو أنه لن ينصفه رغم مسيرته الرياضية الحافلة بالميداليات وخيّب ظنه رغم تضحياته.
إذ يؤكد علي الكيار أنه لم يحصل على تقدير سواء من السلطات الماضية أو الحالية، إلا أن الوطن، وفق رأيه، يبقى عزيزاً، قائلاً: "أنا ما حصلت شي لا من الأولين ولا من القادمين إلى حد الآن بس يبقى الوطن عزيز وإلا أنا انعرض عليا عام 1966 بألمانيا رئيس الاتحاد الدولي انعرض عليا قبل ما ينعرض على أرنولد، فأنا رفضت بعقيدتي وحبا للوطن".
وأعاد علي الكيار بالذاكرة إلى الفرصة الذهبية التي حصل عليها، منها تلك التي جدت في بطولة العالم عام 1971 بفرنسا، فضلاً عن تعرفه على فتاة من انجلترا وطلبته للزواج لكنه رفض وعاد للعراق وكله أمل في أن يجد ضالته فيها ويحتويه وطنه بحب، بحسب التقرير.
*إهمال حكومي متواصل لبطل عالمي
وظلّ علي الكيار نجماً طوال سنوات السبعينيات التي كانت حافلة بالتتويجات، إلا أنه تمّ بعدها استبعاده من المجال الرياضي يقال إنها لأسباب سياسية، حيث لم يعد مرغوباً من السلطة فتمّ استبعاده والتنكر لمسيرته.
اعتزل علي الكيار اللعب واتجه للتدريب لكن، وفق ما نقلته الصحافة العراقية، لم تمنحه اللجنة الأولمبية والاتحاد الفرصة فتمت محاربته بطرق متعددة، ما جعله يتخلى عن التدريب ويتجه للعمل كسائق صهريج لنقل النفط الخام من منطقة حصيبة إلى الأردن وسوريا، ودام عمله ثلاث عشرة سنة متتالية.
وانطلاقاً من الثمانينيات، بدأ نجم بطل العراق في التراجع حتى بات لم يعد يتذكره الناس، وتراجعت في أذهان الشباب وقلوب النساء صورة الفتى الوسيم مفتول العضلات، والفائز ببطولة العالم لكمال الأجسام، أما في أواخر التسعينيات فبلغ وضع علي الكيار المأساة، مما أثار شفقة الصحافة، التي بادرت بالحديث عنه وعن وضعه بعد العالمية.
فكتبت عنه واحدة من الصحف متسائلةً: "ترى هل يعقل أن مواطناً بمستوى ما قدمه علي الكيار لبلاده من إنجازات، يتقاضى راتباً تقاعدياً لا يساوي ثمن ربع دجاجة مشوية كل 3 أشهر".
تدهور بعدها وضعه المادي والصحي، حيث اضطرّ لإجراء عملية جراحية على قلبه النابض بحب العراق، إثر تعرّضه لتصلب في الشرايين، إذ لم يجد علي الكيار الاهتمام الذي كان ينتظره من وطنه، بل قوبل بالجحود والتخلي عنه في أزمته.
تقول العديد من المصادر العراقية، إن الكيار ناشد القائمين على الرياضة العراقية لإغاثته ومساعدته على تجاوز أزمته، وبعد محاولاتٍ منحته وزارة الشباب واللجنة الأولمبية 250 ألف دينار عراقي، علماً وأن مصاريف العملية تكلّف 15 ألف دولار.
رفض الكيار المبلغ الذي قدمته الوزارة، وتمكن بعد محاولات وتدخلات من إجراء العملية بفضل شركة الأثير للاتصالات التي بادرت بالتكفل بمصاريف علاجه.
ولم يتخلّ العراق عن بطله الرياضي في أزمته الصحية هذه فقط، وإنما تخلى عنه أيضاً عندما طرق بابه مراراً وتكرارا لعلاج ابنته التي أُصيبت بسرطان الدم، الأمر الذي دفع أرنولد شوارزنيجر حاكم ولاية كاليفورنيا (صديقه القديم الذي فاز عليه في بطولة عالمية) أن يتكفل بعلاج ابنته في إحدى المستشفيات الأمريكية.
وفي هذا السياق، عبّر بطل العالم العراقي عن استيائه في التقرير التلفزيوني، من إهمال السلطات لوضعيته وتنكرهم لمسيرته الرياضية، قائلاً: "والله أنا عتبي على رئيس الوزراء محمد السوداني، لأنه من ولايتي ويعرفني، توقعت أنه أول واحد يساعد الكيار لحد الآن إني ما شفت شي مثل ما قتلك لا من الأولين ولا من القادمين".
لكن في 19 آب/ أغسطس 2023، أصدرت وزارة الصحة، توضيحاً بشأن الحالة الصحية للبطل العالمي الرياضي علي الكيار، وذلك لتعرضه إلى جلطة في الدماغ، وذكرت في بيان، أنه "بناءً على توجيهات وزير الصحة صالح مهدي الحسناوي بمتابعة الحالة الصحية للبطل العالمي الرياضي علي الكيار والذي تعرض لجلطة دماغية ويتلقى الرعاية الطبية في مستشفى العلوم العصبية ببغداد تمت متابعة الحالة الصحية للرياضي وزيارته من قبل فريق وزاري للاطمئنان على صحته".
وبحسب البيان، أكدت الوزارة حرصها على صحة وسلامة جميع المواطنين وبالأخص شريحة الرياضيين إلى جانب الخدمات الصحية والطبية المقدمة لعموم المرضى" مبينة ان "أبواب الوزارة ودوائرها الصحية مفتوحة لخدمة كافة أبناء العراق".