بنت ديالى تُفرح العراقيين بيد واحدة.. اللاعبة نجلة عماد تؤكد تفوقها عالمياً برياضة تنس الطاولة وتحرز بطولة العالم المصغّرة.. تعرف على القصة المُلهمة
انفوبلس..
في إنجاز عراقي كبير لم يأخذ حقه في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، توّجت اللاعبة العراقية نجلة عماد بلقب بطولة العالم المصغّرة لتنس الطاولة الجارية منافساتها في جمهورية مصر العربية والمؤهلة إلى بارالمبياد باريس(2024) بعد تغلبها على بطلة العالم الأوكرانية مارينا ليتوشينكو.
المنسق الإعلامي للجنة البارالمبية العراقية هشام السلمان، قال إن" اللاعبة نجلة عماد حققت الميدالية الذهبية بعد فوزها على اللاعبة الاوكرانية (مارينا ليتوشينكو) بعد أن اجتازت لاعبات على المستوى العالمي وتمكنت من تحقيق فوزين مهمين متتاليين على لاعبة رومانية وأخرى من السويد لتتصدر مجموعتها".
وأضاف، إن "اللاعب (منتظر فاروق) خسر أمام اللاعب العالمي السلوفاكي بنتيجة (صفر-3) ثم التقى بالمصري سامح عيد صاحب الوسام الأولمبي والأرض والجمهور وخسر بصعوبة".
يذكر أن العراق يشارك في بطولة كأس العالم بتنس الطاولة (البارالمبي) بـ 3 لاعبات هُن (نجلة عماد، وزينب حسن، ورسل فاضل)، بقيادة المدرب العراقي جمال جلال، بينما يرأس الوفد العراقي للبطولة النائب الأول لرئيس اللجنة البارالمبية ورئيس اتحاد تنس الطاولة سمير الكردي.
ونجلة عماد، تولّد 1/12/2004 هي لاعبة كرة الطاولة من العراق من ذوي الاحتياجات الخاصة، حصلت على المركز الثالث في بطولة برشلونة الدولية عام 2020 وشاركت في الألعاب البارالمبية بطوكيو التي جرت في صيف عام 2021.
البداية
تقول نجلة: "كنتُ أستعد لاستقبال والدي عند عودته من العمل نهار أحد أيام أبريل/ نيسان عام 2008 عندما هزّ انفجار بعبوة ناسفة سيارته في مدينة بعقوبة التابعة لمحافظة ديالى شمال شرق بغداد، فتعرّضت لإصابات بالغة أدت الى بتر ساقَي الاثنتين وذراعي الأيمن"، هكذا تحدثت عن هذا الحادث المؤلم الذي غير مجرى حياتها، وهي لم تكن تتجاوز الرابعة من عمرها.
وتضيف عماد، إن هذه الإعاقة لم تزدها إلا إصرارا على التحدي وإثبات الذات وتحقيق المزيد من النجاحات، كان أبرزها المشاركة في مسابقة تنس الطاولة في أولمبياد طوكيو للألعاب البارالمبية التي جرت صيف عام 2021، وكانت من أصغر اللاعبات المشاركات في هذا المحفل الدولي بهذه اللعبة، مشيرة إلى أن تشجيع الأهل كان دافعا لها لمواجهة الحياة من جديد وتحقيق المستحيل.
وتبين نجلة، إن حكايتها مع تنس الطاولة بدأت عندما كان عمرها 10 سنوات بعد تلقيها هدية، وهي مضرب وكرة منضدة من مدرب المنتخب العراقي حسام البياتي وتشجيعه لها على دخول هذا المجال.
وتشير إلى، أن الأمر لم يكن سهلا في البداية، فقد كانت تتدرب بذراع واحدة ثم جاءت مشاركتها الأولى في بطولة العراق لتنس الطاولة (فئة ذوي الاحتياجات الخاصة) على كرسي مدولب، واستطاعت أن تحرز المركز الأول رغم كونها أصغر المشاركات سنا، بعدها انضمت للمنتخب الوطني.
وتقول نجلة، إن تصنيفها هو الفئة الرابعة من 5 فئات ممن يمارسون لعبة تنس الطاولة على كرسي بعجلات، وهي رغم صعوبتها، فإنها أفضل من الفئات الأولى والثانية، حيث إنها تلعب بذراعها السليمة مقارنة بالآخرين ممن يضطرون لربط المضرب على يدهم.
أما عن تحولها من كرسي العجلات إلى اللعب وقوفا بأطراف صناعية، فتستطرد وتقول إنه بعد مشاركتها في بطولة تايلند الدولية عام 2018 (فئة ذوي الاحتياجات الخاصة) وحصولها على المركز الثالث، قرر رئيس اتحاد تنس الطاولة للمعاقين سمير الكردي تحويلها إلى اللعب وقوفا وبأطراف صناعية.
وتشير إلى أنها دخلت مستشفى "ابن القف" في بغداد المختص بالعلاج التأهيلي والأطراف الصناعية، وبعد أخذ القياسات اللازمة رُكبت لها 3 أطراف صناعية، وتصف ذلك اليوم بأنه من أسعد أيام حياتها، حيث استطاعت الوقوف من جديد بعد 10 أعوام قضتها جالسة على الكرسي.
مشاركات دولية
وشاركت نجلة في بطولة برشلونة الدولية عام 2020 وحصلت على المركز الثالث، كما شاركت في الألعاب البارالمبية بطوكيو التي جرت في صيف عام 2021 بعد فترة تحضيرية قصيرة لم تتجاوز 40 يوما في بغداد، وكانت المتأهلة الوحيدة من العراق وأصغر المشاركات سنا.
وواجهت نجلة لاعبات يفقنها خبرةً وسنّاً، حيث لاقت في أولى مشاركاتها الروسية ألييفا مالياك، التي تلعب تحت علم اللجنة البارالمبية الروسية. وبعد انهزامها في هذه المباراة الأولى واصلت نجلة مشوارها لتواجه الكورية لي كونوو، إلا أن الحظ لم يحالفها، وإن كانت مشاركتها بحد ذاتها فوزا لها وللعراقيين، وهي حاليا في طور الاستعداد لأولمبياد باريس عام 2024 وتطمح أن تحرز فيه المركز الأول.
كما شاركت في بطولة آسيا التي أُقيمت في البحرين عام 2022 وحصلت على المركز الأول لفئة الشباب والثاني للمتقدمين (ممن هم أكبر سنّاً)، كما نالت بعدها المركز الأول في بطولتين دوليتين أقيمتا في مصر والأردن.
ويقول مدرب المنتخب العراقي لتنس الطاولة حسام البياتي: "تعرفت على نجلة عندما كان عمرها 10 سنوات، وكانت قد فقدت 3 من أطرافها، فزرتُها في منزل عائلتها وعرضتُ عليها فكرة التدريب على لعب تنس الطاولة وأهديتها حينذاك كرة ومضرب".
وأشار إلى أنها وافقت وبدأت رحلة التدريب وخلال 6 أشهر استطاعت أن تثبت وجودها وتنافس لاعبات في المنتخب ممن هنّ أكبر منها سنا وخبرة، بعدها أصبحت عضوا في المنتخب الوطني ومثلت العراق في العديد من المحافل الدولية الرياضية، وهو يشعر بالفخر بها ويعتبرها قدوة للتحدي والنجاح.
سيرة مميزة
نجلة عماد، وخلال مشاركتها في بطولة كوريا الجنوبية استطاعت قهر لاعبات العالم وأبرزهن بطلة العالم باللعبة اللاعبة الفرنسية، والبطلة الصينية والكورية، واخرهن التايلندية لتنال وساما ذهبيا وآخر فضي يؤهلها للمشاركة ببطولة الألعاب البارالمبية في فرنسا في تشرين أول 2024.
وحافظت عماد على مستواها وتطورها بشكل متصاعد نتيجة التمارين المكثفة والمستمرة في ديالى، وفي نادي وسام المجد في بغداد، رغم التزاماتها الدراسية وهي في الصف السادس ادبي، وتتطلع لعبور المرحلة الاعدادية بعد امتحان الدور الثاني بعد تأجيل مواد دراسية لم تشترك بها لأسباب ودوافع تؤهلها لدخول كلية الإعلام.
وكان لدعم الأسرة واللجنة البارالمبية، الدور الكبير في صقل موهبة نجلة عماد رغم انها من ذوي المهمات الخاصة وما تعانيه من مشاكل ومصاعب في المجال الرياضي.
وتقول عماد "رغم المصاعب والظروف الا ان الاصرار والطموح لا يمكن هزيمته في نفس الانسان ان كان جادا ومثابرا للوصول إلى أهدافه ".
تعاون التربية
إلى ذلك، أعلنت وزارة التربية شمول الطالبة من ذوي الهمم (نجلة عماد) بنظام المحاولات بعد حصولها على لقب بطولة العالم المصغرة لتنس الطاولة.
وقال المكتب الإعلامي للوزارة في بيان إن "وزير التربية إبراهيم نامس الجبوري بارك حصول الطالبة من ذوي الاحتياجات الخاصة (نجلة عماد) على لقب بطولة العالم المصغرة لتنس الطاولة التي أقيمت في مصر بعد منافسات شديدة مع بطلة العالم الأوكرانية مارينا ليتوشينكو انتهت بتتويج بنت العراق وسط إعجاب الحاضرين بأدائها الرياضي المتقن".
وأضاف البيان، أن "الطالبة تم شمولها بنظام المحاولات لإتاحة الفرصة لها لتمثيل العراق في المحافل الدولية".
وذكر الوزير في نص التهنئة إلى تربية ديالى وذوي الطالبة، بحسب البيان، "فخورون بإنجازاتكم التي تخطت حدود المستحيل بالإرادة وسط رعاية ودعم الحكومة الوطنية والوزارة لهكذا مواهب لا تقف الإعاقة حاجزا أمام تحقيق أحلامها، فهنيئا للوطن هذه الإنجازات المتلاحقة التي أعادت البريق للأنشطة الرياضية من جديد".