خزينة خاوية وسوء تخطيط.. تخبطات مستمرة في تسمية مدرب للمنتخب الوطني
انفوبلس/..
عادةً ما تهتم بلدان العالم بالمنتخب الوطني الأول في الدرجة الأساس، أو أن الأنظار تتجه عليه، قبل أن تتوزع الأهمية ما بين إنجاح المسابقات المحلية أو دعم منتخبات الفئات العمرية، ولكن الأمر يختلف مع المنتخب الوطني العراقي.
لم يفاتح الاتحاد العراقي أي مدرب حتى الآن لتولي قيادة المنتخب الوطني رغم اقتراب بطولتي الخليج وأمم آسيا
بعد انتكاسة المنتخب الوطني العراقي في تصفيات كأس العالم وخروجه من الباب الضيق والأخطاء الفنية التي حدثت من خلال تواجد أربعة مدربين على رأس الهرم خلال مراحل التصفيات المختلفة، وهم كاتانيتش، أدفوكات، بتروفيتش، والمحلي عبد الغني شهد، يتساءل الشارع الرياضي بحيرة من خلال عدم تسمية مدرب جديد للمنتخب رغم مرور ما يقارب 4 أشهر على إقالة عبد الغني شهد.
خزينة خاوية!
سيناريوهات عديدة طرحت في وسائل الإعلام أو من خلال مواقع التواصل الاجتماعي حول المدرب القادم للمنتخب الوطني، ولكن إلى الآن لا مفاتحة حقيقية لأحدهم وذلك بسبب عدم توفر الأموال في خزينة اتحاد الكرة العراقي، بحسب لجنة الخبراء، التي أعطت مواصفات للمدرب المفترض للكرة العراقية.
إلا أن التحركات شبه متوفقة حتى إنعاش "الخزينة" بدعم حكومي يقتضي تخصيص أموال للتعاقد مع المدير الفني الجديد، رغم تأكيدات رئيس الاتحاد عدنان درجال حصوله على الدعم.
وبالرغم من عدم نجاح المدرب المحلي في التجارب التي خاضها مع المنتخب الوطني العراقي لكن من الممكن العودة إليه بحسب لجنة الخبراء في اتحاد الكرة.
عضو اللجنة د. صالح راضي أكد في حديث صحفي، أن "موضوع التعاقد مع المدرب الأجنبي مرهون بتوفر الأموال، وربما يتم اللجوء إلى المدرب المحلي لحين الوصول إلى مرحلة الاستقرار في حالة تعذر توفير الأموال".
تشخيص راضي للمشكلة الخاصة بالمنتخب الوطني، يختلف كثيرًا عما يذهب إليه آخرون حول تحميل المدرب مسؤولية كل شيء، إذ يرى بأن "المنتخب الوطني ونجاحه مرهون بمستوى اللاعبين في الدوري ومستوى المدربين العاملين بالدوري العراقي الممتاز ودرجة تفاعل إدارات الأندية مع متطلبات نجاح إعداد اللاعبين بشكل جيد".
وفي الوقت الحالي ومع انتهاء المسابقات المحلية، تتجه الأنظار نحو هذا الملف وهناك استغراب من عدم حسمه والتأني بشأنه لا سيما وأن المنتخب الوطني العراقي ينتظره استحقاق مهم في بطولة خليجي 25، والتي ستقام في البصرة، وأيضًا بطولة أمم آسيا في العالم 2023.
ومن المفترض أن تقام بطولة الخليج في العراق، وتحديدًا في البصرة بعد أن صوَّت اتحاد كأس الخليج العربي بالإجماع على استضافة البصرة للنسخة 25 من البطولة.
ويبدو أن الأزمة المالية ستعجل بقرار اتحاد الكرة في تسمية مدرب مدرب محلي للمنتخب الوطني، وهو ما أكده النائب الثاني لرئيس اتحاد كرة القدم يونس محمود، بحديثه عن قرب تسمية المدرب الجديد الذي سيتولى المهمة في الاستحقاقات القريبة المقبلة وأبرزها بطولة الأردن الرباعية.
وقال محمود في تصريح إن "الأيام القليلة الماضية شهدت عقد اجتماعات مكثفة بين اتحاد الكرة واللجنة الفنية بهدف الإسراع بدراسة السير الذاتية لعدد من المدربين المحليين وانتقاء الأفضل بينهم من أجل ترشيحه للإشراف على القيادة الفنية للمنتخب الوطني، مبينًا أن "اللجنة الفنية بلغت مراحل متقدمة للغاية في مسألة تحديد الأسماء المرشحة لتدريب المنتخب الوطني والأولمبي والناشئين"، كما رجح تقديم الملف رسميًا إلى المكتب التنفيذي للاتحاد اليوم الأحد أو غدًا الإثنين.
ولفت النجم الدولي السابق إلى أن "نية اتحاد الكرة كانت تذهب دوما باتجاه التعاقد مع ملاك تدريبي أجنبي صاحب إنجازات كبيرة، لكن التقشف المالي أرغم الاتحاد على تغيير البوصلة باتجاه المدرب المحلي الذي سنعمل على تقديم جميع أشكال الدعم له بغية تحقيق النجاح مع أسود الرافدين".
سوء تخطيط لا يحدث بدول العالم الثالث
هذه التعقيدات ومن بينها عدم تسمية مدرب للمنتخب حتى اللحظة مرتبطة بسوء التخطيط، كما يصف الصحافي وعضو المكتب الإعلامي السابق لاتحاد الكرة أحمد سعيد، حيث يشير إلى أن "المنتخب الوطني هو أول مقياس لنجاح الاتحادات الكروية من عدمها، لذلك تجد جهود الاتحادات في كل دول العالم تنصب على وضع الخطط طويلة الأمد لمنتخباتها الوطني وخصوصًا المنتخب الأول".
ويستذكر سعيد المباراة الأخيرة أمام سوريا، والتي جرت نهاية شهر آذار الماضي، وكيف أن "المدرب الجديد للمنتخب لم يسمَ إلى الآن رغم انقضاء أيام طوال عن تلك المباراة التي خرجنا فيها رسميًا من تصفيات كأس العالم وتم بعدها الاستغناء عن شهد".
كان قرار اتحاد الكرة واضحًا بالتعاقد مع مدرب أجنبي كبير حسب تصريحات رئيسه وبقية الأعضاء، في حين يرى أحمد سعيد أن "تلك التصريحات بقيت حبرًا على ورق دون تنفيذ لغاية اللحظة دون تنفيذ، تارة لتقاطعات الأعضاء بين مؤيد للأجنبي وآخر يبحث عن محلي يداوي الجراح التي لحقت بالأسود، وما بين التعكز على خواء الخزينة وانتظار الدعم الحكومي الذي لا يعلم موعده إلا الله والراسخون في العلم".
"هذا التأخير في الوقت وعدم استغلاله لا يحدث حتى في دول العالم الثالث" بحسب سعيد، الذي يقارن أيضًا بين العراق والبلدان الأخرى من خلال "تجهيز البديل عندما يتم إنهاء عقد المدرب من أجل الاستفادة من كل دقيقة في تصحيح الأخطاء والمسار ووضع خطة مناسبة حتى لو كانت الاستحقاقات الرسمية بعيدة".
أضرار تأخير تسمية المدرب
تتنوع أشكال الضرر، فكلما تم تأخير تسمية مدرب المنتخب الوطني العراقي، فهناك لاعبون يتميزون سواء في الداخل أو الخارج وهذا يجعل عدم متابعتهم واردة كون اتحاد الكرة يصر على أن يكون المدير الفني أجنبيًا، وهذا لا يسمح لأي كادر محلي بتدوين ملاحظاته عن المتميزين.
كما يتأثر المنتخب من الجانب الفني لعدم وجود مدرب، في وقت تقام فيه المباريات والمنافاسات، إذ يقول لاعب المنتخبات الوطنية السابق والمدرب الحالي مهند محمد علي بعيدًا إن "التأخير بتسمية المدرب غير صحيح فكلما كان المدرب موجود مبكرًا ويتابع اللاعبين والدوري والمحترفين فهذا أفضل لمصلحة المنتخب والمدرب واللاعبين والاستقرار على الاختيار الأفضل وتطبيق برنامج التدريب الخاص له من إعداد مبكر ومباريات بمستوى عالي والثبات على تشكيلة المنتخب قبل الدخول للمنافسات الرسمية".
وبالرغم من خروج بعض المدربين والمطالبة بإعطاء فرص جديدة للمدرب المحلي، لكن هناك من يعتقد بأن المدرب الأجنبي هو الأفضل، ومنهم مهند محمد علي الذي يصر في حديث لـ"ألترا عراق" على أن "اختيار المدرب يجب أن يكون مميزًا باسم تدريبي كبير وسبق أن حقق انجازات مع المنتخبات الآسيوية أو الإفريقية أو الأندية العالمية".
يقترح لاعبون سابقون تطبيق الاحتراف الحقيقي في الدوري لتحقيق طفرة فنية وتنظيمية وإعلامية واقتصادية
"منتخبنا بحاجة إلى شخصية تدريبية تليق باسم العراق ومكانته الكروية الإقليمية والدولية لأننا فقدنا الكثير من سمعتنا الكروية بسبب التخبطات باختيار نوعية مدربين لا يستحقون قيادة منتخبنا وعلينا الاستفادة من أخطائنا السابقة، وهذا يتحقق باختيار مدرب معروف اسمًا وإنجازًا"، يقول اللاعب السابق.
بالمقابل، "يحتاج المدرب الأجنبي إلى سنة ونصف السنة إلى 3 سنوات لإثبات وجوده وخلق توليفة في الفريق لتحقيق نتائج طيبة"، كما يرى اللاعب الدولي السابق أحمد خضير.
رحلة المنتخب الوطني إنْ أُريد كتابة النجاح لها، فعليها أن لا تقتصر على المدرب فقط، بل هناك عمل يجب أن يكون في الخارطة الكروية بشكل عام من أجل النهوض بإمكانية اللاعب العراقي، بحسب مهند محمد علي، الذي يقترح نقاطًا عدة "تطبيق بنود الاحتراف الحقيقي بدوري محترفين للدخول في مجال التراخيص الدولية لتحقيق طفرة في الدوري فنيًا وتنظيميًا وإعلاميًا واقتصاديًا، وهذا يتحقق إذا دخلت الأندية مجال الاستثمار مع الشركات العالمية من خلال بيع أسهم من النادي على غرار الأندية الاحترافية (45 بالمئة للمستثمر و51 للنادي) ودخول جميع الأندية تحت مظلة قانون أندية الدوري وليس تحت مظلة الاتحاد العراقي".
وكان الاتحاد العراقي أشعر بضرورة تطبيق نظام الاحتراف لتجنب استبعاد الأندية العراقية من المسابقات القارية في المواسم المقبلة، كما أعلن في نيسان/أبريل الماضي عن تطبيق نظام دوري المحترفين والاستعانة بخبراء من الاتحاد الإماراتي لنقل تجربة دوري المحترفين الإماراتي إلى العراق.