مباراة زاخو ونوروز تلخص مشهد الانفلات بملاعب كردستان.. كل شيء حدث إلا الرياضة!

انفوبلس/ تقارير
ما زال الانفلات الأمني في ملاعب إقليم كردستان مستمر، فلم تمض أيام على مأساة مباراة زاخو ودهوك، حتى حدثت مأساة أكبر يوم أمس بين زاخو ونورز هذه المرة، شغب وتكسير وتشابك بالأيدي واقتحام للملعب تطور إلى فقدان أحد المشجعين لابنته! الاتحاد العراقي يتوعد وداخلية الإقليم تكتفي بـ"المناشدة" سامان نوح ينتقد تجييش الجماهير وتسييسها وانفوبلس تكشف ما حدث في معقل "أمل المدينة".
ماذا حدث؟
يوم أمس، قرر الطاقم التحكيمي لمباراة فريقي نوروز وضيفه زاخو ضمن منافسات الجولة 29 من دوري نجوم العراق لكرة القدم، تأجيلها إلى موعد آخر بسبب أحداث "شغب جماهيري" تسبب بتوقفها لمدة طويلة.
وجرت المباراة عند الساعة السابعة والنصف مساءً على ملعب نوروز الذي امتلأ بالجماهير بالكامل.
وانتهى الشوط الأول بالتعادل السلبي من دون أهداف، واستمرت المباراة على حالها في الشوط الثاني حتى الدقيقة 82 لتتوقف بعدها بسبب حدوث شجار بين جمهور الفريقين ونزولهم بكثافة إلى أرضية الملعب.
وشهد اللقاء شجاراً بين جماهير الفريقين وخلع كراسي الملعب ونزول جمهور نوروز إلى أرضية الملعب وذلك بعد تسجيل زاخو هدفاً عن طريق البديل كوستافو في الدقيقة 81 ورغم إلغاء الهدف بداعي التسلل، لكن الشجار استمر بين الجمهور مما اضطر حكم اللقاء لإيقاف المباراة.
وحدثت اشتباكات شديدة بين جماهير الفريقين مع غياب أمن الملاعب الذي عجز عن إرغام الجمهور للهدوء والعودة إلى المدرجات، وفي هذه الأثناء فتحت إدارة الملعب مرشات المياه لتفريق الجمهور ليغادر بعدها عائداً إلى المدرجات ومن ثم ترك الملعب بعد إنهاء اللقاء.
ومن الأحداث التي رافقت المباراة، هو أن أحد المشجعين فقد ابنته البالغة من العمر 8 أشهر فقط وبعدها بأقل من ساعة، نشر لاعب نوروز آسو رستم صورة للطفلة وكتب عبر حسابه بأنه تم العثور عليها في غرفة تغيير ملابس نادي نوروز وهي بصحة جيدة.
انفلات أمني.. مشرف اللقاء يروي التفاصيل
بعد ذلك، كشف مشرف مباراة نوروز وزاخو، بيستون أكرم، أن قرار الحكم بعدم استكمال اللقاء جاء نتيجة الانفلات الأمني الذي رافق أحداث المباراة، والتي أُقيمت ضمن الجولة التاسعة والعشرين من دوري نجوم العراق لكرة القدم.
وقال أكرم في حديث له تابعته شبكة انفوبلس: إن "الأحداث بدأت في الدقيقة 80، بعد إلغاء هدف لزاخو بداعي التسلل، نزل عدد من الجماهير إلى أرضية الملعب، ما أدى إلى خروج الأمور عن سيطرة رجال الأمن"، مضيفاً أن "الحكم منح الوقت القانوني، والذي بلغ قرابة نصف ساعة، من أجل محاولة السيطرة على الوضع واستئناف اللعب، لكن للأسف لم يتحسن الوضع الأمني، بل امتد القلق حتى إلى محيط الملعب، مع ورود مخاوف من احتمال وقوع أعمال تخريبية".
وأشار إلى أنه "انطلاقاً من الحرص على سلامة اللاعبين، والحكام، والإداريين، وحتى الجماهير، تم التواصل مع لجنة المسابقات بشأن هذه التطورات، وجرى اتخاذ قرار إيقاف المباراة بشكل نهائي"، مؤكداً أنه "تم رفع تقرير مفصل إلى الاتحاد العراقي لكرة القدم، على أن يُترك القرار النهائي للجنة الانضباط ".
وأكد أكرم، أن "سلامة جميع الأطراف تبقى أولوية قصوى، مشدداً على ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع تكرار مثل هذه الحوادث مستقبلاً".
الاتحاد يتوعد بعقوبات حازمة
بدوره، انتقد اتحاد الكرة العراقي، اليوم الاربعاء، الأحداث التي شهدتها مباراة فريقي نوروز وزاخو التي جرت مساء يوم أمس الثلاثاء، مؤكداً أنه سيتعامل بحزم مع كل الحالات الدخيلة على الملاعب.
وذكر الاتحاد في بيان ورد لشبكة انفوبلس، إنه "تابع بأسف شديد الأحداث التي شهدتها مباراة فريقي نوروز وزاخو التي جرت مساء يوم أمس الثلاثاء على ملعب الأول بإطار الجولة الـ 29 من دوري نجوم العراق".
وأضاف: "كنا نمني النفس أن يستمر الشغف الأخاذ في ملاعبنا، وذلك الحضور الجماهيري الذي زين مدرجات مبارياتنا، ولاسيما في ملاعب اقليم كوردستان خلال الموسم الماضي والحالي ، إلا أن ما حدث أمس يُعد انتهاكا حقيقا للرسائل السامية التي نسعى لترسيخها في المستطيل الأخضر".
وأكد البيان أن "الاتحاد سيتعامل بحزم مع كل الحالات الدخيلة على ملاعبنا في سبيل عدم تكرارها لاحقا والوقوف على تداعيات ما حصل من خلال تقارير مشرفي المباراة المذكورة".
تبادل الاتهامات
في المقابل، أفاد مصدر في نادي زاخو، بأن جماهير نوروز هي السبب الرئيس فيما حدث، إذ كانت تضايق جماهير زاخو منذ انطلاق المباراة وحتى الدقائق الأخيرة فيها، وكانوا ينتظرون الفرصة للاشتباك مع جماهير زاخو ومحاصرتهم"، بحسب winwin.
وتابع: "الأحداث المؤسفة في المباراة واقتحام جماهير نوروز للملعب، تسبب بإصابات بالغة لبعض جماهير زاخو ولاعبي فريقهم أيضاً، إذ أُصيب اللاعب أحمد ياسين بعينه وفي يده؛ جراء اعتداء جماهير نوروز عليه من جانب ".
داخلية الإقليم "تناشد"!
بدورها أصدرت وزارة داخلية إقليم كردستان ناشدت فيه الناديين بالتحلي بالروح الرياضية، وسط انتقاد لدورها الضعيف في أحكام سيطرتها لحظة اندلاع أعمال الشغب.
وجاء في بيان داخلية الإقليم، "مساء الثلاثاء، 22 نيسان 2025، خلال مباراة من الجولة 29 لدوري نجوم العراق، والتي أُقيمت في ملعب نوروز بمدينة السليمانية بين نادي زاخو الرياضي ونادي نوروز الرياضي، للأسف الشديد، وقعت مشاجرة بين جماهير الفريقين، مما أدى إلى إيقاف المباراة وإصابة عدد من المشجعين".
وأضافت، "وقد تمت السيطرة على هذا الوضع المؤسف، حيث تدخلت قوات شرطة محافظة السليمانية بسرعة لاحتواء الموقف وحماية حياة اللاعبين والجماهير".
وتابعت، "وبتوجيه من وزير الداخلية، تم تشكيل لجنة تحقيق، وستقوم اللجنة صباح الغد بزيارة موقع الحادث لإجراء التحقيقات وكشف الحقائق".
وختمت، "نناشد جماهير الفريقين والمواطنين كافة بالتعامل بروح رياضية، كما نهيب بوسائل الإعلام أن تساهم في نشر ثقافة الروح الرياضية والأخوة، والتي تُعد من الركائز الأساسية للتعايش بين جميع أندية كوردستان والعراق، وبين أفراد المجتمع الرياضي بشكل عام".
ملاعب تحتاج لضبط.. تجييش الجماهير مستمر في الإقليم
في النهاية، اعتبر الصحفي الكردي المعروف سامان نوح، أن المشاكل التي تشهدها ملاعب إقليم كردستان هي نتيجة طبيعية ومتوقعة، بسبب حالة التجييش والتحفيز المفرط داخل الملاعب وخارجها.
وقال نوح، في منشور على صفحته في مواقع التواصل الاجتماعي، إن "ما يحدث مع كل مباراة يتحول إلى ما يشبه معركة مصير، تتجاوز فيها اللعبة كونها مساحة للتسلية أو للرياضة الجسدية والنفسية"، مشيرًا إلى أن "التجييش المقصود أو العفوي يجعل الشباب والمراهقين ينشغلون بالمباريات عن قضايا ومشاكل وهموم الإقليم الأهم".
وأضاف أن "المشهد يتكرر منذ سنوات، ففي كل لقاء بين نادي زاخو ونادي دهوك، تتصاعد نبرة التحدي وتحدث خروقات للقيم الرياضية وقوانين اللعب، وتكبر المشاكل إلى حد استدعاء ندوات اجتماعية وإدارية لتهدئة الأوضاع"، مبينًا أن "كل مرة تنتهي الأمور بأعجوبة، رغم التحفز والانذارات من إدارات الأندية وروابط المشجعين".
وأشار نوح إلى أن "فوز نادي دهوك ببطولات غير معروفة يتحول إلى كرنفالات فرح صاخبة تتجاوز الرياضة إلى إدخال السياسة، وكأن النصر بمثابة تعويض عن خيبات الواقع".وتابع قائلاً: "ما حصل الليلة (يقصد ليلة أمس) خلال لقاء نادي زاخو مع نادي نوروز في السليمانية كان متوقعًا، حيث تحولت المباراة إلى صراع مفتوح أدى إلى سقوط عشرات المصابين، وستُفرض لاحقًا عقوبات على الناديين".
وختم نوح حديثه بالتأكيد على أن "الشباب المتحفز يحتاج إلى اهتمام حقيقي وتلبية لحاجاته وتحقيق أحلامه، لأن الاعتماد فقط على التجييش الرياضي قد يحوله مع الوقت إلى شخص لا يستطيع حتى تحمل خسارة فريقه أو مدينته".
وتأتي هذه الأحداث وسط دعوات متكررة من قبل الأوساط الرياضية والاجتماعية إلى إعادة ضبط المشهد الرياضي في الإقليم، والابتعاد عن "تسييس" الرياضة وتحويلها إلى أداة لتعزيز الانقسامات المجتمعية، بدل أن تكون مساحة للترفيه وتعزيز التعايش.