اختفاء يخت للاحتلال الإسرائيلي في المتوسط يفضح ارتباكه أمنيّاً ويكشف تخبطه في إدارة الأزمة
بحث متواصل بلا نتائج
انفوبلس..
تشهد منطقة شرق المتوسط حالة استنفار واسعة بعد فُقدان الاتصال بيخت مسجَّل لدى سلطات الاحتلال الإسرائيلي خلال توجهه من ميناء أسدود نحو قبرص، وسط ظروف جوية عاصفة ضربت المنطقة خلال الأيام الماضية. وتشارك عدة دول في عمليات بحث وإنقاذ معقدة، فيما تتزايد التساؤلات حول مصير الركاب الأربعة أو الخمسة الذين كانوا على متنه، في ظل غياب أي إشارات استغاثة أو مؤشرات تقنية تساعد فرق الإنقاذ على تحديد موقع القارب المفقود.
اختفاء غامض في قلب المتوسط
وأفاد موقع "واللا" العبري بأن الاتصال فُقد بيخت تابع لسلطات الاحتلال الإسرائيلي أثناء رحلته إلى اليونان، بعد رصده لآخر مرة جنوبي قبرص.
وتشير المعلومات الأولية إلى أن سلطة الملاحة في كيان الاحتلال تبذل جهوداً مكثفة لتعقب أثره، في وقت أعلنت فيه وزارة الخارجية انضمامها إلى عمليات البحث التي تتوسع تدريجياً مع مرور الوقت دون وجود مؤشرات إيجابية.
ووفق تقارير قبرصية، يجري تنفيذ عملية بحث وإنقاذ متعددة الجنسيات بمشاركة قبرص واليونان والاحتلال الإسرائيلي، خصوصاً بعد اختفاء اليخت خلال العاصفة "بايرون"، حيث لم يُسجّل أي نداء استغاثة، وهو ما زاد من غموض الحادث.
ويشير خبراء ملاحية إلى أن عدم صدور إشارات طوارئ قد يدل على تعطّل مفاجئ أو انقلاب مفاجئ لليخت.
آخر موقع قبل العاصفة
تشير البيانات الملاحية إلى أن اليخت غادر ميناء أسدود قبل يومين، قبل أن يفقد الاتصال في ساعات الليل قرب المياه القبرصية، بالتزامن مع اشتداد العاصفة التي ضربت شرق المتوسط.
وقد بلغت سرعة الرياح أكثر من 100 كيلومتر في الساعة، بينما ارتفع الموج إلى نحو مترين، وهي ظروف قاسية قد تعيق حتى السفن الكبيرة.
وتولت السلطات القبرصية الاستجابة الأولية للحادث، حيث نسّقت مع خفر السواحل اليوناني والقوات البحرية التابعة للاحتلال الإسرائيلي.
وتم تشغيل مروحيات وزوارق دوريات ومسيرات استطلاع ضمن نطاق بحث يصل إلى 200 ميل بحري قبالة لارنكا، إلا أن حالة البحر العاتية أبطأت سير العملية، على حد وصف السلطات.
معلومات أولية حول الركاب
وفق تقرير صادر عن نيقوسيا، يرجّح أن يكون على متن اليخت زوجان في الخمسينيات من عمرهما، وكان آخر رصد لرحلته على بعد نحو 40 ميلاً بحرياً جنوب شرق قبرص.
وبرغم انتشار فرق الإنقاذ في محيط المنطقة خلال ساعات الليل والنهار، لم يُعثر حتى مساء أمس على أي أثر يدل على موقع اليخت.
وذكرت مصادر قبرصية أن وحدة الكوماندوز البحرية في كيان الاحتلال "شاييطت 13" انضمت للمهمة، بينما حوّل خفر السواحل اليوناني سفناً من بحر إيجة باتجاه منطقة الحادث، لكن تقلبات المناخ أبطأت عمليات المسح الجوي، وأعاقت استخدام الطائرات المروحية لساعات طويلة.
رواية القناة 12
وأفادت القناة 12 التابعة للاحتلال بأن الاتصال فُقد مع اليخت على مسافة قصيرة من أحد الموانئ القبرصية، الأمر الذي دفع السلطات القبرصية لإطلاق سفينة بحث فوراً.
وتشير معلومات القناة إلى أن خمسة أشخاص كانوا على متن اليخت وليس أربعة، ما يضيف مزيداً من التعقيد إلى هوية الركاب ومصيرهم.
وغادر اليخت ميناء أسدود قبل يومين فقط من اختفائه، وكان من المفترض وصوله إلى قبرص خلال وقت قصير. إلا أن تدهور الأحوال الجوية في المنطقة، خصوصاً مع وصول العاصفة "بايرون"، أدى إلى تغيير توقعات المسار وإمكان حدوث أخطاء ملاحية خطيرة.
ثلاثـة شبان من قرية الشبلي
وكشفت تطورات جديدة أن ثلاثة من ركاب اليخت المفقود هم شبان من قرية الشبلي–أم الغنم في الجليل الأسفل. وقال حاتم شبلي، رئيس المجلس المحلي، إن حالة من القلق تسيطر على البلدة بعد تأكيد أن ثلاثة من شبابها كانوا على متن اليخت، تتراوح أعمارهم بين 23 و36 عاماً.
وأكد شبلي أنه على تواصل مع شرطة الاحتلال، التي نقلت بدورها الملف إلى الشرطة الدولية "الإنتربول".
وكشف أن الشبان هم: زيد سلطان، ورامي خالد سليمان، ومحمد منير فرايرة، إضافة إلى شخص رابع يُعتقد أنه المرشد أو قائد اليخت.
ووفق مصادر إعلامية، فقد أرسلت قبرص سفينة بحث منذ يوم الثلاثاء، وذلك بعد أن ضربت العاصفة "بايرون" الجزيرة وامتدت آثارها إلى السواحل الفلسطينية المحتلة، ما يجعل الساعات القادمة حاسمة في تحديد مصير الركاب.
بلاغ جديد حول سفينة ثانية مفقودة
وبالتزامن مع البحث عن اليخت الأول، كشف "المركز المشترك لتنسيق الإنقاذ" في لارنكا أن سفينة أخرى انطلقت من مرسى أشكلون التابع للاحتلال في الثاني من ديسمبر، وعلى متنها أربعة ركاب متجهين نحو جزيرة كريت، لم تصل إلى وجهتها أيضاً.
وعُثر على آخر موقع مؤكد لهذه السفينة على بعد 90 ميلاً بحرياً جنوب بافوس. وعند تلقي البلاغ، فعّل مركز JRCC خطة الطوارئ الوطنية "نيرخوس"، وأصدر تنبيهات ملاحية، ووجّه السفن العابرة إلى تفقّد المنطقة. وتواصل فرق الإنقاذ المسح رغم ضعف الرؤية وصعوبة الطقس.
وتنسّق السلطات القبرصية مع مركز RCC حيفا التابع للاحتلال، وسط احتمال أن تكون السفينة حاولت العودة بسبب الرياح العاتية، بينما تؤكد المعلومات أن القبطان رجل ذو خبرة يزيد عمره على 41 عاماً.
العاصفة بايرون وتعطل حركة الملاحة
لم تقتصر آثار العاصفة على عمليات البحث عن السفن المفقودة، إذ تسببت أيضاً بتحويل مسار طائرة يونانية تابعة لشركة "إيجين" إلى أجواء بيروت أثناء رحلتها إلى مطار اللد المحتل.
وأفادت وسائل إعلام عبرية بأن ركاباً إسرائيليين لم يعلموا بأن طائرتهم دخلت المجال الجوي اللبناني إلا بعد مرورها فوق بيروت.
وأوضحت سلطة المطارات التابعة للاحتلال أن تغيير المسار كان ضرورياً للحفاظ على سلامة الركاب، وأن الطائرة بقيت تحت رقابة برج نيقوسيا الجوي قبل انتقال الإشراف لاحقاً لجهة الاحتلال.
ووصلت العاصفة "بايرون" إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة متسببةً بأضرار مختلفة، فيما أصدرت سلطات الاحتلال تحذيرات مكثفة من فيضانات محتملة مع استمرار الأمطار وازدياد سرعتها خلال الساعات المقبلة.
ارتباك أمني وانكشاف تخبط في تل أبيب
أعاد اختفاء اليخت في ظروف غامضة إظهار هشاشة المنظومة الأمنية التابعة للاحتلال الإسرائيلي، بعدما بدت تل أبيب غير قادرة على تقديم رواية موحّدة أو تفسير مقنع لما جرى.
وفي الساعات الأولى، تداولت مؤسسات الاحتلال معلومات متضاربة حول عدد الركاب ومسار الرحلة ووقت انقطاع الاتصال، ما كشف حجم التخبط داخل غرف العمليات البحرية والاستخباراتية على حدّ سواء.
وتشير تسريبات إعلامية عبريّة إلى أن قرار إشراك أكثر من وحدة عسكرية، بينها الكوماندوز البحري، جاء نتيجة "ضغط سياسي داخلي" وليس استناداً لخطة مدروسة، الأمر الذي عمّق صورة الفوضى.
كذلك أظهرت الأزمة أن منظومة الإنذار البحري لدى الاحتلال تفتقر إلى الاحتراف المطلوب، بعدما فشل المسؤولون في التقاط أي إشارة من اليخت رغم مرور ساعات طويلة على اختفائه.
ويرى محللون أن ما جرى شكّل إحراجاً كبيراً لتل أبيب، التي وجدت نفسها أمام أزمة صغيرة الحجم من الناحية الميدانية، لكنها كبيرة في دلالاتها الأمنية التي كشفت ثغرات خطيرة داخل مؤسسات الاحتلال البحرية والاستخبارية.

