"الطائر الأخضر" يسعى للتحليق مجدداً في أوروبا بعد تحقيق 65% من الشروط

"إياتا" تحدد شروط العودة
انفوبلس..
لا تزال شركة الخطوط الجوية العراقية، المعروفة بـ"الطائر الأخضر"، ممنوعة من التحليق في أجواء الاتحاد الأوروبي، بسبب استمرار الحظر الأوروبي المفروض عليها منذ عام 2015، والذي يُعزى إلى عدم امتثالها الكامل لمعايير السلامة الجوية الدولية التي يحددها الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا).
هذا الحظر ليس الأول من نوعه؛ إذ سبق للاتحاد الأوروبي أن فرضه لأول مرة عام 1991 في أعقاب الغزو العراقي للكويت والعقوبات الدولية التي تلته، قبل أن يُرفع مؤقتاً في عام 2009، ثم يُعاد فرضه مجدداً بعد ست سنوات بدعوى تكرار المخالفات المرتبطة بشروط السلامة الفنية والإدارية.
وعلى الرغم من الجهود الحكومية المتواصلة لإنهاء هذا الحظر، إلا أن الملف لا يزال عالقاً دون حلول حاسمة. فقد استعانت السلطات العراقية بين عامي 2016 و2019 بفريق من خبراء "إياتا" للعمل مع سلطة الطيران المدني بهدف تحسين الالتزام بالمعايير المطلوبة، إلا أن توصيات الفريق، بحسب مختصين في قطاع الطيران، بقيت دون تنفيذ فعلي، ما أبقى العراق خارج قائمة الدول المسموح لطائراتها بالتحليق في الأجواء الأوروبية.
أبرز معايير السلامة التي تشدد عليها أوروبا تتعلق بجوانب حيوية مثل صيانة الطائرات، وتدريب الطواقم، ورخص الطيارين\
ويؤكد الخبراء أن أبرز معايير السلامة التي تشدد عليها أوروبا تتعلق بجوانب حيوية مثل صيانة الطائرات، وتدريب الطواقم، ورخص الطيارين، وهي مجالات لا تزال بحاجة إلى إصلاحات جوهرية لضمان استيفاء المتطلبات الأوروبية الصارمة.
فساد وتقصير يعرقلان الطيران
وفي تطور لافت يعكس حجم الإخفاق في معالجة ملف الحظر، حمّلت لجنة النقل والاتصالات النيابية الحكومة والجهات المختصة مسؤولية التقصير في إنهاء الحظر الأوروبي المفروض على الطيران العراقي.
ودعت اللجنة، في بيان لها اليوم الثلاثاء، إلى تحرك "جاد وحقيقي" لتنفيذ المعايير الدولية التي تُمكّن من رفع الحظر واستعادة حركة الطيران العراقي باتجاه أوروبا.
وأكدت رئيسة اللجنة، زهرة البجاري، أن استمرار الحظر لا يضر فقط بمكانة الخطوط الجوية العراقية، بل يؤثر مباشرة على مصالح المواطنين ويضعف من فرص العراق في سوق الطيران الدولي.
وأشارت إلى أن السبب الأساسي وراء استمرار القيود الأوروبية هو "عدم التزام الخطوط الجوية وسلطة الطيران المدني بمعايير منظمة "الإيكاو"، وهو ما يعكس، بحسب قولها، غياب الإرادة الجادة لمعالجة الخلل.
ولم تغفل البجاري الإشارة إلى وجود شبهات فساد مالي وإداري قالت إنها تُسهم في إطالة أمد الحظر، مشيرة إلى أن شركات أجنبية باتت المستفيد الأول من حركة الترانزيت بين العراق وأوروبا، ما يُكبّد الاقتصاد العراقي خسائر كبيرة.
كما كشفت عن لجوء الخطوط الجوية العراقية إلى استئجار طائرات أوروبية لنقل الركاب بشكل غير مباشر، معتبرة ذلك "تجاوزاً قانونياً وملف فساد إضافي". وختمت بالتأكيد على أن رفع الحظر يتطلب خطوات إصلاحية عاجلة وتنفيذ فوري للمعايير، لا مزيداً من التسويف والتقصير.
الطائر الأخضر يقترب أوروبياً
أبرز الخطوات المتخذة مؤخراً، التعاقد مع فريق متخصص من الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا)، حيث تم الانتهاء من مرحلة تشخيص الإخفاقات السابقة، والبدء بمعالجتها ضمن برنامج تدقيق سلامة العمليات الجوية "الأيوسا".
وفي خضم الانتقادات والاتهامات بالتقصير، أعلنت وزارة النقل العراقية عن تقدم ملحوظ في جهودها لرفع الحظر الأوروبي المفروض على الخطوط الجوية العراقية، مؤكدة استكمال 65% من متطلبات السلامة والمعايير الدولية اللازمة لهذا الغرض.
وكشف المتحدث باسم الوزارة، ميثم الصافي، أن شركة الخطوط الجوية تعمل وفق برنامج زمني واضح، وقد تم تشكيل لجنتين عليا لمتابعة هذا الملف، الأولى برئاسة وزير النقل رزاق محيبس السعداوي، والثانية برئاسة مستشار رئيس الوزراء لشؤون النقل، بهدف تسريع وتيرة العمل ورفع القيود الأوروبية.
وأوضح الصافي، أن من أبرز الخطوات المتخذة مؤخراً، التعاقد مع فريق متخصص من الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا)، حيث تم الانتهاء من مرحلة تشخيص الإخفاقات السابقة، والبدء بمعالجتها ضمن برنامج تدقيق سلامة العمليات الجوية "الأيوسا".
كما أشار إلى سعي الشركة للحصول على شهادة "TCO"، الصادرة عن وكالة سلامة الطيران الأوروبية، والتي تُعد شرطاً أساسياً للسماح بتحليق شركات الطيران غير الأوروبية داخل أجواء الاتحاد.
وبيّن الصافي، أن هذا الملف يتطلب تنسيقاً مشتركاً بين الخطوط الجوية العراقية وسلطة الطيران المدني، مؤكداً أن المسؤولية موزعة بين الجهتين، وكل منهما مطالبة بتنفيذ إجراءات محددة لاستكمال المتطلبات والوصول إلى رفع الحظر بشكل نهائي.
عدم استيفاء المتطلبات الفنية
في سياق متصل، رأى الباحث والاستشاري في مجال الطيران فارس الجواري، في وقت سابق، أن العراق بعيد استيفاء المتطلبات الفنية الخاصة برفع الحظر الأوروبي، موضحاً أن القضية تتعلق بمعايير فنية وإجرائية بحتة، لا بعوامل سياسية.
ويشير الجواري إلى أن تطبيق المعايير الدولية للسلامة، كما حددتها منظمة الطيران المدني الدولي (ICAO)، هو الطريق الوحيد نحو رفع الحظر، وهو ما يتطلب تنسيقاً فعالاً بين قسم توكيد الجودة في شركة الخطوط الجوية العراقية، وقسم السلامة في سلطة الطيران المدني.
ويؤكد الجواري أن الحل يكمن في الالتزام الجاد والشفاف بتطبيق تعليمات شهادة المشغل الجوي (AOC)، وفقاً للوائح ومعايير ICAO، ولا سيما ما ورد في الملاحق الفنية المرتبطة بترخيص العاملين (الملحق 1)، وقواعد الجو (الملحق 2)، وتشغيل الطائرات (الملحق 6)، وصلاحية الطائرات للطيران (الملحق 8). وهذه الملاحق، بحسب قوله، تشكل الأساس لمطابقة معايير شهادة "مشغل البلد الثالث" (TCO) التي تصدرها وكالة سلامة الطيران الأوروبية، والتي تُمثل المفتاح القانوني للسماح بتحليق الطائرات العراقية في أجواء الاتحاد الأوروبي.
يُذكر أن الخطوط الجوية العراقية، التي تُعد من أقدم شركات الطيران في المنطقة، انطلقت فكرتها عام 1938 من فائض تبرعات وطنية خُصصت في حينها لدعم القوة الجوية العراقية، قبل أن تتطور لاحقاً إلى شركة وطنية تمثل واجهة النقل الجوي للبلاد.