العراق يؤجل استيراد الغاز المسال ويعتمد على البواخر التوليدية لتغطية الطلب الصيفي

عجز كهربائي كبير
انفوبلس..
تواجه خطط العراق لبدء استيراد الغاز المسال خلال فصل الصيف الجاري عراقيل كبيرة قد تؤدي إلى تأجيل هذه الخطوة المهمة إلى الخريف أو حتى الشتاء المقبل، وعلى الرغم من توجيهات مجلس الوزراء في 8 يوليو 2025 بالبدء في استيراد كميات كبيرة من الغاز المسال لتعزيز توليد الكهرباء، إلا أن الواقع الميداني يؤكد أن العراق لم يستكمل بعد البنية التحتية اللازمة لتنفيذ هذه الخطوة.
وكشف مصدر مطلع لوسائل إعلام، أن ميناء خور الزبير، الذي يُعدّ نقطة استقبال شحنات الغاز المسال، لم يكن جاهزًا حتى الآن لاستقبال السفن، ويتطلب الأمر ما لا يقل عن شهر ونصف من العمل لاستكمال التجهيزات.
كما أشار المصدر إلى أن الحكومة العراقية لم تبدأ حتى اللحظة بإجراءات التعاقد على سفينة إعادة التغويز، وهي مرحلة حاسمة لتحويل الغاز المسال إلى غاز طبيعي قابل للاستخدام، الأمر الذي سيزيد من فترة التأخير.
توجيه حكومي واستعدادات مبدئية
في جلسة لمجلس الوزراء عقدت في أغسطس، تم التوجيه للوزارات المعنية بالعمل على استكمال إجراءات استيراد الغاز المسال بكمية تتراوح بين 500 و700 مليون قدم مكعبة قياسية يوميًا، لتمكين توليد كهرباء إضافية تقدر بـ 2000 ميغاواط. ومع ذلك، فإن الواقع على الأرض يشير إلى تأخر في إنجاز مشروع البنية التحتية المرتبط باستقبال الغاز.
وبحسب المصادر نفسها، فإن شركة المشروعات النفطية التابعة لوزارة النفط لم تكمل حتى الآن مد أنبوب استقبال الغاز من المنصة العائمة في ميناء خور الزبير وربطه بشبكة الغاز الوطنية على بعد 40 كيلومترًا، ما يعرقل إمكانية استقبال الشحنة الأولى من الغاز قبل شهر أكتوبر المقبل على الأقل.
ويهدف العراق عبر هذه الخطوة إلى ربط منصة عائمة للتفريغ والتخزين بالأنبوب الوطني الذي ينقل الغاز إلى محطات الكهرباء في البلاد، إلا أن العمل لا يزال جارياً في هذه المرحلة.
تنويع مصادر الغاز المسال
وحددت الحكومة العراقية أربع دول رئيسية لاستيراد الغاز المسال، وهي قطر والجزائر وإندونيسيا والبرازيل، إضافة إلى عدة مصادر أخرى ضمن السوق العالمية.
تأتي هذه الخطوة ضمن خطة أوسع لتعزيز البنية التحتية للطاقة في العراق، حيث تعمل الحكومة على تطوير مشروعات الغاز المحلية مثل مشروع غاز حقل نهر بن عمر ومشروع غاز البصرة، بالإضافة إلى مشروع جنوب العراق المتكامل الذي أبرمته وزارة النفط مع شركة توتال الفرنسية.
الغاز التركمانستاني وتخفيف الأزمة
إلى جانب الغاز المسال، يُنتظر أن يلعب الغاز القادم من تركمانستان دوراً مهماً في معالجة أزمة الوقود لتشغيل محطات الكهرباء في العراق، خاصة إذا ما بدأت عمليات ضخ الغاز في الصيف الجاري بعد إتمام الإجراءات الفنية والتعاقدية.
وأوضح المتحدث باسم وزارة الكهرباء، أحمد موسى، أن الوزارة أنهت كافة الجوانب الفنية واللوجستية الخاصة باتفاقية استيراد الغاز من تركمانستان، التي ستزود العراق بنحو 15 إلى 16 مليون متر مكعب يوميًا، ما قد يضيف قدرة إنتاج كهربائية تصل إلى 2000 ميغاواط.
كما يتيح العقد المبرم مع تركمانستان إمكانية تزويد العراق بما يصل إلى 20 مليون متر مكعب يوميًا عبر الخطوط الإيرانية، ما يضمن توفير جزء مهم من احتياجات محطات الكهرباء حتى في حال تراجع إمدادات الغاز الإيراني أو توقفها.
الدعم المالي والالتزام الحكومي
في خطوة متكاملة لدعم هذه الخطط، وجّه مجلس الوزراء وزارة المالية بتوفير المخصصات المالية اللازمة لاستيراد الغاز من إيران وتركمانستان لعام 2025، مما يعكس التزام الحكومة بتمكين قطاع الطاقة من تجاوز أزماته المستمرة.
وبينما تسعى بغداد جاهدة لتنويع مصادر الطاقة والاعتماد على الغاز المسال والغاز التركمانستاني لتقليل العجز في الكهرباء، تقف التحديات الفنية واللوجستية عائقاً أمام انطلاق هذه الخطط في موعدها المقرر صيف 2025. استمرار تأخر تجهيز البنية التحتية، وغياب التعاقد على سفن إعادة التغويز، قد يدفع العراق إلى تأجيل البدء في الاستيراد إلى فصل الخريف أو الشتاء، ما سيؤثر على أداء قطاع الكهرباء وأمن الطاقة في البلاد خلال الأشهر المقبلة.
محطات كهرباء عائمة
في إطار جهود العراق المستمرة لمعالجة أزمة الكهرباء وتخفيف الضغط على الشبكة الوطنية، أعلن مجلس الوزراء مؤخراً عن الموافقة على تجهيز محطات كهرباء عائمة بقدرة إنتاجية تصل إلى 590 ميغاواط.
هذه المحطات العائمة، التي تعرف بـ"البواخر التوليدية"، ستُربط مباشرة بالشبكة الوطنية خلال فترات الذروة الحرجة، خصوصاً في أشهر الصيف التي يشهد فيها الطلب ارتفاعاً كبيراً.
وتم تخويل وزارة الكهرباء صلاحية التعاقد المباشر مع تحالف Kar Powership – BKPS، وهو تحالف تركي متخصص في تشغيل محطات التوليد العائمة، وذلك لفترة مؤقتة لا تتجاوز 70 يوماً بدون إمكانية تمديد. ويشترط العقد أن يتحمل التحالف كافة التكاليف البيئية واللوجستية المصاحبة لهذه العمليات، ما يعكس حرص الحكومة على ضمان تنفيذ المشروع بأقل الأعباء الإضافية.
وأكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الكهرباء، أحمد موسى، أن العراق يعاني من عجز كبير في القدرة الإنتاجية للكهرباء، حيث تبلغ القدرة الفعلية المتاحة حالياً نحو 25 ألف ميغاواط فقط، في مقابل طلب وطني يتجاوز 48 ألف ميغاواط خلال أوقات الذروة الصيفية، ما يعني وجود فجوة تصل إلى حوالي 23 ألف ميغاواط، أو ما يعادل أكثر من 48% من إجمالي الطلب.
وأشار موسى إلى أن تشغيل هذه المحطات العائمة يمثل خطوة إسعافية هامة لتقليص هذه الفجوة، وخصوصاً في المناطق الجنوبية التي تسجل أعلى معدلات الأحمال الكهربائية خلال شهري آب وأيلول. ورغم أن الوزارة لم توقع العقد بعد، إلا أن الإجراءات الفنية والقانونية المتعلقة به ما تزال قيد الإنجاز، ومن المتوقع أن يتم توقيعه قريباً لضمان دخول وحدات التوليد العائمة إلى الخدمة ضمن الأوقات الحرجة.
هذه الخطوة تأتي ضمن سلسلة محاولات العراق لتجاوز الأزمات المتراكمة في قطاع الكهرباء، بالتوازي مع خطط استيراد الغاز المسال والغاز التركمانستاني، في مسعى واضح لتأمين إمدادات الطاقة اللازمة وتحقيق الاستقرار الكهربائي في البلاد خلال فترات الذروة الصيفية الحادة.