بشدار حسن يواجه عمليات القمع في الإقليم ويطارد قصص الانتهاكات التي لا يرويها أحد
انفوبلس/..
يعيش المواطنون في إقليم كردستان شمالي العراق تحت ضغوط وقيود على الحريات في أغلب مناطق الإقليم، وهذه القيود أصبحت جزءا من أسباب الهجرة، وولّدت الأرقام المتداولة عن معتقلي الحريات حالة من عدم الارتياح والقلق محليا ودوليا، مع تزايد وتيرة الفساد المستشري في المؤسسات الرسمية وارتفاع قيمة الضرائب والجمارك.
حرية الصحافة في إقليم كردستان العراق تحت تهديد متزايد، إذ تقوم سلطات الإقليم في كل فرصة تعرض أمامها، بالتعرض للصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان والمتظاهرين، وتهديدهم والاعتداء عليهم، إضافة إلى الاعتقال والاحتجاز التعسفيين، بهدف إسكاتهم وترهيبهم، خاصة عندما يتطرقون أو ينتقدون أداء الحكومة، حيث يعتبر بعض الصحافيين والنشطاء في إقليم كردستان أنهم اعتادوا على هذه التهديدات والاعتداءات، بينما توثق منظمات حقوقية كردستانية ودولية، منذ أكثر من 10 أعوام، هذه الخروقات بحق حرية الصحافة والتعبير في الإقليم.
ارتفاع انتهاكات حقوق الإنسان بنسبة 133%
تحدّث تقرير سنوي صادر عن مركز مترو للدفاع عن حقوق الصحفيين، لعام 2021، عن الحريات داخل إقليم كردستان في عام 2020، ويوثق التقرير وقوع 385 انتهاكاً بحق 291 صحفياً في الإقليم، و74 صحفيا اعتُقلوا أو أُوقِفوا من دون أمر قضائي و8 حالات تحرش بالصحفيات، فيما أصدرت نقابة صحفيي كردستان في كانون الثاني/ 2021 تقريرها السنوي عن عام 2020، وأظهر أكثر من 138 انتهاكاً بحق حرية الصحافة في الإقليم، تضمنت انتهاكات ضد 47 وسيلة إعلامية و315 صحفيا، ضمنها 47 حالة منع تغطية شملت 104 صحفيين، و32 حالة مضايقة وتهديد طالت 88 صحفياً، و 8 حالات اعتداء على 15 صحفياً.
وتُشير التقارير الصادرة عن منظمة السلام والحرية ــ وهي منظمة غير حكومية مقرّها العراق ــ إلى أن انتهاكات حقوق الإنسان في كردستان زادت بنسبة 133% في عام 2020 مقارنة بعام 2019، وتشمل الانتهاكات (منع الاحتجاجات، واحتجاز الصحفيين والنشطاء، وإغلاق وسائل الإعلام وقتل المتظاهرين).
منظمة "مراسلون بلا حدود" تقول في تقرير لها عام 2017 إن الاعتداءات على الصحافيين والناشطين ترتكبها القوى الأمنية التابعة لأهم حزبين سياسيين "الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني" اللذين يسيطران على عشرات الوسائل الإعلامية على مختلف أنواعها في الإقليم، وفي المقابل، تُصدر معظم الصحف المستقلّة أعداداً مطبوعة فقط أسبوعياً أو مرّة كل أسبوعين، كما يعتمد المواطنون على تلقّي الأخبار عبر الوسائل الرقمية، وترى المنظمة أن شبكة الإنترنت تُتيح للمواطنين الدخول في مناظرات ونقاشات أعمق مما تُتيحه وسائل الإعلام التقليدية.
معتقلو بادينان
وقضت محكمة الجنايات في هولير بالسجن عامين على الناشطة بيريفان أيوب، البالغة من العمر 53 عاماً، والناشط عبد المطلب، بسبب المشاركة في مظاهرات 2020 بمحافظة دهوك، وتعرّضوا للاعتقال بتهمة "تهديد الأمن القومي"، حيث ذكرت هيئة الدفاع في مؤتمر صحفي عقدته أمام محكمة هولير، أن الوثائق التي قدمتها الأسايش لإدانة المتهمين "ضعيفة"، ولكن للأسف المحكمة اقتنعت بها.
وتجدر الإشارة إلى أن مدن إقليم كردستان شهدت تظاهرات واحتجاجات شعبية عارمة احتجاجاً على سوء الخدمات وفساد الأحزاب والسلطة الحاكمة في الإقليم.، قامت خلالها قوات الأسايش باستخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين، ما أسفر عن وقوع ضحايا في صفوف المتظاهرين، وفق شهود عيان ومنظمات حقوقية.
وكانت محكمة التمييز في إقليم كردستان صادقت في 2021/4/28، على سجن 5 صحفيين وناشطين في بادينان لمدة 6 أعوام من بين 90 ناشطا وصحفيا اعتُقِلوا بتُهم تتعلق بحرية الرأي والتعبير.
ووفقا لمنظمة "هيومن رايتس ووتش"، فإن العديد من الاتهامات استندت إلى منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي و"مخبرين سريين" لم يتسنَّ لمحامي الدفاع استجوابهم، فيما ذكر تقرير لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) ، أن محاميِّي الدفاع مُنعوا من الوصول إلى ملفات قضايا المتهمين، ولم يُمنحوا الوقت الكافي للتحضير للمحاكمة، ومُنِعوا من الطعن في الأدلة السرية التي استُخدِمت ضد المتهمين، علاوة على ذلك، تم تقديم الأدلة الأساسية التي استخدمتها النيابة من قبل مُخبر سري.
ودعا في وقت سابق، المرصد الأورومتوسطي ومقرّه في جنيف، سلطات إقليم كردستان العراق إلى الإفراج الفوري عن معتقلي منطقة "بادينان" المحتجزين بسبب تهم تتعلق بالتعبير عن الرأي، حيث ذكر المرصد، أنّ "سلطات إقليم كردستان العراق تحتجز العشرات ممن اعتقلتهم على خلفية نشاطهم في قضايا تتعلق بحرية الرأي والتعبير ومطالبتهم بمجموعة من حقوقهم الأساسية، حيث لم تقدم السلطات سوى 5 منهم للمحاكمة، فيما تستمر باحتجاز الباقين دون محاكمة.
وذكر المرصد الأورومتوسطي أنّ "السلطات تُوقف معظم الناشطين بموجب تُهم فضفاضة، أبرزها المساس بأمن واستقرار الإقليم، والتي يُعاقب عليها بالسجن المؤبّد بموجب المادة الأولى من القانون رقم (21) لعام 2003، والتي تنصّ على أنّه "يُعاقب بالسجن المؤبّد أو المؤقت من ارتكب عمدًا فعلا بقصد المساس بأمن واستقرار وسيادة مؤسسات إقليم كوردستان – العراق بأية كيفية كانت وكان من شأنه أن يؤدي إلى ذلك".
بشدار حسن.. محامي الدفاع
المحامي بشدار حسن، عضو فريق الدفاع لملف معتقلي بادينان، أعلنت إطلاق سراح بيريفان أيوب من قبل محكمة استئناف أربيل الأولى بالإفراج المشروط بعد التقارير التي وردت من سجن النساء والأحداث في أربيل بحسن سلوكها وسيرتها في السجن خلال الفترة السابقة". موضحا أن "الإفراج المشروط بأن لا يكون المحكوم عليه محكوماً بعقوبة أو حكم قضائي آخر"، ولعدم وجود أية دعاوى أخرى عليها تم الإفراج عنها".
وأشار محامي معتقلي بهدينان، بشدار حسن، أن وضع معتقلي بهدينان سيئ للغاية، مشيراً إلى أن محكمة هولير رفضت الإفراج المشروط عن المعتقلين، مشيرا إلى أنه قبل الآن، تم اعتقال العديد من الأشخاص وأُطلق سراحهم بشكل مشروط، لهذا، لا يمكن للمحكمة التمييز"، مضيفاً أن "هناك تدخّل في قضية معتقلي بهدينان، وهذا أمر يضر بالقضاء في إقليم كردستان".
وتابع حسن "إذا سارت الأمور على هذا النحو فإن وضع محاكم إقليم كردستان سيزداد سوءا". مشيراً الى أن "هناك معاملة سيئة يتعرّض لها المعتقلون في سجن هولي، وقد تم نقل شيروان شيرواني إلى سجن آخر ومصيره مجهول".
بشدار وجائزة المدافعين عن حقوق الإنسان
وتسلّم (بشدار حسن) رئيس فريق الدفاع عن معتقلي بادينان وشيلادزي جائزة المدافعين عن حقوق الإنسان حول العالم، من ضمن 10 شخصيات أخرى من دول مختلفة في مبنى وزارة الخارجية الأمريكية.
ووجهت قنصلية الولايات المتحدة الأمريكية في أربيل، رسالة تهنئة إلى فريق الدفاع عن معتقلي بادينان، مؤكدة أن أعضاء الفريق قاموا بواجباتهم بكل نجاح، وقالت خلال رسالة التهئنة: إن فريق الدفاع عن معتقلي بادينان قام بواجباته بأفضل صورة للدفاع عن موكّليهم وسعى أعضاء الفريق إلى تعزيز سيادة القانون.
وأضافت القنصلية إن أعضاء فريق الدفاع عن معتقلي بادينان تعرضوا إلى مخاطر كبيرة منها التخويف والمضايقة وتهديدات بالقتل من مجهولين
موقف أمريكي متناقض
مواقف الأميركيين تجاه هذا الأمر محدودة، ولا يقومون بأي إجراءات تشير إلى رفض القمع وتقييد الحريات، في حين عملت منظمات أوروبية عكس ذلك، على الرغم من قوة الوجود الأمريكي في الإقليم، ويعلّل مراقبون انعدام الإجراءات الأميركية في الدفاع عن الحريات في إقليم كردستان بأن أميركا تنظر إلى مصالحها السياسية، وتتصرف على أساسها، وأنه ليس لديها أولوية للشارع والناس، بل للسلطة التي تخدم مصالحها في العراق والمنطقة.
كل ما يجري في كردستان يعبّر عن يأس الشارع، وهذا ما انعكس على نسبة المشاركة في الانتخابات الأخيرة، وتصاعد وتيرة الهجرة الجماعية من إقليم كردستان يعود لأسباب القمع والانتهاكات علاوة على اليأس من الوضع الاقتصادي والإداري والسياسي، حيث هاجر أكثر من 7000 كردي في الآونة الأخيرة، وعَلِقُوا على الحدود البيلاروسية وتم إنقاذ بعضهم بعد مناشدات محلية ودولية كثيرة.